المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القائم وثورة أبي يزيد: - نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار - جـ ١

[محمود مقديش]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة الكتاب

- ‌تمهيد:

- ‌المقدمة:

- ‌المقالة الأولى[في تحديد المغرب برا وبحرا وأسماء البلدان]

- ‌الباب الأولفي تحديد المغرب برا وبحرا

- ‌البحر المظلم:

- ‌الحدود البرية للمغرب:

- ‌حفر الزقاق:

- ‌المدّ والجزر:

- ‌حدود البحر الشامي:

- ‌الباب الثانيفي الكلام على ضبط بر المغرب الأقصى وما يليه من الغرب الأوسط وذكر ما فيه من البلاد والعباد

- ‌البربر وأصولهم وافريقية وتسميتها:

- ‌نول لمطة:

- ‌آزكّي:

- ‌سجلماسة:

- ‌درعة:

- ‌السّوس:

- ‌جبل درن:

- ‌أغمات وريكة:

- ‌مراكش:

- ‌نهر تانسيفت:

- ‌ أغمات أيلان

- ‌عود إلى ذكر مرّاكش:

- ‌الطريق من مرّاكش إلى أم ربيع:

- ‌آنقال:

- ‌مكول:

- ‌ايكسيس:

- ‌سلا:

- ‌فضالة:

- ‌الطريق من فضالة إلى آسفي:

- ‌آسفي:

- ‌مرسى ماست:

- ‌داي وتادلة:

- ‌الطريق من تادلة إلى‌‌ فاس:

- ‌ فاس:

- ‌ صفروي

- ‌قلعة مهدي:

- ‌مغيلة:

- ‌ مكناسة

- ‌بني تاورة:

- ‌السوق القديمة:

- ‌قصر عبد الكريم:

- ‌عود إلى ذكر فاس:

- ‌الطريق من فاس إلى تلمسان:

- ‌ تلمسان

- ‌الطريق من تلمسان إلى تنس:

- ‌تنس:

- ‌وهران:

- ‌المسيلة:

- ‌الطريق من وازلفن إلى مليانة:

- ‌مليانة:

- ‌الطريق من كزناية إلى المسيلة:

- ‌قلعة بني حمّاد وما جاورها:

- ‌قسنطينة وما جاورها:

- ‌جبل سحاو:

- ‌سوق بني زندوي:

- ‌جيجل:

- ‌مدن أخرى:

- ‌الجزائر:

- ‌تامدفوس:

- ‌مرسى الدّجاج:

- ‌تدلس:

- ‌بجاية:

- ‌الطريق من بجاية إلى القلعة:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌بلزمة:

- ‌حصن بشر:

- ‌سبتة:

- ‌الجزر والمدن والمراسي والمواقع الساحلية من سبتة إلى بونة:

- ‌ باغاية

- ‌توزر:

- ‌قفصة:

- ‌الطرقات من قفصة إلى ما جاورها:

- ‌ جبل نفّوسة

- ‌قابس:

- ‌صفاقس:

- ‌ قصر الجم

- ‌جمال:

- ‌المهدية:

- ‌نفزاوة:

- ‌ القيروان

- ‌تونس:

- ‌قرطاجنة:

- ‌بنزرت:

- ‌طبرقة:

- ‌باجة:

- ‌مرسى الخرز:

- ‌ بونة

- ‌الأربس:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌جزيرة باشو:

- ‌جبل زغوان:

- ‌جبل وسلات:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌طرابلس:

- ‌الطرقات من طرابلس إلى ما جاورها:

- ‌جبل دمر:

- ‌برقة

- ‌الطريق من برقة إلى العين:

- ‌الطريق من برقة إلى الإسكندرية:

- ‌الطريق الساحلي من بونة إلى نابل:

- ‌نابل:

- ‌الطريق الساحلي من نابل إلى سوسة:

- ‌سوسة:

- ‌الطريق الساحلي من سوسة إلى صفاقس:

- ‌جزيرة قرقنة:

- ‌الطريق الساحلي من صفاقس إلى جربة:

- ‌جربة:

- ‌الطريق الساحلي من جربة إلى لبدة:

- ‌لبدة:

- ‌الطريق الساحلي من لبدة إلى الإسكندرية:

- ‌ الإسكندرية

- ‌جغرافية الأندلس:

- ‌اليونان ودورهم بالأندلس:

- ‌طليطلة وما جاورها:

- ‌قرطبة:

- ‌المرية:

- ‌أقاليم الأندلس:

- ‌مدن ساحلية:

- ‌جزر البحر الشامي:

- ‌صقلية:

- ‌المقالة الثّانيةفي ذكر الخلافة وخلفاء الصّحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من خلفاء بني أميّة بالمشرق وفتوحات المغرب في أيّامهم

- ‌الباب الأولفي الخلافة وخلافة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة - رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌مفهوم الخلافة:

- ‌آدم عليه السلام أول الخلفاء:

- ‌كيومرث:

- ‌مهلائيل:

- ‌شيث وذريته:

- ‌ ادريس

- ‌إبراهيم وإبنيه:

- ‌العرب: طرف من أصلهم وبعض من أخبارهم:

- ‌ولاية الكعبة:

- ‌الخليفة الأكبر محمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌خلافة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌خلافة عثمان رضي الله عنه

- ‌خلافة علي رضي الله عنه

- ‌خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌يزيد:

- ‌بقية خلفاء بني أمية:

- ‌غزوات عمرو بن العاص:

- ‌غزوة عبد الله بن سعد بن أبي سرح:

- ‌ولاية معاوية بن خديج:

- ‌ولاية أبي المهاجر:

- ‌ولاية عقبة بن نافع وغزواته:

- ‌غزوة عقبة بن عامر الجهنّي:

- ‌غزوة رويفع بن ثابت:

- ‌غزوة زهير بن قيس البلوي:

- ‌ولاية حسان بن النعمان وغزواته:

- ‌فتح الأندلس:

- ‌بيت الحكمة بالأندلس:

- ‌تتمة الحديث عن فتح الأندلس:

- ‌ولاية عبد الله بن موسى بن نصير:

- ‌ولاية علي بن رباح:

- ‌المقالة الثّالثةفي ذكر خلفاء بني العبّاس وبعض أمرائهم بالعراق وأمرائهم بالمغرب

- ‌الباب الأولفي ذكر خلفاء بني العباس

- ‌قيام الدولة وخلافة أبي العباس السفّاح:

- ‌أبو جعفر المنصور:

- ‌محمد المهدي:

- ‌محمد موسى الهادي:

- ‌ هارون الرّشيد

- ‌محمد الأمين:

- ‌المأمون وقضية خلق القرآن:

- ‌المعتصم:

- ‌الواثق بالله:

- ‌المتوكل على الله:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌المعتز بالله:

- ‌المهتدي بالله:

- ‌المعتمد وحركة الزنج:

- ‌ المعتضد بالله

- ‌المكتفي بالله وظهور القرامطة:

- ‌المقتدر بالله وقيام أبي طاهر القرمطي:

- ‌القاهر بالله والراضي بالله:

- ‌المتقي بالله:

- ‌المستكفي بالله:

- ‌المطيع لله:

- ‌الطائع لله:

- ‌القادر بالله:

- ‌القائم بأمر الله:

- ‌المستظهر بالله:

- ‌المسترشد بالله:

- ‌الراشد بالله:

- ‌المقتفي لأمر الله:

- ‌المستنجد بالله:

- ‌المستضيء بالله:

- ‌الناصر لدين الله:

- ‌المستنصر بالله:

- ‌المستعصم بالله:

- ‌التتار:

- ‌هولاكو وسقوط بغداد وانقراض الدولة العباسية:

- ‌العباسيون بمصر:

- ‌تيمورلنك:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بعض أمراء بني العباس بالمشرق

- ‌ الصفارية

- ‌السامانيون:

- ‌الغزنويون:

- ‌السلاجقة:

- ‌الديلمية:

- ‌السلقدية:

- ‌الخوارزمية:

- ‌الباب الثالثفي مشاهير أمراء بني العبّاس بالمغرب

- ‌يزيد بن حاتم:

- ‌هرثمة بن أعين:

- ‌بداية بني الأغلب:

- ‌أبو العباس عبد الله:

- ‌زيادة الله:

- ‌أبو العباس محمد:

- ‌زيادة الله الأصغر:

- ‌أبو الغرانيق:

- ‌ابراهيم:

- ‌عبد الله بن ابراهيم:

- ‌المقالة الرّابعةفي ذكر ملوك الشّيعة بالمغرب وكيفيّة انتقالهم لمصر وما يتبع ذلك

- ‌عبيد الله المهدي وقيام الدّولة الفاطمية:

- ‌حركة القيروانيين المضادة للفاطميين:

- ‌أقوال بعضهم في الفاطميين والمجادلة حول رميهم بالكفر والزندقة وتبرئتهم منهما:

- ‌تأسيس المهديّة:

- ‌القائم وثورة أبي يزيد:

- ‌المنصور وفشل ثورة أبي يزيد:

- ‌المعز لدين الله وانتقال الفاطميين إلى مصر

- ‌الفاطميون بمصر:

- ‌المقالة الخامسةفي ذكر ملوك ضهاجة بالمغرب وصلاح الدّين بمصر

- ‌الباب الأولفي ذكر ملوك صنهاجة

- ‌زيري بن مناد:

- ‌بلكين بن زيري:

- ‌باديس:

- ‌المعزّ بن باديس: قطعه الدعوة للفاطميين واجتياح العرب افريقية

- ‌تميم بن المعز:

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌علي بن يحيى وابنه الحسن:

- ‌الباب الثانيفي ذكر دولة‌‌ نور الدين

- ‌ نور الدين

- ‌عماد الدّين اسماعيل:

- ‌عود إلى ذكر نور الدين:

- ‌الحملات الصليبية الأولى واستقرار الافرنج بالشام:

- ‌صلاح الدين وحروبه مع الصليبيين:

- ‌الملك الكامل والحروب الصليبية الخامسة:

- ‌الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب والحروب الصليبية السادسة

- ‌نهاية الأيوبيين:

- ‌المماليك بمصر:

- ‌المقالة السّادسةفي ذكر خلفاء بني أميّة بالأندلس وذكر الطوائف بعدهم

- ‌بنو أميّة:

- ‌ملوك الطوائف:

- ‌المقالة السّابعةفي ذكر ملوك لمتونة وهم الملثمون بالعدوة والأندلس

- ‌بداية المرابطين:

- ‌يوسف ابن تاشفين وحروبه الموفّقة في الأندلس:

- ‌نهاية المرابطين:

- ‌المقالة الثّامنةفي ذكر دولة الموحّدين وأمرائهم بالعدوة والأندلس وافريقية

- ‌الباب الأولفي أول ملوكها ومن بعده من الملوك

- ‌المهدي بن تومرت:

- ‌ عبد المؤمن

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌العادل:

- ‌المعتصم:

- ‌المأمون ومن ولي بعده إلى نهاية الدولة الموحدية:

- ‌الباب الثانيفي فتح عبد المؤمن للمهدية والبلاد الساحلية بعد استيلاء الافرنج عليها حسبما ذكره ابن الأثير وغيره من أئمة التاريخ

- ‌أسباب احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌هروب الحسن الصنهاجي والتقائه بعبد المؤمن:

- ‌احتلال النرمان لصفاقس والسّاحل:

- ‌انتفاض صفاقس وغيرها من المدن على النرمان:

- ‌عبد المؤمن يسير نحو افريقية ويخلصها من النرمان وتمتثل لطاعته:

- ‌الباب الثالثفي ذكر ثوار افريقية على الموحدين

- ‌ثورة بني غانية:

- ‌ثورة محمد بن عبد الكريم الرجراجي:

- ‌يحيى الميورقي يستولي على المهديّة وتونس وغيرهما:

- ‌يحيى الميورقي يستمر في ثورته ويصده عنها النّاصر الموحدي ويفتكّ منه افريقية:

- ‌نهاية قراقوش ويحيى الميورقي بن غانية:

- ‌المقالة التّاسعةفي ذكر دولة بني مرين وبني زيان وبني نصر

- ‌الباب الأولفي ذكر دولة بني مرين بالعدوة

- ‌عبد الحق بن محيو ومن ولي بعده:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو ثابت عامر:

- ‌أبو الربيع سليمان:

- ‌أبو سعيد عثمان:

- ‌أبو الحسن المريني ودخوله إلى تونس:

- ‌أبو عنان وأعماله بافريقية:

- ‌نهاية المرينيين:

- ‌السلطة بالمغرب الأقصى في عصر المؤلف:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بني زيّان ملوك تلمسان

- ‌يغمراسن:

- ‌عثمان ومن ولي بعده:

- ‌أبو تاشفين عبد الرحمان ودخوله تونس:

- ‌نهاية بني زيّان:

- ‌الباب الثالثفي ذكر دولة بني نصر بالأندلس

- ‌المقالة العاشرةفي ذكر دولة بني حفص بأفريقية

- ‌أبو محمد عبد الواحد

- ‌أبو العلا ادريس

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌المستنصر ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌الواثق:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم ابن أبي زكرياء:

- ‌الدّعي ابن أبي عمارة:

- ‌أبو حفص عمر ابن أبي زكرياء:

- ‌أبو عصيدة ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌أبو بكر الشهيد:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو يحيى زكرياء ابن اللحياني:

- ‌ محمّد أبو ضربة

- ‌أبو يحيى أبو بكر:

- ‌وفاة القاضي ابن قدّاح:

- ‌وفاة الفقيه محمد بن عبد الله بن راشد القفصي:

- ‌وفاة الفقيه عبد الله ابن البراء التنوخي:

- ‌وفاة الشّيخ علي بن منتصر الصدفي:

- ‌وفاة الشّيخ أبي حيان:

- ‌أبو حفص عمر بن أبي بكر والتنافس بين الحفصيين:

- ‌عود إلى ذكر تملك أبي الحسن المريني تونس وأعمالها وما وقع له بها:

- ‌الفضل بن أبي بكر:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم بن أبي بكر وابن تافراجين:

- ‌حركة أبي عنان المريني في اتجاه تونس:

- ‌عود إلى ذكر أبي اسحاق ابراهيم وابن تافراجين:

- ‌وفاة ابن تافراجين:

- ‌وفاة القاضي أبي القاسم بن سلمون البياسي:

- ‌وفاة أبي اسحاق ابراهيم:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو العباس أحمد ونزول النصارى بالمهدية:

- ‌أبو فارس عبد العزيز:

- ‌ترجمة الشّيخ ابن عرفة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز داخل افريقية والمغرب:

- ‌نزول النصارى بقرقنة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز بمالطة والمغرب الأوسط:

- ‌نزول النصارى بجربة ومواجهة أبي فارس لهم:

- ‌حركة أخرى بالمغرب الأوسط لأبي فارس ووفاته:

- ‌مزايا أبي فارس:

- ‌أبو عبد الله محمد المنتصر:

- ‌أبو عمرو عثمان ومن توفي في أيامه من المشايخ:

- ‌أبو زكرياء يحيى بن مسعود وعبد المؤمن بن ابراهيم:

- ‌محمد بن الحسن وتغلب النصارى على مواقع من افريقية:

- ‌الحسن بن محمد والتصارع العثماني الاسباني بافريقية:

- ‌درغوث باشا:

- ‌أحمد الحفصي واستمرار التصارع العثماني الإسباني:

- ‌محمد الحفصي: نهاية الدولة الحفصية والاستقرار العثماني بتونس:

- ‌تتمة من الناسخ:

الفصل: ‌القائم وثورة أبي يزيد:

أهلها، فخرج النّاس في الأخبية، وكتبوا إلى المهدي يسألونه الانتقال إلى المهديّة، فأجابهم إلى ذلك، فانتقلوا إليها وتمّت عمارتها.

