الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وستين وثلاثمائة) (46) إلى سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة (47)، وكان بعض القواد أرسله الحسن إلى لجار برسالة، فأخذ لنفسه وأهله منه أمانا، فلم يخرج معهم، ولما ملك جرجير المهديّة (48) نهبت مقدار ساعتين، ونودي بالأمان، فخرج من كان مستخفيا، وأصبح جرجير من الغد، فأرسل إلى من قرب من العرب مشاكليه (49) / فدخلوا عليه، فأحسن إليهم وأعطاهم أموالا جزيلة (50)، وأرسل من جند المهديّة الذين تخلّفوا بها جماعة، ومعهم أمان لأهل المهديّة الذين خرجوا منها، ودواب يحملون عليها الأطفال والنّساء، وكانوا قد أشرفوا على الهلاك من الجوع والعطش والتّعب (51)، ولهم بالمهديّة خبايا وودائع، فلما وصل إليهم الأمان رجعوا فلم تمض جمعة الاّ وقد رجع أكثر أهل البلد.
هروب الحسن الصنهاجي والتقائه بعبد المؤمن:
وأما الأمير الحسن فانه سار بأهله وأولاده، وكانوا اثني عشر ذكرا غير الاناث، وخواص خدّامه، قاصدا إلى محرز بن زياد، وهو بالمعلّقة، فلقيه في طريقه أمير من العرب يسمّى حسن بن ثعلب، فطلب منه مالا انكسر له في ديوانه، فلم يمكن الحسن اخراج مال لئلا يؤخذ، فسلّم إليه ولده يحيى رهينة وسار، فوصل في اليوم الثاني إلى محرز الذي كان أرسل إليه عسكره فوجد عسكره هناك (52)، «ولقيه محرز (53) بالبر والكرامة، وأنزله عنده، وتوجّع لما حلّ به، فأقام عنده أشهرا، والحسن كاره للاقامة لما رأى في عيني محرز من السآمة فأراد المسير إلى مصر وواليها اذ ذاك الحافظ عبد المجيد (54)
(46) في الأصول نقلا عن ابن الأثير «مائني سنة وثماني سنين من سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة» وما أثبتناه هو الواقع التاريخي.
(47)
1148 - 1149 م.
(48)
في الكامل: «المدينة» .
(49)
زائدة عن الكامل.
(50)
في ش: «جزيلا» .
(51)
زيادة عن الكامل.
(52)
الكامل لابن الأثير: 11/ 125 - 128.
(53)
النقل الآتي من رحلة التجاني ص: 342.
(54)
كذا في ط ورحلة التجاني، وفي ش:«عبد الحميد» .
ابن محمد المستنصر بن الظاهر بن الحاكم بن العزيز بن المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي، وباسمه كان الحسن يخطب في بلاده، فابتاع من تونس مركبا لسفره فعلم جرجير (55) بذلك فأعد له عشرين قطعة ترقب إقلاعه فتتبّعه، وعلم بذلك الحسن فعدل عن السّفر لمصر، ونظر في التّوجه للخليفة عبد المؤمن بن علي بالمغرب، وأنفذ / كبار أولاده يحيى وتميما وعليا إلى ابن عمه يحيى بن العزيز صاحب بجاية وهو من بني حمّاد وهما أولاد عمّ، وكتب إليه يستأذنه في الوصول إلى حضرته وأن يكون توجهه إلى عبد المؤمن بعد الاجتماع به فتلقى بنيه ميمون بن حمدون وزير يحيى أحسن تلق وكتب على لسان يحيى إلى الحسن بالتوجع على ما جرى عليه والتحريض على الوصول إليه والعدول على ما خطر بخاطره من قصد غيره، فأعلم الحسن محرز بن زياد بما كتب إليه ابن عمه، فأشار عليه بالتنكب عنه، وأن يتوجه حيث شاء فهو خير له منه، فلم يطعه الحسن، وتوجه إلى بجاية، فلما قرب منها ندب يحيى وزيره إلى لقاء الحسن فامتنع من ذلك، فأمر أخاه قائد بن العزيز بالخروج إلى لقائه مع مشيخة البلد وأن يعدلوا به عن بجاية إلى الجزائر فيكون مقامه بها، ففعل أخوه ذلك وأنزله هو وأولاده بمدينة الجزائر في أمكنة لا تليق بهم، وأجرى عليهم جرايات لا تكفيهم، وأمر ميمونا بمراعاة الحسن ومنعه من السّفر والكتب إلى الخليفة عبد المؤمن لما توقعه من استعانة عبد المؤمن به في أخذ بجاية، فبولغ في التّشديد عليه في ذلك، وأقام ساكنا بها إلى أن نزل عبد المؤمن المغرب الأوسط وقد تغلّب على جميع بلاد المغرب الأقصى وجميع جزيرة الأندلس وذلك عام سبعة وأربعين وخمسمائة (56) فتغلّب على مليانة والجزائر، فاجتمع الحسن به هنالك، وقد سار إليه وهو / بمدينة متّيجة فأقبل عبد المؤمن عليه وقرّبه (57) إليه واستصحبه معه وجعل الحسن يغريه بأخذ بجاية حسدا لابن عمّه ورغبة في خروج الملك من يده ليتساويا (58) في ذلك، فنزل عبد المؤمن إلى بجاية والحسن معه فاستولى عليها وعلى جميع أعمالها، وذلك بعد هزيمته لعساكر صنهاجة بجبل زيري وأعان أيضا يحيى على نفسه بانهماكه في لذّاته وإهماله تدبير دولته وتفويض الأمر لغيره.
(55) كذا في رحلة التجاني.
(56)
1152 - 1153 م.
(57)
أنظر ابن الأثير، الكامل 11/ 158 - 159 في حوادث سنة 547.
(58)
في الأصول وفي رحلة التجاني: «ليتساووا» وقد علق محقق الرحلة من جهته أن الصواب «ليتساويا» .