الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَئٍ مّبِينٍ} [الشعراء: 30].
وفي كل هذه المواقف المحرجة، كان موسى عليه الصلاة والسلام، يتابع بيانه دون انقطاع وخروج عن الموضوع، ويوضح مقصوده بأجمل بيان. ويبين حجته دون خوف ولا تردد ..
أَبَعْد هذا كله يقال: إن الإسلام - دعوة الأنبياء - دعوةٌ قامت على الإكراه! !
المطلب السابع: صور من الجدال في السنة:
ولا تقل السنة عطاءً في هذا المضمار عن القرآن.
فمن جميل ما نقل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مناظرة جرت بين آدم وموسى عليهما السلام.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((احتج آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا، وأخرجتنا من الجنة، فقال آدم: أنت موسى اصطفاك الله بكلامه، وخط لك التوراة بيده، تلومني على أمر قدره عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة، فحج آدم موسى)) (1).
ومن ذلك؛ محاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمامة يوم أُسر، وهو كافر حتى أسلم.
(1) أخرجه البخاري (3409)، ومسلم (2652)، وأبو داود (4701) واللفظ له، وقد تم التعليق والتوضيح لهذه المحاورة ص (266) فلتراجع.
فعن أبي هريرة قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلاً قِبَل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له: ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: ((ماعندك ياثمامة؟ ))
فقال: عندي خير يا محمد، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ماشئت، فتُرِك حتى كان الغد، ثم
قال له: ((ما عندك يا ثمامة؟ ))،
قال: ما قلت لك، إن تنعم تنعم على شاكر .. ، فتركه حتى كان بعد الغد،
فقال: ((ماعندك يا ثمامة؟ ))،
فقال: عندي ما قلت لك،
فقال: ((أطلقوا ثمامة)).
فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد
فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)). (1)
فانظر - رحمك الله - ما للحوار الهادف الحكيم من آثار عظيمة.
(1) رواه البخاري (462، 2422)، ومسلم (1764).
لعل إباءثمامة الإسلام وهو مأسور، خشية أن يظن أنه أسلم مكرهاً، أو خشية القتل .. رضي الله عنه وأرضاه .. أبعد هذا يقال: إن الإسلام انتشر بالإكراه.