الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العابدين - فراوده أصحابه على المقام بافريقية فأبى ورجع إلى المشرق ونزل ببرقة، وكانت له بها وقائع كثيرة مع المشركين.
وكانت الرّوم لما بلغهم أن زهيرا خرج غازيا إلى افريقية لقتال الرّوم والبربر وأيقنوا أنه خرج من برقة أمكنهم ما يريدون، فخرجوا إليها في مراكب كثيرة، وقوّة عظيمة، فأغاروا على برقة / وأصابوا منها سبيا كثيرا وأفسدوا وذهبوا فوافق ذلك قدوم زهير من افريقية إلى برقة فأخبروه بالذي حلّ بهم من الروم، فأمر عسكره أن يمضي على الطريق، وعدل هو إلى الساحل في خيل يسيرة من فرسان أصحابه وأنجادهم، وطمع أن يدرك شيئا من سبي المسلمين، فلما انتهى إلى السّاحل أشرف على الروم فإذا هم في خلق كثير، ولم يقدر أن يرجع، واستغاث ذراري المسلمين وصاحوا والرّوم يدخلونهم في المراكب، وعسكر الروم بوفرة في البر، فنادى زهير بأصحابه وقال: أنزلوا رحمكم الله، فنزل المسلمون وبرز الروم لقتالهم، فالتقى الفريقان فاقتتلوا قتالا شديدا حتى عانق بعضهم بعضا، وتكاثرت عليهم الروم فاستشهد زهير وكلّ من معه من المسلمين - رضي الله تعالى عنهم أجمعين - ولم يفلت منهم إلاّ رجل واحد، فأدخل الروم خيلهم وسلاحهم والسبي الذي كان معهم في المراكب، فلما وصل الخبر إلى عبد الملك بن مروان اشتدّ عليه وعلى المسلمين ذلك، وكانت المصيبة بزهير وأصحابه - رضي الله تعالى عنهم -[مثل المصيبة بعقبة بن نافع وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين -](164).
ولاية حسان بن النعمان وغزواته:
فسأل (165) عبد الملك أشراف المسلمين أن ينظروا إلى أهل افريقية من يؤمنهم من عدوّهم ويبعث الجيوش إليهم، فقال عبد الملك:«ما أعلم أحدا أكفأ بإفريقية من حسان بن النّعمان الغسّاني» فبعثه عبد الملك أميرا على افريقية في سنة تسع وستين (166) / في جيش فيه نحو من ستة آلاف وهو أول من دخل افريقية من أهل الشام في زمن بني أمية فخرج حسان بجيوشه حتى وصل افريقية فسأل أهل افريقية عن أعظم ملك بإفريقية فقالوا: «صاحب قرطاجنة» ، فرحل إليه حسّان، وفي قرطاجنة من الروم ما لا يعلمه إلاّ
(164) إضافة من المعالم 1/ 59.
(165)
في الأصول: «قال» والمثبت من المعالم.
(166)
688 - 689 م.
الله، وهي على شاطئ البحر، (قرب مدينة تسمى ترشيش)(167)، وهي من مدينة القيروان على مائة ميل وميل، فمشى حسّان حتى نزل على مدينتهم ترشيش، ووجه خيله إلى قرطاجنّة ولم يكن فيها بحر، فضيق عليهم حسّان، وتواقف القوم فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل رجالهم وفرسانهم.
واجتمع رأي الروم على أن يهربوا في البحر في سفن كثيرة، فحملوا فيها، فمنهم من هرب إلى صقلية ومنهم من هرب إلى الأندلس، فدخلها حسان بالسيف فسباها وغنم ما فيها وقتل الرجال وأرسل إلى ما حولها من العمران فاجتمعوا إليه مسرعين خوفا منه، فأمرهم بهدم قرطاجنة وقطع القناة عنها، ثم اجتمع عليه الروم وعقدوا عليه عسكرا عظيما لا يعلمه إلاّ الله، ومعهم البربر وذلك بموضع يسمّى سطفورة (168)، فزحف إليهم حسّان وقاتلهم قتالا شديدا، وأصيب من أصحابه رجال كثيرون - رضي الله تعالى عنهم -.
