الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السامانيون:
وأما السّامانيّة فأولهم نصر بن أحمد وآخرهم عبد الملك بن نوح (6)، ملكوا ديار الترك وفارس والعراق إلى حدود الهند، وكان كرسي مملكتهم بخارى، وعدّتهم عشرة وكانوا في طاعة العبّاسيين (7).
الغزنويون:
وأما الغزنوية فهم منسوبون إلى غزنة (مدينة في خراسان)(8) فأول سلاطينهم السلطان أبو القاسم محمود بن ناصر الدّولة أبي منصور سبكتكين (9)، الملقّب أوّلا سيف الدّولة، ثم لقّبه الخليفة القادر بالله العباسي لما سلطنه بعد أبيه «يمين (10) الدّولة وأمين الأمة» (11) فهو قائد الجيوش / العبّاسية وناصر دولتهم وفي طاعتهم، «ولما انتظم الأمر للسّلطان محمود، كان في بعض بلاد خراسان نواب لصاحب ما وراء النّهر من ملوك بني سامان، فجرى بين السّلطان محمود وبينهم حروب انتصر فيها عليهم، وملك بلاد خراسان، وانقطعت الدّولة السّامانية منها، وذلك في سنة تسع وثمانين وثلاثمائة (12)، واستتبّ له الملك، وسيّر له القادر بالله خلعة السّلطنة، وتبوّأ سرير المملكة، وقام بين يديه أمراء خراسان [سماطين مقيمين](13) برسم الخدمة، ملتزمين حكم الهيبة، وأجلسهم بعد الاذن على مجلس الأنس، وأمر لكل واحد منهم ولسائر
(6) في الأصول: «المنتصر بالله اسماعيل» والمثبت من الكامل 9/ 145.
(7)
انتهت دولتهم على يد محمود بن سبكتكين في سنة 389 هـ - 98 - 999 م ابن الأثير 9/ 147 وكذلك في الوفيات لابن خلكان.
(8)
في الأصول: «بلد بالعراق» والمثبت من معجم ياقوت 4/ 201. قال: «ويقال لمجموع بلادها زابلستان وهي مدينة عظيمة وولاية واسعة في طرف خراسان، وهي الحدّ بين خراسان والهند».
(9)
النقل الآتي من الوفيات لابن خلكان من ترجمة محمود بن سبكتكين 5/ 175، وأخبار محمود موجودة أيضا في ابن الأثير، وابن خلدون والشذرات الخ. . .
(10)
في الأصول: «بأمين» والمثبت من الوفيات.
(11)
في الوفيات 5/ 175: «في الملة» .
(12)
999 م.
(13)
اضافة من الوفيات يقتضيها اكمال المعنى 5/ 177.
غلمانه وخاصّته ووجوه أوليائه وسائر حاشيته من الخلع والصّلات ونفائس الأمتعة بما لم يسمع بمثله. واتّسعت الأمور عن آخرها في كنف ايالته، واستوسقت الأعمال في ضمن كفالته، وفرض على نفسه في كل عام غزو الهند، ثم انه ملك سجستان في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة (14)، بدخول قوّادها وسائر ولاتها في طاعته من غير قتال.
ولم يزل يفتح في بلاد الهند حتى انتهى إلى ما لم تبلغه في الاسلام راية، ولم تتل به سورة ولا آية، فدحض عنها أرجاس (15) الشّرك وبنى بها مساجد وجوامع، وتفصيل ذلك كما قال ابن خلكان يطول. ولما فتح (16) بلاد الهند كتب إلى الدّيوان العزيز ببغداد كتابا يذكر فيه ما فتح الله على يديه من بلاد الهند، وأنه كسّر الصّنم المعروف بسومنات (17) وذكر في كتابه (18) أن هذا الصّنم عند الهنود / يحيي ويميت بزعمهم ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وأنه اذا شاء أبرأ من جميع العلل، وربما كان يتفق لشقوتهم وصول عليل يقصده فيوافقه طيب الهواء وكثرة الحركة فيبرأ، فيزيدون به افتتانا ويقصدونه من أقاصي البلاد رجالا وركبانا، ومن لم يصادف منهم انتعاشا احتجّ بالذّنب، وقال: انه لم يخلص له الطّاعة، ولم يستحق منه الاجابة، ويزعمون أن الأرواح اذا فارقت الأجسام اجتمعت لديه على مذهب التّناسخية، فينشئها فيمن يشاء، وأنّ مدّ البحر وجزره عبادة له وطاعة، وكانوا بحكم هذا الاعتقاد يحجّونه من كلّ صقيع بعيد، ويأتونه من كل فجّ عميق ويحبونه (19) بكل مال جزيل، ولم يبق في بلاد الهند والسّند على تباعد أقطارها وتفاوت أديانها ملك ولا سوقة الا وقد تقرّب لهذا الصّنم بما يعزّ عليه من أمواله وذخائره حتى بلغت أوقافه عشرة آلاف قرية مشهورة في تلك النّواحي، وامتلأت خزائنه من أصناف الأموال، وفي خدمته من البراهمة ألف رجل يخدمونه، وثلاثمائة رجل يحلقون رؤوس حجيجه ولحاهم عند الورود عليه، وثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنون ويرقصون عند بابه، ويجري من مال الأوقاف المرصدة له لكل طائفة من هؤلاء رزق معلوم.
