الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في صغره على ابن سلامة من طريق الدّاني وابن شريح، وقرأ أصول الفقه على ابن علوان (346)، وأصول الدّين على ابن سلامة وابن عبد السلام، والمعقول على الشّيخ الآبلي، وكان يثني عليه بخير هو والشريف التلمساني، وكان مجدا في الأمور الدّينية / والدنيوية، ولي امامة جامع الزيتونة، وابتدأ تصنيف المختصر الفقهي سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة (347)، وكمّله سنة ست وثمانين (348)، ومختصره المنطقي آية كبرى لم يتصد لشرحه ابتكارا غير الإمام أبي عبد الله سيدي محمد السنوسي التلمساني رحمه الله وحج سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة (349)، وكان كثير الصّوم والتّلاوة لكتاب الله، وكان مسعودا حتى في دنياه، موسعا عليه فيها مالا وجاها ونفوذ كلمة لمصادقة هذا السّلطان السعيد أبي فارس وأبيه - رحمهما الله تعالى -، ولما توفي تولى بعده الصّلاة بالجامع والخطبة والامامة والفتيا به بعد صلاة الجمعة نائبه الفقيه القاضي الغبريني (350).
حركة أبي فارس عبد العزيز داخل افريقية والمغرب:
وفي سنة أربع وثمانمائة (351) تحرّك السّلطان إلى بسكرة، فأقام ببئر الكاهنة مدّة حتى دبّر أمره، ثم ارتحل اليها وضاق أمر شيخها أحمد بن يوسف [ابن](352) مزني، ولم يبق غير الفرار والتّسليم، فدخل السّلطان بسكرة يوم السبت سابع جمادى الآخرة من السّنة المذكورة، فأقام بها مدّة وانصرف إلى حضرته، ورفع معه أحمد بن يوسف، وقدم على البلد قائدا من قوّاده بعد أن مضت لبني مزني بها المشيخة المستقلة نحو مائة وأربعين سنة، منها لأحمد هذا أربعون سنة (353).
وفي سنة سبع وثمانمائة (354) تحرّك السّلطان من تونس إلى غدامس.
(346) في الأصول: «ابن غلبون» والتصويب من تاريخ الدولتين ص: 121.
(347)
1370 - 1371 م.
(348)
1384 م.
(349)
1390 م.
(350)
تاريخ الدولتين ص: 121 - 122.
(351)
1401 - 1402 م.
(352)
في الأصول: «يوسف المزني» والتصويب من تاريخ الدولتين ص: 122.
(353)
تاريخ الدولتين ص: 122.
(354)
1404 - 1405 م.
وفي السّنة المذكورة توفي ببونة الفقيه الشهير / أبو عبد الله محمد المرّاكشي (355) المشهور بالضّرير، كان جيّد النّظم والنّثر.
وفي سنة ثمان وثمانمائة (356) توفي أبو زيد عبد الرحمان بن محمّد بن محمّد الشّهير «بابن خلدون» عن تسع وسبعين سنة دون شهر، وهو أستاذ العلاّمة بدر الدين الدماميني.
وفي ليلة الجمعة الثاني عشر لربيع الأول سنة تسع وثمانمائة (357) توفي قاضي قسنطينة أبو العباس أحمد بن الخطيب (358) شارح رسالة ابن أبي زيد وجمل الخونجي وغيرهما.
وفي سنة عشر وثمانمائة (359) خرج السّلطان أبو فارس من تونس بمحلّته للقاء الأمير أبي عبد الله محمّد ابن عمه المولى أبي يحيى زكرياء، وذلك أنه لما هزم الهزيمة الشنعاء سنة سبع وتسعين وسبعمائة (360) - حسبما مر تفصيلها - ركب - كما تقدم - من بونة بلده وقصد فاس مستصرخا صاحبها على السّلطان أبي فارس، فلما وقع على السّلطان وقعة عين الغدر (361) بين الحامّة ونفزاوة، فكاد السّلطان يتلف فيها لولا أن الله سلّم، وذلك كله من العرب (362) حكيم ومن شايعهم، فثبّته الله بعد الإشراف على السّقوط، وراجع فيها المرابط بن أبي صعنونة الأعراب للطاعة، وهربت منهم طائفة إلى صاحب فاس مستصرخين على أبي فارس، فبعث معهم الأمير أبا عبد الله محمّد (363) - المقدم الذكر - في جيش عظيم من جيوش بني مرين، وأمرهم أن لا يرجعوا إلى بلادهم إلاّ باذن أبي عبد الله محمّد حين لا تبقى له بهم حاجة. / فجاؤوا معه إلى أن وصلوا إلى اطراف عمالة بجاية، فوفد على الأمير أبي عبد الله هنالك عرب افريقية وأتوه طاعتهم، ووفد عليه شيخ حكيم، وهوّن عليه أمر افريقية، فلما رأى الأمير أبو عبد الله وفود العرب عليه وكثرتهم، أمر جيش بني مرين بالإنصراف فانصرفوا، وسار مع العرب فلقيه القائد
(355) في الوفيات لابن قنفد القسنطيني، تصحيح وتعليق هنري بيريس (ط. مصر) ص: 63 أنه توفي سنة 807 وابن قنفد أعرف بأخبار بني وطنه من غيره، وراجع نيل الابتهاج.