ثم ضرب الله في وجوه الروم والبربر، فانهزموا بعد بلاء عظيم، فقتلهم حسّان / قتلا ذريعا، واستأصلهم وحمل بأعنّة الخيل عليهم فما ترك في بلادهم موضعا إلاّ وطأه بخيله، ولجأ بقية الرّوم خائفين هاربين إلى مدينة باجة، فتحصنوا فيها، وهرب البربر (169) إلى إقليم بونة، واخترق حسان البحر فاحتفره وجعل دار (صناعة لإنشاء المراكب (170) وأخرج البحر إليها - حسبما مرّ - ثم انصرف إلى مدينة القيروان فأقام بها حتى برئت جراح أصحابه.
ثم سأل حسان عن أعظم ملك بإفريقية، فقيل له ليس بإفريقية أعظم قدرا ولا أبعد صيتا ولا أشد حربا من امرأة يقال لها الكاهنة (وهي كاهنة لواتة)(171) وهي في جبل أوراس (172)، وجميع من بإفريقية يخافها والرّوم سامعون لها مطيعون، فإن قتلتها يئس الروم والبربر من افريقية فإنها لهم ملجأ. فلما سمع ذلك حسان عزم على غزوها، فخرج إليها بجيوشه، فلما بلغ موضعا يقال له مجّانة نزل به وكانت قلعة مجانة لم
(167) تفسير من المؤلف إذ أن معالم الإيمان تفهم القارئ أن ترشيش هي قرطاجنة إذ أن «ترشيش» هو إسم مدينة تونس القديم.
(168)
هي في بعض ولاية بنزرت.
(169)
في الأصول: «الروم» والمثبت من المعالم 1/ 61.
(170)
في المعالم: «دار الصناعة» .
(171)
تفسير من المؤلف.
(172)
في الأصول: «أوراسن» والمثبت من المعالم 1/ 61.
تفتح - فتحصن بها الروم، فمضى وتركهم، وبلغ الكاهنة أمره فزحفت من جبل أوراس في عدة لا يعلمها إلاّ الله تعالى، فنزلت بمدينة باغاي (173) فأخرجت من بها وهدّمتها لظنها أن حسّانا يريد حصنا يتحصن به، ثم أقبل حسّان حين بلغه الخبر إلى واد يقال له مسكيانة (174) فقيل له أنها أقبلت في عدد لا يحصى، فقال لهم: دلّوني على ما يسع العسكر الذي أنا فيه، فمالوا به إلى نهر فنزل عليه / وزحفت إليه الكاهنة حتى أتت إلى أسفل النهر فنزلت عليه، فكان شربه هو وأصحابه من أعلى النهر وتشرب هي من أسفله، فلما دنا بعضهم من بعض تواقفت الخيل، وأبى حسان أن يقاتلها بالليل، فوقف كل فريق على مصافه، فلما أصبحوا زحف بعضهم إلى بعض واقتتلوا قتالا شديدا فعظم البلاء بينهم وظن المسلمون أنه الفناء، وانهزم حسّان بعد بلاء عظيم، وقتل من العرب خلق كثير، فسمي ذلك النهر «نهر البلاء» ، فأتبعته الكاهنة بمن معها حتى خرج من حد قابس، فأسلم افريقية ومضى على وجهه، وأسّرت من أصحابه ثمانية رجال، وقيل إنها أسّرت ثمانين رجلا، منهم (خالد بن يزيد)(175) العبسي وكان رجلا مذكورا.
