المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌انتفاض صفاقس وغيرها من المدن على النرمان: - نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار - جـ ١

[محمود مقديش]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة الكتاب

- ‌تمهيد:

- ‌المقدمة:

- ‌المقالة الأولى[في تحديد المغرب برا وبحرا وأسماء البلدان]

- ‌الباب الأولفي تحديد المغرب برا وبحرا

- ‌البحر المظلم:

- ‌الحدود البرية للمغرب:

- ‌حفر الزقاق:

- ‌المدّ والجزر:

- ‌حدود البحر الشامي:

- ‌الباب الثانيفي الكلام على ضبط بر المغرب الأقصى وما يليه من الغرب الأوسط وذكر ما فيه من البلاد والعباد

- ‌البربر وأصولهم وافريقية وتسميتها:

- ‌نول لمطة:

- ‌آزكّي:

- ‌سجلماسة:

- ‌درعة:

- ‌السّوس:

- ‌جبل درن:

- ‌أغمات وريكة:

- ‌مراكش:

- ‌نهر تانسيفت:

- ‌ أغمات أيلان

- ‌عود إلى ذكر مرّاكش:

- ‌الطريق من مرّاكش إلى أم ربيع:

- ‌آنقال:

- ‌مكول:

- ‌ايكسيس:

- ‌سلا:

- ‌فضالة:

- ‌الطريق من فضالة إلى آسفي:

- ‌آسفي:

- ‌مرسى ماست:

- ‌داي وتادلة:

- ‌الطريق من تادلة إلى‌‌ فاس:

- ‌ فاس:

- ‌ صفروي

- ‌قلعة مهدي:

- ‌مغيلة:

- ‌ مكناسة

- ‌بني تاورة:

- ‌السوق القديمة:

- ‌قصر عبد الكريم:

- ‌عود إلى ذكر فاس:

- ‌الطريق من فاس إلى تلمسان:

- ‌ تلمسان

- ‌الطريق من تلمسان إلى تنس:

- ‌تنس:

- ‌وهران:

- ‌المسيلة:

- ‌الطريق من وازلفن إلى مليانة:

- ‌مليانة:

- ‌الطريق من كزناية إلى المسيلة:

- ‌قلعة بني حمّاد وما جاورها:

- ‌قسنطينة وما جاورها:

- ‌جبل سحاو:

- ‌سوق بني زندوي:

- ‌جيجل:

- ‌مدن أخرى:

- ‌الجزائر:

- ‌تامدفوس:

- ‌مرسى الدّجاج:

- ‌تدلس:

- ‌بجاية:

- ‌الطريق من بجاية إلى القلعة:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌بلزمة:

- ‌حصن بشر:

- ‌سبتة:

- ‌الجزر والمدن والمراسي والمواقع الساحلية من سبتة إلى بونة:

- ‌ باغاية

- ‌توزر:

- ‌قفصة:

- ‌الطرقات من قفصة إلى ما جاورها:

- ‌ جبل نفّوسة

- ‌قابس:

- ‌صفاقس:

- ‌ قصر الجم

- ‌جمال:

- ‌المهدية:

- ‌نفزاوة:

- ‌ القيروان

- ‌تونس:

- ‌قرطاجنة:

- ‌بنزرت:

- ‌طبرقة:

- ‌باجة:

- ‌مرسى الخرز:

- ‌ بونة

- ‌الأربس:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌جزيرة باشو:

- ‌جبل زغوان:

- ‌جبل وسلات:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌طرابلس:

- ‌الطرقات من طرابلس إلى ما جاورها:

- ‌جبل دمر:

- ‌برقة

- ‌الطريق من برقة إلى العين:

- ‌الطريق من برقة إلى الإسكندرية:

- ‌الطريق الساحلي من بونة إلى نابل:

- ‌نابل:

- ‌الطريق الساحلي من نابل إلى سوسة:

- ‌سوسة:

