الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملوك الطوائف:
ولمّا تبدّد شمل الجماعة من بني أميّة جاءت دول (42) الطوائف، فقام بكلّ خطة من بلاد الأندلس ملك، فكان لكلّ ملك ما بيده، فضبط أشراف العملات أزمّة أمورهم، وركبوا ظهور غرورهم، فتنافسوا في انتحال الألقاب السّلطانية، / فأتوا بكلّ شنيعة (43)، فاقتسم أقطار الأندلس الطوائف.
فضبط (44) قرطبة بعد خلع المعتز (45) أبو الحزم بن جهور (46) ولتوفّر خصاله اجتمعوا (47) عليه فأعطوا القوس باريها، فحمل أمرهم من السياسة ومسالمة من يجاوره من الملوك، وتوفي أبو الحزم سادس محرّم سنة خمس وثلاثين وأربعمائة (48).
وولي مكانه ولده أبو الوليد (49)، فاقتفى سنن أبيه ولمّا أدركه الهرم استناب ولده عبد الملك (50)، فاشتغل باللهو، وطمع ابن ذي النّون في قرطبة، وتحرّك إليها فاستغاث (51) بنو جهور (46) بجارهم ابن عبّاد أمير إشبيلية، فوجّه إليهم عددا من جيشه لنظر وزيره فدخلها وحماها من ابن ذي النّون، فلمّا انصرف عنها ثار العبّاديون بعبد الملك بن جهور (46) واستولوا على المدينة في سنة اثنتين (52) وسبعين وأربعمائة (53).
وقام في حمص (54) بنو عبّاد وأول من ترأس منهم رئاسة السّيف (55) القاضي
(42) في الأصول: «دولة» .
(43)
كذا في ط وفي ش وت: «شيعة» .
(44)
في كتاب العبر 4/ 343: «استبد بقرطبة» .
(45)
في الأصول: «هشام» والمثبت من كتاب العبر.
(46)
في الأصول: «جوهر» وهو كما أثبتناه من كتاب العبر: «ابو الحزم جهور بن محمد بن جهور» انظر تتمة نسبه بالعبر 4/ 342 - 343. قال لسان الدّين بن الخطيب (م. سبق ذكره) ص: 147 «واتفق الملأ على اسناد الأمور بالحضرة إلى شيخ الجماعة وبقية الأشراف من بيوت الوزارة، أبي الحزم جهور بن محمد بن جهور» .
(47)
أي الجند الذين خلعوا المعتز.
(48)
15 أوت 1043 م.
(49)
أبو الوليد محمد.
(50)
لما مات أبو الوليد بن جهور بقرطبة غلب عليها الأمير المأمون صاحب طليطلة فدبرها إلى أن مات بها (انظر الكامل لابن الأثير 9/ 106).
(51)
في الأصول: «فاستخرج» والمثبت من كتاب العبر 4/ 344.
(52)
يوم الأحد لتسع بقين من شعبان سنة 461، أعمال الإعلام، ص:150.
(53)
1079 - 1080 م.
(54)
حمص بالأندلس هي اشبيلية، ومن أجداد القاضي أبو القاسم أول ملوك اشبيلية من بني عباد عاصف وهو الداخل إلى الأندلس في طوالع لخم وأصلهم من جند حمص، العبر 4/ 337.
(55)
ساقطة من ط.
أبو القاسم محمد بن عبّاد (56) بن محمّد بن اسماعيل بن قريش بن عبّاد، وكان رجل المغرب قاطبة، له الاشارة والصّيت، ولمّا انقرضت الدولة [الأموية] أسند إليه أهل قطره النّظر والتسديد، فاستبدّ بالأمر.
ولمّا توفي سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة (57) قام بالأمر ولده أبو عمرو عباد [وتلقّب]«المعتضد بالله» ، وهو أبعد ثوّار الأندلس همّة، وأشدّهم بأسا، وأفخمهم أثرا، جمع خزانة مملوءة من رؤوس الملوك (58) البائدين بسيفه، وكانت وفاته سنة احدى وستين وأربعمائة (59).
وولي بعده ولده محمد «المعتمد على الله» ، وعليه انقرض أمرهم / كما يأتي على يد يوسف بن تاشفين.
وقام بنو حمّود الادريسيين بقرطبة وسبتة وقد تقدّم خبرهم.
