الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما مسألة تقليد من لا يرضى، فجوابه أن تقليد الآخرين، منه ما لا يرضاه أصحابه، ومنه ما يرضونه.
فتقليدهم في أعمال الخير، والكلام الطيب، مما يرضونه، حتى يقتدى به، وأما تقليدهم فيما لا يرضونه فلا يجوز.
كما أنه ليس كل تمثيل يكون تقليداً لآخرين، فمن التمثيل مالا يكون تقليداً، وإنما تمثل فيه قضية عامة، ليس فيها أعيان معروفون، كعقوق الوالدين، وأثر الغيبة والنميمة في الناس، وما شابه ذلك، فليس في هذا محذور شرعي أبداً.
وأما قضية المرأة، فيمكن اجتنابها بكل سهولة، وبخاصة في المدارس والجامعات، وما شابه ذلك.
المطلب الثاني: خلاصة الحكم (الترجيح):
يتبين مما سبق؛ أن ما أورده المانعون من إشكالات وتحريم، إنما ينصبُّ على ما لحق به من دخول النساء، والكذب، والإسراف، وما شابه ذلك .. فإذا اجتنبت هذه المحذورات، رجع حكم التمثيل إلى الأصل، وإذا ثبت أنه لا نص يحرم الأصل، بل على العكس، ثبت أن أصل هذا الأمر قد فعله ملك، ونبي، دل ذلك على أن الأصل في التمثيل؛ الإباحة، ويشترط له الشروط التالية حتى يبقى على الأصل:
الأول: أن يكون هادفاً في إيضاح قضية شرعية، أو اجتماعية مهمة، كبيان صفة الصلاة، أو صفة الحج، أو محاسن حسن العشرة الزوجية، أو مفاسد الطلاق، وما شابه ذلك.
الثاني: أن لا يمثل أعيان معروفون إلا بإذنهم، أو بغلبة الظن أنهم يسمحون بذلك.
الثالث: حرمة تمثيل الأنبياء على الإطلاق، وهذا أمر مُسَلَّم به عند العلماء، وقد أجمعت مراكز البحوث العلمية، وإدارات الإفتاء على ذلك، ولا أعلم أحداً من أهل العلم المعتبرين أباح ذلك.
الرابع: حرمة تمثيل كبار الصحابة (1) ممن يؤخذ عنهم، ولهم مقام في الدين، وعند الناس كبير، كالراشدين الأربعة، ومن شابههم.
وذلك خشية انطباع الناس عنهم بانطباعات غير صحيحة، مما يضر بهيبتهم في نفوسهم، أو يأخذون عنهم ما ليس بصحيح.
الخامس: أن لا تقوم المرأة بالتمثيل أمام الرجال مطلقاً، والرجل أمام النساء، إن كان في ذلك فتنة، فإن:((المرأة عورة)) (2)، كما قال عليه الصلاة والسلام، وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) (3).
السادس: أن لا يصحب ذلك أي نوع من آلات المعازف.
(1) انظر فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - المملكة العربية السعودية (1/ 490)، وفتاوى لجنة الأزهر.
(2)
أخرجه الترمذي (1173)، وقال: هذا حديث حسن غريب، والطبراني في الكبير (9/ 295)، وفي الأوسط (8097)، والبزار في مسنده (5/ 427)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 35): رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثوقون.
(3)
رواه البخاري (5096)، ومسلم (2470).