الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقالة الرّابعة
في ذكر ملوك الشّيعة بالمغرب وكيفيّة انتقالهم لمصر وما يتبع ذلك
عبيد الله المهدي وقيام الدّولة الفاطمية:
أقول الشّيعة فرقة مبتدعة يرون أفضليّة علي - رضي الله تعالى عنه - على الشّيخين أبي بكر وعمر - رضي الله تعالى عنهما - ويرون استحقاق ذرّية علي للخلافة دون بني أميّة والعبّاس، والنّسبة إلى الشّيعة شيعي، وأول من ظهر منهم بالمغرب فادعى الخلافة لنفسه أبو محمد عبيد الله الملقّب «بالمهدي» . نقل ابن خلكان (1) عن صاحب «تاريخ القيروان» (2) أنه عبيد الله بن الحسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد / بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنهم - وقيل هو عبيد الله بن التّقي (3) بن الوفي (4) بن الرّضي، وهؤلاء الثّلاثة يقال لهم المستورون في ذات الله، والرّضي المذكور ابن محمد بن اسماعيل بن جعفر المذكور، واسم التّقي (5) الحسين، واسم الوفي أحمد، واسم الرّضي عبد الله، وانما استتروا خوفا على أنفسهم لأنهم كانوا مطلوبين من جهة خلفاء بني العبّاس، لأنهم علموا أن فيهم من يريد الخلافة أسوة بغيرهم من العلويين، ووقائعهم في ذلك مشهورة، وانما تسمّى المهدي عبيد الله تستّرا.
(1) الوفيات 3/ 117.
(2)
لا نعرف من يقصد اذ كثير هم الذين كتبوا عن القيروان ولعله ابن شداد لأنه قضى قسما من حياته في الشرق واشتهر تأليفه بينهم.
(3)
ذكر ابن خلكان روايات أخرى في نسبه 3/ 117.
(4)
في الأصول: «الموفي» والمثبت من نفس المرجع.
(5)
في الأصول: «المتقي» والمثبت من الوفيات 3/ 117.
وكانت ولادة عبيد الله سنة تسع وخمسين ومائتين (6) بالكوفة (7)، «وكان داعيته ببلاد المغرب أبو عبد الله بن أحمد بن زكرياء المعروف بالشّيعي، سمّي بذلك لأن الشّيعيّ هو المنتسب للشّيعة وهو من صنعاء اليمن، كان من الرّجال الدّهاة الخبيرين بما يصنعون» (8)، كان تعرّف بالحجاز بجماعة من كتامة وترأّس فيهم رئاسة دينية، وقرر عندهم مذهب الشّيعة، فغرّهم برأيه ومذهبه، ووعدهم الملك بالمغرب فاتّبعوه، فمن ثمّ كان أخصّ النّاس بدولة العبيديين، ثم لمّا تمكن من قلوب أولائك الكتاميين دخل معهم المغرب بلا مال ولا رجال بل بالوعد (9) والأماني، فلم يزل يسعى بالمغرب حتى استنزل زيادة الله آخر ملوك بني الأغلب، فهرب - حسبما تقدّم آنفا - ولمّا فرّ زيادة الله ومهّد قواعد البلاد أبو عبد الله الشّيعي أقبل المهدي من المشرق / متوجها إلى سجلماسة (10) فأحسّ به اليسع آخر ملوك بني مدرار (11) فمسكه واعتقله، ومضى إليه أبو عبد الله الشّيعي فأخرجه من الاعتقال، وفوض إليه أمر المملكة، وقيل إن أبا عبد الله الشّيعي لمّا سمع باعتقاله حشد جمعا كثيرا من كتامة وغيرهم وقصد سجلماسة لاستنقاذه، فلمّا سمع اليسع بقدومهم قتل المهدي، فلمّا دخل أبو عبد الله السّجن وجد المهدي مقتولا وعنده رجل من أصحابه كان يخدمه، فخاف أبو عبد الله أن ينتقض عليه ما دبّره من الأمر ان عرفت العساكر بقتل المهدي، فأخرج الرّجل وقال: هذا هو المهدي (12).
فمن هنا نشأ اختلاف كثير في نسب المهدي، وأهل العلم من المحقّقين ينكرون دعواه في النّسب حتى أن ابن طباطبا لما ملك المعزّ من العبيديين مصر كما يأتي - ان شاء الله - قال له: إلى من ينتسب مولانا؟ فقال: سنعقد مجلسا ونجمعكم ونسرد عليكم نسبنا، فلمّا استقرّ المعزّ بالقصر جمع النّاس في مجلس عام وجلس لهم فقال: هل بقي من
(6) 872 - 873 م.
