الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يستخرج منها غرائب الرّخام الذي كان عضادة أبواب الدّور وغيرها، ويحمل منه الحكّام ما يحتاجون إليه، ولم يبق من هذه المدينة بناء قائم على وجه (56) الأرض إنما يستخرج الرخام من تحت الأرض. ولقد حاول (57) بعض الأمراء هدم هذا الحصن عقوبة لأهله فخسر أموالا فائتة الحصر، ولم يؤثر فيه شيئا فعجز عنه، وتركه ومسافة ما بين صفاقس والجم خمسون ميلا (58).
جمال:
ومنه إلى جمال ثمانية وعشرون ميلا، / وهي بلدة عظيمة كثيرة الزّيتون، وإصابة الشّعير والحنطة، وبها سوق في الجمعة يوم السبت، يقصد من كل مكان، ويباع به كل شيء، وللناس به اعتناء للتجارة.
ومن جمّال لسوسة ثمانية عشر ميلا (59).
المهدية:
ومن صفاقس إلى المهدية مرحلتان، وكانت (60) مدينة ذات حطّ وإقلاع للسفن الحجازية القاصدة إليها من بلاد المشرق، وسفن المغرب والأندلس، وبلاد الرّوم، وغيرها من البلاد، وإليها تجلب البضائع الكثيرة بقناطير الأموال على مر اللّيالي والأيّام، (ثم انقطع ذلك بعد اخراب الإفرنج لها كما يأتي - إن شاء الله تعالى -)(61) وهي ممّا أحدثه عبيد الله المهدي فسمّيت باسمه، وهي في نحر البحر، وهي من القيروان على مرحلتين، وكانت فيما سلف كثيرة السفّار والتجّار، مقصودة بالبضائع من سائر الأقطار، وتجارتها نافقة، والهمم على أهلها موقوفة، وإليها راجعة، ولها حسن مبان، نظيفة المنازل، وديارها حسنة، وحمّاماتها جليلة وبها خانات كثيرة، وهي في ذاتها حسنة الداخل والخارج بهية المنظر، وأهلها حسان الوجوه، نظاف الثّياب، ويعمل بها من الأكسية الحسنة الرقيقة الجيدة، المنسوبة إليها ما يحمل ويتجهّز به إلى جميع الآفاق،
(56) ساقطة من ت وش.
(57)
في ت وش: «حال» .
(58)
وبالأميال المعاصرة 64 والجم وسط الطريق بين صفاقس وسوسة.
(59)
ينتهي من تأليفه ويرجع للنقل من نزهة المشتاق بتصرف ص: 107.
(60)
في الأصول: «وهي كانت» .
(61)
إضافة من المؤلف عما هو موجود بنزهة المشتاق.
في كل وقت / وكل حين ما ليس يقدر على عمل مثله في غيرها من البلاد والأمصار لجودته وحسنه، وشرب أهلها من المواجل (62) وآبارها غير عذبة وكان يحيط بها سور حسن مبني من الحجارة، وعليها بابان من حديد لفّق بعضه على بعض من غير خشب، وليس يدرى في معمور الأرض مثلهما صنعة ووثاقة، وهما من عجائبها الموصوفة (ولم تكن)(63) لها جنّات ولا بساتين، وإنما يجلب إليها من قصور المنستير ما تحتاجه من الثمار، وبينهما في البحر ثلاثون ميلا.
والمنستير قصور ثلاثة يسكنها العبّاد والصلحاء والأعراب لا تضرهم في شيء من شجرهم ولا من عماراتهم (لأنها محل رباط وعبادة، والمنستير سيأتي اسم من عمل عليها سورا)(64).
وكان أهل المهدية يدفنون موتاهم بالمنستير (تبركا بها)(65) يجلبونهم في الزوارق إليها فيدفنوهم بها، ثم يعودون إلى بلدهم، (ولم تكن)(66) بالمهدية جبانة معروفة.
(وفي المهدية كانت وفاة الإمام المازري - رحمه الله تعالى ونفعنا به - ومنها نقل للمنستير)(67).
وكانت المهدية مدينتين إحداهما المعهودة (68) والثانية زويلة، فالمهدية يسكنها السلطان وجنوده وبها قصره الحسن البناء العجيب الإتقان، والارتقاء (وكانت قبل استيلاء الإفرنج عليها)(69) بها طيقان الذهب / التي تفتخر بها ملوكها.
