الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سيزيد في إيمانهم، ويزيل جهلهم، الأمر الذي يدفعهم إلى تصحيح وضعهم بأنفسهم، وهذا ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:((سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا .. )) وهذا ما كان.
المطلب العاشر: التدرج لا يبيح حراماً، ولا يسقط واجباً
.
إن تقرير قضية التدرج في منهج الدعوة؛ لا يعني: إسقاط الواجبات، أو إباحة المحرمات.
فالواجب واجب إلى قيام الساعة، والمحرم محرم إلى قيام الساعة.
فإن قيل: فكيف يرى الحرام ولا ينكره؟ .. قيل: يجوز أن يسكت عنه سكوتاً مؤقتاً إذا كان يعالج ماهو أكبر منه، أو يمهد لإنكاره، وإلا فكيف كان يسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما كان يعلم وجوب تغييره؟ ! كما سبق ذكره في بعض الأمثلة.
بهذا يتضح أنّ التدرج: هو منهج دعوي، يخص الداعية، لينقل المدعوين من حال إلى حال، لا أن يبيح لهم ما حرم الله، أو يسقط عنهم ما أوجب الله. ويتضح هذا في صورتين:
الأولى: صورة من كان مسلماً، ويعيش بين المسلمين والعلماء، قد عرف التوحيد والشرك، والحلال والحرام، فهذا ليس له في التدرج شأن ولا شيء.
الثانية: صورة من كان يريد الإسلام، أو هو حديث عهد بجاهلية، لا يعرف توحيداً ولا شركاً، ولا حلالاً ولا حراماً، فهذا الذي شرع في حقه التدرج، ولا يحاسب إلا على ما بلغه، وأقيمت الحجة عليه فيه.
ويلحق هذه الصورة، من كان غارقاً في جهله، غائصاً في ذنوبه، فيستدرج إلى الخير درجة درجة، وينقذ من الضلال دركة دركة.
فالتدرج منهج دعوي، لا مذهب فقهي، يحكم، ويحرِّم، ويبيح.
فمن عرف الحرام وواطأه، أثم، ومن ترك الواجب وهو يعلمه فقد عصى، سواء تُدرج معه أو لم يتدرج.
وخلاصة هذا المبحث: أن منهجية التدرج في الدعوة إلى الله ما تزال قائمة لم تنسخ، يعمل بها حسب الأحوال، وأن فيها من الحكمة الشيء الكثير، وأن غياب هذه القاعدة من منهج الداعية، فضلاً عما فيه من مخالفة لسنن الله الكونية، وسننه الشرعية، فإن فيه اصطداماً مع واقع ليس من ورائه إلا الفشل، والنفور .. ، فشل الداعية .. ونفور المدعوين، والله الهادي إلى سواء السبيل