الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نُبلّغ ولا نَحكُم ..
نُصحّح ولا نُجرّح ..
نُعلم ولا نَقضي (ننفذ) ..
نَدعو ولا نُحاسب ..
نَنصح ولا نَفضح ..
وأمّا الحكم والتصنيف (1)، والتجريح والتشهير، فله أحكامه، وله رجاله من أهل العلم، وأولي الأمر.
المطلب السادس: الحكمةُ من هذه القاعدة وخلاصتُها:
تتجلى الحكمة في هذه القاعدة؛ أن المخطئ أو العاصي لا يعدو أن يكون أحد ثلاثة: إما مجتهد .. أو مؤمن زل به لسان أو قدم، وهو حسن النية، صحيح العقيدة، سليم المنهج ..
وإما جاهل متكاسل.
وإما قاسي القلب معاند.
ودعوة هؤلاء كلهم لا تصلح بالحكم عليهم وفضحهم .. وتجريحهم والتشهير بهم.
فأما المجتهد؛ فالتكلم فيه مهما كان خطؤه ظلم وعدوان، إلا إن كان اجتهاده مبناه مذهب، أو نحلة باطلة.
وأما المخطئ فأمره معروف.
(1) المقصود بالتصنيف: ما يفعله بعض الدعاة وبخاصة الناشئة منهم بالانشغال بتصنيف العباد .. هذا كذا .. وهذا كذا .. مما يجر بعد هذه الأحكام من فتن وانشغال عن العلم والدعوة.
وأما الجاهل: فإن حكم عليه - وهو لا يعلم حكم ما يخالف فيه- كان الحكم ظلماً إذا لم يبين له، ولم يُعّلم.
ثم إن الجاهل: إذا ما حُكم عليه - وهو لا يعلم- كان ذلك الحكم منفراً له عن الدعوة
…
إذ يفاجأ بالحكم عليه بأنه كافر أو فاسق، أو مبتدع، وهو يظن أنه من المهتدين.
وأما التبليغ والبيان، فيدفعه إلى الإنصات، ثم المعرفة، ثم الهداية إن شاءها الله له.
وأما قاسي القلب المعاند: فإن الحكم عليه -في مقام الدعوة- لا يزيده إلا عناداً ونفوراً ..
وأما التعليم فيفتح الله به قلبَه، والتبليغ يخفف من عناده ..
فبهذا الواقع -فضلاً عما سُرد من الأدلة الشرعية- تتبين الحكمة البالغة من هذه القاعدة.
فالحكم لا يزيل جهلاً، ولا يهدي ضالاً، والبلاغ والتعليم هما اللذان يزيلان الجهل، ويهديان الضال بإذن الله .. فهل من معتبر! ! !
والخلاصة: إن على الداعية أن ينشغل بالتعلم والتعليم، والدعوة والتبليغ عن الحكم على الناس ومحاسبتهم، أياً كان هذا الحكم بالكفر، أوالفسق، أوالتبديع.
ففي التعلم والتعليم والدعوة كل خير، وفي الانشغال بالحكم والمحاسبة انحراف عن صراط الأنبياء في الدعوة إلى الله، والله المستعان.
ومن الجدير ذكره هاهنا؛ أن هذه القاعدة لا تعني أن لا أحكام على الناس في الإسلام، وأن الرسل لم يحكموا على المخالفين لهم، بل
يوجد في الإسلام أحكام وقضاء وتنفيذ، ولكن المقصود؛ أن لا يبدأ الداعية بالحكم على العباد، وأن لا يكون شغله الشاغل، بل هذا ليس من مهمته، وليترك هذا للعلماء، والقضاة، وولاة الأمر، وينشغل بالبيان والتعليم، والدعوة والتبليغ، والله الهادي إلى سواء السبيل.