الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو البقاء خالد:
فبويع بعده لولده أبي البقاء / خالد بتونس صبيحة موت أبيه، أخذ له البيعة عن الناس مولاه منصور وعتيقه من العلوج وحاجبه أحمد بن ابراهيم المالقي، فاستبد به، فلم يكن له حكم عليهما.
وفي رابع ذي الحجة من سنة احدى وسبعين وسبعمائة (285)، توفي الشّيخ الشريف أبو عبد الله محمد بن أحمد الحسيني شارح جمل الخونجي بتلمسان، وكان إماما ذا عقل وذهن ثابت ثاقب، قال الشّيخ ابن عرفة: رأيته لما قدم تونس فرأيت منه علما تامّا ومعرفة (286).
ثم إن ابن المالقي ومنصورا سارا في النّاس سيرة غير مرضية فاختلّت أحوال افريقية، وكان أبو العباس أحمد بن أبي عبد الله محمّد ابن السّلطان أبي بكر ببجاية، فذهب إليه شيوخ عرب افريقية فحضّوه على الوصول إلى افريقية فسار معهم في جنده حتى وصل تونس فقاتل من بها أيّاما ثم دخل تونس يوم السبت ثاني عشر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة (287)، وخرج خالد فارا من باب الجزيرة في جماعة من خدامه، فأخذوا من يومهم، فكان جميع دولة السّلطان سنة وتسعة أشهر، ثم بعث أبو العباس أحمد خالدا إلى قسنطينة في البحر فغرق (288).
أبو العباس أحمد ونزول النصارى بالمهدية:
وبويع للسّلطان أبي العباس أحمد بتونس يوم السبت الثامن عشر لشهر ربيع الثاني من سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة (289)، فسكن ما تزلزل من تونس، وقوّم ما اعوج، وقطع أنواع الفساد على البلاد والعباد.
وفي السنة المذكورة / قدّم الشّيخ الفقيه الإمام أبو عبد الله محمد بن عرفة الورغمي إماما بجامع الزيتونة، وفي السنة التي بعدها قدّم للفتوى (290).
(285) 29 جوان 1370 م.
(286)
عن الشريف التلمساني، يراجع الديباج.
(287)
3 نوفمبر 1370 م.
(288)
عن دولة خالد بن ابراهيم انظر تاريخ الدولتين ص: 104 - 106، فقد نقل المؤلف ما فيه باختصار.
(289)
9 نوفمبر 1370 م.
(290)
للفتوى بجامع الزيتونة لا الفتوى بالمحكمة الشرعية.
ولما مهّد السّلطان أحمد البلاد، وتمكن ملكه بتونس انتزع ما بأيدي العرب من الأمصار فأهمّهم ذلك، وتنكّر منصور بن حمزة شيخ [بني](291) كعب وأولاد أبي اللّيل، فنزع يده من الطّاعة، وتابعه، على الخروج من طاعة السّلطان أبو صعنونة أحمد بن محمد بن عبد الله بن مسكين شيخ حكيم، وارتحل إلى الذواودة صريخا بالأمير أبي يحيى زكرياء ابن المولى السّلطان أبي يحيى، فبايعوه ورحل معهم إلى تونس، ولقي منصور بن حمزة بمن معه فبايعوه، وأوفدوا مشيختهم على يحيى بن يملول يستحثونة للطّاعة فبايعوا له، وبعث السّلطان أخاه زكرياء بعسكر فالتقوا فانهزم عسكره، ونزل العرب على تونس بسلطانهم، ونمي إلى السّلطان أن حاجبه أبا عبد الله محمد بن أبي محمد ابن تافراجين داخل العرب في أخذ تونس، فقبض عليه وأشخصه في البحر إلى قسنطينة، فلم يزل بها معتقلا إلى أن هلك، ثم أن العرب عاودوا الطاعة إلى السّلطان أحمد ونبذوا طاعة سلطانهم.
