الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من السكان فهم بواد لهم مواش وغنم كثيرة / والنخل والعسل عندهم كثير، وأكثر أموالهم الماشية.
ومن شرشال إلى جزائر بني مزغنا سبعون ميلا (321).
الجزائر:
ومدينة الجزائر على ضفة البحر، وشرب أهلها من عيون عذبة على البحر، ومن آبار، وهي عامرة آهلة، وتجاراتها رابحة، وأسواقها قائمة، وصناعاتها نافقة، ولها بادية كبيرة، وجبال فيها قبائل من البربر، وزراعتها الحنطة والشعير، وأكثر أموالهم المواشي من البقر والغنم، ويتّخذون النحل، فكثر عندهم السمن والعسل فيتجهّز بهما إلى سائر البلاد والأقطار المجاورة لهم والمتباعدة عنهم، وأهلها قبائل، ولهم حرمة مانعة، هذا ما وصفها به في النزهة (322).
وأقول (323): إن مدينة الجزائر - أدامها الله تعالى للإسلام، وأيّد عساكرها بالنصر (324) على أعداء الدين - ليس في بلاد المغرب زمن التاريخ أنكى منها للكفّار، فهي حصن المغرب الحصين وقفله المتين منذ دخلتها العساكر العثمانية المنصورة المحمية، ولقد قصده أعداء الدين مرارا فهزمهم الله (325)، وكبتهم وقهرهم حتى رمى طاغيتهم تاجه عن رأسه وحرم لبسه فدل (326) على استمرار نحسه، وآخر خروجهم أواخر مائتين وألف (327) فيما لا يحصى عدّه من المراكب والعدد. واستعانوا بجميع أجناسهم، واستلفوا
(321) عن شرشال أنظر النص الكامل في ن. م. ص: 89.
(322)
ص: 89.
(323)
اضافة من المؤلف عما هو موجود بنزهة المشتاق.
(324)
ساقطة في ت.
(325)
بعدها في ت: «وهزم» .
(326)
في ت: «وحرم لبس يدل» ، وهو تحريف من الناسح.
(327)
1785. إن تقهقر الايالة الجزائرية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر أدى بالدول الأوربية إلى محاولة فرض نفوذها عليها، ومن المحاولات ما قامت به اسبانيا عن طريق دون انجلو (DON Angelo Barcelo) محاولتان حربيتان فاشلتان في أوت 1783 وجويلية 1784 وكانتا امتدادا لمحاولة اورايي (O. Reilly) التي فشلت رغم كثرة العساكر (25000 عسكري) التي أنزلها قرب حراش في جويلية من سنة 1775، وانتهت المناورات الحربية الاسبانية بامضاء عقد صلح سنة 1785 بين الجزائر واسبانيا لصالح الجزائر. ومحمود مقديش سيتكلم عن هذه الأحداث القريبة منه بشيء من الفخر، راجع على سبيل المثال ش. جوليان، تاريخ شمال افريقيا 2/ 297.
من بعضهم قناطير الأموال، واستمدّوا بالخيل والمال والرجال / طمعا في أخذ الجزائر لا ظفّرهم الله لظنّهم أنهم إذا غلبوا عليها فقد انحلّ قفل المغرب واستولوا على جميعه، قطع الله آمالهم ولا ظفّرهم إلا باللعنة والخزي والهوان وسوء المنقلب والخسران. فلما وصلوا نزلوا ليلا، ونصبوا حصونا وأسوارا من أخشاب (328) وحديد تمشي على وجه الأرض بأشغال أحكموها بمكرهم وكيدهم، فدفعوا ذلك على عربات فمشى وهم من خلفه، فجعلوا يرمون المسلمين بالنيران وأنواع الصواعق والمدافع بشيء خارج عن الطاقة، فتوجهوا نحو المدينة وعساكر المسلمين، فلما رأى المسلمون مكر الكفرة جعلوا لهم أسوارا من الإبل، فأكثروا منها وقدّموها بين أيديهم، وضربوا من خلفها بالطبول والبوقات، وركبوا الخيول، وزنقوا الإبل، فتوجّهت نحو العدو، فصار ضرب العدو في الإبل وسلم المسلمون، ثم دفعوا الإبل على الكفرة (329) فرفضتهم أسوارهم، ووقعت الهزيمة على الكفّار، وجاء للمسلمين النصر (330)، فغنم المسلمون ما حصل بالبر من العدو، ولم ينج منهم إلا من أشرع قلاعه بالمراكب، وفرّوا منهزمين. وفي السنة الثانية (331) رجعوا بأكثر ممّا تقدم ولكن يئسوا من نزول البر، وعملوا حيلة ثانية وهي الإفساد وهم في البحر بأن أنشأوا أجفانا وجعلوا فيها المدافع والبونبة، وطمعوا أن يرموا على المدينة وحصونها وعساكر الإسلام ليطحنوهم ويحرقوهم / بالنار فركب المسلمون في مثل ما قدموا من الأجفان، وأرهقوهم عسكرا وعاجلوهم بالرمي فاشتغلوا بأنفسهم فغرق منهم جمع وهلك آخرون، فما لبثوا غير ساعة حتى جاء النصر ووقع على الكفرة اللئام (332) الهزيمة والكسر فولّوا (333) مدبرين وتفصيل هاتين الواقعتين ممّا يعد من أكبر غزوات المسلمين. ولما أعيت الكفرة الحيلة ورد الله كيدهم في نحرهم فأخذتهم القهرة والذلّة، وكثر نهب المسلمين لمراكبهم وقطعوا عليهم أسفارهم بالبحر، وطلبوا السّلم ببذل أموالهم للمسلمين ليأمنوا في أسفارهم وليمتاروا ويطمئنوا في أنفسهم، فأبى المسلمون عليهم ذلك، فجعلوا يلتجئون ويستغيثون بسلاطين الإسلام وبأولي الجاه من المسلمين حتى صالحوهم على ذلة الكفر وعزة
(328) في ت: «خشب» .
(329)
في ت وط: «الكفرة اللئام» .
(330)
في ت: «النصر والظفر» .
(331)
في سنة 1784 كما ذكرنا.
(332)
ساقطة من ت.
(333)
بعدها في ت: «جميع اللئام منهزمين» ، وظاهر أنها زيادة من النّاسخ لما في الجملة من ثقل.