الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع الاستخدام العملي للوسائل عند الأنبياء:
لم يكتف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالحث على استخدام الوسائل، بل قاموا بأنفسهم باستخدام الوسائل بكافة أنواعها، وعلى مختلف أشكالها في دعوتهم، وفي عباداتهم. ومن ذلك؛ المعجزات المادية: كعصى موسى، وناقة صالح، وقصر أو صرح سليمان، وإحضار عرش بلقيس.
فاستخدم نوح السفينة، واستخدام إبراهيم عليهم الصلاة والسلام القُدّوم، لأداء شعيرة من شعائر الدين، - وهو الختان -.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اختتن إبراهيم عليه السلام، وهو ابن ثمانين سنة بالقَدوم)) (1).
وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالأحاديث عنه في هذا أكثر، والأخبار أطيب.
فمن ذلك؛ استخدامه صلى الله عليه وسلم الرسم على الرمل كوسيلة إيضاح.
فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً، وخط خطوطاً أخرى عن يمينه .... )) (2) الحديث.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أيضاً قال: خط النبي صلى الله عليه وسلم خطاً مربعاً، وخط خطاً في الوسط خارجاً منه ـ وخط خططا صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، وقال: ((هذا الإنسان، وهذا
(1) رواه البخاري (6298، 3356)، ومسلم (2370)، والقدوم ـ بتخفيف الدال وتشديدها ـ آلة للنجار يقطع بها الخشب، راجع النهاية مادة
(ق د م)
(2)
سبق تخريجه ص (254).
أجلهُ محيط به - أو قد أحاط به - وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطوط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا)) (1).
واستخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الجدي الميت، وسيلة توضيحية، لخطابه الدعوي.
فعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق، داخلاً من بعض العالية، والناس كَنَفَتَه، فمر بجدي أسكّ (2) ميت، فتناوله فأخذ بأذنه، ثم قال: أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، ومانصنع به؟ قال:((أتحبون أنه لكم؟ قالوا: والله لو كان حياً كان عيباً فيه، لأنه أسك، فكيف وهو ميت؟ فقال: فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم)) (3)، ثم رماه.
وكان الصحابة رضي الله عنهم، يشغلون أولادهم باللُّعب من العِهْن ليلهوهم بها عن الطعام في الصيام.
فعن الرُّبِّيع بنت معوذ قالت: ((أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أصبح مفطراً فليتم بقية يومه، ومن أصبح صائماً فليصم، قالت: فكنا نصومه بعد، ونصوّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن
(1) رواه البخاري (6417). وأحمد (1/ 385)، والرسمة هكذا.
(2)
الأسك: صغير الأذن، شرح مسلم للنووي (2957)، والنهاية لابن الأثير مادة:(س ك ك)
(3)
رواه مسلم (2957).
أي: الصوف - فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك، حتى يكون عند الإفطار)) (1).
واستخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت ربيعة بن أمية بن خلف، وسيلة لإسماع الناس في الحج (2).
ولما لم يجد النبي صلى الله عليه وسلم وسيلة توضيحية لترسيخ المعنى سوى الحصى أمامه استخدمه.
فعن أبي سعيد الخدري قال: ((دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه، فقلت يارسول الله: أيّ المسجدين الذي أسس على التقوى؟ قال: فأخذ كفاً من حصباء فضرب به الأرض، ثم قال: ((هو مسجدكم هذا .. لمسجد المدينة)) (3).
وفضلاً عن هذا كله، ما استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه من آلات القتال، وخطط الحروب، مما يطول ذكره، مما سبق الإشارة إلى بعضه.
(1) رواه البخاري (1960)، ومسلم (1136).
(2)
رواه الطبراني في الكبير (11/ 172) رقم (11399)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 271)، ورواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.
(3)
رواه مسلم (1398).