المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هولاكو وسقوط بغداد وانقراض الدولة العباسية: - نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار - جـ ١

[محمود مقديش]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة الكتاب

- ‌تمهيد:

- ‌المقدمة:

- ‌المقالة الأولى[في تحديد المغرب برا وبحرا وأسماء البلدان]

- ‌الباب الأولفي تحديد المغرب برا وبحرا

- ‌البحر المظلم:

- ‌الحدود البرية للمغرب:

- ‌حفر الزقاق:

- ‌المدّ والجزر:

- ‌حدود البحر الشامي:

- ‌الباب الثانيفي الكلام على ضبط بر المغرب الأقصى وما يليه من الغرب الأوسط وذكر ما فيه من البلاد والعباد

- ‌البربر وأصولهم وافريقية وتسميتها:

- ‌نول لمطة:

- ‌آزكّي:

- ‌سجلماسة:

- ‌درعة:

- ‌السّوس:

- ‌جبل درن:

- ‌أغمات وريكة:

- ‌مراكش:

- ‌نهر تانسيفت:

- ‌ أغمات أيلان

- ‌عود إلى ذكر مرّاكش:

- ‌الطريق من مرّاكش إلى أم ربيع:

- ‌آنقال:

- ‌مكول:

- ‌ايكسيس:

- ‌سلا:

- ‌فضالة:

- ‌الطريق من فضالة إلى آسفي:

- ‌آسفي:

- ‌مرسى ماست:

- ‌داي وتادلة:

- ‌الطريق من تادلة إلى‌‌ فاس:

- ‌ فاس:

- ‌ صفروي

- ‌قلعة مهدي:

- ‌مغيلة:

- ‌ مكناسة

- ‌بني تاورة:

- ‌السوق القديمة:

- ‌قصر عبد الكريم:

- ‌عود إلى ذكر فاس:

- ‌الطريق من فاس إلى تلمسان:

- ‌ تلمسان

- ‌الطريق من تلمسان إلى تنس:

- ‌تنس:

- ‌وهران:

- ‌المسيلة:

- ‌الطريق من وازلفن إلى مليانة:

- ‌مليانة:

- ‌الطريق من كزناية إلى المسيلة:

- ‌قلعة بني حمّاد وما جاورها:

- ‌قسنطينة وما جاورها:

- ‌جبل سحاو:

- ‌سوق بني زندوي:

- ‌جيجل:

- ‌مدن أخرى:

- ‌الجزائر:

- ‌تامدفوس:

- ‌مرسى الدّجاج:

- ‌تدلس:

- ‌بجاية:

- ‌الطريق من بجاية إلى القلعة:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌بلزمة:

- ‌حصن بشر:

- ‌سبتة:

- ‌الجزر والمدن والمراسي والمواقع الساحلية من سبتة إلى بونة:

- ‌ باغاية

- ‌توزر:

- ‌قفصة:

- ‌الطرقات من قفصة إلى ما جاورها:

- ‌ جبل نفّوسة

- ‌قابس:

- ‌صفاقس:

- ‌ قصر الجم

- ‌جمال:

- ‌المهدية:

- ‌نفزاوة:

- ‌ القيروان

- ‌تونس:

- ‌قرطاجنة:

- ‌بنزرت:

- ‌طبرقة:

- ‌باجة:

- ‌مرسى الخرز:

- ‌ بونة

- ‌الأربس:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌جزيرة باشو:

- ‌جبل زغوان:

- ‌جبل وسلات:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌طرابلس:

- ‌الطرقات من طرابلس إلى ما جاورها:

- ‌جبل دمر:

- ‌برقة

- ‌الطريق من برقة إلى العين:

- ‌الطريق من برقة إلى الإسكندرية:

- ‌الطريق الساحلي من بونة إلى نابل:

- ‌نابل:

- ‌الطريق الساحلي من نابل إلى سوسة:

- ‌سوسة:

- ‌الطريق الساحلي من سوسة إلى صفاقس:

- ‌جزيرة قرقنة:

- ‌الطريق الساحلي من صفاقس إلى جربة:

- ‌جربة:

- ‌الطريق الساحلي من جربة إلى لبدة:

- ‌لبدة:

- ‌الطريق الساحلي من لبدة إلى الإسكندرية:

- ‌ الإسكندرية

- ‌جغرافية الأندلس:

- ‌اليونان ودورهم بالأندلس:

- ‌طليطلة وما جاورها:

- ‌قرطبة:

- ‌المرية:

- ‌أقاليم الأندلس:

- ‌مدن ساحلية:

- ‌جزر البحر الشامي:

- ‌صقلية:

- ‌المقالة الثّانيةفي ذكر الخلافة وخلفاء الصّحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من خلفاء بني أميّة بالمشرق وفتوحات المغرب في أيّامهم

- ‌الباب الأولفي الخلافة وخلافة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة - رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌مفهوم الخلافة:

- ‌آدم عليه السلام أول الخلفاء:

- ‌كيومرث:

- ‌مهلائيل:

- ‌شيث وذريته:

- ‌ ادريس

- ‌إبراهيم وإبنيه:

- ‌العرب: طرف من أصلهم وبعض من أخبارهم:

- ‌ولاية الكعبة:

- ‌الخليفة الأكبر محمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌خلافة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌خلافة عثمان رضي الله عنه

- ‌خلافة علي رضي الله عنه

- ‌خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌يزيد:

- ‌بقية خلفاء بني أمية:

- ‌غزوات عمرو بن العاص:

- ‌غزوة عبد الله بن سعد بن أبي سرح:

- ‌ولاية معاوية بن خديج:

- ‌ولاية أبي المهاجر:

- ‌ولاية عقبة بن نافع وغزواته:

- ‌غزوة عقبة بن عامر الجهنّي:

- ‌غزوة رويفع بن ثابت:

- ‌غزوة زهير بن قيس البلوي:

- ‌ولاية حسان بن النعمان وغزواته:

- ‌فتح الأندلس:

- ‌بيت الحكمة بالأندلس:

- ‌تتمة الحديث عن فتح الأندلس:

- ‌ولاية عبد الله بن موسى بن نصير:

- ‌ولاية علي بن رباح:

- ‌المقالة الثّالثةفي ذكر خلفاء بني العبّاس وبعض أمرائهم بالعراق وأمرائهم بالمغرب

- ‌الباب الأولفي ذكر خلفاء بني العباس

- ‌قيام الدولة وخلافة أبي العباس السفّاح:

- ‌أبو جعفر المنصور:

- ‌محمد المهدي:

- ‌محمد موسى الهادي:

- ‌ هارون الرّشيد

- ‌محمد الأمين:

- ‌المأمون وقضية خلق القرآن:

- ‌المعتصم:

- ‌الواثق بالله:

- ‌المتوكل على الله:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌المعتز بالله:

- ‌المهتدي بالله:

- ‌المعتمد وحركة الزنج:

- ‌ المعتضد بالله

- ‌المكتفي بالله وظهور القرامطة:

- ‌المقتدر بالله وقيام أبي طاهر القرمطي:

- ‌القاهر بالله والراضي بالله:

- ‌المتقي بالله:

- ‌المستكفي بالله:

- ‌المطيع لله:

- ‌الطائع لله:

- ‌القادر بالله:

- ‌القائم بأمر الله:

- ‌المستظهر بالله:

- ‌المسترشد بالله:

- ‌الراشد بالله:

- ‌المقتفي لأمر الله:

- ‌المستنجد بالله:

- ‌المستضيء بالله:

- ‌الناصر لدين الله:

- ‌المستنصر بالله:

- ‌المستعصم بالله:

- ‌التتار:

- ‌هولاكو وسقوط بغداد وانقراض الدولة العباسية:

- ‌العباسيون بمصر:

- ‌تيمورلنك:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بعض أمراء بني العباس بالمشرق

- ‌ الصفارية

- ‌السامانيون:

- ‌الغزنويون:

- ‌السلاجقة:

- ‌الديلمية:

- ‌السلقدية:

- ‌الخوارزمية:

- ‌الباب الثالثفي مشاهير أمراء بني العبّاس بالمغرب

- ‌يزيد بن حاتم:

- ‌هرثمة بن أعين:

- ‌بداية بني الأغلب:

- ‌أبو العباس عبد الله:

- ‌زيادة الله:

- ‌أبو العباس محمد:

- ‌زيادة الله الأصغر:

- ‌أبو الغرانيق:

- ‌ابراهيم:

- ‌عبد الله بن ابراهيم:

- ‌المقالة الرّابعةفي ذكر ملوك الشّيعة بالمغرب وكيفيّة انتقالهم لمصر وما يتبع ذلك

- ‌عبيد الله المهدي وقيام الدّولة الفاطمية:

- ‌حركة القيروانيين المضادة للفاطميين:

- ‌أقوال بعضهم في الفاطميين والمجادلة حول رميهم بالكفر والزندقة وتبرئتهم منهما:

- ‌تأسيس المهديّة:

- ‌القائم وثورة أبي يزيد:

- ‌المنصور وفشل ثورة أبي يزيد:

- ‌المعز لدين الله وانتقال الفاطميين إلى مصر

- ‌الفاطميون بمصر:

- ‌المقالة الخامسةفي ذكر ملوك ضهاجة بالمغرب وصلاح الدّين بمصر

- ‌الباب الأولفي ذكر ملوك صنهاجة

- ‌زيري بن مناد:

- ‌بلكين بن زيري:

- ‌باديس:

- ‌المعزّ بن باديس: قطعه الدعوة للفاطميين واجتياح العرب افريقية

- ‌تميم بن المعز:

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌علي بن يحيى وابنه الحسن:

- ‌الباب الثانيفي ذكر دولة‌‌ نور الدين

- ‌ نور الدين

- ‌عماد الدّين اسماعيل:

- ‌عود إلى ذكر نور الدين:

- ‌الحملات الصليبية الأولى واستقرار الافرنج بالشام:

- ‌صلاح الدين وحروبه مع الصليبيين:

- ‌الملك الكامل والحروب الصليبية الخامسة:

- ‌الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب والحروب الصليبية السادسة

- ‌نهاية الأيوبيين:

- ‌المماليك بمصر:

- ‌المقالة السّادسةفي ذكر خلفاء بني أميّة بالأندلس وذكر الطوائف بعدهم

- ‌بنو أميّة:

- ‌ملوك الطوائف:

- ‌المقالة السّابعةفي ذكر ملوك لمتونة وهم الملثمون بالعدوة والأندلس

- ‌بداية المرابطين:

- ‌يوسف ابن تاشفين وحروبه الموفّقة في الأندلس:

- ‌نهاية المرابطين:

- ‌المقالة الثّامنةفي ذكر دولة الموحّدين وأمرائهم بالعدوة والأندلس وافريقية

- ‌الباب الأولفي أول ملوكها ومن بعده من الملوك

- ‌المهدي بن تومرت:

- ‌ عبد المؤمن

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌العادل:

- ‌المعتصم:

- ‌المأمون ومن ولي بعده إلى نهاية الدولة الموحدية:

- ‌الباب الثانيفي فتح عبد المؤمن للمهدية والبلاد الساحلية بعد استيلاء الافرنج عليها حسبما ذكره ابن الأثير وغيره من أئمة التاريخ

- ‌أسباب احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌هروب الحسن الصنهاجي والتقائه بعبد المؤمن:

- ‌احتلال النرمان لصفاقس والسّاحل:

- ‌انتفاض صفاقس وغيرها من المدن على النرمان:

- ‌عبد المؤمن يسير نحو افريقية ويخلصها من النرمان وتمتثل لطاعته:

- ‌الباب الثالثفي ذكر ثوار افريقية على الموحدين

- ‌ثورة بني غانية:

- ‌ثورة محمد بن عبد الكريم الرجراجي:

- ‌يحيى الميورقي يستولي على المهديّة وتونس وغيرهما:

- ‌يحيى الميورقي يستمر في ثورته ويصده عنها النّاصر الموحدي ويفتكّ منه افريقية:

- ‌نهاية قراقوش ويحيى الميورقي بن غانية:

- ‌المقالة التّاسعةفي ذكر دولة بني مرين وبني زيان وبني نصر

- ‌الباب الأولفي ذكر دولة بني مرين بالعدوة

- ‌عبد الحق بن محيو ومن ولي بعده:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو ثابت عامر:

- ‌أبو الربيع سليمان:

- ‌أبو سعيد عثمان:

- ‌أبو الحسن المريني ودخوله إلى تونس:

- ‌أبو عنان وأعماله بافريقية:

- ‌نهاية المرينيين:

- ‌السلطة بالمغرب الأقصى في عصر المؤلف:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بني زيّان ملوك تلمسان

- ‌يغمراسن:

- ‌عثمان ومن ولي بعده:

- ‌أبو تاشفين عبد الرحمان ودخوله تونس:

- ‌نهاية بني زيّان:

- ‌الباب الثالثفي ذكر دولة بني نصر بالأندلس

- ‌المقالة العاشرةفي ذكر دولة بني حفص بأفريقية

- ‌أبو محمد عبد الواحد

- ‌أبو العلا ادريس

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌المستنصر ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌الواثق:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم ابن أبي زكرياء:

- ‌الدّعي ابن أبي عمارة:

- ‌أبو حفص عمر ابن أبي زكرياء:

- ‌أبو عصيدة ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌أبو بكر الشهيد:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو يحيى زكرياء ابن اللحياني:

- ‌ محمّد أبو ضربة

- ‌أبو يحيى أبو بكر:

- ‌وفاة القاضي ابن قدّاح:

- ‌وفاة الفقيه محمد بن عبد الله بن راشد القفصي:

- ‌وفاة الفقيه عبد الله ابن البراء التنوخي:

- ‌وفاة الشّيخ علي بن منتصر الصدفي:

- ‌وفاة الشّيخ أبي حيان:

- ‌أبو حفص عمر بن أبي بكر والتنافس بين الحفصيين:

- ‌عود إلى ذكر تملك أبي الحسن المريني تونس وأعمالها وما وقع له بها:

- ‌الفضل بن أبي بكر:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم بن أبي بكر وابن تافراجين:

- ‌حركة أبي عنان المريني في اتجاه تونس:

- ‌عود إلى ذكر أبي اسحاق ابراهيم وابن تافراجين:

- ‌وفاة ابن تافراجين:

- ‌وفاة القاضي أبي القاسم بن سلمون البياسي:

- ‌وفاة أبي اسحاق ابراهيم:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو العباس أحمد ونزول النصارى بالمهدية:

- ‌أبو فارس عبد العزيز:

- ‌ترجمة الشّيخ ابن عرفة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز داخل افريقية والمغرب:

- ‌نزول النصارى بقرقنة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز بمالطة والمغرب الأوسط:

- ‌نزول النصارى بجربة ومواجهة أبي فارس لهم:

- ‌حركة أخرى بالمغرب الأوسط لأبي فارس ووفاته:

- ‌مزايا أبي فارس:

- ‌أبو عبد الله محمد المنتصر:

- ‌أبو عمرو عثمان ومن توفي في أيامه من المشايخ:

- ‌أبو زكرياء يحيى بن مسعود وعبد المؤمن بن ابراهيم:

- ‌محمد بن الحسن وتغلب النصارى على مواقع من افريقية:

- ‌الحسن بن محمد والتصارع العثماني الاسباني بافريقية:

- ‌درغوث باشا:

- ‌أحمد الحفصي واستمرار التصارع العثماني الإسباني:

- ‌محمد الحفصي: نهاية الدولة الحفصية والاستقرار العثماني بتونس:

- ‌تتمة من الناسخ:

الفصل: ‌هولاكو وسقوط بغداد وانقراض الدولة العباسية:

‌هولاكو وسقوط بغداد وانقراض الدولة العباسية:

فلمّا مات طولي خان قام مقامه ولده هولاكو خان (273)، وكان هولاكو أحد الدّجّالين الموعودين في الأخبار النبويّة، وكان كبار المغولية من المجوس أضلّوه وأعادوه بعد الإسلام إلى الملّة المجوسية فمال إليهم وأراد قلب الملّة الإسلامية إلى المجوسية، - ملّة أجداده والعياذ بالله -، فأراد الخروج على جميع البلاد الإسلامية، وسلّ السّيف على جميعها، فلمّا جلس على سرير الملك، قصد بغداد، وتواترت عليه الرسل من العلقمي ويطمعه في ملك بغداد، ويطالعه بأخبارها، ويعرّفه بصورة أخذها (274) وضعف الخليفة وانحلال العسكر، وصار يحسن للمستعصم توفير الخزانة وعدم الصّرف على العسكر والإذن لهم بالتفرّق والذهاب أين شاؤوا / ويقطع أرزاقهم ويشتّت شملهم، بحيث أذن مرّة لعشرين ألف مقاتل أن يذهبوا أين أرادوا، ووفّر علوفاتهم للخزانة، وأظهر للمستعصم أنه وفّر من علوفاتهم خزائن أموال عظيمة توفّرت في بيت المال، فأعجب المستعصم رأيه وتوفيره وكان يحبّ المال ويجمعه وما علم أنه يجمعه لعدوّه فزحف هولاكو على بلاد الإسلام بعسكر جرّار، لا يعلم عدده إلاّ الله، وكان أقوى سلاطين الإسلام أولاد السلطان علاء الدين خوارزم شاه، وكان أبوهم يملك من العراق إلى بلاد المشرق، وكانت له قوّة وشوكة وعسكر وافر وجند متكاثر، فقاتلهم هولاكو مرارا وهو يكسّرهم إلى أن قتلهم هولاكو وبدّد ومزّق جنودهم (275) وخيولهم قتلا وأسرا، واستباح كثيرا من بلاد الإسلام، وأهلك من فيها بالقتل العام، وصار هولاكو يجول (276) الدّيار والمستعصم ومن معه في غفلة عنه لإخفاء ابن العلقمي عنه سائر الأخبار إلى أن وصل هولاكو إلى بلاد العراق، واستأصل من بها قتلا وأسرا، وتوجّه إلى بغداد، وأرسل إلى الخليفة يطلبه إليه، فاستيقظ الخليفة من نوم الغرور (277) وندم على غفلته حيث لا ينفعه الندم،