فلما فصل من قابس كتب إلى أمير المؤمنين يخبره بما نزل بالمسلمين من البلاء وبخبر الكاهنة، وطفق يرفق في سيره طمعا فيمن نجا من أصحابه أن يلحقوا به.
ثم إن أمير المؤمنين عبد الملك كتب إليه: إنه بلغني أمرك وما لقيت ولقي المسلمون، فحيثما لقيك كتابي هذا فأقم ولا تبرح حتى يأتيك أمري، فلقيه كتابه وهو نازل بالموضع الذي يقال له اليوم قصور (176) حسّان من بر برقة، فابتنى هناك قصرا لنفسه وأقام بذلك الموضع هو ومن معه ثلاث سنين. وملكت الكاهنة افريقية كلها.
وكانت الكاهنة حين أسّرت / أصحاب حسان أساءت أسرهم إلاّ رجلا واحدا وهو (خالد بن يزيد)(175) العبسي فإنها تبنته ثم عمدت إلى دقيق شعير مقلي (177)، فأمرت به
(173) في الأصول: «غائر» والمثبت من المعالم 1/ 61.
(174)
في الأصول، وفي بعض أصول المعالم:«مكناسة» والمثبت من محقق المعالم اعتمادا على البكري، أنظر هامش 1 - 1/ 62، والرياض 1/ 501 هامش 178.
(175)
في الأصول: «يزيد بن خالد» والمثبت من المعالم 1/ 62. ووقع الإضطراب في اسمه عند المؤرخين فهو يزيد أو خالد أنظر تحقيق اسمه من طرف البشير البكوش، الرياض، هامش 185، 1/ 51.
(176)
في الأصول: «قصر» والمثبت من المعالم 1/ 63.
(177)
وهذه الأكلة معروفة إلى الآن وتسمّى في بعض الجهات «بسيسة» وتسمى في غيرها مثلا صفاقس «زميط» أو «زميطة» .
فلث بزيت والبربر تسمي ذلك بسيسة، ثم دعت (خالد بن يزيد)(*) وابنيها فأمرتهم، فأكل ثلاثتهم، وقالت لهم: أنتم الآن قد صرتم اخوة، وذلك عند البربر (178) من أعظم العهود في جاهليتهم إذا فعلوه.
ثم أن حسّانا بعث لخالد رسولا وهو عند الكاهنة فقال: إن حسّانا أرسلني إليك وهو يقول لك: ما منعك من الكتب إلينا بخبر الكاهنة؟ فكتب خالد كتابا إلى حسان مع رسوله في خبزة ملّة قد أنضجها ثم دفعها إلى الرسول ليخفي الكتاب وليظن من رأى الخبزة أنه زاد للرجل، فلم يغب شخص الرسول عنهم حتى خرجت الكاهنة ناشرة شعرها وهي تقول: يا معشر بني، ذهب ملككم ودنا هلاككم فيما يأكل النّاس، فكرّرته ثلاث مرات.
ومضى الرّسول حتى قدم على حسّان بالكتاب وفيه كلّ ما يحتاج إليه من خبر الكاهنة، يقول له فيه، إن البربر يعقدون عساكرهم بالنهار ويفترقون بالليل، وليس لهم حزم في الرأي، وإنّما ابتلينا بأمر أراده الله، وأكرم به من أراد منا بدرجة الشهادة، فإذا نظرت في كتابي هذا فاطو (179) المراحل وجدّ السير فإن الأمر إليك، ولست أسلمك إن شاء الله تعالى، ولا حولا ولا قوة / إلاّ بالله العلي العظيم.