(7)
الوفيات: 3/ 119.
(8)
الوفيات لابن خلكان 2/ 192.
(9)
في الأصول: «الأوعادي» كما ينطقها بعض العوام، وجاء في تاج العروس:«الوعد من المصادر المجموعة ويقال الوعود، وتجمع عدة على عدات والوعد لا يجمع» 2/ 536.
(10)
بعدها في الأصول: «بلاد كتامة» أسقطناها لان سجلماسة في المغرب وهي ساقطة أيضا في الوفيات.
(11)
هو «اليسع» صاحب سجلماسة، الوفيات 3/ 118 وكتاب العبر 7/ 72.
(12)
نقل حرفي من الوفيات 3/ 118.
رؤسائكم أحد؟ فقالوا: لم يبق معتبر، فسلّ عند ذلك نصف (13) سيفه وقال: هذا نسبي ونثر عليهم ذهبا كثيرا، وقال: حسبي، فقالوا جميعا: سمعنا وأطعنا (14). قال ابن خلكان: وفيه دليل على عدم صحة نسبه اذ لو عرفه لذكره (15).
وقال الجلال السيوطي في «تاريخه» إن الخلفاء العبيديين امامتهم غير صحيحة لأمور منها أنهم غير قرشيين لأن جدّهم مجوسي، وقال القاضي عبد الجبار البصري:
اسم جدّ الخلفاء / المصريين سعيد كان أبوه يهوديا حدّادا بسلميّة (16) بفتح السّين المهملة واللاّم وكسر الميم وتشديد الياء المثنّاة تحت وتخفيفها أيضا، بليدة بالشّام، وقال القاضي أبو بكر الباقلاني: القدّاح جدّ عبيد الله الذي يسمّى المهدي كان مجوسيا، ودخل عبيد الله المغرب وادّعى أنه علوي، ولم يعرفه أحد من علماء النّسب وسمّاهم جهلة النّاس فاطميين (17)، وقال الذهبي:[اتفق] المحققون على أن عبيد الله المهدي ليس بعلوي (18).
ولمّا دخل عبيد الله الشّيعي افريقية، ونزل رقّادة ترك جبلة بن حمّود سكنى الرّباط، ونزل القيروان، فكلّم في ذلك فقال: كنّا نحرس عدوّا بيننا وبينه البحر، والآن حلّ هذا العدو في ساحتنا، وهو أشدّ علينا من ذلك، فكان اذا أصبح وصلّى الصّبح خرج إلى طرف القيروان من ناحية رقّادة معه سيفه وترسه وفرسه وسلاحه، وجلس محاذيا لرقّادة إلى غروب الشّمس ثم يرجع إلى داره ويقول: أحرس عورات
(13) في الأصول: «نصل» والمثبت من تاريخ الخلفاء ص: 5، وابن خلكان 3/ 82.
(14)
النقل من الوفيات في ترجمة عبد الله بن طباطبا، 3/ 82، ووردت القصة باختصار في تاريخ الخلفاء الفاطميين بالمغرب «القسم الخاص من كتاب عيون الأخبار للداعي ادريس عماد الدّين» تحقيق محمد اليعلاوي، دار الغرب الإسلامي 1985، ص:5.
(15)
غير موجود في الوفيات.
(16)
في الأصول: «سليمة» وهذه الكتابة لا تتماشى مع شكلها الموصوف في النص وكتبها الطبري سلمية كما في معجم البلدان 3/ 230 «سلمية» بفتح أوله وثانيه وسكون الميم وياء مثناة من تحت خفيفة، ولا يعرفها أهل الشام الا بسلميّة كما وصفها المؤلف، وكتبها على هذا النحو الحميري في الروض المعطار ص: 320، وهي بلدة من أعمال حمص الشام.
(17)
السيوطي «تاريخ الخلفاء» ص: 4. وقول الذهبي ذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء ص: 5.
(18)
الخلاف في نسب الفاطميين كبير بين الشّيعة وأهل السّنة، فالشّيعة مثبتون وأهل السّنة نافون، ما عدا ابن خلدون وتلميذه المقريزي، والمقريزي في كتابه:«اتعاظ الحنفاء» ذكر أقوال النافين تحت عنوان «ما قيل في أنساب الخلفاء الفاطميين اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء» 1/ 22 - 34 تحقيق المرحوم الدكتور جمال الدّين الشيّال، القاهرة 1387 هـ - 1967 م، وللمحقق تعليقات طويلة مفيدة، وذكر أقوال المستشرقين المؤيدين لصحة النسب، ونفيهم لأقوال أهل السنّة.