وابتنى لعامّة النّاس مدينة أخرى سمّاها زويلة، وبينهما غلوّة سهم، وجعل بها الأسواق والفنادق وأدار بها خنادق متّسعة تجتمع بها مياه الأمطار، فكانت كالرّبض لمدينة المهديّة، ولمّا جاء المعز (118) بن باديس جعل عليها سورا لما دخل العرب افريقية (119) سنة أربع وأربعين وأربعمائة (120)، وقد خرّبت هذه المدينة فلا أثر لها الآن، (فهي اسم بلا رسم)(121) وكان بخارجها الحمى المعروف بحمى زويلة كله جنّات وبساتين بسائر الثمار / وأنواع الفواكه فأفسدته العرب.

وأقام المهدي ساكنا بالمهديّة بقية عمره حتى مات بها (وقيل برقادة)(122) سنة اثنين وعشرين وثلاثمائة (123).

‌القائم وثورة أبي يزيد:

فولي بعده ولده محمّد أبو القاسم ولقّب «القائم» فأخفى موت أبيه سنة (124) حتى أحكم أمره، وكان شهما ذا بطش، غزا جنوة فافتتحها عنوة (125)، فكان فتحا جليلا، وفي آخر أيامه ابتلي بأبي يزيد مخلد بن كيداد النّكّاري، كان رجلا من الإباضية يظهر الزّهد والقيام غضبا لله تعالى، ولا يركب غير حمار ولا يلبس غير الصّوف تصنّعا واظهارا للتّنسّك والصّلاح مع تمسّكه بأقبح البدع، وشاع جميع أمره من بلاد افريقية، ولمّا سمع القائم بتوجهه إلى باجة وجّه خادمه بشرى الصقلبي (126) ليبادره «بدخول (127) باجة

(118) في الأصول: «العزيز» والمثبت من الرحلة ص: 324.

(119)

في رحلة التجاني: «أرضه» .

(120)

1052 - 1053 م.

(121)

اضافة من المؤلف.

(122)

اضافة من المؤلف.

(123)

933 - 934 م ينتهي النقل من الرحلة 320 - 324.

(124)

الحلل السندسية 2/ 26.

(125)

نفس المرجع.

(126)

في الأصول: «بشريا الصقلي» والمثبت من الرحلة ص: 24.

(127)

يرجع إلى النقل من الرحلة ص: 24.

ص: 347

فيضبطها ويعسكر بها، فما وصل أبو يزيد إلاّ وقد وجد بشرى (*) فاقتتلا فانهزم أبو يزيد هزيمة فاحشة، فلمّا رأى أبو يزيد ما حلّ به نزل عن فرسه وركب حماره الأشهب وقال لمن بقي معه: هذه ليست حال من يريد الهروب بل حال من يطلب الموت [ثم] خالف بشرى (*) إلى أخبيته فجازها، فعلم بشرى بذلك، فأدركه رعب فولى منهزما وتبعه أصحاب أبي يزيد يأسّرون ويقتلون، ووصل بشرى إلى تونس منهزما ودخل أبو يزيد باجة بالسّيف، ثم خرج بشرى من تونس بعد أن ولى عليهم واليا من قبله، وسار حتى وصل سوسة، فلمّا علم القائم بالهزيمة أمدّه بالجيوش والأموال وأمره / أن يستعد (128) للقاء أبي يزيد ثانية، فكتب أهل تونس لأبي يزيد يلتمسون تأمينه فأمنهم، وخرج بشرى من سوسة فوصل إلى المرصد (129)[وهي] قرية كانت قرب المنارة، فلمّا علم أبو يزيد وجّه للقائه أيوب (130) بن خيران، فوصل إلى المرصد فتقهقر بشرى إلى اهريقلية فتحيّز بسور القلعة، ولحقه أيوب فالتقيا فانهزم أيّوب وقتل من أصحابه ألوف وأسّر منهم مئون فوجههم بشرى إلى المهديّة فقتلهم العامة بالعصي والحجارة، وانقلب أيّوب إلى أبي يزيد منهزما فساءه ذلك ورحل بنفسه قاصدا بشرى فوجده انصرف إلى المهديّة، فوقف على المعترك وترحم (131) على قتلاه وأمر بمواراتهم (132).