ثم إن خالدا كتب بعد ذلك إلى حسّان بخبر الكاهنة، ثم عمد إلى قربوس (180) فنقره ثم وضع فيه الكتاب وأطبق عليه القربوس وأخفى مكان النقر منه ثم حمل رسولا على دابّة بالكتاب إلى حسّان فلما فصل الرسول بالكتاب خرجت الكاهنة ناشرة شعرها وهي تقول: يا بني قد دنا هلاككم في شيء من نبات الأرض، وهو بين خشبتين، وكانت أعلم أهل زمانها بالكهانة، ومضى الرسول حتى قدم على حسان، فلما بلغ الكاهنة أن حسّانا مقيم بقصره لا يبرح، قالت للروم والبربر: إنما طلب حسان من افريقية المدائن والذّهب والفضّة والشّجر، ونحن نريد المراعي والمزارع، فما نرى لكم إلاّ خراب افريقية، فوجهت البربر يقطعون الشجر ويهدّمون الحصون التي بها، وكانت افريقية ظلا واحدا من طرابلس إلى طنجة (181)[قرى متصلة](182) وقد استأصلت ذلك
(*) في الأصول: «يزيد بن خالد» والمثبت من المعالم 1/ 62. ووقع الإضطراب في اسمه عند المؤرخين فهو يزيد أو خالد أنظر تحقيق اسمه من طرف البشير البكوش، الرياض، هامش 185، 1/ 51.
(178)
في الأصول وأصول المعالم: «العرب» والمثبت من محقق المعالم أنظر هامش 2 - 1/ 63. وهو المنطقي.
(179)
في الأصول: «وأطل» والمثبت من المعالم 1/ 64.
(180)
كتبها المؤلف «قربوص» كما تنطق باللغة العامية وهو حنو السرج.
(181)
في الأصول: «طبنة» والمثبت من المعالم 1/ 64.
(182)
إضافة من المعالم.
كله وأخربته الكاهنة، فخرج من النّصارى ثلاثمائة رجل يستغيثون بحسّان مما نزل بهم من الكاهنة (من خراب الحصون وقطع الشجر وكان قد وجه إليه عبد الملك رسولا يأمره بالنهوض إلى افريقية قبل أن تخربها الكاهنة)(183)، فوافق ذلك وصول الرّوم إليه وقدوم رسول خالد بن يزيد، فرجع بجميع عسكره إلى افريقية، فيقال إنه لما رحل من قصوره بجميع عسكره خرجت الكاهنة ناشرة / شعرها، فقالت يا بني: انظروا ماذا ترون في السماء؟ قالوا: نرى شيئا من سحاب أحمر، فقالت لهم: لا والاهي، إنما هو رهج (184) خيل العرب أقبلت إليكم، ثم قالت لخالد بن يزيد: إنما تبنيتك لمثل هذا اليوم، أما أنا فمقتولة، ولكن أوصيك بأخويك هذين خيرا - تريد ولديها - فانطلق بهما (185) إلى العرب فخذ لهما أمانا.
فلما وصل حسان قابسا لقيته الكاهنة في جيوش عظيمة، فقاتلهم حسان فهزمهم الله، وهربت الكاهنة منهزمة تريد قلعة بشر (186) لتتحصن بها، فأصبحت القلعة لاصقة بالأرض فذهبت تريد جبال أوراس ومعها صنم عظيم من خشب كانت تعبده، يحمل بين يديها على جمل، فتبعها حسّان حتى قرب من موضعها فلما كان الليل قالت الكاهنة لابنيها: إني مقتولة وأرى رأسي تركض به الدواب يمضى به إلى المشرق من حيث تطلع الشمس وأراه موضوعا بين يدي ملك العرب الأعظم الذي بعث إلينا بهذا الرجل. فقال لها خالد بن يزيد وولداها: فإذا كان الأمر هكذا عندك فارحلي وخلي له البلاد، فقالت: وكيف أفرّ وأنا ملكة، والملوك لا تفر من الموت، فأقلّد قومي عارا إلى آخر الدهر؟ فقالوا لها: ألا تخافين على قومك الموت؟ فقالت: إذا أنا متّ فلا أبقى الله أحدا منهم في الدنيا. فقال لها خالد بن يزيد وولداها: فما نحن صانعون؟ فقالت: / أما أنت يا خالد بن يزيد، فستنال ملكا عظيما [عند الملك الأعظم، وأما أولادي فسيدركون ملكا بإفريقية](187) مع الملك الذي يقتلني، ثم قالت لهم: اركبوا واستأمنوا إليه. فركب خالد بن يزيد وولداها بالليل متوجهين إلى حسّان.
