الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو يقحمهم في شؤون الولاية، وسياسة الدولة، وهم أضعف من إصلاح شؤونهم الخاصة .. فهل من شأن العامة تقرير شؤون الدولة .. وسياستها العامة والخارجية .. مثلاً؟
وهل من شأن العامة أن تقوم بما يسمى اليوم بـ ((المعارضة)) في وجه الحكومة المسلمة؟ ! ؟ تحدث فتناً، وتنشر فوضى. (1)
إن هذا من شأن السلطان، وأهل الحل والعقد، وليس من شأن كل من هب ودب.
فشأن المدعوين من الكفار؛ دعوتُهم إلى الهداية والإيمان .. وشأن العصاة من المسلمين دعوتهم إلى التوبة .. وشأن من يقع في الشرك دعوتهم إلى تصحيح العقيدة، وإخلاص التوحيد .. وشأن من لا يحسن العبادات تعليمهم إياها .. وشأن الشعوب التي تحررت من نير الكفر بيان أصول الإيمان، وأركان الإسلام لها .. وشأن العقلانيين والعلمانيين دعوتهم إلى مميزات الإسلام، من الشمول والكمال .. ومبادئه من التسليم لأخبار الله، والإذعان لأحكامه .. وشأن المبتدعة بيان أهمية الاتباع، وخطورة الابتداع .. وهكذا شأن الداعية الحكيم، ينظر إلى حاجات المدعوين ويلبيها بدعوته وحكمته.
المطلب الثاني: مخاطبة الناس بما يناسب مستواهم العقلي والثقافي والعلمي
.
(1) ليس هاهنا محل تفصيل لموقف الرعية من الراعي، وإنما التنبيه إلى وظيفة الداعية، ويمكن مراجعة أنواع الحكام وموقف الرعية منهم في كتاب ((منهج الاعتدال)) لكاتب هذه الحروف.
من المعلوم: أن لكل مدعو مستوى عقلياً وعلمياً، ويشترك الناس بعامة في بعض البيئات بمستوى متقارب، في العلم والتفكير، فعلى الداعية أن يراعي هذه المستويات، ويخاطبهم بما يناسبها.
فمثلاً؛ لا ينبغي له أن يتكلم في عامة أهل المسجد عن قضايا الذرة تفصيلاً، بدعوى وجود الإشارة إلى هذا العلم في القرآن، أو يتكلم معهم في العقلانيات والفلسفة وعلم الكلام، أو يحدثهم قي قضايا علمية رفيعة المستوى، لا يفهمونها، كمسألة هل الاسم هو المسمى؟ ، وهل العدد هو المعدود؟ أو كالخلاف بين العلماء في بعض قضايا العقيدة، أو في دقائق مسائل البيوع، أو في صور من صور النكاح
…
وما يلقى في بعض الإذاعات من مثل هذا يحتاج إلى إعادة نظر، لأنه يتجافى والحكمة تجافياً كبيرًا.
بل يخاطبهم وما يتناسب مع جميع الحضور والمستمعين، فيشرح لهم الآيات الأم، والشاملة (1)،
أو يعلّق على القصص القرآنية، أو يشرح لهم الأحاديث النبوية الجامعة، أو يبيّن لهم الأحكام الكلية، حتى يتناسب خطابه والجميع.
(1) الآيات الأم هي الآيات التي تتضمن حكماً محكماً مهماً وعاماً، كقوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم
…
)) الآية [النساء: 59]
وقوله تعالى: ((واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى
…
)) الآية [النساء: 36]
والآيات الشاملة: هي التي فيها أكثر من حكم عام، ويشمل كثيراً من المسائل التي تهم كل الناس، كقوله تعالى: ((قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا بالله شيئا
…
)) الآية [الأنعام: 151]، وقوله تعالى:((وقل ربّ أعوذ بك من همزات الشياطين)) الآيات [المؤمنون: 97].