(356)
1405 - 1406 م.
(357)
27 أوت 1406 م.
(358)
المعروف بابن قنفد أيضا، وهو من الأعلام المكثرين من التآليف، ألّف في الفقه والفلك والتاريخ.
(359)
1407 - 1408 م.
(360)
1394 - 1395 م.
(361)
في الأصول: «القدر» والمثبت من تاريخ الدولتين ص: 123.
(362)
في تاريخ الدولتين: «عرب» .
(363)
كذا في ط وتاريخ الدولتين، وفي ش:«أبا محمد عبد الله» .
أبو النّصر ظافر بمحلّته، لأن السّلطان أبا فارس لما بلغه مجيء هذه الجيوش مع الأمير أبي عبد الله خشي على بجاية، فعقد عليها لأخيه زكرياء صاحب بونة فصرفه إليها، وصرف عنها القائد ظافر - المقدّم الذكر - فأمره بالخروج بالمحلّة للقاء الأمير أبي عبد الله محمّد، فالتقى الجمعان، فهزم أبو عبد الله محمّد القائد ظافرا وأخذ محلّته بجميع ما فيها، ثم سار الأمير أبو عبد الله لبجاية، فقام أهلها على الأمير زكرياء وأخرجوه منها، ففرّ في البحر، وملك الأمير أبو عبد الله بجاية، وعقد عليها لولده محمّد المنصور، وسار للقاء السّلطان أبي فارس، وسار أبو فارس بمن معه من العرب فمر ببجاية فأخذها بمداخلة بعض أهلها بعد أن قاتلها أيّاما وانبعثت أيدي العيث في ديار أهلها فانتهبت، وقبض أبو فارس على الأمير محمد المنصور وعلى كبار البلد كالاشبيليين، فبعث بهم إلى الحضرة فاعتقلوا بها، وعقد على بجاية لصاحبها، كان المولى أبي العباس أحمد ابن أخيه (364) المولى / أبي عبد الله خرج من بجاية للقاء أبي عبد الله محمّد، فلما التقى الجمعان تحوّل شيخ العرب المرابط ابن أبي صعنونة شيخ حكيم عن الأمير أبي عبد الله محمّد وتركه لعهد كان بينه وبين السّلطان على ذلك، فانهزم من كان مع الأمير أبي عبد الله محمّد، وفرّ هو بنفسه طالبا نجاته فلحقه خيل السّلطان بموضع يقال له بتيتة (365) جوفي بلد تامغزة فقتلوه ودفنت جثته هنالك، واحتزّ رأسه وأتي به إلى السّلطان أبي فارس، فبعث به رجلا من رجال الطّريق إلى مدينة فاس فعلّقه ليلا بباب المحروق بها فأصبح أهل فاس يتوارونه، وكان قتله أول محرم سنة اثنتي عشرة وثمانمائة (366).
وفي سنة ثلاث عشرة (367) أخذ السّلطان الجزائر صلحا من أهلها.
وفي يوم السبت السابع والعشرين لربيع الثاني من السنة المذكورة (368) توفي قاضي الجماعة الخطيب المدرس عيسى الغبريني، ودفن بالزلاج، وقدّم عوضه أبو يوسف يعقوب الزّغبي وقدّم لامامة الجامع والفتوى به الحافظ أبو القاسم البرزلي.
وفي سنة سبع عشرة وثمانمائة (369) توفي أبو عبد الله محمّد بن خلف (370) ألأبي بضم
(364) في الأصول: «بن أخي» .
(365)
في ش: «تبسة» وفي ط: «سبيبة» والتصويب من تاريخ الدولتين ص: 124.
(366)
16 ماي 1409 م.
(367)
1410 - 1411 م.
(368)
29 أوت 1410 م.
(369)
الصحيح أن الأبي توفي سنة 828.
(370)
ابن خلفة بكسر المعجمة وفتحها ثم لام ساكنة ثم بعدها فاء، نيل الإبتهاج ص: 287 نقلا عن الحافظ ابن حجر، البدر الطالع للشوكاني 2/ 169.