(183) ما بين القوسين ساقط من ت.
(184)
في الأصول: «وهج» والمثبت من المعالم، والرهج هو الغبار.
(185)
في الأصول: «بها» .
(186)
كذا بالأصول والمعالم، وجاء في المسالك للبكري:«قلعة بشر بن أرطأة» ص: 145 والأصح «بسر» نسبة لفاتحها بسر بن أرطأة العامري كما جاء في كتب التراجم والطبقات.
(187)
إضافة من رياض النفوس يقتضيها ضبط المعنى 1/ 55.
فلما أصبح حسّان زحف إلى الكاهنة وأقبلت زاحفة إليه، فلقيت أعنة الخيل خالدا وولديها فسلموا عليهم ومضوا بهم إلى حسّان فدخل خالد بن يزيد على حسّان وأخبره بما قالت الكاهنة وأنها وجهت إليه بولديها فأمر بهما حسان فأدخلهما عسكره ووكّل بهما قوما، وقدّم خالد بن يزيد على أعنّة الخيل، فالتقى القوم ووضعوا السلاح ووقع الصبر حتى ظن المسلمون أنه الفناء، فانهزمت الكاهنة وقتلت عند بئر سماه الناس بئر الكاهنة، فنزل حسّان على الموضع الذي قتلت فيه. وقيل إنها قتلت عند طبرقة فعجب الناس من خلقتها، فكانت الأترجة تجري فيما بين عجيزتها (188) وأكتافها.
ثم إن الروم تحزّبوا على قتال حسّان، واجتمعوا فزحفوا إليه وقاتلوه فهزمهم الله تعالى، فخافه البربر، واستأمنوا إليه، فلم يقبل أمانهم حتى يعطوه من جميع قبائلهم اثنا عشر ألف فارس تكون مع العرب برسم الجهاد، فأجابوه إلى ذلك وأسلموا على يديه، فعقد لولدي الكاهنة بعد اسلامهما لكل واحد منهما ستة آلاف فارس من البربر [وجعله](189) واليا عليهم / وأخرجهم مع العرب [يفتتحون افريقية](190)، فمن ذلك صارت الخطط بافريقية للبربر، فكان يقسّم الفيء والأراضي بينهم فحسنت طاعتهم له، ودانت له افريقية ودوّن الدّواوين.
ثم قدم القيروان فأمر بتجديد بناء الجامع الأعظم (191) فبناه بناء حسنا وجدّده، وذلك في شهر رمضان المعظم سنة أربع وثمانين من الهجرة (192). قال في «معالم الإيمان»: «ثم رحل يريد قرطاجنة فانتهى إلى طنبذة (193) فوجّه أبا صالح مولاه إلى قلعة زغوان (194) فنزل بموضع يسمى (فحص أبي صالح)(195) فأقام به شهرا، فقاتل أهلها ثلاثة أيام، فلم يقدر عليهم، فخلّى حسّان عسكره بطنبذة، ثم رحل إلى زغوان في خيل
(188) في الأصول: «فخذيها» وفي المعالم عجرتها وهو تصحيف والمثبت من الرياض 1/ 56 وفي تاج العروس «العجيزة» هي العجز وتقال للمرأة 4/ 49.
(189)
إضافة من المعالم 1/ 67.
(190)
إضافة من المعالم 1/ 67.
(191)
في المعالم والرياض: «المسجد الجامع» .
(192)
سبتمبر 703 م.
