الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع حكم الدعوة إلى الله تعالى:
دلت نصوص الكتاب والسنة على وجوب الدعوة إلى الله - بمعناها العام - على كل مسلم ومسلمة، كل حسب وسعه.
والوسع يشمل: الوسع العلمي، والمالي، والبدني، والقدرة على أداء الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، قال تعالى:{يَاأَيّهَا الرّسُولُ بَلّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رّبّكَ .. } الآية. [المائدة: 67]
وقال تعالى: {ادْعُ إِلِىَ سَبِيلِ رَبّكَ .. } الآية. [النحل: 125]
وقال صلى الله عليه وسلم: ((بلغوا عني ولو آية .. )) الحديث. (1)
وهذه الألفاظ (بلِّغ)(ادع)(بلِّغوا)، أوامر صريحة، وإطلاقات شاملة، والأصل في الأمر الوجوب، وفي الإطلاق الشمول.
فهي توجب الدعوة على كل مسلم ومسلمة، كُلاً في حدود وسعه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((فالدعوة إلى الله واجبة على كل من اتبعه (أي الرسول) وهم أمته، يدعون إلى الله كما دعا إلى الله)). (2)
ويتأكد هذا الوجوب على طائفة من الناس، أن تقوم بالدعوة إلى الله في كل مكان وتجمع، في المدينة، وفي الحي، وفي القرية، وفي الوزارة، وفي الشركة، وفي المؤسسة، وفي كل تجمع للمسلمين، يجب أن تقوم طائفة بتحمل أعباء الدعوة إلى الله، وذلك لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَآفّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلّ فِرْقَةٍ مّنْهُمْ طَآئِفَةٌ
(1) رواه البخاري (3461).
(2)
الفتاوى (15/ 165).
لّيَتَفَقّهُوا فى الدّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوَا إِلَيْهِمْ لَعَلّهُمْ يَحْذَرُونَ}. [التوبة: 122]
وهذا القيام بأمر الدعوة، واجب على الكفاية، لقوله تعالى:
ولكن قد تجب على عين إذا تعين عليها ذلك، كأن لا يقدر أحد غيره على تبليغ أمر ما، أولم يقم به أحد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وقد تبين بهذا: أن الدعوة إلى الله تجب على كل مسلم، لكنها فرض على الكفاية، وإنما يجب على الرجل المعين من ذلك ما يقدر عليه، إذا لم يقم به غيره)(1).
والدعوة إلى الله لا تقتصر على صورة معينة، بل تتعدد صورها، وتتنوع سبلها.
فمن عَلِم آيةً فبلغها، فقد دعا إلى الله، ومن حفظ حديثاً فنشره بين الناس، فقد دعا إلى الله.
ومن رأى قوماً غافلين فذكَّرهم، فقد دعا إلى الله .. ومن رَبَّى أهله على الهدى، فقد أبلغ رسالة الله .. ، ومن نصح للناس، وعلمَّهم، وأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر، فقد دعا إلى الله ..
ويزداد عظم المسؤولية، كلما ازداد علم المرء، وقدرته، ومنزلته بين الناس.
(1) مجموع الفتاوى (15/ 166)
وكلما ازداد العلم، والدعوة، والمسؤولية، ازداد الأجر، وارتفع القدر، ونيلت الدرجات.