وفي «خريدة العجائب» (70): ولها أبواب من حديد في كل باب ما يزيد على مائة قنطار ولما بناها وأحكمها قال: الآن أمنت (على الفاطميين)(71){فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} (72).
(62) في الأصول: «مواجن» .
(63)
في نزهة المشتاق: «وليس لها» .
(64)
اضافة من المؤلف عما هو موجود بنزهة المشتاق.
(65)
اضافة من المؤلف عما هو موجود بنزهة المشتاق.
(66)
اضافة من المؤلف.
(67)
اضافة من المؤلف.
(68)
في نزهة المشتاق: «احداهما مدينة المهدية» ص: 109.
(69)
في نزهة المشتاق: «وكان بها قبل ان يفتحها الملك المعظم رجار في سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة» 1148 - 1149 م.
(70)
خريدة العجائب وفريدة الغرائب لعمر بن الوردي، مصر بلا تاريخ، ص:16.
(71)
كذا في ش وخريدة العجائب والضمير يعود على المهدي الفاطمي.
(72)
في الأصول: «ولما جاء. . .» سورة الكهف: 98.
وكان (73) بمدينة زويلة الأسواق الجميلة، والمباني الحسنة والشّوارع الواسعة والأزقّة الفسيحة، وأهلها تجّار مياسير نبلاء، ذوو أذهان ثاقبة، وأفهام ذكية، وجل لباسهم البياض. ولهم همم في أنفسهم وملابسهم، وفيهم (74) الجمال، ولهم معرفة زائدة في التجارة وطريقتهم حميدة في المعاملات. ولهذه المدينة أسوار عالية حصينة جدا (75) تطيف بها من جميع جهاتها البريّة والبحريّة، وجميعها مبني بالحجارة، وفيها فنادق كثيرة، وحمّامات جمّة، ولهذه المدينة من جهة البر خندق كبير يستقرّ به ماء السماء، وبخارجها من جهة غربيها حمى كان قبل دخول العرب لأرض إفريقية وإفسادهم لها (في أيام صنهاجة كله)(76) جنّات وبساتين بجميع الثمار العجيبة والفواكه الطيبة، ولم يبق منها بهذا الحمى شيء (ثم تراجع الأمر في هذا الأعصار، وكثرت بها بساتين الفواكه والزيتون الذي في غاية الجودة / وكثرة الإصابة)(77).
وبمقربة من هذه المدينة قرى كثيرة، ومنازل وقصور، (ورباطات للعبّاد يطول تتبعها)(78)، وسكّانها بواد (متحضرة)(79) لهم زروع كثيرة، ومواش وأغنام، وأبقار، وإصابات كثيرة من الزروع، وبها زيتون كثير، يعتصر منه زيت طيّب يعمّ سائر بلاد إفريقية. (وقد اندرس أكثرها لاستيلاء مفسدو البوادي عليها، والمهدية قاعدة بلاد إفريقية وقطب مملكتها في سالف الزمن.
فأما زويلة فلم يبق لها أثر، وأما المدينة المعهودة فقد أخربها الإفرنج، على يد الحسن آخر الملوك الصنهاجيين (80) - حسبما يأتي ذلك إن شاء الله - وهي الآن تعد من القرى، وسيأتي لها مزيد بيان - إن شاء الله تعالى -) (81).
(73) يرجع للنقل من نزهة المشتاق بتصرف، انظر ص:109.
(74)
في ت: «وعندهم» .
(75)
بعدها أسقطنا جملة زائدة: «ولها خندق عظيم» . تخل بالمعنى الذي ورد في نزهة المشتاق ولأن المؤلف يكررها في النص فيما بعد.
(76)
اضافة من المؤلف عما هو موجود بنزهة المشتاق.
(77)
إضافة من المؤلف عما هو موجود بنزهة المشتاق.
(78)
اضافة من المؤلف عما هو موجود بنزهة المشتاق.
(79)
اضافة من المؤلف عما هو موجود بنزهة المشتاق.
(80)
كذا في ش وط وهو الصحيح أما في ت: «الحفاصة» .
(81)
ما بين القوسين اضافة من المؤلف عما هو موجود بنزهة المشتاق.