الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعمرو - رضي الله تعالى عنه - افتتح برقة وطرابلس وما قاربهما من المغرب الأدنى ومفاخر / عمرو بن العاص ومآثره - رضي الله تعالى عنه - وغزواته وفتوحاته مشهورة، وفي كتب السّير مسطورة.
غزوة عبد الله بن سعد بن أبي سرح:
ثم غزا المغرب بعد عمرو بن العاص أبو يحيى عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحسام القرشي العامري - رضي الله تعالى عنه - قال في «معالم الإيمان» (8) أسلم عبد الله قبل الفتح وهاجر وكان أخا لعثمان بن عفان من الرضاع وكان يكتب الوحي للنبيء صلى الله عليه وسلم وكان أحد العقلاء النّجباء من قريش، وكان فارس بني عامر، والمقدم فيهم، شهد فتح مصر، وكان صاحب ميمنة عمرو بن العاص في فتوحاته، ثم ولاّه عثمان غزو افريقية سنة سبع وعشرين (9)، فسار إليها من مصر، فدخلها في عشرين الفا من المسلمين فيهم جماعة من الصّحابة منهم العبادلة السبعة، ولذلك تسمى غزوة العبادلة، فنزل السّبخة التي في شرق القيروان، ولذلك يسمى ذلك المكان بباب عبد الله. قال:«وكانت وفاته سنة ست أو سبع وثلاثين (10) قبل اجتماع الناس على معاوية. قلت (11): واختلف أين توفي فقيل بإفريقية والصّحيح بعسقلان» . (12)
وقال: «روى الواقدي عن ربيعة بن عباد الدّيلي، قال: أغزانا عثمان - رضي الله تعالى عنه - افريقية، فخرجنا مع الناس حتى قدمنا مصر، فخرج عبد الله بن سعد بن أبي سرح - وهو أمير الناس - من مصر بمن كان معه وبمن قدم عليه من المدينة، فكانوا عشرين ألفا ونحن نريد بطريق / الروم من افريقية يقال له جرجير. كان قد غلب على ما هنالك من أرض المغرب فلما فصل عبد الله من مصر، كان يقدم الطلائع [والمقدمات
(8) معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان تأليف عبد الرحمان بن محمد الأنصاري الأسيدي الدّباغ (ت. 696 هـ - 1296) ينقل بتصرف.
(9)
647 - 648 م.
(10)
656 - 657 م.
(11)
كذا في المعالم.
(12)
أنظر ترجمة عبد الله بن سعد بن أبي سرح في معالم الإيمان 1/ 137 - 140. نشر مكتبة الخانجي بمصر 1968. تحقيق وتعليق ابراهيم شبوح.
أمامه، وكثيرا ما أكون في الطلائع] (13) فو الله إنا لبطرابلس، إذا مراكب قد أرست بالساحل، فشددنا عليهم، فأقاموا ساعة ثم استؤسروا، فكتّفناهم وهم مائة، حتى لحقنا ابن أبي سرح فقتلهم. وقد تحصّن منا أهل طرابلس، ولم يعرضوا لنا، فأخذنا ما في السّفن، فكانت هذه أول غنيمة أصبناها ونحن في وجهتنا، ثم لحق بنا الناس وأقاموا أياما، وكانت السّرايا في كل وجهة تأتي بالبقر والشاة والعلف، ثم تمادينا حتى وردنا افريقية فأقمنا أياما تجري بيننا وبين جرجير ملكهم الرّسل، ندعوه إلى الإسلام، وكلما دعوناه إلى الإسلام نخر (14)، ثم استطال وقال: لا أقبل هذا أبدا. فقلنا له: تخرج خراجا في كل عام، فقال: ولو سألتموني درهما واحدا لم أفعل، ثم إنا تهيأنا للقتال بعد الأعذار إليه فهيّأنا (15) عبد الله بن أبي سعد فجعل ميمنة وميسرة وقلبا، وسار بأصحابه فقال له رجل من قبط مصر كان معه: إن القوم لا يصافونك، وهم يهربون، فاجعل لهم كمينا وفرّقهم في أماكن ففعل ذلك عبد الله وغدا بنا على تعبئة، والروم قد رفعوا الصليب وعليهم من السلاح ما الله به عليم (16) ومعهم / من الخيل ما لا يحصى، فتصاولنا ساعة من النهار حتى صارت الشمس قدر رمحين أو أكثر، ثم حمل عبد الله بالناس وحملنا [معه] فكانت الهزيمة عليهم، وكرّ الكمين عليهم في كل مكان فأكثروا فيهم القتل والأسر، فطلبوا الصلح. فصالحهم عبد الله بن أبي سرح على خراج.