وفي سنة خمس وسبعين وسبعمائة (292)، تولى الملك بفاس أبو العباس أحمد ابن الأمير أبي سالم المريني، فقبض على أبي عبد الله ابن الخطيب الأندلسي لما كان أوصاه ابن الأحمر (صاحب الأندلس، فأودعه السجن، ثم قدم رسول (293) ابن الأحمر) (294) يهنّيه بالملك، فقتل ابن الخطيب / بمحبسه خنقا. وكان ابن الخطيب كاتبا بليغا أديبا مؤرخا جيد النظم عارفا بالنجوم (295) وأحكامها، سمعت بعض الشيوخ يحكي أن من نظمه في اليوم الذي قتل فيه:
[منسرح]
قف كي ترى مغرب شمس الضّحى
…
بين صلاة العصر والمغرب
واسترحم الله قتيلا بها
…
كان وحيد العصر في المغرب
وفي سنة احدى وثمانين وسبعمائة (296)، تولّى قضاء الجماعة بتونس الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الرحمن البلوي القطّان من أهل سوسة بعد ما كان الشّيخ ابن عرفة دلّهم عليه، فقال السّلطان:«ما تأتي بقاض من القرى حتى تكون تونس قد خلت ممّن يصلح» ، وولّوا ذلك محمد بن خلف النّفطي، لكن ما قضاه الله يكون. {وَاللهُ}
(291) اتمام من تاريخ الدولتين ص: 107.
(292)
1373 - 1374 م.
(293)
في ش: «رسل» .
(294)
ما بين القوسين ساقط من ط.
(295)
في تاريخ الدولتين: «النجامة» .
(296)
1379 - 1380 م.
{غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ} (297).
وفي السنة المذكورة توفي الشّيخ الفقيه الخطيب أبو عبد الله محمد بن أبي أحمد بن مرزوق (298) بالقاهرة ودفن بين ابن القاسم وأشهب وقد ناهز السبعين.
وفي ثاني عشر صفر من سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة (299) توفي الشّيخ الفقيه الحافظ المفتي أبو محمد عبد الله البلوي الشبيبي (300) القروي (301)، ودفن بدار الشّيخ أبي محمد عبد الله بن أبي زيد بازاء قبره داخل مدينة القيروان.
وفي سنة خمس وثمانين وسبعمائة (302)، توفي قاضي الجماعة ابن القطان.
وفي سنة سبع وثمانين (303) تولى أبو مهدي عيسى الغبريني (304) تلميذ ابن عرفة قاضي الجماعة بتونس.
وفي سنة اثنتين وتسعين (305) نزل النصارى (306) / - دمّرهم الله - على المهدية في مائة قطعة بين مراكب كبيرة (307) وأغربة (308)، فوجه السّلطان أبو العباس أحمد محلة نزلت قرب البلد قدم عليها ولده المولى أبا فارس عبد العزيز صحبة أخيه المولى زكرياء، فاتفقت للمولى أبي فارس مع النّصارى وقائع منها في يوم نزولهم وقعت بين الفريقين وقعة عظيمة بحيث أسلم المسلمون المحلّة، فدخلها العدو فلم يجد فيها عينا تطرف غير رجل واحد
(297) سورة يوسف: 21.
(298)
هو ابن مرزوق الجد المعروف بالخطيب، أشهر علماء عصره له ترجمة واسعة بالديباج وذيله، وابن خلدون.
(299)
18 ماي 1380.
(300)
شيخ البرزلي وابن ناجي، له ترجمة بذيل الدّيباج.
(301)
يقصد القيرواني.
(302)
1383 م.
(303)
1385 م.
(304)
الغبريني نسبة إلى بني غبرين من بربر زواوة كما يفهم من كلام ابن خلدون، والغاء رأيتها مضبوطة الضم والفتح ووفاة أبي مهدي الغبريني عند غير المؤلف في 813 راجع اتحاف أهل الزمان 1/ 83 وشجرة النور الزكية ونيل الإبتهاج.
(305)
1390 م.
(306)
الفرنسيين والجنويز معا عن هذه الحملة انظر مثلا زيادة عن تاريخ الدولتين برونشفيك (Brunschvig) بلاد البربر
…
(La Berberie)، المرجع السابق 1/ 199 ص:200.
(307)
في ط: «كثيرة» .
(308)
يقال أغربة وغربان ج غراب وهو نوع من المراكب أخذه العرب عن القرطاجيين والرومان. وبقيت إلى عهد الدولة العثمانية وقد سمّي بهذا الإسم لأن مقدمه يشبه رأس الغراب أو الطائر وهذا المركب يسير بالقلع كما كان يسير بعدد من المجاذيف لا يتجاوز 180 مجذافا انظر سعاد ماهر «البحرية في مصر الإسلامية» ص: 359.