(273) قام قبل هولاكو «منكوفان بن طولي» نفس المرجع.

(274)

كتاب العبر 5/ 1149.

(275)

في ت: «وبدّد شملهم، ومزّق جموعهم وجنودهم» .

(276)

كذا في ط وفي ش: «يجوز» .

(277)

بعدها في ت: «وصار حائر العقل مذهولا ما يعرف من أمره ولا يحسن ما يقول، وعلم أن الحيلة تمّت عليه، وذهب الملك من بين يديه، فصار متحيرا في أمره ولا يعرف ما يعمل في هذه المصيبة، فأرسل إلى كبراء دولته ووزرائه وأهل بيته وقال لهم: ما عندكم من الرأي في هذه الواقعة وكيف يكون انفصالها علينا وتزحزحها من =

ص: 282

وجمع من قدر عليه، وبرز إلى قتال هولاكو، فجمع من أهل بغداد وخاصة عبيده وخدّامه ما يقارب أربعين ألفا، لكنّهم مرفهون بلين الأنهار، ساكنون على شطّ بغداد في ظلّ ظليل، وماء معين / وفاكهة وشراب واجتماع أحباب وأصحاب، ما كابدوا حربا ولا دافعوا طعنا ولا ضربا، وعساكر التتار ينيفون على مائتي ألف مقاتل ما بين فارس وراجل، وسالب وباسل وفاتك وقاتل يثبون وثوب القردة، ويتشكّلون بأشكال المردة، يقطعون المسافات الطويلة في ساعات قليلة، ويخوضون الأوحال ويتعلّقون بالجبال، ويصبرون على العطش والجوع، ويهجرون الغمض والهجوع، ولا يبالون بالحرّ والبرد، والسّهل والوعر، والبرّ والبحر، طعامهم كفّ من شعير وشربهم (278) حما البير، يكاد أحدهم يتقوّت بطرف أذن فرسه يقصّها ويأكلها نيّة ويصبر على ذلك أياما عديدة، ويكتفي هو وفرسه بحشيش الأرض مدة مديدة، فوقع المصاف والتحم القتال، وأوقد نار الحرب والنزال، وزحف الجيش للجيش في يوم الخميس عاشر محرّم الحرام سنة نيف (279) وخمسين وستمائة، وثبت أهل بغداد مع ترفهم على حدّ السيوف، وصبروا على حرّ الحتوف، واستمرّوا كذلك من قبل الفجر إلى ادبار النهار، فعجزوا وفرغ الاصطبار فانكسروا شرّ انكسار، وولّوا الأدبار، وغرق كثير منهم في دجلة وقتل أكثرهم أفظع قتلة وأعقبهم التتار بالسّيف والنّار، ونهبوا الخزائن والأموال، فأخذ هولاكو بغداد (280) واحتوى على ذخائرها فاستصفى النّقد، وأمر بإحراق الباقي، ورموا كتب مدارس بغداد في بحر الدجلة، فكانت لكثرتها / جسرا، يمرّون عليها ركبانا ومشاة، وتغيّر لون الماء بمداد الكتابة إلى السواد، وكانت هذه الفتنة من أعظم مصائب الإسلام، وسيق المستعصم هو وأولاده وأمراؤه إلى هولاكو أسارى ذليلين، فقرأ: فسبحان المعزّ المذلّ القادر القاهر تعالى شأنه وعزّ سلطانه، فاستبقى هولاكو الخليفة أيّاما إلى أن استصفى أمواله وخزائنه وذخائره

= بين يدينا فقالوا له: يا أمير المؤمنين وخليفة ربّ العالمين أنت الذي فعلت تلك الأمور وتركت عساكرك ذهبت من بين يديك، وأخربت بيت شرفك حتى ذهبت جلالة الملك عليك ونحن وقت الذي نصحناك وقلنا لك سر في ملكك كما سارت آبائك ولا تسمع قول القائلين، وصن حرمتك وحسّن ملكك ودولتك فأبيت عن هذا الكلام واتّبعت كلام ذلك العلقمي الخائن الولهان، فلمّا سمع منهم ذلك الكلام فاق من نومه».