(14) 1002 - 1003 م.
(15)
في الوفيات: «أدناس» 5/ 178.
(16)
في الأصول: «بلغ» والمثبت من الوفيات وطبقا لما يأتي به النص بعدها.
(17)
في الأصول: «دسوسات» والمثبت من الوفيات 5/ 178 ومن طبقات الشافعية للسبكي 1/ 14.
(18)
كذا في الوفيات.
(19)
في الوفيات: «ويتحفونه» .
وكان بين المسلمين وبين القلعة التي فيها الصّنم المذكور (20) مفازة موصوفة بقلة المياه وصعوبة المسالك واستيلاء الرمال على طرقها، فسار إليها السّلطان [محمود] في ثلاثين ألف فارس جريدة مختارة من عدد كثير / وأنفق عليهم من الأموال ما لا يحصى، فلما وصلوا إلى القلعة وجدوها حصنا منيعا، وفتحوها في ثلاثة أيام، ودخلوا بيت الصّنم وحوله من أصنام الذّهب المرصّع بأنواع الجواهر عدد كثير محيطة بعرشه، يزعمون أنها الملائكة، وأحرق المسلمون الصّنم المذكور ووجدوا في أذنيه نيّفا وثلاثين حلقة ذهب، فسألهم السّلطان محمود عن معنى ذلك فقالوا: كل حلقة عبادة ألف سنة، وكانوا يقولون بقدم العالم ويزعمون أن هذا الصّنم يعبد منذ أكثر من ثلاثين ألف سنة، كلّما عبدوه ألف سنة علّقوا في أذنه حلقة» (21).
والحاصل أن هذا السّلطان من أوتاد الرّجال عند الأولياء، وكان ملوك الدّيلم قد عظم أمرهم وزاد شرّهم في ممالك العراق فأظهر الله هذا السّلطان ومكّنه من رقابهم وسلّط السّيف عليهم وصلب أعيان الشّيعة والزّنادقة والرّافضة وقاتل اليهود والمجوس والصّابئة، وأحرق الأصنام، وقتل ملوك الهند والصّين، ويقال إنه اسكندر هذه الأمة، وظهرت له في تلك الأسفار والغزوات خوارق عادات وكرامات ملأت دفاتر التّواريخ، وأخذ من الغنائم من بيوت الأصنام للمجوس مالا عظيما لا يحصى من الجواهر، فأخذ أربعين قنطارا من الجواهر الألماسية والياقوتية.
وقد جمع سيرته أبو النصر (22) محمد بن عبد الجبّار العتبي (23) الفاضل، في كتاب [سمّاه «اليميني»](24) وذكر في أوّله أن السّلطان المذكور ملك الشّرق بجنبيه، والصّدر من العالم ويديه لانتظام / الأقليم الرابع بما يليه من الثّالث والخامس في حوزة ملكه وحصول ممالكها الفسيحة وولايتها العريضة في قبضته وملكه، ومصير أمرائها وذوي الألقاب الملوكية من عظمائها تحت حمايته وجبايته، واستظلالهم (25) من آفات الزّمان بظلّ ولايته ورعايته، واذعان ملوك الأرض لعزّته، وارتياعهم بفائض هيبته، وقد كان منذ لفظه
(20) في الوفيات: «مسيرة شهر في مفازة» 5/ 179.
(21)
الوفيات لابن خلكان 5/ 179.
(22)
في الأصول: «الرضا» والمثبت من الوفيات.
(23)
في الأصول: «العيني» والمثبت من الوفيات 5/ 179.
(24)
اضافة من الوفيات.
(25)
في الوفيات: «واستدرائهم» 5/ 179.