الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردّها فيه (145)[ولا يحل لأمرئ](146) يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه» (147).
غزوة زهير بن قيس البلوي:
وتوفي رويفع بن ثابت ببرقة وهو وال عليها، وتوفي سنة ثلاث وخمسين (148) وقبره بها معروف (149). ولما بلغ أهل الشام وفاة عقبة بن نافع اجتمع (150) المسلمون إلى مروان ابن الحكم فسألوه أن يبعث الجيوش إلى إفريقية لخلاص من فيها من المسلمين من يد كسيلة وأن يعز بها الإسلام كما كان في أيام عقبة بن نافع، فقال لهم: ومن يوجد مثل عقبة؟ فاتفق رأيه ورأي المسلمين على زهير بن قيس البلوي (نسبته إلى بلي)(151) قبيلة من العرب /، كان - رضي الله تعالى عنه - من رؤساء العابدين - وأشراف المهاجرين، فوجه إليه عبد الملك يأمره بالخروج على أعنّة الخيل فيمن معه من المسلمين لغزو افريقية حتى يعود إليها الإسلام كما كان.
فلما اتصل ذلك بزهير سرّه وسارع إلى الجهاد، وكتب إلى عبد الملك يخبره بقلّة من معه من الرّجال وقلة الأموال، فأرسل عبد الملك رجال العرب وأشرافهم يحشدون عليه الناس من مدائن الشام (152) وأفرع عليه الأموال، فسارع الناس إلى الجهاد واجتمع منهم خلق كثير، فأمرهم أن يلحقوا بزهير، فلما وصلوا إليه خرج بهم إلى افريقية، فلما دنا من القيروان نزل بقرية يقال لها قلشانة (153)، وكان ذلك في سنة تسع وستين (154)،
(145) في الأصول: «ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يركبن دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردّها فيه» والمثبت من المعالم.
(146)
في مكانها في الأصول: «ومن كان» والمثبت من محقق المعالم.
(147)
ورد في السيرة النبوية لابن هشام، نشر دار الجيل، وقدمها وعلق عليها وضبطها طه عبد الرؤوف سعد ج 3 ص: 113 - 114.
(148)
672 - 673 م.
(149)
معالم الإيمان، من ترجمة رويفع بن ثابت 1/ 122 - 125.
(150)
النقل من 1/ 57 مع تغيير بسيط في بعض الكلمات.
(151)
تفسير من المؤلف.
(152)
في الأصول: «الناس» والمثبت من المعالم 1/ 57.
(153)
في المعالم: «قرشانة» .
(154)
688 - 689 م.
فبلغ ذلك كسيلة وكان في خلق عظيم من الرّوم والبربر، فدعا كبارهم وشاورهم في أمره، وقال لهم: إني رأيت أن أرحل إلى ممسّ (155) فأنزل عليها لأنّي أخاف إذا التقينا مع القوم (156) والتحم القتال أن يركبنا من في القيروان من المسلمين فنهلك، ولكن ننزل بعسكرنا على ممسّ (155) لأن ماءها كثير، فهو يحمل عسكرنا، فإن هزمناهم رحلنا (157) معهم لطرابلس وقطعنا آثارهم من الدّنيا وتكون افريقية لنا وفي ملكنا إلى آخر الدّهر، وإن هزمونا كان الجبل منا قريبا فتحصّنا به، فأجابوه إلى ذلك فرحل إلى ممسّ فنزل بها.
فبلغ ذلك زهيرا وكان ينتظر أن يخرج إليه من القيروان، فلما نزل كسيلة ممسّ رحل زهير بعسكره فنزل القيروان وأقام بها ثلاثة أيام / حتى استراح وأراح أصحابه خيلهم، ونظر إلى ما يعمل كسيلة فإذا به يريد (158) قتاله، فزحف إليه زهير يوم الأربعاء صباحا، فسار نهاره أجمع حتى أشرف على عسكر كسيلة في آخر النهار، فأمر الناس بالنزول فنزلوا، وبات الناس على مصافّهم، فلما أصبح زهير صلّى الصّبح غلسا ثم زحف إليه بمن معه، فالتقى الفريقان فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثر البلاء في الفريقين جميعا، فضرب الله في وجه (159) كسيلة فانهزم هو وأصحابه وقتلوا قتالا ذريعا، وأثخن العرب فيهم القتل، وقتل كسيلة بممسّ ولم يتجاوزها، وتمادت العرب في طلب أصحابه حتى سقوا خيلهم من ملويّة «واد بطنبة» (160) وأفنوا رجال الروم، وفتح شقبناريّة (161) وقلاعا [أخر](162) ثم رحل إلى القيروان وقد فزع منه جميع (163) الرّوم والبربر.
ثم إن زهيرا رأى من افريقية رفاهية العيش وملكا عظيما فأبى من المقام، وقال:
إنما قدمت إلى الجهاد ولم أقدم لحب الدنيا، - وكان - رضي الله تعالى عنه - من رؤساء
(155) في الأصول: «معسكر» والمثبت من المعالم 1/ 57.
(156)
في الأصول: «المسلمين» والمثبت من المعالم 1/ 58.
(157)
في المعالم: «دخلنا» .
(158)
في الأصول: «أراد» والمثبت من المعالم 1/ 58.
(159)
في الأصول: «وجوه» والمثبت من المعالم 1/ 58.
(160)
في المعالم: طنجة» وهو مستبعد.
(161)
ويقال شقبانريّة وهو تعريب لاسمها الروماني «Sicca Veneria» .
(162)
الرياض 1/ 47.
(163)
في الأصول: «فزع جمع» والمثبت من المعالم 1/ 58 والرياض 1/ 47.