الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث حث الإسلام على استخدام الوسائل:
مع أن الأصل في الوسائل الإباحة، فإن الإسلام حث على استخدامها، ورغب فيها، بل أمر أحياناً ببعضها، وجعل لصاحبها بها أجراً، وحذر من التهاون فيما فيه حاجة، أو مصلحة.
ويكفي دليلاً في هذا الجانب، إنزال الكتب على الأنبياء، وأمر العباد بحفظها، ونشرها بين الناس، وشهرة هذا الأمر، يغني عن ذكر أدلته.
ومن ذلك: أن أول آيات نزلت، ذكرت وسيلة من أعظم وسائل الدعوة إلى الله، ألا وهي: القلم.
قال تعالى: {اقْرَأْ وَرَبّكَ الأكْرَمُ * الّذِى عَلّمَ بِالْقَلَمِ} . [العلق: 3 - 4]
وأقسم الله عز وجل بالحبر والقلم والكتابة، فقال:{ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} (1)[القلم: 1] وهذه كلها وسائل دعوية عظيمة.
بل؛ إن الله عز وجل كتب التوراة بيده (2).
(1) تنوعت أقوال المفسرين في تفسير كلمة (ن)، وذهب فريق منهم إلى أنها الدواة (المحبرة)، وهذا أنسب التفاسير لمناسبتها للسياق من ذكر القلم والكتابة بعدهما (وما يسطرون)، لأن التسطير لا يكون إلا بالحبر والقلم، راجع تفسير ابن كثير، والقرطبي والشوكاني عند تفسير هذه الآية.
(2)
أخرجه البخاري (6614)، ومسلم (2652) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وأهل السنة والجماعة: يؤمنون أن الله عز وجل يفعل مايشاء، فإذا أراد أن يكتب كتب، لايمنعه مانع، وقد ثبت أن الله كتب التوراة لموسى عليه الصلاة والسلام بيده، فيقول أهل السنة: نصدق الخبر، ولا نبحث كيف كتب ولا نتكلف التصور، ولا نؤول ولا نعطل الصفة .. فالله أعلم كيف كتب، وهو فعال لما يريد.
وأمر الله تعالى: باستخدام الوسائل الممكنة في الجهاد في سبيل الله، بقوله:{وَأَعِدّوا لَهُمْ مّا اسْتَطَعْتُمْ مّن قُوّةٍ .. } الآية [الأنفال: 60].
وهذا يعني: وجوب تطوير السلاح، بما يتناسب وكل حال، لأن الله أطلق الأمر، ولم يقيده، وأناطه بالاستطاعة، وما دام المسلمون يستطيعون التطوير، فهو واجب عليهم.
وقال تعالى: {وَعَلَىَ كُلّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلّ فَجّ عَميِقٍ} [الحج: 27]، والضامر: هو الدابة المجهزة للسفر (1).
ففي هذا؛ إشارة واضحة إلى تجهيز الوسيلة، والاهتمام بها.
بل جعل عليها أجراً، كما سبق بيانه في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الخيل لثلاثة: لرجل أجر .. ولرجل سِتر .. ولرجل وِزر، وأما التي هي له أجر، فرجل ربطها في سبيل الله، لأهل الإسلام في مرجٍ وروضة، فما أكلت من ذلك المرج، أو الروضة من شيء، إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات، وكتب له عدد أرواثها، وأبوالها حسنات، ولا تقطع طولها، فاستنت شرفاً أو شرفين إلا كتب الله له عدد آثارها، وأرواثها حسنات، ولا مر بها صاحبها على نهر فشربت منه، ولا يريد أن يسقيها إلا كتب الله له عدد ما شربت حسنات
…
)) (2).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة)) (3).
(1) اللسان، الوسيط مادة:(ضمر).
(2)
رواه البخاري (2371)، ومسلم (987)، واللفظ له، ومعنى: استنت: جرت، والشرف: - بفتح الشين والراء - المكان العالي من الأرض كالهضاب والتلول، راجع شرح مسلم للنووي (7/ 67).
(3)
رواه البخاري (2850)، ومسلم (1873).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((قيدوا العلم بالكتاب)) (1)، وفي رواية:((بالكتابة)).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((من علم الرمي ثم تركه، فليس منا، أو قد عصى)) (2).
إلى غير ذلك؛ من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله التي تحث على استخدام الوسائل.
(1) رواه الطبراني في الكبير (700)، والقضاعي في مسند الشهاب (637)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 152): رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح.
(2)
رواه مسلم (1919).