المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ولاية عقبة بن نافع وغزواته: - نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار - جـ ١

[محمود مقديش]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة الكتاب

- ‌تمهيد:

- ‌المقدمة:

- ‌المقالة الأولى[في تحديد المغرب برا وبحرا وأسماء البلدان]

- ‌الباب الأولفي تحديد المغرب برا وبحرا

- ‌البحر المظلم:

- ‌الحدود البرية للمغرب:

- ‌حفر الزقاق:

- ‌المدّ والجزر:

- ‌حدود البحر الشامي:

- ‌الباب الثانيفي الكلام على ضبط بر المغرب الأقصى وما يليه من الغرب الأوسط وذكر ما فيه من البلاد والعباد

- ‌البربر وأصولهم وافريقية وتسميتها:

- ‌نول لمطة:

- ‌آزكّي:

- ‌سجلماسة:

- ‌درعة:

- ‌السّوس:

- ‌جبل درن:

- ‌أغمات وريكة:

- ‌مراكش:

- ‌نهر تانسيفت:

- ‌ أغمات أيلان

- ‌عود إلى ذكر مرّاكش:

- ‌الطريق من مرّاكش إلى أم ربيع:

- ‌آنقال:

- ‌مكول:

- ‌ايكسيس:

- ‌سلا:

- ‌فضالة:

- ‌الطريق من فضالة إلى آسفي:

- ‌آسفي:

- ‌مرسى ماست:

- ‌داي وتادلة:

- ‌الطريق من تادلة إلى‌‌ فاس:

- ‌ فاس:

- ‌ صفروي

- ‌قلعة مهدي:

- ‌مغيلة:

- ‌ مكناسة

- ‌بني تاورة:

- ‌السوق القديمة:

- ‌قصر عبد الكريم:

- ‌عود إلى ذكر فاس:

- ‌الطريق من فاس إلى تلمسان:

- ‌ تلمسان

- ‌الطريق من تلمسان إلى تنس:

- ‌تنس:

- ‌وهران:

- ‌المسيلة:

- ‌الطريق من وازلفن إلى مليانة:

- ‌مليانة:

- ‌الطريق من كزناية إلى المسيلة:

- ‌قلعة بني حمّاد وما جاورها:

- ‌قسنطينة وما جاورها:

- ‌جبل سحاو:

- ‌سوق بني زندوي:

- ‌جيجل:

- ‌مدن أخرى:

- ‌الجزائر:

- ‌تامدفوس:

- ‌مرسى الدّجاج:

- ‌تدلس:

- ‌بجاية:

- ‌الطريق من بجاية إلى القلعة:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌بلزمة:

- ‌حصن بشر:

- ‌سبتة:

- ‌الجزر والمدن والمراسي والمواقع الساحلية من سبتة إلى بونة:

- ‌ باغاية

- ‌توزر:

- ‌قفصة:

- ‌الطرقات من قفصة إلى ما جاورها:

- ‌ جبل نفّوسة

- ‌قابس:

- ‌صفاقس:

- ‌ قصر الجم

- ‌جمال:

- ‌المهدية:

- ‌نفزاوة:

- ‌ القيروان

- ‌تونس:

- ‌قرطاجنة:

- ‌بنزرت:

- ‌طبرقة:

- ‌باجة:

- ‌مرسى الخرز:

- ‌ بونة

- ‌الأربس:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌جزيرة باشو:

- ‌جبل زغوان:

- ‌جبل وسلات:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌طرابلس:

- ‌الطرقات من طرابلس إلى ما جاورها:

- ‌جبل دمر:

- ‌برقة

- ‌الطريق من برقة إلى العين:

- ‌الطريق من برقة إلى الإسكندرية:

- ‌الطريق الساحلي من بونة إلى نابل:

- ‌نابل:

- ‌الطريق الساحلي من نابل إلى سوسة:

- ‌سوسة:

- ‌الطريق الساحلي من سوسة إلى صفاقس:

- ‌جزيرة قرقنة:

- ‌الطريق الساحلي من صفاقس إلى جربة:

- ‌جربة:

- ‌الطريق الساحلي من جربة إلى لبدة:

- ‌لبدة:

- ‌الطريق الساحلي من لبدة إلى الإسكندرية:

- ‌ الإسكندرية

- ‌جغرافية الأندلس:

- ‌اليونان ودورهم بالأندلس:

- ‌طليطلة وما جاورها:

- ‌قرطبة:

- ‌المرية:

- ‌أقاليم الأندلس:

- ‌مدن ساحلية:

- ‌جزر البحر الشامي:

- ‌صقلية:

- ‌المقالة الثّانيةفي ذكر الخلافة وخلفاء الصّحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من خلفاء بني أميّة بالمشرق وفتوحات المغرب في أيّامهم

- ‌الباب الأولفي الخلافة وخلافة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة - رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌مفهوم الخلافة:

- ‌آدم عليه السلام أول الخلفاء:

- ‌كيومرث:

- ‌مهلائيل:

- ‌شيث وذريته:

- ‌ ادريس

- ‌إبراهيم وإبنيه:

- ‌العرب: طرف من أصلهم وبعض من أخبارهم:

- ‌ولاية الكعبة:

- ‌الخليفة الأكبر محمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌خلافة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌خلافة عثمان رضي الله عنه

- ‌خلافة علي رضي الله عنه

- ‌خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌يزيد:

- ‌بقية خلفاء بني أمية:

- ‌غزوات عمرو بن العاص:

- ‌غزوة عبد الله بن سعد بن أبي سرح:

- ‌ولاية معاوية بن خديج:

- ‌ولاية أبي المهاجر:

- ‌ولاية عقبة بن نافع وغزواته:

- ‌غزوة عقبة بن عامر الجهنّي:

- ‌غزوة رويفع بن ثابت:

- ‌غزوة زهير بن قيس البلوي:

- ‌ولاية حسان بن النعمان وغزواته:

- ‌فتح الأندلس:

- ‌بيت الحكمة بالأندلس:

- ‌تتمة الحديث عن فتح الأندلس:

- ‌ولاية عبد الله بن موسى بن نصير:

- ‌ولاية علي بن رباح:

- ‌المقالة الثّالثةفي ذكر خلفاء بني العبّاس وبعض أمرائهم بالعراق وأمرائهم بالمغرب

- ‌الباب الأولفي ذكر خلفاء بني العباس

- ‌قيام الدولة وخلافة أبي العباس السفّاح:

- ‌أبو جعفر المنصور:

- ‌محمد المهدي:

- ‌محمد موسى الهادي:

- ‌ هارون الرّشيد

- ‌محمد الأمين:

- ‌المأمون وقضية خلق القرآن:

- ‌المعتصم:

- ‌الواثق بالله:

- ‌المتوكل على الله:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌المعتز بالله:

- ‌المهتدي بالله:

- ‌المعتمد وحركة الزنج:

- ‌ المعتضد بالله

- ‌المكتفي بالله وظهور القرامطة:

- ‌المقتدر بالله وقيام أبي طاهر القرمطي:

- ‌القاهر بالله والراضي بالله:

- ‌المتقي بالله:

- ‌المستكفي بالله:

- ‌المطيع لله:

- ‌الطائع لله:

- ‌القادر بالله:

- ‌القائم بأمر الله:

- ‌المستظهر بالله:

- ‌المسترشد بالله:

- ‌الراشد بالله:

- ‌المقتفي لأمر الله:

- ‌المستنجد بالله:

- ‌المستضيء بالله:

- ‌الناصر لدين الله:

- ‌المستنصر بالله:

- ‌المستعصم بالله:

- ‌التتار:

- ‌هولاكو وسقوط بغداد وانقراض الدولة العباسية:

- ‌العباسيون بمصر:

- ‌تيمورلنك:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بعض أمراء بني العباس بالمشرق

- ‌ الصفارية

- ‌السامانيون:

- ‌الغزنويون:

- ‌السلاجقة:

- ‌الديلمية:

- ‌السلقدية:

- ‌الخوارزمية:

- ‌الباب الثالثفي مشاهير أمراء بني العبّاس بالمغرب

- ‌يزيد بن حاتم:

- ‌هرثمة بن أعين:

- ‌بداية بني الأغلب:

- ‌أبو العباس عبد الله:

- ‌زيادة الله:

- ‌أبو العباس محمد:

- ‌زيادة الله الأصغر:

- ‌أبو الغرانيق:

- ‌ابراهيم:

- ‌عبد الله بن ابراهيم:

- ‌المقالة الرّابعةفي ذكر ملوك الشّيعة بالمغرب وكيفيّة انتقالهم لمصر وما يتبع ذلك

- ‌عبيد الله المهدي وقيام الدّولة الفاطمية:

- ‌حركة القيروانيين المضادة للفاطميين:

- ‌أقوال بعضهم في الفاطميين والمجادلة حول رميهم بالكفر والزندقة وتبرئتهم منهما:

- ‌تأسيس المهديّة:

- ‌القائم وثورة أبي يزيد:

- ‌المنصور وفشل ثورة أبي يزيد:

- ‌المعز لدين الله وانتقال الفاطميين إلى مصر

- ‌الفاطميون بمصر:

- ‌المقالة الخامسةفي ذكر ملوك ضهاجة بالمغرب وصلاح الدّين بمصر

- ‌الباب الأولفي ذكر ملوك صنهاجة

- ‌زيري بن مناد:

- ‌بلكين بن زيري:

- ‌باديس:

- ‌المعزّ بن باديس: قطعه الدعوة للفاطميين واجتياح العرب افريقية

- ‌تميم بن المعز:

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌علي بن يحيى وابنه الحسن:

- ‌الباب الثانيفي ذكر دولة‌‌ نور الدين

- ‌ نور الدين

- ‌عماد الدّين اسماعيل:

- ‌عود إلى ذكر نور الدين:

- ‌الحملات الصليبية الأولى واستقرار الافرنج بالشام:

- ‌صلاح الدين وحروبه مع الصليبيين:

- ‌الملك الكامل والحروب الصليبية الخامسة:

- ‌الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب والحروب الصليبية السادسة

- ‌نهاية الأيوبيين:

- ‌المماليك بمصر:

- ‌المقالة السّادسةفي ذكر خلفاء بني أميّة بالأندلس وذكر الطوائف بعدهم

- ‌بنو أميّة:

- ‌ملوك الطوائف:

- ‌المقالة السّابعةفي ذكر ملوك لمتونة وهم الملثمون بالعدوة والأندلس

- ‌بداية المرابطين:

- ‌يوسف ابن تاشفين وحروبه الموفّقة في الأندلس:

- ‌نهاية المرابطين:

- ‌المقالة الثّامنةفي ذكر دولة الموحّدين وأمرائهم بالعدوة والأندلس وافريقية

- ‌الباب الأولفي أول ملوكها ومن بعده من الملوك

- ‌المهدي بن تومرت:

- ‌ عبد المؤمن

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌العادل:

- ‌المعتصم:

- ‌المأمون ومن ولي بعده إلى نهاية الدولة الموحدية:

- ‌الباب الثانيفي فتح عبد المؤمن للمهدية والبلاد الساحلية بعد استيلاء الافرنج عليها حسبما ذكره ابن الأثير وغيره من أئمة التاريخ

- ‌أسباب احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌هروب الحسن الصنهاجي والتقائه بعبد المؤمن:

- ‌احتلال النرمان لصفاقس والسّاحل:

- ‌انتفاض صفاقس وغيرها من المدن على النرمان:

- ‌عبد المؤمن يسير نحو افريقية ويخلصها من النرمان وتمتثل لطاعته:

- ‌الباب الثالثفي ذكر ثوار افريقية على الموحدين

- ‌ثورة بني غانية:

- ‌ثورة محمد بن عبد الكريم الرجراجي:

- ‌يحيى الميورقي يستولي على المهديّة وتونس وغيرهما:

- ‌يحيى الميورقي يستمر في ثورته ويصده عنها النّاصر الموحدي ويفتكّ منه افريقية:

- ‌نهاية قراقوش ويحيى الميورقي بن غانية:

- ‌المقالة التّاسعةفي ذكر دولة بني مرين وبني زيان وبني نصر

- ‌الباب الأولفي ذكر دولة بني مرين بالعدوة

- ‌عبد الحق بن محيو ومن ولي بعده:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو ثابت عامر:

- ‌أبو الربيع سليمان:

- ‌أبو سعيد عثمان:

- ‌أبو الحسن المريني ودخوله إلى تونس:

- ‌أبو عنان وأعماله بافريقية:

- ‌نهاية المرينيين:

- ‌السلطة بالمغرب الأقصى في عصر المؤلف:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بني زيّان ملوك تلمسان

- ‌يغمراسن:

- ‌عثمان ومن ولي بعده:

- ‌أبو تاشفين عبد الرحمان ودخوله تونس:

- ‌نهاية بني زيّان:

- ‌الباب الثالثفي ذكر دولة بني نصر بالأندلس

- ‌المقالة العاشرةفي ذكر دولة بني حفص بأفريقية

- ‌أبو محمد عبد الواحد

- ‌أبو العلا ادريس

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌المستنصر ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌الواثق:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم ابن أبي زكرياء:

- ‌الدّعي ابن أبي عمارة:

- ‌أبو حفص عمر ابن أبي زكرياء:

- ‌أبو عصيدة ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌أبو بكر الشهيد:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو يحيى زكرياء ابن اللحياني:

- ‌ محمّد أبو ضربة

- ‌أبو يحيى أبو بكر:

- ‌وفاة القاضي ابن قدّاح:

- ‌وفاة الفقيه محمد بن عبد الله بن راشد القفصي:

- ‌وفاة الفقيه عبد الله ابن البراء التنوخي:

- ‌وفاة الشّيخ علي بن منتصر الصدفي:

- ‌وفاة الشّيخ أبي حيان:

- ‌أبو حفص عمر بن أبي بكر والتنافس بين الحفصيين:

- ‌عود إلى ذكر تملك أبي الحسن المريني تونس وأعمالها وما وقع له بها:

- ‌الفضل بن أبي بكر:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم بن أبي بكر وابن تافراجين:

- ‌حركة أبي عنان المريني في اتجاه تونس:

- ‌عود إلى ذكر أبي اسحاق ابراهيم وابن تافراجين:

- ‌وفاة ابن تافراجين:

- ‌وفاة القاضي أبي القاسم بن سلمون البياسي:

- ‌وفاة أبي اسحاق ابراهيم:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو العباس أحمد ونزول النصارى بالمهدية:

- ‌أبو فارس عبد العزيز:

- ‌ترجمة الشّيخ ابن عرفة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز داخل افريقية والمغرب:

- ‌نزول النصارى بقرقنة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز بمالطة والمغرب الأوسط:

- ‌نزول النصارى بجربة ومواجهة أبي فارس لهم:

- ‌حركة أخرى بالمغرب الأوسط لأبي فارس ووفاته:

- ‌مزايا أبي فارس:

- ‌أبو عبد الله محمد المنتصر:

- ‌أبو عمرو عثمان ومن توفي في أيامه من المشايخ:

- ‌أبو زكرياء يحيى بن مسعود وعبد المؤمن بن ابراهيم:

- ‌محمد بن الحسن وتغلب النصارى على مواقع من افريقية:

- ‌الحسن بن محمد والتصارع العثماني الاسباني بافريقية:

- ‌درغوث باشا:

- ‌أحمد الحفصي واستمرار التصارع العثماني الإسباني:

- ‌محمد الحفصي: نهاية الدولة الحفصية والاستقرار العثماني بتونس:

- ‌تتمة من الناسخ:

الفصل: ‌ولاية عقبة بن نافع وغزواته:

رحل معاوية بن خديج من إفريقية إلى معاوية بن أبي سفيان، فدفع الغنائم إليه، ثم عزله معاوية عن مصر وولى عليها مسلمة بن مخلّد الأنصاري، فوجه مسلمة خالد بن ثابت الفهمي (70) إلى افريقية وكان من التابعين. فخرج في محرم سنة خمسين (71)، فانتهى إلى مواضع منها، وأصاب غنائم كثيرة، ثم عزله مسلمة وولى أبا المهاجر مولاه بجيش من قبله، فوصل إلى افريقية، فأخذ عقبة بن نافع الفهري، فحبسه وضيق عليه، فبلغ خبره معاوية، فكتب إلى أبي المهاجر يأمره بتخليته ويعنفه (72) فيما صنع به، فأطلقه أبو المهاجر وأرسله برسل من قبله، حتى أخرجه من قابس، فمضى وهو حنق على أبي المهاجر، فدعا الله عز وجل أن يمكّنه منه، فلم يزل أبو المهاجر خائفا من دعائه، وقال هو عبد لا تردّ له دعوة.

ثم إن أبا المهاجر صالح برابر افريقية وفيهم كسيلة الأوربي (73) وأحسن إليه واتّخذه صديقا وصالح عجم افريقية، وخرج بجيوشه نحو المغرب ففتح كل ما مرّ به، حتى انتهى إلى العيون التي تسمى الآن عيون أبي المهاجر، نحو تلمسان، ولم يستخلف على القيروان أحدا ينظر فيها لأن أكثرهم خرج معه ولم يبق إلاّ شيوخ ونساء وأطفال، ثم رجع إليها وأقام بها» اهـ (74).

‌ولاية عقبة بن نافع وغزواته:

(وحبس أبي المهاجر لعقبة وأخذه له / لأن عقبة سبقه لإفريقية)(75) في غزوته الثانية التي كانت في سنة ست وأربعين (76) من الهجرة، قال محمّد بن يوسف الورّاق:

إن عقبة بن نافع الفهري غزا افريقية غزوته الثانية في سنة ست وأربعين (76) من الهجرة، فافتتح كثيرا من حصونها، وأثخن في قتل الرّوم والبربر، واختط مدينة القيروان، وتحوّل بها أيّاما، ثم قدم أبو المهاجر دينار مولى مسلمة بن مخلّد الأنصاري إلى افريقية سنة

(70) في الأصول: «الفهري» والمثبت من معالم الإيمان 1/ 46.

(71)

في الأصول: «أربع وخمسين» والمثبت من معالم الإيمان 1/ 46.

(72)

كذا في معالم الإيمان وفي رياض النفوس: «ويعقبه مما صنع من ذلك» 1/ 23.

(73)

في الأصول: «اللوزي» والمثبت من معالم الإيمان.

(74)

معالم الإيمان 1/ 45 - 46. رياض النفوس 1/ 33.

(75)

ما بين القوسين إضافة من المؤلف.

(76)

666 م.

ص: 212

خمس وخمسين (77)، فعزل عقبة وقيّده وحبسه وأخرب ما كان اختطه بالقيروان، واختط مدينة تاكروان (78) وهي بجوفي (79) افريقية على نحو ميلين، وجدّ في بنائها وتشييدها، ولم يزل عقبة في حبسه حتى أتاه كتاب الملك الخليفة معاوية بن أبي سفيان يأمره باطلاقه.