المسلمين منهم. وكان ينكر على من يخرج من القيروان إلى سوسة أو نحوها من الثّغور ويقول: جهاد هؤلاء أفضل من جهاد أهل الشرك. قال أبو بكر المالكي (19) لم يكن في وقته رحمه الله أكثر اجتهادا منه في مجاهدة عبيد الله الشّيعي، فسلّمه الله عز وجل منه قال: واتّصل به أن بعض أهل القيروان خرجوا ليتلقوا عبيد الله الشّيعي تقية من شرّه ومداراة له فقال جبلّة بن حمود: اللهم / لا تسلم من خرج يسلم عليه، واغتمّ لذلك غمّا شديدا فلمّا انتهوا إلى وادي أبي كريب جرّدوا وأخذت ثيابهم، فلمّا عرّفوا جبلة بذلك قال ما غمّني فيهم الا رجل واحد (20) هو حماس بن مروان القاضي.
ولمّا دخل عبيد الله القيروان «دعي له بالخلافة على منابر رقّادة والقيروان يوم الجمعة لتسع بقين من ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين» (21) بعد رجوعه من سجلماسة (22) بالسين المهملة وسكون الجيم وفتح اللام والميم وبعد الألف سين مهملة وهاء تأنيث، وتقدم التّعريف بها صدر الكتاب.
ثم ان العبيديين لمّا استولوا على افريقية انضاف إليهم طوائف كثيرة من الشيع الغالبة قدموا عليهم من كل بلاد متوسلين إليهم بحب أهل البيت والتعصّب لهم حتى ولّوهم الولايات ورفعوا منازلهم، أظهروا مذهبهم الفاسد في سب الصّحابة رضي الله عنهم وتبديل الشرائع والاضرار بأهل السنّة، فمن المتعصّبين محمد بن عمر المروذي (23) القاضي، وعبد الله بن محمد بن أبي خنزير الكتامي وكان محمّد بن عمر المروذي القاضي معتقدا لمذهب الشّيعة معروفا بذلك، فلما دخل الشّيعي بادر إليه، ودخل في دعوته
(19) النقل عن المالكي وموجود في معالم الايمان في ترجمة جبلة بن حمود 2/ 270 وانظر رياض النفوس 2/ 27 - 45.
(20)
بعدها في رياض النفوس: «فيه خير ولا دنيا له» 2/ 42.
(21)
كذا في «تاريخ الخلفاء الفاطميين بالمغرب» : القسم الخاص من كتاب عيون الأخبار وفي كتاب العبر «في رجب سنة ست وتسعين» وهو التّاريخ الذي اعتمده فرحات الدّشراوي في أطروحته Le Califat fatimide au Maghreb ، ص:112.
(22)
«سجلماسة» : «بكسر أوله وثانيه وسكون اللام وبعد الألف سين مهملة» وكذا تعرف وكتبت في مختلف النّصوص، معجم البلدان 3/ 192.
(23)
في الأصول: «مروزي» والاصلاح من تاريخ الخلفاء، و «مروذي» نسبة إلى «مرو الروذ» وهي مرو الصغرى وأما الكبرى فالنسبة إليها مروزي بالزاي، راجع معجم البلدان لياقوت 8/ 32 وموقعها الآن بالاتحاد السوفياتي على مقربة من حدود إيران وأفغانستان غربي بخارى. أنظر أطلس التاريخ الإسلامي لمازارد (تعليقات د. محمد الأحمدي أبو النور ومحمد ماظور على معالم الايمان 2/ 289 هامش 4).
ولزمه وولاّه قضاء افريقية، فتصلّب وتكبر وتجبر، وكانت أيّامه صعبة جدّا على أهل السّنة، فأخافهم، ولمّا خرج أبو عبد الله الشّيعي / إلى سجلماسة، واستخلف مكانه أخاه أبا العبّاس، أطلق يد المروذي وقوّى أمره، فأخذ أبا العبّاس بطريقة قاضي طرابلس - وكان من الفقهاء العالمين -، وأبا القاسم الطوزي قاضي صقليّة، والمحتسب بمدينة القيروان، فضربهم وقتل ابن هذيل، وابراهيم بن البرذون، وأول ما ولي زاد في الآذان:«حي على خير العمل» ، وترك النّاس يصلّون برمضان سنة واحدة، ثم منعهم، وترك أكثر النّاس الصّلاة بالمساجد، وأخذ أموال الأحباس والحصون، وأخذ السّلاح الذي بالحصون التي على البحر، وأمر الفقهاء أن لا يكتبوا وثيقة ولا يفتوا فيمن سرق وكفر، وأمر أن تزال من الحصون والمساجد أسماء الذين بنوها وأمر ببنائها السّلاطين، ويكتب اسم المهدي (24).