ثم توجّه إلى القيروان فملكها ووجّه مستوية (133) النكّارى إلى تونس لما بلغه من مخالفتهم عليه بعدما كانوا دخلوا في طاعته فعلم بذلك القائم فوجّه عمار بن علي بن الحسين ليسبقه إليها فما قرب إليها الاّ وقد علم أن مستوية (133) قد دخلها وقتل كثيرا من أهلها وأخرب كثيرا من مساجدها فعزم على الرجوع فخرج إليه مستوية (133) فيمن معه من النكارية فالتقوا بصلتان (134) قرب سليمان «فانهزم عمار بن علي والكتاميون هزيمة شنيعة، وقتل منهم جماعة، وحال الليل بينهما، فلجأ عمّار إلى جبل الرّصاص،

(*) في الأصول: «بشريا الصقلي» والمثبت من الرحلة ص: 24.

(128)

في الأصول كما في بعض أصول الرحلة: «يعتد» والمثبت من محقق الرحلة ص: 25.

(129)

هو مرصد شريك من طرف الجزيرة وطرف الجزيرة المذكور في النص هو بدون شك الطرف الغربي أي في جهة بئر بورقية، (المصدر السالف، تعليق 77) المحقق.

(130)

في الأصول: «أبا أيوب» والمثبت من الرحلة ص: 25 وكتاب العبر 4/ 89، وهو أيوب بن خيران الزويلي أبو سليمان، وهو رجل كثير الشر من مزاتة.

(131)

في الأصول «متأسفا» والمثبت من الرحلة ص: 25.

(132)

الرحلة: ص: 24 - 25.

(133)

في الأصول: «مستاوية» والمثبت من الحلل 2/ 27 والرحلة ص: 22.

(134)

عن واقعة صلتان انظر الحلل السندسية 2/ 27.

ص: 348

وامتنع ليلته تلك وأصبح مرتحلا فأتبعه مستوية (*) بجنوده، فالتقوا ثانية فانهزم النكارة / وقتل بشر (135) كثير منهم وجرح مستوية (133)».

وبلغ ذلك أهل تونس فأخرجوا من كان عندهم من النكارّة، وقتلوا كثيرا منهم، ولم تزل الحرب بين عساكر القائم وأبي يزيد سجالا مرة لهذا وأخرى للاخر (136)، وآخر الأمر استعلى أبو يزيد على القائم واحتوى على كثير من البلاد، واجتمع عليه أكثر العباد، وقام معه جماعة القيروان فزحف بجنوده نحو المهديّة سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة (137) فعلم (138) القائم بذلك فأمر بحفر خندق حول المهديّة وزويلة، ووصل أبو يزيد في جيوشه فأحاط بالمهديّة وعسكر بخربة جميل (139) على أميال قريبة من المهديّة، فكانت خيله تصل إلى أرباضها، فتقتل وتنهب، فلجأ جميع الناس إلى المهديّة، وأخلوا أرباضها. قال الشّيخ أبو الحسن القابسي: «وأبصر القائم ذات يوم غرة من أبي يزيد لتفرق أكثر جيشه للنهب فأخرج طائفة من جيشه الكتاميين وغيرهم فقصدوا أبا يزيد، وسبق الخبر إلى أبي يزيد بذلك، فوافق ذلك وصول ابنه الفضل بجمع عظيم من ضريسة، فأمرهم بلقائهم وأن يكفّ عن قتالهم ما كفوا عنه، فان أبوا الا قتاله وجه إليه من يعلمه بذلك، فالتقوا بسوق الأحد وهو موضع بين سور المهديّة ومعسكر أبي يزيد وسطا، فأبى الكتاميون الا قتال فضل، فوجّه إلى أبيه يعلمه بذلك، فركب أبو يزيد من حينه يجمع من معه فوافاهم وهم يقتتلون وقد هزم ابنه فضل وقتل من أصحابه جماعة، فلمّا / رآه الكتاميون انهزموا من غير قتال وبحأوا إلى المهديّة فدخلوا إليها.

ووصل أبو يزيد في أثرهم إلى أن أشرف على المهدية، فأحب نقل مآربه (140) إلى موضعه ذلك فأشار عليه أصحابه بالرجوع إلى معسكره وأن تكون اقامته به إلى أن

(*) في الأصول: «مستاوية» والمثبت من الحلل 2/ 27 والرحلة ص: 22.