قال أبو بكر المالكي (80): ولما سرح عقبة من وثاقه (81) توجه إلى معاوية بن أبي سفيان فوجده؟؟؟ توفي. وولي بعده يزيد، فدخل عليه وأخبره بما صنع (82) أبو المهاجر بالقيروان، وما حل به منه. وقال: فتحت افريقية وبنيت مسجد الجامع فبعثتم عبد الأنصار فأهانني وأساء عزلي (83) فغضب اليزيد وقال أدركوها قبل أن يخرّبها، ورد عقبة إليها وأزال ولاية مسلمة عنها وأقره بمصر، وذلك سنة اثنين وستين (84) من الهجرة، فقدم عقبة إليها في عشرة آلاف فارس، فوصل إلى القيروان، وأخذ أبا المهاجر وحبسه وقيّده وأخذ / منه ما وجد بيده من الأموال، فبلغ ذلك مائة ألف دينار ذهبا، وجدّد بناء القيروان وشيّدها ونقل إليها الناس، فعمرت (وعظم بناؤها)(85) وعلا قدرها وأعز الله بها الإسلام وأقر بها أعين الأنام.

ثم إن عقبة خرج بأصحابه وبكثير من أهل القيروان إلى المغرب، واستخلف عليها عمر بن علي القرشي، وزهير بن قيس البلوي، وخرج بأبي المهاجر معه موثوقا. ولما خرج عقبة دعا بأولاده فقال لهم: إني بعت نفسي من الله ولا أدري ما يقضي علي في سفري، ثم قال: يا بني أوصيكم بثلاث خصال فاحفظوها ولا تضيعوها: إيّاكم أن تملؤوا صدوركم شعرا وتتركوا القرآن، املؤوا صدوركم من كتاب الله فإنه دليل على الله، وخذوا من كلام العرب ما تهتدي به ألسنتكم، ويدلكم على مكارم الأخلاق، ثم انتهوا عما وراءه، وأوصيكم أن لا تداينوا ولو لبستم العباء، فإن الدين ذلّ بالنهار وهمّ

(77) 674 م.

(78)

في الأصول: «تاكران» والمثبت من معالم الإيمان 1/ 47.

(79)

الجوف هو الشمال في لهجة أهل المغرب والأندلس.

(80)

لا ينقل عنه مباشرة كعادته وإنما هذا من كلام معالم الإيمان وأنظر رياض النفوس 1/ 33.

(81)

معالم الإيمان 1/ 47 والرياض 1/ 33: «ثقافه» .

(82)

كذا بالأصول. وبرياض النفوس وفي المعالم: «فعل» .

(83)

في الأصول: «عزلتي» والمثبت من معالم الإيمان 1/ 47.

(84)

681 - 682 م.

(85)

في مكانها في المعالم: «وصلح شأنها» 1/ 47.

ص: 213

بالليل، فدعوه تسلم لكم أقداركم وأعراضكم، وتبقى لكم الحرمة مع الناس ما بقيتم، ولا تقبلوا العلم من المغرورين المرخصين، فيجهّلوكم (86) دين الله ويفرقوا بينكم وبين الله، ولا تأخذوا دينكم (87) إلاّ من أهل الورع والحيطة فإنه أسلم لكم، ومن احتاط سلم ونجا (فيمن نجا ثم عليكم سلام الله)(88) وأراني لا تروني بعد يومكم هذا (89).

ثم سار (90) حتى انتهى إلى باغاية (91) والرّوم يهربون بين يديه (92) يمينا وشمالا، فحاصرها وقد اجتمع بها الرّوم، فقاتلهم وحاصرهم أشدّ القتال / ثم انهزم عدوهم فقتلهم قتلا ذريعا وغنم أموالهم، ثم كره أن يقيم عليهم، فرحل عنهم ونزل على تلمسان، وهي من أعظم مدائنهم، وانضم إليها من حولها، فخرجوا إليه في عدد لا يحصى ولا يعلم عددهم إلاّ الله، فقاتلهم حتى ظن المسلمون أنه الفناء، فضرب الله في وجوه الرّوم، فقاتلهم إلى باب حصنهم، وأصاب الناس منهم غنائم كثيرة، ثم كره المقام عليهم، فرحل يريد الزّاب، فسأل عن أعظم مدائنه فقيل له مدينة يقال لها آذنة، وهي (مدينة ملكهم)(93)، وكان حولها ثلاثمائة قرية، وستون قرية، كلها عامرة، فلما بلغهم قدوم المسلمين عليهم هربوا إلى حصنهم وإلى الجبال، فلما قدم عقبة نزل على واد منها على ثلاثة أميال أو أكثر قليلا، فلقوه عند الوادي في وقت المساء، - وكان وقت نزوله - فكره قتالهم بالليل، فتواقف القوم الليل كله، لا راحة لهم ولا فترة ولا نوم فسماه الناس إلى اليوم وادي سهر (94) لأنهم سهروا عليه فلما أصبح عقبة صلّى الصّبح، ثم أمر المسلمين بقتالهم فقاتلوهم قتالا ما رآه المسلمون قط حتى يئس المسلمون من أنفسهم، ثم أعطاهم الله عز وجل الظفر، فانهزم الرّوم وقتل فرسانهم وأهل النّكاية والبأس منهم، واستولت الهزيمة على بقيتهم.

