الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحيى الميورقي يستمر في ثورته ويصده عنها النّاصر الموحدي ويفتكّ منه افريقية:
وبلغه في خلال ذلك أيضا عن أهل طرّة من بلاد نفزاوة ما أوجب أن ارتحل إليها، فأطلق أيدي الجند عليها فقتلوا كثيرا من أهلها وانتهبوا أموالهم، وأطلقوا النّار في بعض دورهم (107)، ثم انتقل إلى حامّة مطماطة، ووصله الخبر أن النّاصر نكب عن طريق تونس وأخذ على طريق قفصة في أتباعه، فانتقل إلى جبل دمّر متحصنا به، ووصل النّاصر إلى قفصة / فأقام بها أيّاما ثم توجّه إلى قابس مستفهما عن أخبار يحيى فعرف بانتقاله إلى جبل دمّر فولى على قابس بعض ولاته وتوجّه إلى المهديّة، (وكان الوالي عليها علي بن الغازي ابن عم يحيى)(108) فنزل عليها بجموعه ونصب عليها الآلات الحربيّة، وقدم في أثناء ذلك الشّيخ أبا محمد عبد الواحد بن أبي حفص لقتال الميورقي، فتوجّه الشّيخ أبو محمد بجيش ضخم إليه فأحب يحيى الفرار من الجبل إلى الصّحراء فشجعه أصحابه وحرّضوه على الثّبوت له فالتقيا، فكانت للشيخ أبي محمد الوقعة المعروفة بوقعة «تاجرا» (جبل قرب قابس)(109) فاستأصل فيها أكثر أجناد يحيى، وأجلت الحرب عن قتل أخيه جبارة، وكاتبه علي بن اللمطي، وعامل له يقال له «الفتح بن محمد» وفرّ يحيى في شرذمة قليلة، وكان قد قدم عياله وأهله على نحو خمسة فراسخ من المعركة فلمّا فرّ أخذهم بين يديه ولولا ذلك لسبوا، واستنقذ الشّيخ أبو محمد من يده السّيد أبا زيد حيا بعد أن ضربه الموكل به بسيفه ضربات قصد بها قتله فأعجل عن الاجهاز عليه، واستنقذ أيضا جماعة من الموحّدين سواه كانوا في يده وأخذ رايته السوداء، وأحاط الموحّدون بجميع ما في العسكر من الأموال والابل فانتهبوها، ورجع الشيخ أبو محمد بجميع ذلك إلى النّاصر وهو محاصر للمهديّة، وأركب الأمين الوكيل بثقاف الشّيخ أبي زيد على جمل سام شهرة له وبيده الرّاية السّوداء فطيف به (110) على المهديّة، وكانت الهزيمة ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة / اثنتين وستمائة (111)، ووضع (112)
(107) في الأصول: «دورها» والتصويب من الرحلة ص: 356.
(108)
زيادة عما بالرحلة.
(109)
تفسير من المؤلف.
(110)
في الأصول: «بها» والتصويب من رحلة التجاني ص: 358.
(111)
2 أكتوبر 1205 م.
(112)
في الرحلة: «ورفع» .
حمادى (113) المالقي المشهور بالابداع في قطع الكاغذ هذين البيتين مقطوعتين [في الكاغذ](114)
[وافر]
رأى (115) يحيى امام الحق (116) يأتي
…
ففرّ (117) أمام من وافى اليه
فشبهت الشقي بياء يرمى (118)
…
ولام الأمر قد دخلت عليه
وكمل (119) التبريز بالغنائم على ملاحظة من المحصورين بالمهديّة وهم مع ذلك مكذبون بهزيمة يحيى مفحشون في السّب، فألحّ النّاصر في قتالهم، وجمع المجانيق على جهة واحدة من السّور، حتى كثر الموت والجراحات فيهم وتحققوا انهزام يحيى فسقط في أيديهم وطلبوا الأمان فاستعفوا به ونزل علي بن الغازي وشيعته على أن يخلي سبيلهم ويسلموا البلد ويكونوا في أمان الموحّدين إلى أن يصلوا إلى يحيى حيث كان، وكان ذلك في السابع والعشرين من جمادى الأولى، فكان بين هزيمة «تاجرا» وفتح المهديّة أربعة وسبعون يوما.
وخرج علي بن الغازي من المهديّة بجملته وحاشيته فضرب أخبيته بقصر قراضة فبات هنالك تلك الليلة ثم دعته نفسه للدخول تحت طاعة الموحّدين، فبعث إلى النّاصر يعرفه بذلك ويقول الآن أطعت بعد أن صرت في حكم نفسي فاستحسن النّاصر ذلك منه واستدعاه وأحسن إليه وأنزله عنده، ووافق ذلك وصول [مملوك النّاصر](120) ناصح صاحب ديوان سبتة بالهدايا العظيمة التي جمعها في المدّة الطّويلة، وكان فيها ثوبان قد نسجا بأنواع الجواهر وجعلت فيهما أعلام من الياقوت والأحجار النفيسة (121) / فأمر النّاصر بحمل جميع تلك الهديّة إلى علي بن الغازي فمات ناصح (122) بأثر ذلك كمدا،
(113) في الأصول: «حماد» .
(114)
زيادة من الرحلة يقتضيها السياق.
(115)
في الأصول: «أرى» .
(116)
في الأصول: «الخلق» .
(117)
في الأصول: «يفر» .
(118)
في مختلف نسخ الرحلة: «يغرى» و «يقرى» و «يفرى» .
(119)
في الأصول: «وعمل» .
(120)
زيادة من رحلة التجاني للتوضيح.
(121)
في الأصول: «ياقوت وأحجار نفيسة» .
(122)
كذا في ط والرحلة، وفي ش:«ناصر» .