وقام بسرقطة [والثغر الأعلى] منذر (60)[بن يحيى التّجيبي](61) وكان كريما وهّابا للقصّاد. وتولّى بعد موته [ابنه يحيى وتلقّب المظفّر، ثم صارت إلى](62) سليمان بن هود الجذامي (63)، وله أعقاب لهم آثار وأخبار شهيرة، فكان من أعقابه آخرهم (64) محمّد ابن يوسف، فاستولى على مرسية، وملك منها الأندلس، وقام بدعوة العبّاسيين، وعليه كان قيام دولة بني نصر كما يأتي.
وقام ببطليوس الحاجب المنصور أبو بكر محمّد بن عبد الله بن مسلمة [التّجيبي](65) المدعو بابن الأفطس أصله من تجيب (66)، كان أديبا جليلا، وقال ابن حيان: كان
(56) أخذ المؤلف؟؟؟ يهم دولة يحيى بن عباد من ترجمة المعتمد بن عباد في وفيات الأعيان 5/ 21 - 39.
(57)
1041 - 1052 م.
(58)
«وتحصلت في خزائنه جملة من رؤوس ملوك البرابرة والأدارسة» . اعمال الاعلام: ص: 155.
(59)
1068 - 1069 م.
(60)
يحيى بن منذر بن يحيى: اعمال الاعلام ص: 170.
(61)
في الأصول: «وقام سرقسطة منذ الثغر» والمثبت من كتاب العبر 4/ 350.
(62)
اضافة للتوضيح من كتاب العبر 4/ 351.
(63)
هو «سليمان بن محمد بن هود» العبر 4/ 351.
(64)
بعد يوسف بن احمد المؤتمن تولى ابنه احمد المستعين بالله، ثم ولي بعده ابنه عبد الملك عماد الدولة ثم ولي بعده ابنه المستنصر بالله وعليه انقرضت دولتهم على رأس الخمسمائة فصارت بلادهم جميعا لابن تاشفين. أنظر مثلا الكامل لابن الأثير 9/ 108. تاريخ ابن خلدون 4/ 351 - 352.
(65)
اضافة من العبر.
(66)
أصله من قبائل مكناسة قال ابن حيان ومن النادر الغريب انتماؤه في تجيب (المصدر السالف، ص: 182).
عبد الله أبوه رجلا من مكناسة خدم سابور ببطليوس، وتغلّب عليه ثم ورثه ملكه، ثم أورثه المظفّر أبا بكر، ثم انتهى إلى عمر ولده، وكان من هلاكه وولده صبرا عندما تغلّب الملثمون على رؤساء الطوائف ما هو معروف.
وقام بغرناطة حبّوس (67) بن بلكّين (68) بن زيري بن مناد ملك عمّه الحاجب المنصور بن زيري بن مناد كورة إلبيرة (69) وما جاورها نحو سبع سنين، ثم رحل (70) عن الأندلس إلى بلاده عام عشرين وأربعمائة (71)، واستخلف ابن أخيه حبّوس بن بلكّين فتوسّع النّظر إلى أن مات، وولي بعده ولده باديس الحيّة الذكر، فضخم ملكه واشتهرت سطوته ودهاؤه.
وولي بعده حفيده عبد الله بن بلكّين بن باديس، فخلعه أمير الملثمين سنة ثلاث وأربعمائة (72)، وغربه إلى أغمات.
وقام بالجوف (73) / بنو ذي النّون (74)، وأوّل من ثار بطليطلة الحاجب الظّافر اسماعيل بن عبد الرحمان [بن ذي النّون](75) الملقّب بناصر الدّولة، ثم عهد إلى ابنه يحيى الملقّب بالمأمون ذي المجدين، ثم ملك بعده حفيده أيضا يحيى الملقّب «بالظافر» ومنه انتزع (76) الأدفونش (77) طليطلة.
وقام بالمرية النجيب ذو الوزارتين أبو الأحوص [المعتصم] معن بن محمد بن عبد الرحمان بن صمادح [التّجيبي](78) وكان رجل المشرق رأيا ودهاء ولسانا، وعارضه
(67) عن ملوك بني حبوس بغرناطة، انظر كتاب العبر 6/ 366 - 373.
(68)
لعل الصّواب بن ماكسن وكيف يكون متفقا في اسم الأب مع ابن أخيه حبوس الوارد ذكره بعد قليل.