- ‌الطريق الساحلي من سوسة إلى صفاقس:

- ‌جزيرة قرقنة:

- ‌الطريق الساحلي من صفاقس إلى جربة:

- ‌جربة:

- ‌الطريق الساحلي من جربة إلى لبدة:

- ‌لبدة:

- ‌الطريق الساحلي من لبدة إلى الإسكندرية:

- ‌ الإسكندرية

- ‌جغرافية الأندلس:

- ‌اليونان ودورهم بالأندلس:

- ‌طليطلة وما جاورها:

- ‌قرطبة:

- ‌المرية:

- ‌أقاليم الأندلس:

- ‌مدن ساحلية:

- ‌جزر البحر الشامي:

- ‌صقلية:

- ‌المقالة الثّانيةفي ذكر الخلافة وخلفاء الصّحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من خلفاء بني أميّة بالمشرق وفتوحات المغرب في أيّامهم

- ‌الباب الأولفي الخلافة وخلافة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة - رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌مفهوم الخلافة:

- ‌آدم عليه السلام أول الخلفاء:

- ‌كيومرث:

- ‌مهلائيل:

- ‌شيث وذريته:

- ‌ ادريس

- ‌إبراهيم وإبنيه:

- ‌العرب: طرف من أصلهم وبعض من أخبارهم:

- ‌ولاية الكعبة:

- ‌الخليفة الأكبر محمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌خلافة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌خلافة عثمان رضي الله عنه

- ‌خلافة علي رضي الله عنه

- ‌خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌يزيد:

- ‌بقية خلفاء بني أمية:

- ‌غزوات عمرو بن العاص:

- ‌غزوة عبد الله بن سعد بن أبي سرح:

- ‌ولاية معاوية بن خديج:

- ‌ولاية أبي المهاجر:

- ‌ولاية عقبة بن نافع وغزواته:

- ‌غزوة عقبة بن عامر الجهنّي:

- ‌غزوة رويفع بن ثابت:

- ‌غزوة زهير بن قيس البلوي:

- ‌ولاية حسان بن النعمان وغزواته:

- ‌فتح الأندلس:

- ‌بيت الحكمة بالأندلس:

- ‌تتمة الحديث عن فتح الأندلس:

- ‌ولاية عبد الله بن موسى بن نصير:

- ‌ولاية علي بن رباح:

- ‌المقالة الثّالثةفي ذكر خلفاء بني العبّاس وبعض أمرائهم بالعراق وأمرائهم بالمغرب

- ‌الباب الأولفي ذكر خلفاء بني العباس

- ‌قيام الدولة وخلافة أبي العباس السفّاح:

- ‌أبو جعفر المنصور:

- ‌محمد المهدي:

- ‌محمد موسى الهادي:

- ‌ هارون الرّشيد

- ‌محمد الأمين:

- ‌المأمون وقضية خلق القرآن:

- ‌المعتصم:

- ‌الواثق بالله:

- ‌المتوكل على الله:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌المعتز بالله:

- ‌المهتدي بالله:

- ‌المعتمد وحركة الزنج:

- ‌ المعتضد بالله

- ‌المكتفي بالله وظهور القرامطة:

- ‌المقتدر بالله وقيام أبي طاهر القرمطي:

- ‌القاهر بالله والراضي بالله:

- ‌المتقي بالله:

- ‌المستكفي بالله:

- ‌المطيع لله:

- ‌الطائع لله:

- ‌القادر بالله:

- ‌القائم بأمر الله:

- ‌المستظهر بالله:

- ‌المسترشد بالله:

- ‌الراشد بالله:

- ‌المقتفي لأمر الله:

- ‌المستنجد بالله:

- ‌المستضيء بالله:

- ‌الناصر لدين الله:

- ‌المستنصر بالله:

- ‌المستعصم بالله:

- ‌التتار:

- ‌هولاكو وسقوط بغداد وانقراض الدولة العباسية:

- ‌العباسيون بمصر:

- ‌تيمورلنك:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بعض أمراء بني العباس بالمشرق

- ‌ الصفارية

- ‌السامانيون:

- ‌الغزنويون:

- ‌السلاجقة:

- ‌الديلمية:

- ‌السلقدية:

- ‌الخوارزمية:

- ‌الباب الثالثفي مشاهير أمراء بني العبّاس بالمغرب

- ‌يزيد بن حاتم:

- ‌هرثمة بن أعين:

- ‌بداية بني الأغلب:

- ‌أبو العباس عبد الله:

- ‌زيادة الله:

- ‌أبو العباس محمد:

- ‌زيادة الله الأصغر:

- ‌أبو الغرانيق:

- ‌ابراهيم:

- ‌عبد الله بن ابراهيم:

- ‌المقالة الرّابعةفي ذكر ملوك الشّيعة بالمغرب وكيفيّة انتقالهم لمصر وما يتبع ذلك

- ‌عبيد الله المهدي وقيام الدّولة الفاطمية:

- ‌حركة القيروانيين المضادة للفاطميين:

- ‌أقوال بعضهم في الفاطميين والمجادلة حول رميهم بالكفر والزندقة وتبرئتهم منهما:

- ‌تأسيس المهديّة:

- ‌القائم وثورة أبي يزيد:

- ‌المنصور وفشل ثورة أبي يزيد:

- ‌المعز لدين الله وانتقال الفاطميين إلى مصر

- ‌الفاطميون بمصر:

- ‌المقالة الخامسةفي ذكر ملوك ضهاجة بالمغرب وصلاح الدّين بمصر

- ‌الباب الأولفي ذكر ملوك صنهاجة

- ‌زيري بن مناد:

- ‌بلكين بن زيري:

- ‌باديس:

- ‌المعزّ بن باديس: قطعه الدعوة للفاطميين واجتياح العرب افريقية

- ‌تميم بن المعز:

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌علي بن يحيى وابنه الحسن:

- ‌الباب الثانيفي ذكر دولة‌‌ نور الدين

- ‌ نور الدين

- ‌عماد الدّين اسماعيل:

- ‌عود إلى ذكر نور الدين:

- ‌الحملات الصليبية الأولى واستقرار الافرنج بالشام:

- ‌صلاح الدين وحروبه مع الصليبيين:

- ‌الملك الكامل والحروب الصليبية الخامسة:

- ‌الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب والحروب الصليبية السادسة

- ‌نهاية الأيوبيين:

- ‌المماليك بمصر:

- ‌المقالة السّادسةفي ذكر خلفاء بني أميّة بالأندلس وذكر الطوائف بعدهم

- ‌بنو أميّة:

- ‌ملوك الطوائف:

- ‌المقالة السّابعةفي ذكر ملوك لمتونة وهم الملثمون بالعدوة والأندلس

- ‌بداية المرابطين:

- ‌يوسف ابن تاشفين وحروبه الموفّقة في الأندلس:

- ‌نهاية المرابطين:

- ‌المقالة الثّامنةفي ذكر دولة الموحّدين وأمرائهم بالعدوة والأندلس وافريقية

- ‌الباب الأولفي أول ملوكها ومن بعده من الملوك

- ‌المهدي بن تومرت:

- ‌ عبد المؤمن

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌العادل:

- ‌المعتصم:

- ‌المأمون ومن ولي بعده إلى نهاية الدولة الموحدية:

- ‌الباب الثانيفي فتح عبد المؤمن للمهدية والبلاد الساحلية بعد استيلاء الافرنج عليها حسبما ذكره ابن الأثير وغيره من أئمة التاريخ

- ‌أسباب احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌هروب الحسن الصنهاجي والتقائه بعبد المؤمن:

- ‌احتلال النرمان لصفاقس والسّاحل:

- ‌انتفاض صفاقس وغيرها من المدن على النرمان:

- ‌عبد المؤمن يسير نحو افريقية ويخلصها من النرمان وتمتثل لطاعته:

- ‌الباب الثالثفي ذكر ثوار افريقية على الموحدين

- ‌ثورة بني غانية:

- ‌ثورة محمد بن عبد الكريم الرجراجي:

- ‌يحيى الميورقي يستولي على المهديّة وتونس وغيرهما:

- ‌يحيى الميورقي يستمر في ثورته ويصده عنها النّاصر الموحدي ويفتكّ منه افريقية:

- ‌نهاية قراقوش ويحيى الميورقي بن غانية:

- ‌المقالة التّاسعةفي ذكر دولة بني مرين وبني زيان وبني نصر

- ‌الباب الأولفي ذكر دولة بني مرين بالعدوة

- ‌عبد الحق بن محيو ومن ولي بعده:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو ثابت عامر:

- ‌أبو الربيع سليمان:

- ‌أبو سعيد عثمان:

- ‌أبو الحسن المريني ودخوله إلى تونس:

- ‌أبو عنان وأعماله بافريقية:

- ‌نهاية المرينيين:

- ‌السلطة بالمغرب الأقصى في عصر المؤلف:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بني زيّان ملوك تلمسان

- ‌يغمراسن:

- ‌عثمان ومن ولي بعده:

- ‌أبو تاشفين عبد الرحمان ودخوله تونس:

- ‌نهاية بني زيّان:

- ‌الباب الثالثفي ذكر دولة بني نصر بالأندلس

- ‌المقالة العاشرةفي ذكر دولة بني حفص بأفريقية

- ‌أبو محمد عبد الواحد

- ‌أبو العلا ادريس

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌المستنصر ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌الواثق:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم ابن أبي زكرياء:

- ‌الدّعي ابن أبي عمارة:

- ‌أبو حفص عمر ابن أبي زكرياء:

- ‌أبو عصيدة ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌أبو بكر الشهيد:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو يحيى زكرياء ابن اللحياني:

- ‌ محمّد أبو ضربة

- ‌أبو يحيى أبو بكر:

- ‌وفاة القاضي ابن قدّاح:

- ‌وفاة الفقيه محمد بن عبد الله بن راشد القفصي:

- ‌وفاة الفقيه عبد الله ابن البراء التنوخي:

- ‌وفاة الشّيخ علي بن منتصر الصدفي:

- ‌وفاة الشّيخ أبي حيان:

- ‌أبو حفص عمر بن أبي بكر والتنافس بين الحفصيين:

- ‌عود إلى ذكر تملك أبي الحسن المريني تونس وأعمالها وما وقع له بها:

- ‌الفضل بن أبي بكر:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم بن أبي بكر وابن تافراجين:

- ‌حركة أبي عنان المريني في اتجاه تونس:

- ‌عود إلى ذكر أبي اسحاق ابراهيم وابن تافراجين:

- ‌وفاة ابن تافراجين:

- ‌وفاة القاضي أبي القاسم بن سلمون البياسي:

- ‌وفاة أبي اسحاق ابراهيم:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو العباس أحمد ونزول النصارى بالمهدية:

- ‌أبو فارس عبد العزيز:

- ‌ترجمة الشّيخ ابن عرفة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز داخل افريقية والمغرب:

- ‌نزول النصارى بقرقنة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز بمالطة والمغرب الأوسط:

- ‌نزول النصارى بجربة ومواجهة أبي فارس لهم:

- ‌حركة أخرى بالمغرب الأوسط لأبي فارس ووفاته:

- ‌مزايا أبي فارس:

- ‌أبو عبد الله محمد المنتصر:

- ‌أبو عمرو عثمان ومن توفي في أيامه من المشايخ:

- ‌أبو زكرياء يحيى بن مسعود وعبد المؤمن بن ابراهيم:

- ‌محمد بن الحسن وتغلب النصارى على مواقع من افريقية:

- ‌الحسن بن محمد والتصارع العثماني الاسباني بافريقية:

- ‌درغوث باشا:

- ‌أحمد الحفصي واستمرار التصارع العثماني الإسباني:

- ‌محمد الحفصي: نهاية الدولة الحفصية والاستقرار العثماني بتونس:

- ‌تتمة من الناسخ:

الفصل: ‌انتفاض صفاقس وغيرها من المدن على النرمان:

‌انتفاض صفاقس وغيرها من المدن على النرمان:

فلمّا كانت سنة احدى وخمسين وخمسمائة (80) يسّر تعالى خلاص معظم البلاد، فأول ما أنقذ من بلاد افريقية صفاقس (81)، فأظهروا مخالفة الكفار، وتبعهم النّاس، وخالفت جربة وقرقنة وطرابلس وقابس وغيرها، وكيفية اظهار صفاقس الخلاف أن لجار - لعنه الله - لمّا تغلّب على البلاد طلب الرّهائن من البلدان فمن جملة رهائن صفاقس الشّيخ الولي الصالح العالم سيدي أبو (82) الحسن علي الفرياني، بعد ما طلبوه أن يكون هو مقدم البلاد، فادّعى العجز، وأقيم ولده الشيخ سيدي عمر رحمه الله فجعل مقدما، «ولمّا أرادوا الخروج لصقليّة قال الشيخ أبو الحسن (83) لولده: «يا بني أنا كبير السنّ / وقد قرب (84) أجلي، فمتى أمكنتك الفرصة في الخلاف على العدو فافعل ولا تراقبهم ولا تنظر الي فاني أقتل، وأحسب أني قد متّ. فلمّا وجد الشّيخ عمر فرصة دعا أهل المدينة إلى مخالفة الافرنج وجميع النّصارى، وقال: ليطلع منكم جماعة إلى السّور، وجماعة إلى مساكن الافرنج والنّصارى، جميعهم وليقتلوهم، فقالوا له: إن الشيخ والدك نخاف عليه، فقال: هو أمرني بهذا، واذا قتل بالشيخ ألوف من الأعداء فما مات، فلم تطلع الشّمس حتى قتل الافرنج عن آخرهم، وكان ذلك أول السّنة المذكورة، (وذلك أوائل يناير)(85)(وما قاموا عليهم حتى جعلوا صهريجا تحت الأرض شرقي المسجد الأعظم (86) في صورة مخزن للماء، وصاروا كل ليلة ينزلون إليه لعمل السّلاح، والى الآن يسمّونه ماجل الصّاغة، وكان بابه مكشوفا، فلمّا أحدثوا السّاباط الشّرقي (87) من المسجد للموازين، وجعلوا هناك حانوتا صار بجانبه، وهو تحت الطّريق

(80) 1156 - 1157 م.

(81)

قال ابن الأثير: «فلما كان هذه السنة قوي طمع الناس فيه، فخرج عن طاعته جزيرة جربة وجزيرة قرقنة، وأظهروا الخلاف عليه وخالف عليه أهل افريقية، فأول من أظهر الخلاف عليه عمر بن أبي الحسن الفرياني بمدينة سفاقس. . .» 11/ 203.

(82)

انظر الكامل لابن الأثير 11/ 203 - 204 ورحلة التجاني 75 عند الكلام عن صفاقس، وتاريخ ابن خلدون 6/ 344 - 345.

(83)

الذي في ابن خلدون أنه كتب إلى ابنه عمر من صقلية، المؤلف تابع فيما يبدو لابن الأثير.

(84)

في الأصول: «وقد قارب أجلي» .

(85)

زيادة عما في ابن الأثير.

(86)

يوجد هذا المسجد ويسمى «الجامع الكبير» في قلب المدينة المسورة طبقا لتخطيط المدن العربية الاسلامية.