(86) في الأصول: «فيحلوا لكم» وفي أصول المعالم: «فيحلوكم» والمثبت من المحقق في المعالم من الرياض أنظر هامش المعالم 1/ 48 والرياض 1/ 34.

(87)

في المعالم: «1/ 48.

(88)

في مكانها في المعالم: «ثم قال: وعليكم سلام الله» 1/ 48.

(89)

وجاء في الرياض تتمة الدعاء هكذا «ثم قال اللهم تقبل نفسي في رضاك واجعل الجهاد رحمتي من دار كرامتي عندك» وأثبتها محقق معالم الإيمان في النص استنادا إلى حاشية أحد أصوله وإلى الرياض أيضا.

(90)

بعدها في المعالم: «لا يدافعه أحد» 1/ 48.

(91)

في الأصول: «باغار» وفي المعالم: «باغاي» والإصلاح طبقا لما أثبتنا سابقا.

(92)

في المعالم: «من طريقه» .

(93)

في المعالم: «دار ملكها» 1/ 49.

(94)

في الأصول: «السهر» والمثبت من المعالم 1/ 49 والرياض 1/ 37.

ص: 214

وفي هذه الغزوة ذهب عزّ الرّوم / من الزّاب وذلّوا، فكره عقبة المقام عليهم وقد تحصّنوا فرحل عنهم يريد المغرب حتى نزل تاهرت فاستغاث الرّوم بالبربر فأجابوهم ونصروهم، فقام [عقبة] في الناس خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس إن أشرافكم وخياركم الذين رضي الله عنهم وأنزل عليهم كتابه، بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان على قتال (95) من كفر بالله إلى يوم القيامة وهم [أشرافكم](96) والسّابقون منكم إلى البيعة باعوا أنفسهم من ربّ العالمين بجنته بيعة رابحة وأنتم اليوم في دار غربة، وإنّما بايعتم رب العالمين، وقد نظر إليكم في مكانكم هذا، ولم تبلغوا هذه البلاد إلاّ طلبا لرضاه واعزازا لدينه، فأبشروا فكلما كثر العدو كان أخزى لهم وأذلّ إن شاء الله وربكم عز وجل لا يسلمكم، فالقوهم بقلوب صادقة فإن الله عز وجل جعلكم بأسه الذي لا يردّ عن القوم المجرمين، فقاتلوا عدوكم على بركة الله وعونه.

فالتقى المسلمون بهم فاقتتلوا قتالا شديدا فلم يكم لهم بقتال العرب من طاقة، فولوا (97) هاربين، فقاتلهم المسلمون قتالا ذريعا أبادوا فيه فرسان البربر، وتفرق جمعهم وقليل من نجا منهم.

ثم رحل حتى نزل طنجة فنزل على البحر المحيط، وهو بحر الأندلس، فقيل له:

ذلك بحر لا يرام، وعليه ملك عظيم الشأن، وما أظنك تقدر أن تجوز هذا البحر، فقال لهم: دلّوني على رجال البربر والرّوم، فقالوا له: قد / تركت خلفك الروم وقد أفنيتهم، وما أمامك إلاّ البربر وهم في عدد لا يعلمه إلاّ الله. فسألهم عن موضعهم فقالوا له: السّوس الأدنى فلقي البربر في عدد لا يعلمه إلاّ الله تعالى، فانهزموا وقتلهم قتلا ذريعا وأمعنت خيل المسلمين في البلاد، ثم رحل عنهم إلى السّوس الأقصى، فاجتمع عليه البربر في عدد لا يحصى فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثر القتلى من الفريقين، ثم ضرب الله في وجوه الكفّار، فهزمهم المسلمون وقتّلوهم وغنموا أموالهم وسبوا نساءهم، (وهنّ في غاية الحسن والأدب)(98) فبلغ (99) ثمن الجارية منهن بالمشرق ألف دينار، ثم هربوا من بين يديه.

(95) زائدة عن المعالم.

(96)

إضافة من المعالم 1/ 50.

(97)

أي الروم وفي المعالم: «فولى الرّوم» 1/ 50.

(98)

إضافة من المؤلف عما هو موجود في المعالم.

(99)

في المعالم: «فبلغنا أن» 1/ 51، وفي الرياض:«فبلغت الجارية» 1/ 38.

