الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[النساء: 43] فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة ينادي: ألا لايقربن الصلاة سكران، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شفاء، فنزلت هذه الآية {فَهَلْ أَنْتُمْ مّنتَهُونَ} [المائدة: 91]، قال عمر: انتهينا. (1)
ولما كان التدرج بتحريم الزنى ممتنعاً واقعياً، حُرم عليهم الزنى، وسكت عن متعة النساء، ثم حرّمت .. ثم أبيحت في ظرف معين .. ثم حرمت إلى الأبد. (2)
المطلب السادس: التدرج سُنّة لم تُنسخ:
فإن قيل: إن التدرج كان قبل نزول الأحكام، وفرض العبادات، وقد تمت الأحكام، وفرضت العبادات، فلا تدرج اليوم.
قيل: أولاً: إن التدرج منهج مرحلي، وطريقة دعوية، لا تنسخ كأحكام الحلال والحرام المعرضة للنسخ.
ثانياً: إنه لا دليل على نسخ التدرج لمن يحتاجه، ودعوى تمام الشريعة لا تتعارض مع بقاء سنة التدرج في بعض الأحوال، ومع بعض الأعيان، بل لو قيل: إن من تمام الشريعة، وكمالها، وجمالها بقاء سنة التدرج .. لكان صحيحاً، وذلك ليتناسب هذا الدين وأحوال الناس كافة .. ولو سُلِم بأن التدرج منسوخ .. فكيف ستعامل هذه الشعوب المسلمة التي خرجت مما
(1) أبو داوود (3670)، والنسائي (8/ 286)، والترمذي (3049).
(2)
راجع إن شئت مسلم (1406).
وقع فيها من الفتن، وهي لا تعلم عن دينها شيئا، أتريدون أن نلقي عليهم الإسلام جملة واحدة حتى ينفروا؟ .. سبحانك! ! ! .
ثالثاً: إن التدرج كان لعلة، فإذا زالت زال، وإذا وجدت وجد.
وعلته: وجود مجتمعات جاهلية تدعى إلى الإسلام.
أو: وجود مسلمين حديثي عهد بجاهلية.
ووجود هذه الأصناف - وهي علة التدرج - ما زالت قائمة، وستبقى إلى يوم القيامة، وببقائها تبقى سنة التدرج، لذلك يشرع في حق هؤلاء التدرج؛ ولو بعد ثبوت الأحكام الشرعية.
فلو قدر أن رجلاً يريد أن يسلم، واستثقل ترك الخمر، فلا مانع أن يسلم، ولو بقي على ذنبه، أو استثقل الحج، فيقال له أسلم، ثم يكون بعد ذلك مايكون، أو إذا أرادت امرأة أن تسلم على أن لا تتحجب، فيقال لها: أسلمي، ولو بقيت سافرة.
وبهذا يتبين خطأ ما فعله بعضهم: عندما أرادت امرأة الإسلام .. قيل لها: إن الإسلام يبيح تعدد الزوجات، فامتنعت عن الإسلام.
ولما أراد رجل أن يسلم، قيل له: إن الإسلام يضرب عنق من ارتد، فلم يسلم.
والحكمة؛ أن يفتح لهم باب الإسلام على ما هم عليه إلا الكفر، ثم يُتدرج معهم في أحكام الدين واحدة تلو الأخرى حتى يثبتوا.
رابعاً: قد تدرج الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الحالات بعد نزول الأحكام، وهذا ما سنفصله في المطلب التالي.