(87)

جزء مغطى من الشارع ويسمى الرّمانة نسبة إلى الات الوزن التي كانت تسمى كذلك، وما يزال هذا الإسم قائما وان تغيرت خلال هذا القرن مهمة الساباط المشار إليه.

ص: 491

من جهة شرق المسجد، ولما جاءن ليلة يناير عيد النصارى (88)، أظهروا معهم الفرج بموسم النصارى، وأمروا بطبخ الفول في كلّ دار، وجعلوا جماعة يدورون على الدّور في صورة شحّاتين يشحتون الفول، وأمر كل صاحب دار أن يخرج من الفول بقدر ما عنده من الرّجال، فجمعوا ما تحصّل وعدّوه وعرفوا ما عندهم، وأعطوا كل أحد من السّلاح بقدر ما أعطاهم من الفول (89)، وأحدثوا لعبا سموه لعب ضرب النّار (90) والى الآن يلعبن به الأصاغر ولما أتقنوا / وجه الحيلة مالوا على الكفرة ليلا، فلم تطلع الشمس حتى قتل الكفار عن آخرهم كما تقدم) (91) «وتبعهم أبو يحيى بن مطروح (92) بطرابلس ثم محمد بن رشيد بقابس، (ولم يبق تحت حكم الكفار غير المهديّة وزويلة)(93) فأرسل الشيخ سيدي عمر بن علي الفرياني إلى زويلة يحرّضهم على الوثوب على من معهم فيها من النّصارى، ففعلوا ذلك، وقدم عرب البلاد إلى زويلة، فأعانوا أهلها على من بالمهديّة من الافرنج، وقطعوا الميرة على المهديّة، فلما اتّصل الخبر بغليالم أحضر الشّيخ أبا الحسن، وعرّفه بما فعل ولده، وأمره أن يكتب إليه ينهاه عن ذلك، ويأمره بالعود إلى طاعته، ويخوّفه عاقبة فعله، فقال له الشّيخ: من أقدم على هذا لا يرجع بكتاب، فأرسل غليالم

(88) ما نسميه اليوم «عيد رأس السّنة الميلادية» وجاء في الحلل السندسية للوزير السراج «حسب زعم الروم ان أول يوم منه (أي يناير) هو سابع مولد المسيح وأنه يوم ختانه وهو من أكبر أعيادهم» 1/ 182.

(89)

طبخ الفول بمناسبة رأس السنة المسيحية حسب تقويم يوليوس قيصر عادة بربرية قديمة، وما زالت موجودة إلى الآن ويسمونها الحاجوجة ويطلقونها أيضا على نفس الليلة الجديدة من رأس العام وكلمة حاجوجة محرفة عن كلمة الحاجوز فاعول بمعنى فاعل كفاروق بمعنى فارق وتطلق هذه اللفظة على الليلة الأولى من السنة الجديدة لأنها تحجز بين السنة القديمة والجديدة وجاء في التقويم الشمسي لخارطة علي بن محمد الشرفي الصفاقسي المحفوظة بالمكتبة الوطنية بباريس بالقسم العربي تحت عدد 2278 «وأول ليلة منه (أي يناير) ليلة العجوز وتسمى الحاجوز لأنها تحجز بين السنة والسنة» وانفرد علي الشرفي بادماج حاجوز في معنى العجوز واعتبر العجوز ليلة واحدة بينما يرى الوزير السراج في الحلل السندسية 1/ 85 ويرى الزبيدى في تاج العروس 4/ 49 وغيرهم أن أيام العجوز سبعة أيام ابتداء من السادس والعشرين من فيفري وأنها سميت كذلك لأنها عجز الشتاء.

(90)

لعب ضرب النار عادة بربرية قديمة أيضا بقي أثرها بمناسبة الاحتفال بموسم عاشوراء. أنظر: بلاد البربر الشرقية في عصر الزيريين، مصدر سبق ذكره 1/ 381.

(91)

ما بين القوسين لم يذكره المؤرخون المتقدمون كالتجاني وابن الأثير وابن خلدون ولعل المؤلف تلقّنه من الروايات الشعبية الشائعة في عصره.