(135)

في الأصول: «بشرى» وفي الحلل: «خلق» ، والمثبت من الرحلة ص:23.

(136)

انظر كتاب العبر 4/ 89.

(137)

944 - 945 م.

(138)

النقل الموالي من رحلة التجاني ص: 325.

(139)

كذا في رحلة التجاني ص: 325، وهي على خمسة عشر ميلا من المهدية، وفي تاريخ الخلفاء من كتاب عيون الأخبار:«خربة جميلة» ص: 304، وهي غير مذكورة في المصادر الأخرى وقال محمد اليعلاوي:«ويبدو أن التجاني والداعي ادريس يستقيان من منبع واحد، وربما استخدم ابن الأثير أيضا هذا المصدر المفقود» أنظر هامش 136 ص: 304 من تاريخ الخلفاء.

(140)

في الرحلة: «فازاته» .

ص: 349

يستقصي الأمور فرجع إليه وأقام هنالك أياما، ثم انتقل منه وزحف إلى المهديّة فوصل إلى خندقها واقتحم (141) الماء بمن معه، فوصل الماء إلى صدور خيلهم وجيوش القائم في ذلك كلّه متقهقرة عنه، ووصل أبو يزيد بنفسه في تلك الخطرة (142) إلى مصلّى المهديّة فلم يبق بينه وبين المهديّة إلاّ رمية سهم حسبما أنذر به المهدي عند بناء سورها، فلمّا رأى الناس ذلك لم يشكّوا في تغلّبه على المهديّة فاجتمعوا على القائم وعظموا له (143) الأمر وسألوه الخروج إلى أبي يزيد فقال لهم: انه قد بلغ إلى أقصى غايته ولن يتجاوزه ولينجزن الله وعده، ثم قال [لبعض] من بين يديه: اصعد إلى السّور فاذا رأيت أبا يزيد انتقل عن مكانه من المصلّى فأشر إلينا باشارة نعرف ذلك بها ففعل الرجل ما أمر به، فقال لهم القائم:

أبشروا فلن يعود أبو يزيد إلى مكانه ذلك أبدا، وانتقل أبو يزيد إلى الموضع المعروف «بترنوط» وهو على خمسة أميال من المهديّة، فعسكر هنالك، واتّصل حصاره لها فقتل بين الفريقين في ذلك على توالي الأيام أمم لا تحصى أكثرها من جيوش القائم. وذكر البكري [أن] (144) في كتاب الحدثان: ويل لأهل السواد (145)، / من محلة ابن كيداد» ويقال من مخلد بن كيداد (146).

ولمّا طال على جيش (147) أبي يزيد المقام وسئموا التغرب على بلادهم وتحققوا حصانة المهديّة [وامتناعها] وذلك في شهر صفر سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة (148) انفصلوا عن أبي يزيد بأجمعهم فلم يبق معه إلاّ طوائف من هوارة وزناتة، فأقلع عن المهديّة، ومات القائم في آخر هذه السنة وأبو يزيد محاصر لسوسة» (149).

وسبب محاصرته لها أنها امتنعت منه سنة (150) اثنين وثلاثين وثلاثمائة (151) فلم يزل

(141) كذا في ط والرحلة، وفي ت وش:«لجمعهم» .

(142)

في ش: «حضرة» والمثبت من الرحلة ص: 326.

(143)

في ش: «عليه» والمثبت من الرحلة.

(144)

النقل من الرحلة وفي الأصول: «وذكر البكري في كتاب الحدثان» مما يوهم أن للبكري كتاب الحدثان، والاضافة من الرحلة لأن الصحيح أن البكري نقل عن كتب الحدثان.

(145)

أهل السواد: «أهل الساحل» الرحلة نقلا عن البكري ص: 326.

(146)

انظر الكتاب المغرب من المسالك والممالك المرجع السابق ص: 30.

(147)

في الرحلة: «جند» .

(148)

سبتمبر 945 م.

(149)

الرحلة 325 - 327.

(150)

ينتقل إلى صفحة 27 من الرحلة.

(151)

943 - 944 م.

ص: 350