روي عن أسامة بن زيد [الليثي] أن الذي صالحهم عليه عبد الله بن سعد (17) ألفا ألف دينار.
وذكر بعض المؤرخين أن عبد الله بن سعد غزا افريقية في جماعة من الصّحابة.
فلقي جرجيرا في سبيطلة وهي مدينة على سبعين ميلا من القيروان، فقتل جرجيرا وهو في مائة ألف، وصالح ابن أبي سرح أهل الحصون وأهل المدائن على مائة ألف (18) رطل من الذهب.
(13) إضافة من المعالم ليستقيم المعنى، 1/ 34.
(14)
في الأصول: «نكص» والمثبت من المعالم.
(15)
في الأصول: «تهيانا» والمثبت من المعالم ليستقيم المعنى.
(16)
في الأصول: «أعلم» .
(17)
في الأصول: «عبد الله بن أبي سرح» والمثبت من معالم الإيمان.
(18)
في الأصول: «مائة ألف ألف» والمثبت من المعالم 1/ 35.
قال أبو عثمان سعيد بن عفير (19) في «تاريخه» : «لما سمعت الرّوم والأفارقة (20)، بخروج عبد الله بن سعد ووصوله إلى إفريقية، خرجوا إليه ومعهم جرجير في جمع من الرّوم.
فلما التقى بهم المسلمون بادر جرجير بالبراز، فبرز إليه عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم، فقتله ابن الزبير، ومنهم من قال قتلاه جميعا. ثم كانت الهزيمة، واتخذ المسلمون ذلك المنزل معسكرا ومنزلا، وأصابوا لهم غنائم كثيرة، وقسم عبد الله الفيء على الصحابة، فبلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار وسهم الرّاجل ألف دينار» (21) وتولى قسم الغنيمة / عبد الله بن عبّاس بن عبد المطلب - رضي الله تعالى عنهما - ونفل عبد الله ابن أبي سرح عبد الله بن الزبير ابنة جرجير لأنه قتل جرجيرا. وبلغ الخمس أربعمائة ألف دينار واجتمعت الرّوم بعد قتل جرجير إلى كورة من الكور حصينة (هو قصر الجم)(22) فسار إليهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح بمن معه (من المسلمين)(23) فصالحوه على ثلاثمائة قنطار (ذهبا وهي)(24) ألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار، فقبضها منهم وانصرف عنهم.
وسئل يومئذ بعض النّصارى من أين كثرت أموالكم؟ فبادر إلى شجرة زيتون كانت بين يديه فأخذ منها عودا وقال: من هذا جمعنا هذه الأموال، نصيب الزّيت فيأتينا أهل البحر والجزائر [والصحارى](25) فيبتاعونه منا، فمنه كثرت أموالنا».
ثم قال (26): وأقام ابن أبي سرح بسبيطلة، وهو الأمير على عسكره والحاكم بينهم، فلما رأى [الرّوم](27) الذين بالساحل ما حل بجرجير وأهل سبيطلة، غارت
(19) هو أبو عثمان سعيد بن كثير بن عفير، مصري من أصحاب مالك، كان علامة بأخبار الناس (147 - 226/ 764 - 840.841) عن محقق رياض النفوس للمالكي، دار الغرب الإسلامي، هامش 52، ص:19.
(20)
في نص معالم الإيمان: «الأزارقة» ، وكذا في الرياض وقال عنها المحقق في هامشه «ولعلها الأقارقة» وهي تسمية قديمة استعملها ابن عبد الحكم والبكري وغيرهما. أنظر هامش 1، 1/ 35.
(21)
في الأصول وفي معالم الإيمان: «مثقال» والمثبت من محقق معالم الإيمان اعتمادا على ابن عبد الحكم، فتوح مصر وإفريقية والأندلس. أنظر هامش 2، 1/ 35.
(22)
ما بين القوسين تفسير من المؤلف زائد عما هو موجود بمعالم الإيمان.
(23)
إضافة من المؤلف.
(24)
كذا في ط ومعالم الإيمان 1/ 35. في ت: «من الذهب وألف ألف».
(25)
إضافة من معالم الإيمان وفي مكانها من الأصول: «التجار» .
(26)
معالم الإيمان 1/ 42.
(27)
إضافة من معالم الإيمان 1/ 42.