الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس عشر الوسيلة الخامسة عشرة: التمثيل:
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: المقصود والحكم:
المقصود بالتمثيل: قيام مجموعة من الناس بدور (بتقليد) آخرين في الكلام والأفعال.
ثم تطور التمثيل إلى وجود تمثيليات مسلسلة، ذات قصة طويلة.
ولهذه الوسيلة أثر كبير على المشاهدين، لاجتماع الصورة والصوت، اللذين يشدان المشاهد شداً.
وقد اختلف أهل العلم في حكم هذه الوسيلة، ولما لم يكن هذا البحث بحثاً فقهياً، حتى تُسرد أدلة كل طرف، فيكفي ذكر ذلك على سبيل الإيجاز.
اعترض المانعون بما يلي:
الأول: أن في التمثيل تقليداً للآخرين، ربما لا يرضون ذلك، فيكون في ذلك إثم.
الثاني: قلما تخلو تمثيلية من امرأة، وفي هذا من المخالفة ما لا يخفى.
الثالث: لا تخلو من كذب، وذلك لعدم المعرفة التامة بتصرف المقلَّد، فيتصرف الممثل باسم ذلك الغائب، فيقول أو يفعل، ما لم يقل الممثّل عنه أو يفعل، فيقع فيما هو أشد من الكذب وهو الافتراء.
الرابع: أن هذا لم يكن في عهد الأئمة، والسلف الصالح، ولم يقوموا بمثله، مع قدرتهم على ذلك، مما يعني عدم مشروعيته.
الخامس: ما يجري فيه من إسراف، وإضاعة أوقات، وبذل جهد، لا يعادل المصلحة المتوخاة منه.
وذهب فريق آخر من أهل العلم إلى إباحته بضوابط، أزالوا منها ما يسبب اعتراض المانعين، ومما قالوا:
الأول: إن الأصل في التمثيل الإباحة، لعدم ورود نهي عنه، وما اعترض عليه المانعون يمكن معالجته.
الثاني: لا يُسلَّم لهم؛ بأن أصل التمثيل لم يفعله أحد من السلف، نعم لا يعرفونه، كفَنٍ من الفنون المتطورة في عصرنا، أما كأصل فهو معروف، فقد ثبت أن بعض الملائكة قاموا بتمثيل بعض الشخصيات.
فمثّل المَلَك دور الفقير حين سأل الأعمى، والأبرص، والأقرع كما هو معروف في الحديث المشهور (1).
وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأداء الصلاة، ولم يرد الصلاة - وقتئذ - لذاتها، وإنما أراد تعليم الناس، فعن سهل قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليه (أي على درجات المنبر)، وكبر وهو عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقري فسجد في أصل المنبر ثم عاد، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال:((أيها الناس؛ إنما صنعت هذا لتأتموا بي، ولتعلّموا صلاتي)) (2).
(1) رواه البخاري (3464)، ومسلم (2964).
(2)
رواه البخاري (917)، ومسلم (544).