(69)
في الأصول: «الفيرة» والمثبت من كتاب العبر 4/ 345.
(70)
واتصلت أيامه إلى أن هلك في رمضان سنة 429. وولي بعده الأمر ابنه باديس، أعمال الإعلام ص: 209.
(71)
1029 م.
(72)
1012 - 1013 م.
(73)
الجوف في لهجة الأندلسيين والمغاربة هو الشّمال، والمقصود هنا «بالجوف» الثغر الجوفي بطليطلة.
(74)
وابن الخطيب يسميهم بني دنّون، وقال:«هؤلاء الملوك برابرة من قبيل البربر الذين كانوا يخدمون الدّولة العامرية، وأن اسم جدهم الذي ينتسبون إليه زنّون، فغير بالدال لطول المدة» . أعمال الاعلام ص: 177. ولاحظ أ. ليفي بروفنسال في تعليق له على كلام ابن الخطيب أن مؤرخي ملوك الطوائف كابن حيّان وابن بسام وابن عفاري يسمونهم بني ذي النون، وهو تعريب اسم جدهم زفّون البربري.
(75)
أنظر كتاب العبر 4/ 350.
(76)
الصواب أن ابن ذي النون طلب من الأذفونش معاونته على العودة إلى طليطلة والتمكن منها لأن عليه مزية سابقة فشدد عليها الحصار إلى أن دخلها حفيد ذي النون.
(77)
الفنسو السادس (Alphonse VI).
(78)
انظر كتاب العبر 4/ 350.
ولي المريّة بعد زهير الصقلي، وقد خلفه عليها، فامتنع عنه بها، ثم تصير الأمر بعد إلى إبنه أبي يحيى محمّد، ومات زمن حصار الملثمين له، وفرّ ولده حسام (79) الدولة إلى العدوة الشرقية (80)، فاستقرّ بها في جملته.
وقام بنو طاهر بشاطبة وغيرها من شرق الأندلس، وقام طاهر وزعيم بينهم ذو الوزارتين أبو عبد الله ومدّ له في البقاء إلى أن أسّر عند التغلّب على بلنسية.
وقام ذو الرئاستين أبو مروان عبد الملك بن رزيق، ويدعى «حسام الدّولة» فاستبدّ بالسعلة - وهي بلد كبير وسط بين الثغر الأعلى منها والأدنى - شهير بالمنع.
وقام من الصقالبة عدة كانوا مماليك المنصور بن عامر الذي ولاّهم البلاد، ومنهم خيران ملك المريّة وما يليها، وزهير ومجاهد ملكا مدينة دانية، ومظفّر ومبارك ملكا بلنسية، وملك لبيب ما بعدهما.
ولمّا كثرت ملوك الطوائف اختلفت الكلمة، وتباينت الآراء، وانشقّت العصا، فصار أهل الدّين في أيدي عدوهم / قتلا ونهبا وأسرا، فاستولى الأدفونش على طليطلة أصل قاعدة الأندلس سنة ثمان وسبعين وأربعمائة (81)، وفي أخذها يقول أبو محمد عبد الله المعروف بابن العسال الطليطلي:
[بسيط] حثوا رواحلكم يا أهل أندلس
…
فما المقام بها الا من الغلط
السلك ينثر من أطرافه وأرى
…
سلك الجزيرة منثورا من الوسط
ومن جاور الشرّ لا يأمن عواقبه
…
كيف الحياة مع الحيات في سفط
وصار الخبيث متحكّما على المسلمين، وصاروا يؤدون له الضّرائب، ثم ردّها عليهم طمعا في البلاد الأندلسية بأسرها، فاتّسع الخرق على الرّاقع ولم ينقطع أمل الطّامع إلى أن دخلها يوسف بن تاشفين رحمه الله تعالى.
(79) معز الدولة ابن المعتصم بالله: أعمال الاعلام ص: 191.
(80)
يقصد الجزائر الشرقية بالاندلس جزائر البليار وأعمل الحيلة للخروج من جزيرة دانية من طريق البحر إلى أن ينزل بالجزائر حسب وصيّة والده، قال ابن الخطيب:«ونزل الجزائر على البخت وطائر اليمن إلى أن ملك بها وانقضت أيام بني صمادح» ، أعمال الأعلام ص:192.
(81)
1085 - 1086 م.