المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثورة محمد بن عبد الكريم الرجراجي: - نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار - جـ ١

[محمود مقديش]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة الكتاب

- ‌تمهيد:

- ‌المقدمة:

- ‌المقالة الأولى[في تحديد المغرب برا وبحرا وأسماء البلدان]

- ‌الباب الأولفي تحديد المغرب برا وبحرا

- ‌البحر المظلم:

- ‌الحدود البرية للمغرب:

- ‌حفر الزقاق:

- ‌المدّ والجزر:

- ‌حدود البحر الشامي:

- ‌الباب الثانيفي الكلام على ضبط بر المغرب الأقصى وما يليه من الغرب الأوسط وذكر ما فيه من البلاد والعباد

- ‌البربر وأصولهم وافريقية وتسميتها:

- ‌نول لمطة:

- ‌آزكّي:

- ‌سجلماسة:

- ‌درعة:

- ‌السّوس:

- ‌جبل درن:

- ‌أغمات وريكة:

- ‌مراكش:

- ‌نهر تانسيفت:

- ‌ أغمات أيلان

- ‌عود إلى ذكر مرّاكش:

- ‌الطريق من مرّاكش إلى أم ربيع:

- ‌آنقال:

- ‌مكول:

- ‌ايكسيس:

- ‌سلا:

- ‌فضالة:

- ‌الطريق من فضالة إلى آسفي:

- ‌آسفي:

- ‌مرسى ماست:

- ‌داي وتادلة:

- ‌الطريق من تادلة إلى‌‌ فاس:

- ‌ فاس:

- ‌ صفروي

- ‌قلعة مهدي:

- ‌مغيلة:

- ‌ مكناسة

- ‌بني تاورة:

- ‌السوق القديمة:

- ‌قصر عبد الكريم:

- ‌عود إلى ذكر فاس:

- ‌الطريق من فاس إلى تلمسان:

- ‌ تلمسان

- ‌الطريق من تلمسان إلى تنس:

- ‌تنس:

- ‌وهران:

- ‌المسيلة:

- ‌الطريق من وازلفن إلى مليانة:

- ‌مليانة:

- ‌الطريق من كزناية إلى المسيلة:

- ‌قلعة بني حمّاد وما جاورها:

- ‌قسنطينة وما جاورها:

- ‌جبل سحاو:

- ‌سوق بني زندوي:

- ‌جيجل:

- ‌مدن أخرى:

- ‌الجزائر:

- ‌تامدفوس:

- ‌مرسى الدّجاج:

- ‌تدلس:

- ‌بجاية:

- ‌الطريق من بجاية إلى القلعة:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌بلزمة:

- ‌حصن بشر:

- ‌سبتة:

- ‌الجزر والمدن والمراسي والمواقع الساحلية من سبتة إلى بونة:

- ‌ باغاية

- ‌توزر:

- ‌قفصة:

- ‌الطرقات من قفصة إلى ما جاورها:

- ‌ جبل نفّوسة

- ‌قابس:

- ‌صفاقس:

- ‌ قصر الجم

- ‌جمال:

- ‌المهدية:

- ‌نفزاوة:

- ‌ القيروان

- ‌تونس:

- ‌قرطاجنة:

- ‌بنزرت:

- ‌طبرقة:

- ‌باجة:

- ‌مرسى الخرز:

- ‌ بونة

- ‌الأربس:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌جزيرة باشو:

- ‌جبل زغوان:

- ‌جبل وسلات:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌طرابلس:

- ‌الطرقات من طرابلس إلى ما جاورها:

- ‌جبل دمر:

- ‌برقة

- ‌الطريق من برقة إلى العين:

- ‌الطريق من برقة إلى الإسكندرية:

- ‌الطريق الساحلي من بونة إلى نابل:

- ‌نابل:

- ‌الطريق الساحلي من نابل إلى سوسة:

- ‌سوسة:

- ‌الطريق الساحلي من سوسة إلى صفاقس:

- ‌جزيرة قرقنة:

- ‌الطريق الساحلي من صفاقس إلى جربة:

- ‌جربة:

- ‌الطريق الساحلي من جربة إلى لبدة:

- ‌لبدة:

- ‌الطريق الساحلي من لبدة إلى الإسكندرية:

- ‌ الإسكندرية

- ‌جغرافية الأندلس:

- ‌اليونان ودورهم بالأندلس:

- ‌طليطلة وما جاورها:

- ‌قرطبة:

- ‌المرية:

- ‌أقاليم الأندلس:

- ‌مدن ساحلية:

- ‌جزر البحر الشامي:

- ‌صقلية:

- ‌المقالة الثّانيةفي ذكر الخلافة وخلفاء الصّحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من خلفاء بني أميّة بالمشرق وفتوحات المغرب في أيّامهم

- ‌الباب الأولفي الخلافة وخلافة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة - رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌مفهوم الخلافة:

- ‌آدم عليه السلام أول الخلفاء:

- ‌كيومرث:

- ‌مهلائيل:

- ‌شيث وذريته:

- ‌ ادريس

- ‌إبراهيم وإبنيه:

- ‌العرب: طرف من أصلهم وبعض من أخبارهم:

- ‌ولاية الكعبة:

- ‌الخليفة الأكبر محمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌خلافة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌خلافة عثمان رضي الله عنه

- ‌خلافة علي رضي الله عنه

- ‌خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌يزيد:

- ‌بقية خلفاء بني أمية:

- ‌غزوات عمرو بن العاص:

- ‌غزوة عبد الله بن سعد بن أبي سرح:

- ‌ولاية معاوية بن خديج:

- ‌ولاية أبي المهاجر:

- ‌ولاية عقبة بن نافع وغزواته:

- ‌غزوة عقبة بن عامر الجهنّي:

- ‌غزوة رويفع بن ثابت:

- ‌غزوة زهير بن قيس البلوي:

- ‌ولاية حسان بن النعمان وغزواته:

- ‌فتح الأندلس:

- ‌بيت الحكمة بالأندلس:

- ‌تتمة الحديث عن فتح الأندلس:

- ‌ولاية عبد الله بن موسى بن نصير:

- ‌ولاية علي بن رباح:

- ‌المقالة الثّالثةفي ذكر خلفاء بني العبّاس وبعض أمرائهم بالعراق وأمرائهم بالمغرب

- ‌الباب الأولفي ذكر خلفاء بني العباس

- ‌قيام الدولة وخلافة أبي العباس السفّاح:

- ‌أبو جعفر المنصور:

- ‌محمد المهدي:

- ‌محمد موسى الهادي:

- ‌ هارون الرّشيد

- ‌محمد الأمين:

- ‌المأمون وقضية خلق القرآن:

- ‌المعتصم:

- ‌الواثق بالله:

- ‌المتوكل على الله:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌المعتز بالله:

- ‌المهتدي بالله:

- ‌المعتمد وحركة الزنج:

- ‌ المعتضد بالله

- ‌المكتفي بالله وظهور القرامطة:

- ‌المقتدر بالله وقيام أبي طاهر القرمطي:

- ‌القاهر بالله والراضي بالله:

- ‌المتقي بالله:

- ‌المستكفي بالله:

- ‌المطيع لله:

- ‌الطائع لله:

- ‌القادر بالله:

- ‌القائم بأمر الله:

- ‌المستظهر بالله:

- ‌المسترشد بالله:

- ‌الراشد بالله:

- ‌المقتفي لأمر الله:

- ‌المستنجد بالله:

- ‌المستضيء بالله:

- ‌الناصر لدين الله:

- ‌المستنصر بالله:

- ‌المستعصم بالله:

- ‌التتار:

- ‌هولاكو وسقوط بغداد وانقراض الدولة العباسية:

- ‌العباسيون بمصر:

- ‌تيمورلنك:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بعض أمراء بني العباس بالمشرق

- ‌ الصفارية

- ‌السامانيون:

- ‌الغزنويون:

- ‌السلاجقة:

- ‌الديلمية:

- ‌السلقدية:

- ‌الخوارزمية:

- ‌الباب الثالثفي مشاهير أمراء بني العبّاس بالمغرب

- ‌يزيد بن حاتم:

- ‌هرثمة بن أعين:

- ‌بداية بني الأغلب:

- ‌أبو العباس عبد الله:

- ‌زيادة الله:

- ‌أبو العباس محمد:

- ‌زيادة الله الأصغر:

- ‌أبو الغرانيق:

- ‌ابراهيم:

- ‌عبد الله بن ابراهيم:

- ‌المقالة الرّابعةفي ذكر ملوك الشّيعة بالمغرب وكيفيّة انتقالهم لمصر وما يتبع ذلك

- ‌عبيد الله المهدي وقيام الدّولة الفاطمية:

- ‌حركة القيروانيين المضادة للفاطميين:

- ‌أقوال بعضهم في الفاطميين والمجادلة حول رميهم بالكفر والزندقة وتبرئتهم منهما:

- ‌تأسيس المهديّة:

- ‌القائم وثورة أبي يزيد:

- ‌المنصور وفشل ثورة أبي يزيد:

- ‌المعز لدين الله وانتقال الفاطميين إلى مصر

- ‌الفاطميون بمصر:

- ‌المقالة الخامسةفي ذكر ملوك ضهاجة بالمغرب وصلاح الدّين بمصر

- ‌الباب الأولفي ذكر ملوك صنهاجة

- ‌زيري بن مناد:

- ‌بلكين بن زيري:

- ‌باديس:

- ‌المعزّ بن باديس: قطعه الدعوة للفاطميين واجتياح العرب افريقية

- ‌تميم بن المعز:

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌علي بن يحيى وابنه الحسن:

- ‌الباب الثانيفي ذكر دولة‌‌ نور الدين

- ‌ نور الدين

- ‌عماد الدّين اسماعيل:

- ‌عود إلى ذكر نور الدين:

- ‌الحملات الصليبية الأولى واستقرار الافرنج بالشام:

- ‌صلاح الدين وحروبه مع الصليبيين:

- ‌الملك الكامل والحروب الصليبية الخامسة:

- ‌الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب والحروب الصليبية السادسة

- ‌نهاية الأيوبيين:

- ‌المماليك بمصر:

- ‌المقالة السّادسةفي ذكر خلفاء بني أميّة بالأندلس وذكر الطوائف بعدهم

- ‌بنو أميّة:

- ‌ملوك الطوائف:

- ‌المقالة السّابعةفي ذكر ملوك لمتونة وهم الملثمون بالعدوة والأندلس

- ‌بداية المرابطين:

- ‌يوسف ابن تاشفين وحروبه الموفّقة في الأندلس:

- ‌نهاية المرابطين:

- ‌المقالة الثّامنةفي ذكر دولة الموحّدين وأمرائهم بالعدوة والأندلس وافريقية

- ‌الباب الأولفي أول ملوكها ومن بعده من الملوك

- ‌المهدي بن تومرت:

- ‌ عبد المؤمن

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌العادل:

- ‌المعتصم:

- ‌المأمون ومن ولي بعده إلى نهاية الدولة الموحدية:

- ‌الباب الثانيفي فتح عبد المؤمن للمهدية والبلاد الساحلية بعد استيلاء الافرنج عليها حسبما ذكره ابن الأثير وغيره من أئمة التاريخ

- ‌أسباب احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌هروب الحسن الصنهاجي والتقائه بعبد المؤمن:

- ‌احتلال النرمان لصفاقس والسّاحل:

- ‌انتفاض صفاقس وغيرها من المدن على النرمان:

- ‌عبد المؤمن يسير نحو افريقية ويخلصها من النرمان وتمتثل لطاعته:

- ‌الباب الثالثفي ذكر ثوار افريقية على الموحدين

- ‌ثورة بني غانية:

- ‌ثورة محمد بن عبد الكريم الرجراجي:

- ‌يحيى الميورقي يستولي على المهديّة وتونس وغيرهما:

- ‌يحيى الميورقي يستمر في ثورته ويصده عنها النّاصر الموحدي ويفتكّ منه افريقية:

- ‌نهاية قراقوش ويحيى الميورقي بن غانية:

- ‌المقالة التّاسعةفي ذكر دولة بني مرين وبني زيان وبني نصر

- ‌الباب الأولفي ذكر دولة بني مرين بالعدوة

- ‌عبد الحق بن محيو ومن ولي بعده:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو ثابت عامر:

- ‌أبو الربيع سليمان:

- ‌أبو سعيد عثمان:

- ‌أبو الحسن المريني ودخوله إلى تونس:

- ‌أبو عنان وأعماله بافريقية:

- ‌نهاية المرينيين:

- ‌السلطة بالمغرب الأقصى في عصر المؤلف:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بني زيّان ملوك تلمسان

- ‌يغمراسن:

- ‌عثمان ومن ولي بعده:

- ‌أبو تاشفين عبد الرحمان ودخوله تونس:

- ‌نهاية بني زيّان:

- ‌الباب الثالثفي ذكر دولة بني نصر بالأندلس

- ‌المقالة العاشرةفي ذكر دولة بني حفص بأفريقية

- ‌أبو محمد عبد الواحد

- ‌أبو العلا ادريس

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌المستنصر ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌الواثق:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم ابن أبي زكرياء:

- ‌الدّعي ابن أبي عمارة:

- ‌أبو حفص عمر ابن أبي زكرياء:

- ‌أبو عصيدة ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌أبو بكر الشهيد:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو يحيى زكرياء ابن اللحياني:

- ‌ محمّد أبو ضربة

- ‌أبو يحيى أبو بكر:

- ‌وفاة القاضي ابن قدّاح:

- ‌وفاة الفقيه محمد بن عبد الله بن راشد القفصي:

- ‌وفاة الفقيه عبد الله ابن البراء التنوخي:

- ‌وفاة الشّيخ علي بن منتصر الصدفي:

- ‌وفاة الشّيخ أبي حيان:

- ‌أبو حفص عمر بن أبي بكر والتنافس بين الحفصيين:

- ‌عود إلى ذكر تملك أبي الحسن المريني تونس وأعمالها وما وقع له بها:

- ‌الفضل بن أبي بكر:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم بن أبي بكر وابن تافراجين:

- ‌حركة أبي عنان المريني في اتجاه تونس:

- ‌عود إلى ذكر أبي اسحاق ابراهيم وابن تافراجين:

- ‌وفاة ابن تافراجين:

- ‌وفاة القاضي أبي القاسم بن سلمون البياسي:

- ‌وفاة أبي اسحاق ابراهيم:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو العباس أحمد ونزول النصارى بالمهدية:

- ‌أبو فارس عبد العزيز:

- ‌ترجمة الشّيخ ابن عرفة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز داخل افريقية والمغرب:

- ‌نزول النصارى بقرقنة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز بمالطة والمغرب الأوسط:

- ‌نزول النصارى بجربة ومواجهة أبي فارس لهم:

- ‌حركة أخرى بالمغرب الأوسط لأبي فارس ووفاته:

- ‌مزايا أبي فارس:

- ‌أبو عبد الله محمد المنتصر:

- ‌أبو عمرو عثمان ومن توفي في أيامه من المشايخ:

- ‌أبو زكرياء يحيى بن مسعود وعبد المؤمن بن ابراهيم:

- ‌محمد بن الحسن وتغلب النصارى على مواقع من افريقية:

- ‌الحسن بن محمد والتصارع العثماني الاسباني بافريقية:

- ‌درغوث باشا:

- ‌أحمد الحفصي واستمرار التصارع العثماني الإسباني:

- ‌محمد الحفصي: نهاية الدولة الحفصية والاستقرار العثماني بتونس:

- ‌تتمة من الناسخ:

الفصل: ‌ثورة محمد بن عبد الكريم الرجراجي:

مسالمة واليهم بن تافراجين، وان يتوجّه بماله وأهله في البحر، فاشترط لهم ذلك، ووفّى به، وأغرمهم ستين ألف دينار عقوبة / لهم» (76) وكان ذلك سنة احدى وتسعين وخمسمائة (77).

‌ثورة محمد بن عبد الكريم الرجراجي:

«وفي سنة خمس وتسعين (78) ثار بالمهديّة محمد بن عبد الكريم الرجراجي (79) على المنصور فلمّا توفي المنصور ليلة الجمعة ثاني ربيع الأولى من السنة المذكورة وولي ابنه بعده النّاصر واستوزر أبا محمد عبد الواحد بن أبي حفص صاحب عبد المؤمن استبدّ ابن عبد الكريم بنفسه، وقبض على والي المهديّة الشّيخ أبي علي يونس بن الشّيخ أبي حفص ابن عبد المؤمن، وكان محمّد بن عبد الكريم هذا ممن نشأ بالمهديّة وكان أبوه من جندها السّاكنين بها المنظور (80) اليهم فيها، وهو مضاف إلى قبيلة كومية (81)، وكانت (82) لمحمد هذا شجاعة وبسالة ظهرت له في مواطن كثيرة مع الأعراب وغيرهم، وكان قد جمع لنفسه خيلا ورجالا من الرّعايا (83) يغزو بهم على الأعراب المفسدين، فيكّف ضررهم واعتداءهم، وقد علم إقدامه وغناؤه فقدّمه الوالي على ذلك وأطلق يده فيمن (84) اعتدى منهم، فكان يقبض عليهم فيقتل (85) منهم من يقتل ولا يطلق من حبسه (86) منهم إلاّ بعد دفع أموال كثيرة واعطاء العهود والمواثيق على الكفّ عن العناد والفساد، فكانت العرب تهابه ولا تنتجع أرضا إلاّ باذنه، فارتفع صيته بذلك وسما ذكره وحصل الأمن به في تلك

(76) رحلة التجاني ص: 105 - 106 أثناء الكلام عن قابس، والمؤلف نقل عباراته حرفيا الا في القليل.

(77)

1195 م وانتقل المؤلف إلى صفحة 350 من رحلة التجاني.

(78)

1198 م.

(79)

كذا في الأصول ورحلة التجاني، أو الركراكي بالكاف الفارسية التي تلفظ كالجيم المصرية.

(80)

في رحلة التجاني: «المترتبين» .

(81)

في الأصول: «كريمة» والتصويب من رحلة التجاني ص: 350.

(82)

في الأصول: «وكان» .

(83)

في ش: «الرعاية» .

(84)

ساقطة من ش وفي ط: «في من» .

(85)

في ش: «فقتل» .

(86)

في الأصول: «حيي» والتصويب من رحلة التجاني.

ص: 510

الجهات، فكان يدعى له في المساجد وعقب الصلوات.

فاتفق أن قدم الشيخ أبو سعيد ابن الشّيخ أبي حفص على افريقية / من قبل المنصور فولى أبو سعيد على المهديّة أخاه أبا علي يونس بن أبي حفص، فلمّا وصل إليها واطلع على حال ابن عبد الكريم بها طالبه باسهامه فيما يناله من أموال الأعراب المفسدين، فامتنع ابن عبد الكريم من ذلك وطلب من الشّيخ أبي علي أن يجريه على ما أجراه عليه الولاة من قبله، فقبض الشّيخ أبو علي عليه وأهانه وامتحنه، فبعث ابن عبد الكريم إلى أخيه الشّيخ أبي سعيد يستشفع به فأعرض الشّيخ أبو سعيد عنه، واتّفق باثر ذلك أن عظم فساد العرب في الساحل وكثر التشكّي منهم، فألح النّاس على الشّيخ أبي علي في اطلاق ابن عبد الكريم وكادت (87) تقوم بسبب ذلك فتنة فاضطر إلى اطلاقه ورد إليه جنده الذين كانوا متميزين بصحبته، وأمره بالخروج لكف أولائك العربان عن الفساد، فاغتنم ابن عبد الكريم ذلك وخرج عن المهديّة مبادرا وضرب أخبيته بظاهرها، وأقام هنالك يومين إلى أن اجتمع إليه النّاس، فشكا إليهم ما فعل الشيخ أبو علي به وعرفهم أنه عازم على الغدر به إن وقعت منهم موافقة له، فأجابوه إلى ذلك وصوّبوا له رأيه، فنهض بهم في ثلث الليل الأخير إلى المهديّة، فلما فتح بابها دخل إليها بمن أحبّ من جنده وأمر باغلاق الباب، ثم بادر إلى قصر الشّيخ أبي علي وكان ابن عبد الكريم متلثما فأنكره البواب وأغلق باب القصر / فحسر عن وجهه فعرفه ففتح له وهرب فدخل ابن عبد الكريم وجماعته إلى القصر، وسمع الشّيخ أبو علي أصواتهم فخرج إلى رحبة القصر عزلا (88) من السلاح، فقبض ابن عبد الكريم عليه وأحب قتله فشفع فيه بعض أصحابه فاستحياه (89) وثقفه في موضع من القصر، وذلك في شهر شعبان من سنة خمس وتسعين (90) المذكورة آنفا، فلم يزل هنالك إلى أن وصل فداؤه من قبل أخيه أبي سعيد ابن أبي حفص على يدي محمد بن عبد السلام الكومي [وذلك] خمسمائة دينار ذهبا، فأطلقه ابن عبد السلام المذكور وكان صهرا لابن عبد الكريم.

