الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لعبد الحق من الولد ادريس وعثمان وعبد الله ومحمد وأبو يحيى [أبو بكر](5) ويعقوب، فلمّا توفي عبد الحق تولى بعده ابنه عثمان ثم بعده محمد، ثم بعده أبو يحيى [أبو بكر] فمات حتف أنفه (6) بفاس في رجب سنة ست وخمسين وستمائة (7).
أبو يوسف يعقوب:
وولي بعده رابع الأخوة أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق، وهو الذي استخلص جميع ملك بني عبد المؤمن من المغرب الأقصى، وسبب ذلك ما تقدمت الاشارة إليه أنه لمّا تولى المرتضي من بني عبد المؤمن في آخر دولتهم كانت بينه وبين بني مرين وقائع وحروب فالتحق أبو دبوس آخر بني عبد المؤمن بسلطان المرينيين وانتدبه إلى اجتثاث المرتضي وعاهده على تسليم شطر ما يناله، فعقد له الجيوش وتحرك إلى آخر ما تقدم في انقراض دولة بني عبد المؤمن (8).
ولمّا تملّك أبو يوسف يعقوب المريني بمرّاكش (9) وجميع أملاك بني عبد المؤمن شاع صيته في الأقطار، وكان المسلمون بالأندلس في تلك المدّة عظمت فيهم نكاية عدو الدّين، وكان ملك الأندلس اذ ذاك محمد بن محمد بن نصر فاشتد عليه الالتحاق وذهبت عنه أوجه الحيل، فاستصرخ أبا يوسف يعقوب المريني المترجم، فأجاب / الدّاعي وابتدر الجهاد في أوائل عام اثنين وسبعين وستمائة (10)، فعبر البحر إلى جزيرة طريف، وعجّل السير إلى الوادي الكبير من قبل أن يسبق للروم التدبير، فقتل الكفّار في بطاحها، وعجل محمد بن نصر المسير إليه، وكان زعيم النّصارى ذا النّون (11) فاستعد
(5) أبو بكر: الاستقصا 3/ 9، ابن خلدون 3/ 31، والحلل السندسية 2/ 136، وفي تاريخ شمال افريقيا لشارل أندري جوليان: أبو يحيى أبو بكر، وهو كما قال السراج وجوليان أول من اشتهر من بني مرين.
(6)
يقصد مرضا.
(7)
جويلية - أوت 1258 م وهو التاريخ الذي اعتمده جوليان في تاريخ شمال افريقيا 2/ 165، وفي الحلل السندسية توفي سنة ثلاث وخمسين وستمائة، 2/ 136.
(8)
أنظر كتاب العبر 6/ 547 - 551.
(9)
دخلها فاتح سنة ثمان وستين وستمائة 1259 م. أنظر كتاب العبر 6/ 551.
(10)
1273 م، وفي تاريخ شمال افريقيا «كان خروج الصفوف المرينية الأولى إلى الأندلس في أفريل سنة 1275، ثم لحق بها أبو يوسف يعقوب مع بقية العسكر في 16 أوت من نفس السّنة» ، 2/ 170.
(11)
هو Don Nuno Gonzales de Para المشهور وهو أحد قواد جيوش «قشطيلية» ، تاريخ شمال افريقيا 2/ 170.
للقائهم وقد جمع من الجموع ما لا يعد، وكانت الوقعة على الرّوم بظاهر إستجة (12)، فاستأصل من الرّوم ما يفوق ثمانية آلاف، منهم زعيمهم ذا النّون، فقتل وطيف برأسه على البلاد، ثم قسّمت الغنائم في عساكر المسلمين، ثم توجّه إلى جهاد حمص (13) ثم إلى شريش ثم نزلوا بأعلى قرطبة فدوّخوا وأحرقوا وقطعوا آثار الكفر حيث وجد، ثم عبروا إلى الزهراء ثم نزلوا على جيّان ولمّا طوّع البلاد، ومهّد الأطواد، دخل بين أبي يوسف المريني وبين محمد بن نصر جماعة بالفساد، وذلك أن بني اشقيلولة (14) الرؤساء بمالقة ووادي آش وقراش كانوا قد خرجوا عن طاعة محمد بن نصر (15)، فلمّا جاز الأمير أبو يوسف إلى الأندلس لحقوا به ونصحوا له وأغروه بابن نصر سلطانهم فأفسدوا ما بين أبي يوسف، وابن نصر، وكان آخر أمرهم أن خرجوا له عن مدينة مالقة (16) فملّكوها السّلطان أبا يوسف، فولى عليها عاملا من قبله فضاق ذرع ابن نصر بذلك، وأعمل الحيلة في استنزال عامل (17) أبي يوسف بمال بذله وعوّضه عن مالقة بحصن شلوبانية (18)، ثم تدارك الله أمر المسلمين بصلاح ذات بينهم / واتصال أيديهم، ولولا فضل الله ورحمته لحلّ بابن نصر (19) ما حلّ بابن عبّاد من يوسف بن تاشفين، وتوفي السّلطان أبو يوسف المريني بالجزيرة الخضراء سنة خمس وثمانين وستمائة (20).
(12) في ط: «السجة» وفي ش: «ماسجة» والمثبت من معجم البلدان، قال ياقوت:«بالكسر ثم السكون، وكسر التاء فوقها نقطتان وجيم وهاء اسم لكورة بالأندلس متّصلة بأعمال ريّة بين القبلة والمغرب من قرطبة. . .» 1/ 174.
(13)
بالأندلس وهم يسمّون مدينة اشبيلية حمص، وذلك أن بني أميّة لمّا حصلوا بالأندلس وملكوها سمّوا عدة مدن بها بأسماء مدن الشّام، معجم البلدان 2/ 304.
(14)
أي أهل تلمسان.
(15)
المعروف بابن الأحمر وهو محمد بن يوسف بن نصر يدعى بالشيخ وولده المتولي بعده محمّد المعروف بالفقيه وهو الذي استنجد بالمرينيين للجهاد في الأندلس.
(16)
وكان ذلك في المرة الثانية التي رجع فيها أبو يوسف إلى الأندلس في سنة 1277 م، عن هذه الأحداث أنظر مثلا تاريخ شمال افريقيا 2/ 172.
(17)
هو عمر بن يحيى بن محلى.
(18)
وبذل له مالا أيضا وتنازل ابن محلى عن مالقة لابن الأحمر.
(19)
وابن نصر هذا كان متقلبا يميل مع الريح حيث مالت، ولا يستنكف من مصادقة النّصارى حفاظا على ملكه وخوفا من السلطان أبي يوسف، ولمّا بان له سوء نيّة النّصارى وتكالبهم على بلاد المسلمين بادر إلى الصّلح مع الأمير أبي يوسف المريني، ومن هذا يظهر أنه انتهازي وصولي تهمّه بالدرجة الأولى مصلحته الشخصيّة لا مصلحة الاسلام ومستقبل جزيرة الأندلس.
(20)
1286 - 1287 م.