الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر الشيخ محي الدين بن العربي (15) في «مسامرته» نقلا عن ابن عباس أن ما بين آدم ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم خمسة آلاف سنة، وخمسمائة وخمسة وسبعون سنة، وعلى ما رواه الكلبي عن أبي صالح أنه ستة آلاف سنة وتسعة عشرة سنة، وتفصيل ذلك من آدم إلى نوح عليهما السلام ألف سنة ومائتا سنة، ومن نوح إلى ابراهيم عليهما السلام ألف ومائة سنة، ومن ابراهيم إلى موسى عليهما السلام خمسمائة وخمسة وسبعين سنة، ومن موسى إلى داود عليهما السلام ألف وثلاثمائة وخمس وستون سنة، ومن عيسى إلى محمّد - صلّى الله عليهما وسلّم - ستمائة سنة، وللناس من الأمم في ذلك اختلاف كثير.
آدم عليه السلام أول الخلفاء:
وأول خلفاء هذا النوع الإنساني في الأرض هو أبو البشر آدم عليه السلام حسبما يرشد إليه قوله علت كلمته {وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (16) فلما نزل إلى الأرض نزل حزينا كئيبا لمفارقة دار الكرامة، ووحشته في الأرض، اذ لم يكن فيها أحد من هذا النوع غيره وزوجه، ونزل هو بجبال سرنديب (17) من أرض الهند، ونزلت هي بجدّة، وقد جعل الله سكون الزوج لزوجه كما قال:
{وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها} (18) الآية. واستصحب في خروجه من الجنة سفرجلة (19) فشمّها فحصل له من طيبها منيّ في صلبه، خلقه الله
(15) كذا في ت وط: وفي ش «بن عربي» وهو محي الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن العربي الحاتمي الطائي (560 - 638/ 1165 - 1240) وبعضهم يكتب اسمه «ابن عربي» وبعض المصادر تعطيه كنية أبو بكر، بينما يسمي نفسه بأبي عبد الله فقط. صوفي مشهور، من أنصار وحدة الوجود. له تصانيف، بقي من كتبه أكثر من 150 مؤلفا ويبدو أن هذا نصف عدد ما كتبه وطبع منها عدد. انظر دائرة المعارف الإسلامية، (L' encylopedie de l' Islam) باريس وليدن 1975، 3/ 729 - 734.
(16)
سورة البقرة: 30.
(17)
راجع الكامل لابن الأثير، بيروت 1965، 1/ 37. وتاريخ الطبري 1/ 122. أنظر قصص الأنبياء المعروف «بعرائس المجالس» لإسحاق أحمد بن محمد بن ابراهيم الثعلبي، طبع محمد أفندي مصطفى، مصر 1301/ 1884، ص:26.
(18)
سورة الرّوم: 21 وبداية الآية من النص محرّفة: «وجعلنا لكم. . .» .
(19)
لم نعثر على خبر السفرجلة في أي كتاب من كتب التراث ولعل المؤلف أخذها عن الأساطير الشعبية كما يفعل في =
لتناسل النوع البشري، فتحركت فيه الشهوة، فاشتد شوقه لحواء، حكمة إلا هية، فطلب حواء فوجدها بعرفة فتغشّاها، فحملت بذكر وأنثى في بطن واحد، واستمر التوالد بينهما حتى بلغ عشرين بطنا، بذكر وأنثى في كل بطن (20)، ثم أمره الله تعالى بتزويج الذّكر من هذا البطن بأنثى البطن الآخر، وأنثاه بذكر الآخر وهكذا.
ولما أراد الله تعالى خروج نور نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم أوحى الله إليه بعد قتل قابيل أخاه هابيل (21)، أنّي مخرج منك نورا أجعله خاتم الأنبياء وخيار الأئمة والخلفاء، أختم الزمان بمدته فشمّر يا آدم وتطهّر وقدّس وسبّح، ثم اغش زوجك على طهارة منكما فإن وديعتي ونوري ينتقل إلى الولد الكائن بينكما، فغشيها عليهما السلام فحملت لوقتها بشيث (22) عليه السلام وهو عوض عن هابيل الذي قتله قابيل، فتلألأ النور في وجهها، فلما وضعته كان أكمل الأولاد خلقا وخلقا، وصورة وبشرا، فسمّاه آدم عليه السلام شيث، ومعناه هبة الله فكان وصيّه وولي عهده بنبوءته، فلما حضرته الوفاة، أوصى لابنه شيث بالقيام بالشريعة، وعمر آدم تسعمائة سنة وثلاثين سنة على ما نقل / عن «التوراة» وقال وهب: عاش آدم ألف سنة وقبره قيل بأبي قبيس (23) بغار فيه يقال له غار الكنز، فلما جاء الطّوفان حمله نوح في السّفينة، فلما نزل منها ردّه إلى ذلك الغار (24)، وقيل إن قبر آدم في بيت المقدس، رأسه عند مسجد ابراهيم عليه السلام ورجلاه عند الصّخرة الشّريفة، وقيل غير ذلك وعاشت حواء بعده سنة واحدة ودفنت معه، وقيل بجدّة وعمرها تسع مائة وسبع وستون سنة، فكان فيه وفي بنيه النبوءة، وأوصى لابنه كيومرث (25) بالملك والسياسة.
= بعض الأحيان عندما يتحدث عن أصل الخليقة وعصورها الأولى ويؤيد هذا أن آدم حين هبط من الجنة كان له ولدان هابيل وقابيل كما ذكره المؤرخون.
(20)
قصص الأنبياء، ص: 33، والطبري 1/ 133 مع بعض الاختلاف.
(21)
عن قصة قابيل وهابيل أنظر على سبيل المثال تاريخ الطبري 1/ 137، والثعلبي: قصص الأنبياء ص: 5.
(22)
الكامل لابن الأثير، 1/ 47، والطبري 1/ 152.
(23)
في ت: «قيس» .
(24)
الكامل 1/ 52.
(25)
في الطبري وفي كتب التاريخ التعرانية: جيومرت بالتاء المثناة وبالفارسية: كيومرث كما كتبها المؤلف، انظر هامش الكامل لابن الأثير، 1/ 45. وعن كيومرث ومختلف الأقوال في نسبه وتمليكه، راجع على سبيل المثال: الطبري 1/ 153.