(87) في الأصول: «وكاد أن» وكادت تقوم بحذف «أن» قبل تقوم كما في رحلة التجاني، وهو الصحيح الفصيح قال تعالى:«اذا أخرج يده لم يكد يراها» .

(88)

جاء في تاج العروس: «ومنه حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله تعالى عنه - رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية عزلا فأعطاني جحفة، الحديث أي ليس معي سلاح» 8/ 15. والأكثر استعمالا: «أعزل». في الرحلة «عاريا» .

(89)

في الأصول: «فاستحيى» والمعنى أنه أبقى على حياته.

(90)

جوان 1199 م.

ص: 511

ووصل الشّيخ أبو علي لأخيه الشّيخ أبي سعيد بتونس فزجره وهجره ولم يزل غاضبا (91) عليه مدّة من الدّهر، واستبدّ ابن عبد الكريم بحصن المهديّة وتسمى من الأسماء السلطانية «بالمتوكل على الله» وكانت الكتب تنفذ عنه بذلك وقوي أمره، ووصل إلى تونس والسيد أبو زيد بن أبي حفص بن عبد المؤمن واليا عليها، فعزم ابن عبد الكريم على محاصرته فحشد جموعه ووصل إلى تونس في شهر المحرم سنة ست وتسعين (92)، وكان الشّيخ أبو سعيد اذ ذاك معزولا فدار ابن عبد الكريم بعسكره إلى قرطاجنة فضرب أخبيته وخيامه عند مدخل البحر (93) وهو حلق الوادي، فأمر السيّد أبو زيد عند ذلك بتسيير (94) القطع في البحر وخروج العسكر في البر، وكان ابن عبد الكريم قد أكمن للجيش كمينا في بعض المواضع، فلمّا وصل عسكر تونس / ووقع القتل بينه وبين ابن عبد الكريم خرج ذلك الكمين فولى العسكر منهزما وقتل منه مقتلة عظيمة، ولم ينج منه إلاّ القليل، وترامى منه جماعة في البحر فقتلوا هنالك، وانبسطت جموع ابن عبد الكريم في تلك الجهات فأخذوا من المرسى المعروفة بمرسى البرج أموالا كانت للنّاس هنالك وأمتعة، وانتهبوا من تلك القرى ما قدروا عليه.

وبعث السيّد أبو زيد والشّيخ أبو سعيد إلى ابن عبد الكريم أشياخا من الموحدين يعيبون عليه فعله ويذكرون انتماءه للموحدين ويسألونه الرّجوع عنهم، فأجاب إلى ذلك، ورجع إلى المهديّة فأقام بها أشهرا، ثم حدثته نفسه بحصار يحيى بن اسحاق الميورقي وهو اذ ذاك بقابس، وقد حدثت بينهما وحشة ومنافرة، فخلف على المهديّة ابنه عبد الله، وتوجّه إلى قابس، فلمّا أشرف عليها هاله أمرها وعلم أن لا طاقة له بها فارتحل عنها إلى قفصة وحكم عليها، وعند استقراره بها وصل إليه الخبر أن الميورقي خرج إليه من قابس في اتباعه فخرج ابن عبد الكريم بجيوشه من قفصة ونزل بقصور لالة، ووصل إليه الميورقي فالتقيا هنالك فكانت (95) الهزيمة على ابن عبد الكريم وولى هاربا لا يلوي على شيء إلى أن حصل بالمهديّة، وتسرب إليه من سلم من جنده فحصلوا بها واحتوى

(91) في الأصول «مغضبا» .

(92)

أكتوبر - نوفمبر 1199 م.

(93)

عند مدخل البحر إلى البحيرة وهو المكان المعروف بحلق الوادي: رحلة التجاني ص: 352.

(94)

في الأصول: «تعمير» .

(95)

في ش: «فكان» .

ص: 512