(278)

ج حمأة: الطين الأسود المنتن. قال الله تعالى مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ وفي كتاب المقصود والممدود لأبي علي القالي: «الحما» : الطين المتغير، تاج العروس لمحمد مرتضي الزبيدي، دار مكتبة الحياة بيروت لبنان 1/ 58.

(279)

في كتاب العبر: «ست وخمسون وستمائة» 1258 م.

(280)

في 20 محرّم، وعن أخذ بغداد أنظر كتاب العبر 5/ 1150. =

ص: 283

ودفائنه، ثم رمى رقاب أولاده دونه، وأمر أن يوضع الخليفة في غرارة وترفس إلى أن يموت، ففعل ذلك واستشهد رحمه الله يوم الأربعاء لأربع عشرة ليلة خلت من صفر سنة ست وخمسين وستمائة (281)، وكانت القتلى من أهل بغداد ما ينيف على ألفي ألف وثلاثمائة ألف وثلاثين ألفا (282) ممن قدّر الله له الشهادة من المؤمنين منهم ثلاثة عشر ألف فقيه وأقام القتل والنهب ببغداد نحو من ثمانين يوما، ثم أحضر هولاكو الوزير العلقمي وعاتبه وقال: يا خائن خنت أستاذك، لا يرجى منك صلاح، فقتله شرّ قتلة (283).

ثم ان هولاكو أراد قلب الملّة الإسلامية إلى المجوسية، فتدارك الله عباده بلطفه، قال البيضاوي في «تاريخه» إن الله منّ على عباده المؤمنين ببركة سيد المرسلين، فألهم بعض أوليائه بفيض فضله أن يظهر من كرامات الأمة المحمدية عند هولاكو، منهم أبو يعقوب، ومحمد خوجة، ورنبدي (284) - قدّس الله سرّهم - فوصلوا / حضرة هولاكو ودخلوا النّار وشربوا السّموم والنحاس المذاب، فلمّا عاين هولاكو الأمر كذلك رجع عن مذهب الكفر والزّندقة، وخاف من الأولياء وعظّم الملّة الإسلامية وأهلها وهلك من الكفرة المضلّة عند هولاكو من رهابين المجوس جماعة، لما دخلوا النار بأمر هولاكو فاحترقوا، وشربوا السموم فتمزّقوا، وهلك هولاكو بعلّة الصرع، فكان يعتريه في اليوم الواحد مرارا، فمرض ولم يزل ضعيفا نحو شهرين، وكانت وفاته في سابع ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وستمائة (285) ببلد مراغة، وكان عمره نحو ستين سنة.

وخلّف من الأولاد سبعة عشر ذكورا، وتولّى الملك بعده ولده أبغا، وقيل أخوه قبلاي (286) فامتدّت أيامه (287) إلى أن توفي سنة خمس وتسعين وستمائة (288)، وكان كرسيّ مملكته مدينة ماليق أم بلاد الخطأ، وكانت مدة ملك قبلاي اثنين وثلاثين سنة.

(281) 20 فيفري 1258 م.

(282)

في كتاب العبر: «ألف ألف وثلاثمائة ألف» 5/ 1150.

(283)

«استبقى هولاكو ابن العلقمي على الوزارة. . . فبقي على ذلك مدة ثم اضطرب وقتله» كتاب العبر 5/ 1150.

(284)

كذا في ش وت، في ط:«زبندي» .

(285)

جانفي 1265. وفي كتاب العبر: «اثنتين وستين» 5/ 1154.

(286)

لم يذكر ابن خلدون هذا الإحتمال، وجعل أبغا خليفة هولاكو، ومات في سنة 681 هـ - 1282 - 1283 م، وخلفه أخوه تكدار، ثم خلف تكدار أرغو بن أبغا الخ. . . أنظر كتاب العبر 5/ 1155 وما بعدها.

(287)

أي قبلاي كما نفهم من سياق الحديث، وهو عكس ما أثبته ابن خلدون كما أشرنا في الهامش السابق.

(288)

1295 م.

ص: 284