الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع لفتات عن الأسلوب في السنة النبوية:
وما يقال في هذا الباب عن القرآن الكريم يقال عن السنة المطهرة، فهذا سيد البلغاء، وأفضل من نطق بالضاد، يتكلم بأسلوب يفهمه طبقات الناس جميعاً، حتى بعد أربعة عشر قرناً.
فمن الذي لا يفهم قوله صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذِ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) (1).
ومن الذي لا يعي قوله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم أخو المسلم .. لا يظلمه، ولا يحقره .. )) (2) الحديث.
وقوله: ((كل المسلم على المسلم حرام
…
)) (3) الحديث.
وقوله: ((إنما الأعمال بالنيات .. )) (4) الحديث.
وإنما أُتي المسلمون من بعدهم عن اللغة العربية.
وكان من أسلوب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذا تكلم بالكلمة أعادها ثلاثاً لتفهم عنه (5).
(1) رواه البخاري (6475)، ومسلم (47).
(2)
رواه مسلم (2564)، وأحمد (2/ 277)، وعبد بن حميد في مسنده (1442)، والبيهقي (6/ 92).
(3)
رواه مسلم (2564).
(4)
رواه البخاري (1)، ومسلم (1907).
(5)
رواه البخاري (95).
وكان يفصّل في كلامه ويتأنى في إلقائه فعن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يحدث حديثاً لو عده العاد لأحصاه (1).
وكان يضرب لهم الأمثلة الجميلة من واقعهم فيفهمونها، ويدركون مدلولها، فضرب لهم مثلاً عن المؤمن ((السنبلة تستقيم مرة وتخر مرة)) (2).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((مثل الجليس الصالح، والجليس السوء، كمثل صاحب المسك، ونافخ الكير .. )) (3) الحديث.
وقال صلى الله عليه وسلم: ((مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين الغنمين)) (4) الحديث.
فمن من الصحابة ومنا - بعد ألف وأربعمائة سنة - لا يعرف السنبلة، ولا يعرف بائع المسك، ولا يعرف الغنم؟ .
وغير ذلك من الأمثلة البديعة التي لا تكاد تحصى في السنة .. كل ذلك كان بأسلوب ممتع .. وعبارات سهلة .. وتعبير مفهوم .. وعرض حسن، ونطق جميل .. فأين نحن اليوم - معشر الدعاة من هذا؟ ! ؟ -، وسأتعرض إلى بعضها في مبحث الأمثال. (5)
(1) رواه البخاري (3567) ومسلم (2493).
(2)
رواه أحمد (3/ 349) ، واللفظ له، وأبو يعلى (3080)، وعبد بن حميد (1010) وغيرهم، وصححه الألباني (صحيح الجامع 5844، 5845).
(3)
رواه البخاري (2101)، ومسلم (2628).
(4)
رواه مسلم (2784).
(5)
راجع بحث الأمثال من هذا الكتيب ص (323).