ص: 215

ورحل يريد البحر المحيط، فانتهى إليه وأقحم فيه فرسه - لا يقف بين يديه أحد، ولا يرومه بشر - ثم نادى بأعلى صوته وهو يشير بسوطه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فقال له بعض أصحابه: على من تسلم يا ولي الله؟ فقال: على قوم يونس من وراء هذا البحر، ولولاه لوقفت بكم عليهم، ثم رفع يديه إلى السّماء وقال: اللهم اشهد أني قد بلغت المجهود، ولولا هذا البحر لمضيت في الأرض أقاتل من كفر بك حتى لا يعبد أحد من دونك، ثم انصرف راجعا يريد افريقية، وداخل البربر منه خوف (100) عظيم، وتفرقوا في الجبال / فلما دنا منها أمر أصحابه أن يتفرقوا، فتفرقوا أفواجا أفواجا إلى افريقية، فلما انتهى إلى ثغر افريقية وهو طبنة (101)، وبينها وبين القيروان (102) ثمانية أيام، أذن لمن بقي معه في الانصراف إلى القيروان (ومال في خيل يسيرة يريد تهودة)(103) فلما انتهى إليها، نظر الروم في خيل يسيرة (فقرب لينظر إليها)(104) ويعرف قدر ما يكفيها من الخيل، فيقطع ذلك إليها، وجيوشها متياسرة عن طبنة (101) فلما انتهى إليها نظر الروم إلى قلة ما معه من الخيل، فقالوا: في قتل هذه الخيل قتل أهل الأرض كلهم وظنوا أن ذلك هو عسكره فأغلقوا باب حصنهم دونه، وأقبلوا يرمونه بالحجارة وهم في ذلك يشتمونه، وكل ذلك وهو يدعوهم إلى الله وإلى رسوله، فلما توسط البلاد نزل.

وبعث الروم إلى كسيلة الأوربي، فأعلموه بقلة من معه، فجمع له جمعا كثيرا من الروم والبربر وتسارعوا إليه ثم زحف إليه ليلا حتى نزل بالقرب منه وأحاط بعسكر عقبة وأقام كذلك حتى أصبح فلما رأى ذلك عقبة استعد له وأمر أصحابه أن لا يركب منهم أحد ويئس المسلمون من أنفسهم، وقاتل المشركون قتالا شديدا حتى بلغ البلاء، وتكاثرت في المسلمين الجراح، وتكاثر عليهم العدو، فاستشهد عقبة رضي الله عنه وجميع من معه - رضي الله تعالى عنهم جميعا - / واستشهد معه أبو المهاجر وكان موثوقا في الحديد (105).

(100) في المعالم: «رعب» 1/ 51.

(101)

في الأصول: «طنجة» والمثبت من المعالم 1/ 51 والرياض 1/ 39.

(102)

في الأصول: «افريقية» والمثبت من المعالم.

(103)

في الأصول: «ومال هو متياسر لطنجة» وفي المعالم: «وقال هو متياسر عن طبنة» وقال عنها محقق المعالم: ورد هذا النص مضطربا في جميع الأصول وصوابه كما في الرياض هامش 3 - 1/ 51 وما أثبتناه من الرياض.

(104)

في الأصول: «فقرب إليها ينظرها» والمثبت من المعالم 1/ 51.

(105)

معالم الإيمان 1/ 52.

ص: 216

فلما (106) استشهد عقبة وأصحابه، جمع كسيلة أهل المغرب، وزحف بهم يريد القيروان، فاشتعلت (107) افريقية نارا، وعظم البلاء على المسلمين، ومضى كسيلة بالعساكر حتى جاوز (108) القيروان فخرجت العرب منها هاربة، ولم يكن لهم بحربه من طاقة لعظم ما اجتمع عليه من الروم والبربر، وأسلموا القيروان وبقي بها أصحاب العيال، وكل مثقل من التجار وأهل الذمّة، فحار الناس ولم يدروا كيف يفعلون فأرسلوا إلى كسيلة يسألونه الأمان فأجابهم إلى ذلك، ودخل القيروان (109) إلى الموضع الذي كان فيه عقبة فنزله وأقام بها أميرا، وصارت بقيّة المسلمين تحت يده، ومضى الذين هربوا حتى قدموا على يزيد فوجدوه قد مات، وذلك في سنة أربع وستين» (110). «قال في «معالم الإيمان» (111): وقيل إن زهير بن قيس البلوي - خليفة عقبة - ثبت بالقيروان حين (112) زحف إليه كسيلة البربري، وخرج الروم من حصونهم، ونقضوا العهود، وزحف كسيلة وقاتله زهير قتالا شديدا، فانهزم كسيلة وقتل من أصحابه ما لا يحصى، ومضت عنه تلك الجموع فهرب الرّوم وتفرقت جموعهم فأقام زهير يسيرا بالقيروان، ثم خرج إلى مصر، وذلك في سنة خمس وستين (113)، فوجد يزيدا قد مات وعبد الله بن الزبير خليفة / بمكّة ومروان بن الحكم أميرا (114) بالشام (115).

