الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقالة الثّالثة
في ذكر خلفاء بني العبّاس وبعض أمرائهم بالعراق وأمرائهم بالمغرب
وفيها ثلاثة أبواب
الباب الأول
في ذكر خلفاء بني العباس
قيام الدولة وخلافة أبي العباس السفّاح:
قال ابن جرير الطبري (1) كان بدء أمر بني العبّاس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم عمّه العبّاس أن الخلافة ترجع (2) إلى ولده، فلم يزل أولاده يتوقعون ذلك [ويتحدّثون به بينهم](3) إلى أن بويع لمحمّد بن علي بن عبد الله بن عبّاس، فلما مات محمّد عهد لولده إبراهيم، فسجنه مروان الحمار آخر ملوك بني أمية، وقتله في السجن (4).
فعهد إبراهيم لأخيه عبد الله أبي العباس السّفاح، بويع له في الكوفة في شهر ربيع الأول سنة اثنين وثلاثين ومائة (5)، وكان القائم بهذه الدعوة أبو مسلم عبد الرحمان بن
(1) النقل بتصرّف واختصار كبير من باب «خلافة أبي العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس» 7/ 421 وعدّة أبواب قبلها.
(2)
في تاريخ الطبري: «تؤول» وكذلك في الكامل لابن الأثير 5/ 408.
(3)
إضافة من تاريخ الطبري لإتمام المعنى 7/ 421.
(4)
الطبري 7/ 423.
(5)
نوفمبر 749 أنظر الكامل 5/ 408.
مسلم الخراساني (6) وذلك أنه كان قائما بخدمة إبراهيم بن محمد - المقدّم الذكر - لما سجنه مروان الحمار بالكوفة. فلما قدم على إبراهيم نقباء أبيه محمد بن علي (7) سألوه رجلا يقوم بأمر خراسان، فقال: إني جرّبت هذا الأصبهاني وعرفت ظاهره وباطنه فوجدته حجر الأرض، ثم دعا أبا مسلم وقلّده الأمر وأرسله إلى خراسان (8) فكان أول ظهوره يوم الجمعة لسبع بقين وقيل لخمس من شهر رمضان سنة تسع وعشرين ومائة (9). والوالي بخراسان نصر بن سيّار (10) الليثي من جهة مروان بن محمد، فكتب نصر إلى مروان يقول:
أرى جذعا ان يثن لم يقوريض /
…
عليه فبادر قبل أن يثنى الجذع
وكان مروان مشغولا عنه بغيره من الخوارج بالجزيرة وغيرها فلم يجبه عن كتابه، وأبو مسلم إذ ذاك يؤم في خمسين رجلا، فكتب إليه ثانيا:
[وافر]
أرى بين (11) الرّماد وميض نار (12)
…
ويوشك (13) أن يكون له ضرام
فإن النّار (بالعودين تذكى)(14)
…
وإن الحرب أوّلها (15) كلام
(فإن لم يطفها عقلاء قوم
…
يكون وقودها جثث وهام) (16)
أقول (17) من التّعجّب ليت شعري
…
أأيقاظ أميّة أم نيام
(فإن كانوا لحينهم نياما)(18)
…
(فقل قوموا)(19) فقد حان القيام
فأبطأ عليه الجواب واشتدّت شوكة أبي مسلم، فهرب نصر بن سيّار من خراسان، وقصد
(6) أنظر عن نسب أبي مسلم الكامل 5/ 254.
(7)
أنظر الكامل 5/ 255.
(8)
الطبري 7/ 344 وكان ذلك في سنة 128 هـ - 745 م.
(9)
746 - 747 م.
(10)
في الأصول: «نصر بن يسار» والمثبت من تاريخ الطبري، ولاّه الوليد على خراسان وأفرده بها.7/ 224.
(11)
كذا في الكامل والطبري، في مروج الذهب والأصول «خلل» .
(12)
كذا في الكامل والأصول، في الطبري ومروج الذهب «جمر» .
(13)
كذا في الأصول ومروج الذهب، في الكامل «أخشى» .
(14)
كذا في الكامل والطبري ومروج الذهب، في الأصول:«بالزندين تورى» .
(15)
كذا في الأصول ومروج الذهب، في الكامل:«مبدأ» وفي الطبري: «مبدؤها» .
(16)
كذا في الأصول، في مروج الذهب:«فإن لم تطفئوها تجن حرباه، مشمرة يشيب لها الغلام» .
(17)
كذا في الأصول ومروج الذهب، بالطبري والكامل:«فقلت» .
(18)
كذا في الأصول، في مروج الذهب:«فإن يكن قومنا أضحوا نياما» .
(19)
في الأصول: «فقوموا» والمثبت من مروج الذهب.3/ 240.
العراق فمات في الطريق بناحية ساوة في يوم الثّلاثاء لليلتين بقيتا من المحرم سنة اثنتين وثلاثين ومائة (20).
ووثب أبو مسلم على ابن الكرماني (21) بنيسابور فقتله بعد أن قيّده وحبسه وقعد في الدّست وسلّم عليه الامارة وصلّى وخطب ودعا لأبي العبّاس السّفاح بالكوفة وصفت له خراسان وانقطعت منها ولاية بني أمية.
فبويع لأبي العباس عبد الله السّفاح بالكوفة في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين ومائة (22). ثم أرسل العساكر لقتال مروان بن محمّد الملقّب بالحمار بعدما ظهر السّفاح بالكوفة، فجهّز القوّاد في تسعة آلاف فارس وأمر عمّه عبد الله بن علي بقتال مروان فاقتتلا بالزّاب وذلك أن عليا لما قدم على / أبي عون تحول له عن سرادقه (23) فنزل بها وجاء مروان ونزل الزّاب فأمر عبد الله بن عتبة فعبر إلى عسكر مروان في خمسة آلاف فاقتتلوا إلى الليل، ورجع عتبة فعبر المخاضة وأصبح مروان عند الجسر، وعبر عبد الله بن علي. فقال مروان لعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: إن زالت الشّمس اليوم ولم يقاتلونا كنا الذين ندفعها لعيسى ابن مريم، وإن قاتلونا قبل الزوال فإنا لله وإنا إليه راجعون (24).
فقطع عبد الله بن علي الزّاب في أثني عشر ألف وكان مروان في سبعين ألف وكان السّفاح عمل بيتين وقال لرجل إذ التقى الجمعان فاصعد على رأس جبل وأنشدهما وهما:
[بسيط]
يا آل مروان إن الله مهلككم
…
ومبدل ملككم خوفا وتشريدا
لا عمّر الله من أولادكم أحدا
…
وبثّكم في بلاد الخوف تطريدا
فلما سمع ذلك أهل الشام انزعجوا وارتاع مروان وكان سبب خذلانه، فحمل الوليد ابن معاوية بن مروان، فكشف ميمنة عبد الله فانحاز أبو عون إلى عبد الله وصاح عبد الله:
الأرض الأرض، فنزلوا وجثوا على الركب ونزعوا الرّماح فانهزم مروان وأهل الشام، ووقف عبد الله على الزاب وقرأ:{وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ} الآية (25).
(20) أوت 749 م.
(21)
أنظر الكامل لابن الأثير 5/ 383.
(22)
والأرجح في 13 ربيع أول / 30 أكتوبر 749.
(23)
الطبري 7/ 432.
(24)
نفس المرجع، ص:433.
(25)
سورة البقرة: 50 وتمامها: فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ. أنظر عن هذه الحوادث تاريخ الطبري 5/ 432 - 434 والكامل 5/ 417 - 421.