واختلف في سبب قتل ابن هذيل وابراهيم بن البرذون «فقيل: لمّا وصل عبيد الله إلى رقّادة أرسل إلى القيروان من أتاه بهما، فلمّا وصلا إليه وجداه على سرير ملكه جالسا، وعن يمينه أبو عبد الله الشّيعي، وعن يساره أخوه أبو العبّاس، فلمّا وقفا بين يديه قال لهما أبو عبد الله وأخوه: اشهدا أن هذا رسول الله، وأشار إلى عبيد الله، فقالا جميعا بلفظ واحد: والله الذي لا إلآه إلاّ هو لو جاءنا هذا والشّمس عن يمينه والقمر عن يساره يقولان أنه رسول ما قلنا أنه رسول الله، فأمر عبيد الله حينئذ بذبحهما جميعا، وأمر بربطهما إلى أذناب البغال، فقيل إن / ابراهيم لمّا جرّ للقتل قال له ابن أبي خنزير عامل القيروان: أترجع عن مذهبك؟ فقال له: أعن الاسلام تستتيبني؟ فقتل.
وقال أبو بكر المالكي (25) انه لمّا امتنع هو وصاحبه من ذلك قال لهما: اخرجا إلى النّاس فقولا أنه قد فعلنا ولا تفعلا فأبيا عليه [ذلك] واعتلاّ بأنه يقتدى بهما، وقالا:
عذاب الدّنيا أيسر من عذاب الآخرة، فأمر بضربهما بالسّوط حتى ماتا (26) وقيل ضرب أعناقهما وطيف بهما مسحوبين على وجوههما قد ربطا إلى بغل فجرّهما من باب تونس إلى باب أبي الرّبيع فصلبا هنالك. أما ابن البرذون، فنقل عنه أنه قال: كان علي بن أبي
(24) عن القاضي المروذي انظر معالم الايمان 2/ 291 - 292 والمؤلف ناقل ما فيه.
(25)
رياض النفوس والنقل من معالم الايمان عن المالكي 2/ 264 - 265 (ط.2).
(26)
معالم الايمان 2/ 264.
طالب - رضي الله تعالى عنه - يقيم الحدود بين يدي عمر بن الخطاب، أو أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنهما - ويعينه على أموره، فلو لم يكن عنده امام هدى مستحقا للتقدمة ما فعل، فبلغ قوله إلى أبي العبّاس الشّيعي، فقال: كان يوسف الصّديق من أعوان العزيز في أموره فما كان فيه نقص ليوسف ولا زيادة في مقدار العزيز، وكان قتلهما في سنة تسع وتسعين ومائتين (27) - رحمة الله عليهما - وسعى القاضي المروذي إلى المهدي بأبي جعفر محمد بن محمد بن خيرون المعافري الأندلسي القرطبي، فأمر المهدي عامله ابن أبي خنزير بقتله فعذّبه إلى أن مات.
«حكى الشيخ أبو الحسن القابسي - رحمه الله تعالى - قال: أخبرني من أثق به أنه كان جالسا عند ابن أبي خنزير اذ دخل عليه شيخ / ذو هيئة جميلة، وقد علاه اصفرار مع حسن سمت وخشوع، فلمّا رآه ابن خنزير بكى، فقال: ما الذي يبكيك؟ قال:
السّلطان - يعني عبيد الله - وجّه إلي يأمرني بدوس هذا الشيخ حتى يموت - يعني ابن خيرون -، ثم أمر به فأدخل إلى مجلس، وبطح على ظهره، وطلع السودان فوق سرير، فقفزوا عليه بأرجلهم حتى مات، وذلك من أجل جهاده على دين الله وبغضه لبني عبيد الله (28).