(193)
في الأصول: «طنبة» وفي أصول المعالم: «طنجة» وفي أصول الرياض: «طبنة» ، والإثبات من محقق المعالم استنادا إلى المسالك، أنظر هامش 3 - 1/ 67. ومن محقق الرياض، هامش 233 - 1/ 56. وعن طنبذة أنظر معجم البلدان، والروض المعطار ص: 387، وصلة السمط 4/ 143.
(194)
في الأصول وفي أصول المعالم: «زعفران» والمثبت من الرياض 1/ 57.
(195)
في الأصول: «يسمى بفحص أبي صالح» وفي المعالم: «بموضع فحص أبي صالح» وفي الرياض: «فسمي فحص أبي صالح» 1/ 57.
مجردة فافتتحها صلحا وانصرف إلى طنبذة. ثم سار إلى قرطاجنة فنزل بموضع دار الصّناعة، فخرج إلى حسّان أهل قرطاجنة بأجمعهم، فحاربوه حربا شديدة، فهزمهم الله عز وجل بين يديه، فلما رأى الرّوم (شدة قهره لهم)(196) وعلموا أنهم لا طاقة لهم به سألوه الصلح وأن يضع لهم الخراج، فأجابهم حسّان إلى ذلك، ووافقهم عليه، فأدخلوا عند ذلك ثقلهم في مراكب كانت معدة عندهم في البحر، وهربوا ليلا بأجمعهم من باب يقال له باب النّساء، وحسان لا علم عنده بما فعلوه من هربهم، وتركوا مدينتهم خاليه لا أحد فيها، ونزلوا بجزيرة صقليّة، ومضى بعضهم إلى بلاد الأندلس، فدخل عند ذلك حسّان إلى المدينة / وبنى بها مسجدا وأخرب بناءها» (197).
وذكر التجاني في «رحلته» أن مرناق كان صاحب قرطاجنة فلما دخل المسلمون لأرض افريقية وكان ملكه للبلاد المسماة بمرناق بخديعة تمّت على حسّان بن النعمان وذلك أن مرناق الملك المذكور نهض له حسّان - رضي الله تعالى عنه - بعد فتح تونس يريد قتاله، فكان يغدو كل يوم له ثم يروح إلى تونس، وكانوا إذا غدوا للقتال، قابلتهم الشمس فآذتهم في أعينهم، فكتبوا بذلك إلى أمير المؤمنين فأمرهم بقتالهم بعد الزّوال، فضاق الروم بها، وكانت لهم سفن بباب النّساء فحملوا فيها نساءهم وأولادهم ليلا، وأسلموا المدينة، ولم يبق بها إلاّ الملك المسمي بمرناق وأهله وولده، فكتب إلى حسّان هل لك أن تعاهدني في أهل لي وولدي، وأشترط لنفسي ما شئته من المنازل، وأسلم لك المدينة ولا علم عند المسلمين بفرار من فر منها؟ فأجابه حسان إلى ذلك، فاشترط الأرض المسماة بمرناق وهي إذ ذاك قرى كثيرة (198)، ثم أمكنهم من المدينة فلم يجدوا فيها غيره وغير ولده وأهله، فوفّى له حسّان بما أعطاه من العهد، وأقام مرناق مالكا لهذه الأرض» اهـ (199).
ثم «إن حسان بن النّعمان رحل عن قرطاجنّة راجعا إلى مدينة القيروان، فأقام بها وعمّزها المسلمون وبنوا بها المساكن وانتشروا فيها وكثروا وأمنوا من أعدائهم / وقطعوا شوكتهم.
(196) في المعالم: «شدته وقهره لهم» 1/ 68 وكذلك في الرياض 1/ 57.
(197)
معالم الإيمان بتصرف 1/ 66 - 69.
(198)
في الرحلة: «فاشترط هذه الأرض المسمّاة به الآن وهي إذ ذاك قرى كثيرة» ص: 11.
(199)
الرحلة ص: 10 - 11.