(92)

كذا في الأصول وفي «ليبيا منذ الفتح العربي» لأتوري روسي ص: 88 وفي «طرابلس الغرب» لمحمد ناجي ومحمد نوري ص: 158 «أبو يحيى رافع بن مطروح» وفي الكامل لابن الأثير 11/ 204 «أبو محمد بن مطروح» . والمؤلف ينقل عن ابن الأثير وخالفه في نقل كنية بن مطروح.

(93)

زيادة عما في الكامل.

ص: 492

اللعين رسولا يتهدد الشّيخ عمر ويأمره بترك ما ارتكبه، فلم يمكنه الشّيخ عمر من دخول البلد يومه ذلك، فلمّا كان الغد خرج أهل البلد جميعهم ومعهم جنازة والرسول يشاهدهم فدفنوها» (94) «قال الرسول (95): وصلت صفاقس فلم أمكن من النّزول إلى البرّ، ولمّا كان من الغد سمعت في البلد ضجّة، ثم فتح باب البحر، وخرج النّاس يكبّرون ويهلّلون ومعهم نعش قد رفعوه على رؤوسهم فحطوه، ثم تقدّم عمر فصلّى عليه ودفنه وعزاه النّاس وانفصلوا، قال: فاستدعيت الجواب فقيل لي: إن الشّيخ مشغول بالعزاء في والده الذي بصقليّة والنعش الذي رأيت نعشه، وقد عزم على موته والسلو عنه، وليس له / جواب الاّ ما رأيت، فلمّا بلغ ذلك طاغية صقليّة أمر بالشيخ أبي الحسن علي فسحب إلى المشنقة بوادي عبّاس فشنق وهو يتلو كتاب الله إلى أن فاضت نفسه رحمه الله» (ورحمنا به ونفعنا به وبأمثاله)(96).

قال التجاني (97): وكان انتقاض صفاقس على النّصارى سببا في انتقاض سائر بلاد السواحل وزوالها من أيديهم، وأقام عمر يدبّر أمر البلد إلى أن قدم عبد المؤمن.

«وأما أهل زويلة فانهم كثر جمعهم بالعرب وأهل صفاقس وغيرهم، فحصروا المهديّة وضيّقوا عليها، وكانت الأقوات بالمهديّة قليلة، فسيّر إليهم غليالم (98) عشرين شينيا فيها الرّجال والطعام والسلاح، فدخلوا إلى البلد، وأرسلوا إلى العرب مالا لينهزموا ثم خرجوا من الغد فاقتتلوا هم وأهل زويلة فانهزم العرب، وبقي أهل زويلة وصفاقس يقاتلون الافرنج بظاهر البلد، فأحاط بهم الافرنج (99) فركب أهل صفاقس مراكبهم في البحر لما تكاثر عليهم العدو (100)، وذهب أهل زويلة لبلدهم فرأوا أبوابها مغلقة، فلحقهم العدو فقاتلوا تحت السور وصبروا حتى قتل أكثرهم ولم ينج منهم الاّ القليل فتفرقوا، ومضى بعضهم لعبد المؤمن، ومن ثم فتحت أبواب زويلة وخرج من كان بداخلها من غير المقاتلة فمن له قدرة على الفرار فرّ بنفسه ومن عجز أسر ونهبت الأموال واستقرّ الافرنج بالمهديّة» . (101)

(94) الكامل 11/ 204.

(95)

رجع إلى النقل من رحلة التجاني ص: 75.

(96)

زيادة من المؤلف.

(97)

رحلة التجاني 75 - 76.

(98)

في ش: «غليالم اللعين» .

(99)

بعدها أسقط المؤلف من نص ابن الأثير «فانهزم أهل صفاقس» .

(100)

في الكامل: «وركبوا في البحر فنجوا» .

(101)

الكامل 11/ 205.

ص: 493