الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس عشر الوسيلة السادسة عشرة: التصوير:
التصوير وسيلة من الوسائل القديمة، غير أنها تطورت تطوراً مذهلاً، باختراع التصوير الضوئي (الفوتوغرافي) .. ثم التصوير المتحرك، ولهذه الوسيلة أثر بالغ عند المدعوين لما للمنظر من تأثير على التفكير.
وقد جاءت النصوص صارمة جلية في تحريم تصوير ذوات الأرواح، وتعليقها، ومن هذه النصوص:
قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون)) (1).
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تصاوير)) (2).
درجة حرمة التصوير ومتى يباح:
وبناء على هذه النصوص وغيرها، مما تَعَرضَت لقضية التصوير يثبت حرمته، وقد حُرم سداً لباب ذريعة الشرك والمضاهاة.
فأما المضاهاة؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون - وفي رواية- يشبهون بخلق الله)) (3).
وأما الشرك: فلقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن أولئك، إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة)) (4).
(1) رواه البخاري (5950)، ومسلم (2109).
(2)
رواه البخاري (5949)، ومسلم (2106).
(3)
رواه البخاري (5954)، ومسلم (106).
(4)
رواه البخاري (427)، ومسلم (528).
قال ابن عباس عما ورد في سورة نوح من أسماء (وداً وسواعاً .. ((أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم؛ أن انصبوا على مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تُعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسَّخ العلم عبدت)) (1).
وتثبت حرمة التعليق لمنعه دخول الملائكة.
وقد سبق بيان قاعدة إباحة ما حرم سداً للذريعة عند تحقق المصلحة الراجحة (2)، بما يغني عن إعادته.
فعلى هذا؛ يباح التصوير للتعليم بكافة أنواعه، وللدعوة إذا تحققت المصلحة من ذلك، وانتفت المفسدة التي حُرِّم من أجلها، ويؤيد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم، أجاز استعمال اللعب للأطفال، وهي صور مجسمة.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقمعن منه، فيسربهن إلي فيلعبن معي)) (3)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر، وفي سهوتها ستر، فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة، فقال:((ما هذا يا عائشة؟ ))، قالت: بناتي، ورأى بينهن فرساً له جناحان من رقاع، فقال:((ما هذا الذي أرى وسطهن؟ ))، قالت: فرس،
(1) رواه البخاري (4920).
(2)
راجع المبحث ص (351) من هذا البحث.
(3)
رواه البخاري (6130)، ومسلم (2440).
قال: ((وما هذا الذي عليه؟ ))، قالت: جناحان، قال:((فرس له جناحان))، قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة، قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه (1).
أما التصوير المتحرك فله وجهان؛ وجه يحرمه، لأنه صورة ثابتة الأصول (المسودات)، ووجه يبيحه، لأنه متحرك، والصورة المتحركة غير محرمة، كالصورة في المرآة، ولا شك أن مثل هذا أكثر قبولاً لتطبيق قاعدة إباحة ما حُرم سداً للذريعة، عند تحقق المصلحة، والله أعلم.
وبهذا أكون قد أتيت على هذا البحث سائلاً المولى عز وجل أن يجعله في ميزان حسناتي ووالدي، وفي ميزان كل من دعا إلى تأليفه، ولكل من كان سببًا في إعداده.
والله من وراء القصد، والحمد لله رب العالمين.
وللفائدة .. أذكر خلاصة في النتائج والمقترحات.
(1) أخرجه أبو داود (4932)، وانظر صحيح أبي داود (4123)، السهوة: هي الفتحة الكبيرة في الجدار، أو النافذة ذات الجدار السميك التي تستخدم لوضع المتاع، فتح الباري:(10/ 387).