(واعلم أن عقبة بن نافع - رضي الله تعالى عنه -)(116) ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرو عنه شيئا، وكان رجلا صالحا، مستجاب الدعاء، وله كرامات، منها ما رواه عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الحكم (117)، أن عقبة بن نافع أصابه في بعض مغازيه بالمغرب عطش شديد هو وأصحابه أشرفوا منه على الموت، فصلّى عقبة ودعا الله - عزّ

(106) النقل من 1/ 51.

(107)

في المعالم: «فانقلبت» .

(108)

في الأصول: «وصل» والمثبت من المعالم 1/ 55.

(109)

بعدها في ت: «وسار» .

(110)

683 - 684 م. تصرف المؤلف في النقل عن المعالم بالحذف وتبديل بعض الكلمات.

(111)

في مكانها في المعالم: «وذكر أبو العرب أن» 1/ 55 وتصرف المؤلف بعد ذلك بالحذف قرابة صفحة.

(112)

في المعالم: «حتى» .

(113)

784 - 785 م.

(114)

في الأصول: «خليفة» والمثبت من المعالم 1/ 57.

(115)

نقل الفقرة التي انتهت بتصرف حذفا وتلخيصا 1/ 55 - 56.

(116)

إضافة من المؤلف إذ انتقل بعدها إلى موضع آخر من المعالم حيث يترجم فيه لعقبة 1/ 164.

(117)

ابن عبد الحكم: الفتوح 195، ونقله الدباغ عن المالكي: الرياض 1/ 98 والنص في فتوح مصر 194 - 195. ومسالك البكري 13 - 14 وهو أوفى من نص ابن الحكم المطبوع.

ص: 217

وجل - فجعل فرسه يبحث بيده في الأرض حتى كشف عن صفاة، فانفجر منها الماء فجعل الفرس يمص ذلك الماء فانصرف عقبة فنادى في النّاس أن احتفروا، فاحتفروا سبعين حسيا (118) فشربوا واستقوا وصار ذلك ماء معينا، فسمي ذلك الماء «ماء فرس» إلى اليوم.

قال (119): وروى أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم قال: حدثنا حبيب بن نصر، وأحمد بن أبي سليمان، وعيسى بن مسكين، قالوا: أخبرنا سحنون بن سعيد - رحمه الله تعالى - عن عبد الله بن وهب، عن اللّيث بن سعد أنّ عقبة بن نافع الفهرى لما قدم من عند يزيد بن معاوية في جيش لغزو المغرب مرّ على عبد الله بن عمرو وهو بمصر فقال عبد الله بن عمرو: يا عقبة، لعلّك من الجيش الذين يدخلون الجنة برحالهم؟ قال:

فمضى (120) عقبة بجيشه حتى قابل البربر وهم كفار، فقتلوا جميعا.

قال أبو العرب: كان هذا في غزوة عقبة الثالثة (121)، قتل هو وأصحابه وكان كسيلة نصرانيّا / وقبر عقبة ظاهر بالزّاب يتبرك به. وكان دخوله افريقية ثلاث مرات، الأولى سنة إحدى وأربعين، فأقام بها ثلاث سنين، وقيل سنة ست وأربعين، وهو الأصح، وعلى كل حال كان ذلك في دولة معاوية بن أبي سفيان.

والمرة الثانية سنة خمسين وفيها اختط القيروان ومن جملتها الجامع الأعظم ودار الإمارة وهي في قبلة الجامع المسمى اليوم بالمخزن، وترك ما أسسه (معاوية بن خديج بالقرن)(122). وغزوته هذه في مدة معاوية أيضا.

والمرة الثالثة سنة إحدى وستين وقيل سنة اثنين وستين وكانت غزوته هذه في خلافة يزيد بن معاوية، وكان - رحمه الله تعالى - حريصا على الجهاد بلغ في مغازيه إلى سوس المغرب وإلى بلاد السّودان، وفتح سائر افريقية وودّان وعامّة بلاد البربر (ولم يختلف أنه كان مجابا - رضي الله تعالى عنه -)(123).

(118) في الأصول: «سقيتين» والمثبت من المعالم 1/ 165 والرياض 1/ 98.

(119)

أي الدباغ في معالم الإيمان 1/ 165.

(120)

في الأصول: «فمشى» والمثبت من المعالم 1/ 165.

(121)

في المعالم: «الثانية» والصحيح الثالثة.

(122)

في الأصول: «عقبة بن عامر بالقيروان» والتحريف بين عقبة ومعاوية بعيد، وورد في بعض مخطوطات معالم الإيمان:«عقبة بن نمير» و «قمير» بالقاف وهو اسم لم يرد في حركة الفتح الإسلامي لإفريقية مطلقا أنظر تعليقات ابراهيم شبوح، محقق معالم الإيمان هامش 2 - 1/ 166.

(123)

في المعالم: «ولم يختلفوا في أنه كان مستجابا» نقل المؤلف ما ورد في ترجمة عقبة بن نافع في معالم الإيمان مع تبديل بسيط 1/ 164 - 167.

ص: 218