قال أبو بكر المالكي (29): ولمّا مات أخذوه وحملوه على بغل وألقوه في حفير، ونهب ابن أبي خنزير ماله، وأخذ مولدة كانت له، وجعلها مع خدمه (30) «فلم يمر الا شهر حتى أخذ عبيد الله القاضي المروذي فسجنه وعذّبه حتى مات، وسبب أخذه انه لما طال على ابن أبي خنزير كثرة من يأتي به المروذي من العلماء والصلحاء ليقتلهم سعى به عند عبيد الله، ومضى به إلى المهديّة، فقبل عبيد الله قوله، ومكّنه منه فأخذه وألبسه ملبسا، ورماه في اصطبل الدّواب تمشي عليه فركضت في بطنه حتى قتلته، فكانت
(27) 911 - 912 م هذا التاريخ غير دقيق لأن أبا العباس قتل مع أخيه أبي عبد الله في جمادي 298، وجميع النّقول تقول على أن لهما يدا في دم هذين الشيخين فلا بدّ أن يكون استشهادهما قبل قتل الآخرين والراجح أنه سنة 297 لأنهما من أول ضحايا ذلك الإنقلاب، تعليق محققي معالم الإيمان د. محمد أحمدي أبو النور ومحمد ماضور 2/ 263. وترجمة ابن البرذون وابن هذيل في معالم الإيمان الذي اقتصر عليه المؤلف 2/ 261 - 269.
(28)
كذا في ت وط وفي ش: «وبغضه لعبيد الله» وفي معالم الايمان: «وبغضه لبني عبيد» 2/ 290.
(29)
نقل من معالم الايمان 2/ 290.
(30)
معالم الايمان 2/ 290 وفي آخر الترجمة من ص: 291 أخبار القاضي محمد بن عمر المروذي.
مولدة ابن خيرون تأتيه وهو تحت أرجل الدّواب فيقول لها: إنك بسببي صرت عند السّلطان؟ فتقول له: يا شيخ السوء! قتلت سيدي ابن خيرون شيخ القيروان، وأزلتني من عنده، ورددتني عند خنزير ابن خنزير، وتأمر خدمها فيلطمنه ويعضضنه (31)، وكانت هي المتوليّة لعذابه حتى هلك. قيل إنه لما ضرب مائة سوط / وعذّب قيل له: هات الأموال التي جمعت، فقال: والله لو أن تحت قدمي جبّا مملوءا بمال الدّنيا كلّها ما أخرجت لكم منه درهما، واني قد عصيت الله تعالى فيكم فسلّطكم علي، فاضربوا ما شئتم وعذّبوا كيف شئتم هذا ما كان من أمر القاضي» (32).
وأما أبو عبد الله الشّيعي وأخوه أبو العبّاس - وكان هو الأكبر - فانهما لما اجتمعا بعد تمكين عبيد الله من المملكة لام أبو العبّاس أخاه على ما فعل من تمكينه عبيد الله بالمملكة وقال له: تكون صاحب البلاد والمستقلّ بأمورها وتسلّمها إلى غيرك وتبقى أنت من جملة الأتباع؟ وكرر عليه القول، فندم أبو عبد الله على ما صنع وأضمر الغدر فاستشعر منهما المهدي ذلك، فدسّ عليهما من قتلهما في ساعة واحدة وذلك في منتصف جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين ومائتين (33) بمدينة رقّادة بين القصرين.
وأما ابن أبي خنزير، فانه لمّا اطمأن عبيد الله واستقرّت له المملكة بعث على جزيرة صقليّة ابن أبي خنزير، فوصل إلى مازرة سنة سبع وتسعين ومائتين (34)، فولّى أخاه على كبركيت (35) وولّى اسحاق بن المنهال قضاء صقليّة، وشكا أهل صقليّة سوء سيرة ابن أبي خنزير، وثاروا به وحبسوه، وكتبوا إلى المهدي معتذرين، فقبل عذرهم، وولّى عليهم علي بن عمر البلوي، فقدمها آخر سنة تسع وتسعين ومائتين (36)، وكان شيخا ليّنا فعزلوه، وولّوا عليهم أحمد بن قهرب (37) فدعا النّاس إلى طاعة المقتدر العبّاسي، فأجابوه وقطع خطبة المهدي، وبعث أسطوله إلى افريقية فلقوا أسطول المهدي وقائده ابن أبي خنزير فقتلوه وأحرقوا الأسطول، وسار أسطول ابن قهرب إلى صفاقس فأخربها وجاءت
(31) في معالم الإيمان: «ويعطونه قدره» 2/ 291.
(32)
معالم الايمان 2/ 291.
(33)
24 سبتمبر 891 م.
(34)
909 - 910 م.
(35)
في الأصول: «كركيت» والمثبت من كتاب العبر 4/ 442.
(36)
911 - 912 في كتاب العبر: «سبع وتسعين» 4/ 442.
(37)
في الأصول: «ابن مذهب» والمثبت من كتاب العبر 4/ 443.