الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلمّا استولى عبد المؤمن على بجاية فرّ يحيى بن العزيز في البحر، وكان مراده التّوجه إلى برقة والنّفوذ من ذلك إلى بغداد لعلمه أن الخليفة العبيدي بمصر ينقم عليه (59) الخلع الأول، فلمّا وصل إلى بونة جعل الحارث يتأفّف منه ويؤنّبه على اهمال الملك فخرج منها يحيى إلى قسنطينة وبها اذ ذاك أخوه الحسن بن العزيز فأكرمه الحسن وتخلّى له عن الأمر فأقام بقسنطينة أياما يعمل رأيه إلى أن أناب الطاعة، ودخل في ولاية الموحدين، ووصل إلى الخليفة فأكرمه وأنزله مع ابن عمّه الحسن بن علي.
ثم كانت لعبد المؤمن على العرب الوقيعة المعروفة بوقيعة سطيف (60) هزم فيها طوائفهم، وطلع إلى الحضرة بجميع من حكم عليهم ومن جملتهم الحسن ويحيى فأسكنا في مرّاكش في مساكن حسنة ورفاهية ورزق جار، فلمّا كانت سنة ثمان وأربعين (61) وصل الخليفة إلى سلا (62) واستصحب يحيى معه فأسكنه بها / في قصور بني عشرة (63) وأقام بسلا (62) إلى أن مات هنالك ودفن في مقابرها الجوفية مما يلي البحر.
وأما الحسن فانه أقام بمرّاكش إلى أن عاد عبد المؤمن إليها وجعل يغريه بالحركة إلى افريقية ويحضه على استنقاذ المهدية من أيدي النّصارى» (64).
احتلال النرمان لصفاقس والسّاحل:
«ولمّا استقر جرجير (65) بالمهديّة سير أسطولا، بعد أسبوع، إلى مدينة صفاقس (66)، وسيّر أسطولا آخر إلى مدينة سوسة. قال التّجاني (67): «أما سوسة فان أهلها سمعوا خبر المهديّة، وكان واليها علي بن الحسن بن علي الأمير، فخرج إلى أبيه
(59) في الأصول: «عليهم» .
(60)
انظر عنها مثلا الكامل 11/ 185 - 186.
(61)
1153 - 1154 م.
(62)
في الأصول: «سلى» .
(63)
في ط: «كنزه» وفي ش: «عترة» والاصلاح من الرحلة ص: 344.
(64)
إلى هنا ينتهي النقل من رحلة التجاني ص: 342 - 343.
(65)
عن استقراره بالمهدية وارساله أسطولا إلى صفاقس وسوسة انظر الكامل 11/ 128.
(66)
في ابن الأثير: «سفاقس» كما كانت تكتب آنذاك.
(67)
ولم يقل ذلك التجاني وانما قاله ابن الأثير في الكامل 11/ 128، ولعل المؤلف انتقل ذهنه من النقل عن ابن الأثير إلى النقل عن التجاني بدون تنبه.
وخرج النّاس لخروجه، فدخلها الافرنج في [ثاني](68) عشر صفر بلا قتال، وأما صفاقس فان أهلها أتاهم (69) كثير من العرب فامتنعوا بهم، فقاتلهم الافرنج، وخرجوا لظاهر البلد، فأظهر الافرنج الهزيمة، وتبعهم النّاس حتى أبعدوا عن البلد، ثم عطفوا عليهم، فانهزم قوم إلى البلد وقوم إلى البرية، وقتل منهم جماعة، ودخل الافرنج البلد فملكوه بعد قتال شديد وقتلى كثيرة، وأسّر من بقي من الرجال وسبي الحريم، وذلك في الثالث والعشرين من صفر من السّنة المذكورة (70) لتملك الافرنج المهديّة، ثم نودي بالأمان، فعاد أهلها إليها، وافتكوا حريمهم وأولادهم (وسكن بالبلد طائفة من النّصارى الذين افتكوها فأمنوهم)(71) ورفقوا بهم وبأهل سوسة والمهديّة، وبعد ذلك وصلت كتب من لجار، (عليه غضب الجبار)(72) لجميع أهل افريقية بالأمان / والمواعيد الحسنة (طمعا في بقاء المسلمين تحت حكمه){وَيَأْبَى اللهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} (73) ولمّا استقرت أحوال الساحل سار جرجير (74) - اللعين - (75) في أسطول إلى قلعة اقليبية، وهي قلعة حصينة، فلمّا وصل إليها سمعت العرب فاجتمعوا إليه، ونزل إليهم الافرنج فاقتتلوا فانهزم الافرنج، وقتل منهم خلق كثير، فرجعوا خاسرين إلى المهديّة، وصار للافرنج من طرابلس الغرب إلى قريب تونس» (76).
وفي سنة ثمان وأربعين وخمسمائة (77) مات الخبيث لجار (78) - فعجل الله به إلى سخطه وعذاب النّار وبئس القرار -، وملك بعده ابنه اللعين غليالم (79) فكان فاسد الدّين والتدبير خرج عن حكمه عدة من حصون صقليّة.
(68) اضافة من ابن الأثير: الكامل، 11/ 128.
(69)
في الأصول: «أتاها» .
(70)
14 جويلية 1148 م.
(71)
زائدة عن الكامل، وفي ش:«فأمنوا لهم» .
(72)
زائدة.
(73)
سورة التوبة: 32.
(74)
جرجي في الكامل كما أشرنا.
(75)
زائدة.
(76)
وبعدها في الكامل: «ومن المغرب إلى دون القيروان» 11/ 129.
(77)
1153 - 1154 م.
(78)
انظر الكامل لابن الأثير 11/ 187 وهو روجار الثاني.
(79)
الملقب «بالسيء» لسوء سياسته.