المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عشر ميلا هي عرض المجاز. وبين جزيرة طريف وقصر مصمودة - نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار - جـ ١

[محمود مقديش]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة الكتاب

- ‌تمهيد:

- ‌المقدمة:

- ‌المقالة الأولى[في تحديد المغرب برا وبحرا وأسماء البلدان]

- ‌الباب الأولفي تحديد المغرب برا وبحرا

- ‌البحر المظلم:

- ‌الحدود البرية للمغرب:

- ‌حفر الزقاق:

- ‌المدّ والجزر:

- ‌حدود البحر الشامي:

- ‌الباب الثانيفي الكلام على ضبط بر المغرب الأقصى وما يليه من الغرب الأوسط وذكر ما فيه من البلاد والعباد

- ‌البربر وأصولهم وافريقية وتسميتها:

- ‌نول لمطة:

- ‌آزكّي:

- ‌سجلماسة:

- ‌درعة:

- ‌السّوس:

- ‌جبل درن:

- ‌أغمات وريكة:

- ‌مراكش:

- ‌نهر تانسيفت:

- ‌ أغمات أيلان

- ‌عود إلى ذكر مرّاكش:

- ‌الطريق من مرّاكش إلى أم ربيع:

- ‌آنقال:

- ‌مكول:

- ‌ايكسيس:

- ‌سلا:

- ‌فضالة:

- ‌الطريق من فضالة إلى آسفي:

- ‌آسفي:

- ‌مرسى ماست:

- ‌داي وتادلة:

- ‌الطريق من تادلة إلى‌‌ فاس:

- ‌ فاس:

- ‌ صفروي

- ‌قلعة مهدي:

- ‌مغيلة:

- ‌ مكناسة

- ‌بني تاورة:

- ‌السوق القديمة:

- ‌قصر عبد الكريم:

- ‌عود إلى ذكر فاس:

- ‌الطريق من فاس إلى تلمسان:

- ‌ تلمسان

- ‌الطريق من تلمسان إلى تنس:

- ‌تنس:

- ‌وهران:

- ‌المسيلة:

- ‌الطريق من وازلفن إلى مليانة:

- ‌مليانة:

- ‌الطريق من كزناية إلى المسيلة:

- ‌قلعة بني حمّاد وما جاورها:

- ‌قسنطينة وما جاورها:

- ‌جبل سحاو:

- ‌سوق بني زندوي:

- ‌جيجل:

- ‌مدن أخرى:

- ‌الجزائر:

- ‌تامدفوس:

- ‌مرسى الدّجاج:

- ‌تدلس:

- ‌بجاية:

- ‌الطريق من بجاية إلى القلعة:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌بلزمة:

- ‌حصن بشر:

- ‌سبتة:

- ‌الجزر والمدن والمراسي والمواقع الساحلية من سبتة إلى بونة:

- ‌ باغاية

- ‌توزر:

- ‌قفصة:

- ‌الطرقات من قفصة إلى ما جاورها:

- ‌ جبل نفّوسة

- ‌قابس:

- ‌صفاقس:

- ‌ قصر الجم

- ‌جمال:

- ‌المهدية:

- ‌نفزاوة:

- ‌ القيروان

- ‌تونس:

- ‌قرطاجنة:

- ‌بنزرت:

- ‌طبرقة:

- ‌باجة:

- ‌مرسى الخرز:

- ‌ بونة

- ‌الأربس:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌جزيرة باشو:

- ‌جبل زغوان:

- ‌جبل وسلات:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌طرابلس:

- ‌الطرقات من طرابلس إلى ما جاورها:

- ‌جبل دمر:

- ‌برقة

- ‌الطريق من برقة إلى العين:

- ‌الطريق من برقة إلى الإسكندرية:

- ‌الطريق الساحلي من بونة إلى نابل:

- ‌نابل:

- ‌الطريق الساحلي من نابل إلى سوسة:

- ‌سوسة:

- ‌الطريق الساحلي من سوسة إلى صفاقس:

- ‌جزيرة قرقنة:

- ‌الطريق الساحلي من صفاقس إلى جربة:

- ‌جربة:

- ‌الطريق الساحلي من جربة إلى لبدة:

- ‌لبدة:

- ‌الطريق الساحلي من لبدة إلى الإسكندرية:

- ‌ الإسكندرية

- ‌جغرافية الأندلس:

- ‌اليونان ودورهم بالأندلس:

- ‌طليطلة وما جاورها:

- ‌قرطبة:

- ‌المرية:

- ‌أقاليم الأندلس:

- ‌مدن ساحلية:

- ‌جزر البحر الشامي:

- ‌صقلية:

- ‌المقالة الثّانيةفي ذكر الخلافة وخلفاء الصّحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من خلفاء بني أميّة بالمشرق وفتوحات المغرب في أيّامهم

- ‌الباب الأولفي الخلافة وخلافة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة - رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌مفهوم الخلافة:

- ‌آدم عليه السلام أول الخلفاء:

- ‌كيومرث:

- ‌مهلائيل:

- ‌شيث وذريته:

- ‌ ادريس

- ‌إبراهيم وإبنيه:

- ‌العرب: طرف من أصلهم وبعض من أخبارهم:

- ‌ولاية الكعبة:

- ‌الخليفة الأكبر محمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌خلافة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌خلافة عثمان رضي الله عنه

- ‌خلافة علي رضي الله عنه

- ‌خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌يزيد:

- ‌بقية خلفاء بني أمية:

- ‌غزوات عمرو بن العاص:

- ‌غزوة عبد الله بن سعد بن أبي سرح:

- ‌ولاية معاوية بن خديج:

- ‌ولاية أبي المهاجر:

- ‌ولاية عقبة بن نافع وغزواته:

- ‌غزوة عقبة بن عامر الجهنّي:

- ‌غزوة رويفع بن ثابت:

- ‌غزوة زهير بن قيس البلوي:

- ‌ولاية حسان بن النعمان وغزواته:

- ‌فتح الأندلس:

- ‌بيت الحكمة بالأندلس:

- ‌تتمة الحديث عن فتح الأندلس:

- ‌ولاية عبد الله بن موسى بن نصير:

- ‌ولاية علي بن رباح:

- ‌المقالة الثّالثةفي ذكر خلفاء بني العبّاس وبعض أمرائهم بالعراق وأمرائهم بالمغرب

- ‌الباب الأولفي ذكر خلفاء بني العباس

- ‌قيام الدولة وخلافة أبي العباس السفّاح:

- ‌أبو جعفر المنصور:

- ‌محمد المهدي:

- ‌محمد موسى الهادي:

- ‌ هارون الرّشيد

- ‌محمد الأمين:

- ‌المأمون وقضية خلق القرآن:

- ‌المعتصم:

- ‌الواثق بالله:

- ‌المتوكل على الله:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌المعتز بالله:

- ‌المهتدي بالله:

- ‌المعتمد وحركة الزنج:

- ‌ المعتضد بالله

- ‌المكتفي بالله وظهور القرامطة:

- ‌المقتدر بالله وقيام أبي طاهر القرمطي:

- ‌القاهر بالله والراضي بالله:

- ‌المتقي بالله:

- ‌المستكفي بالله:

- ‌المطيع لله:

- ‌الطائع لله:

- ‌القادر بالله:

- ‌القائم بأمر الله:

- ‌المستظهر بالله:

- ‌المسترشد بالله:

- ‌الراشد بالله:

- ‌المقتفي لأمر الله:

- ‌المستنجد بالله:

- ‌المستضيء بالله:

- ‌الناصر لدين الله:

- ‌المستنصر بالله:

- ‌المستعصم بالله:

- ‌التتار:

- ‌هولاكو وسقوط بغداد وانقراض الدولة العباسية:

- ‌العباسيون بمصر:

- ‌تيمورلنك:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بعض أمراء بني العباس بالمشرق

- ‌ الصفارية

- ‌السامانيون:

- ‌الغزنويون:

- ‌السلاجقة:

- ‌الديلمية:

- ‌السلقدية:

- ‌الخوارزمية:

- ‌الباب الثالثفي مشاهير أمراء بني العبّاس بالمغرب

- ‌يزيد بن حاتم:

- ‌هرثمة بن أعين:

- ‌بداية بني الأغلب:

- ‌أبو العباس عبد الله:

- ‌زيادة الله:

- ‌أبو العباس محمد:

- ‌زيادة الله الأصغر:

- ‌أبو الغرانيق:

- ‌ابراهيم:

- ‌عبد الله بن ابراهيم:

- ‌المقالة الرّابعةفي ذكر ملوك الشّيعة بالمغرب وكيفيّة انتقالهم لمصر وما يتبع ذلك

- ‌عبيد الله المهدي وقيام الدّولة الفاطمية:

- ‌حركة القيروانيين المضادة للفاطميين:

- ‌أقوال بعضهم في الفاطميين والمجادلة حول رميهم بالكفر والزندقة وتبرئتهم منهما:

- ‌تأسيس المهديّة:

- ‌القائم وثورة أبي يزيد:

- ‌المنصور وفشل ثورة أبي يزيد:

- ‌المعز لدين الله وانتقال الفاطميين إلى مصر

- ‌الفاطميون بمصر:

- ‌المقالة الخامسةفي ذكر ملوك ضهاجة بالمغرب وصلاح الدّين بمصر

- ‌الباب الأولفي ذكر ملوك صنهاجة

- ‌زيري بن مناد:

- ‌بلكين بن زيري:

- ‌باديس:

- ‌المعزّ بن باديس: قطعه الدعوة للفاطميين واجتياح العرب افريقية

- ‌تميم بن المعز:

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌علي بن يحيى وابنه الحسن:

- ‌الباب الثانيفي ذكر دولة‌‌ نور الدين

- ‌ نور الدين

- ‌عماد الدّين اسماعيل:

- ‌عود إلى ذكر نور الدين:

- ‌الحملات الصليبية الأولى واستقرار الافرنج بالشام:

- ‌صلاح الدين وحروبه مع الصليبيين:

- ‌الملك الكامل والحروب الصليبية الخامسة:

- ‌الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب والحروب الصليبية السادسة

- ‌نهاية الأيوبيين:

- ‌المماليك بمصر:

- ‌المقالة السّادسةفي ذكر خلفاء بني أميّة بالأندلس وذكر الطوائف بعدهم

- ‌بنو أميّة:

- ‌ملوك الطوائف:

- ‌المقالة السّابعةفي ذكر ملوك لمتونة وهم الملثمون بالعدوة والأندلس

- ‌بداية المرابطين:

- ‌يوسف ابن تاشفين وحروبه الموفّقة في الأندلس:

- ‌نهاية المرابطين:

- ‌المقالة الثّامنةفي ذكر دولة الموحّدين وأمرائهم بالعدوة والأندلس وافريقية

- ‌الباب الأولفي أول ملوكها ومن بعده من الملوك

- ‌المهدي بن تومرت:

- ‌ عبد المؤمن

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌العادل:

- ‌المعتصم:

- ‌المأمون ومن ولي بعده إلى نهاية الدولة الموحدية:

- ‌الباب الثانيفي فتح عبد المؤمن للمهدية والبلاد الساحلية بعد استيلاء الافرنج عليها حسبما ذكره ابن الأثير وغيره من أئمة التاريخ

- ‌أسباب احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌هروب الحسن الصنهاجي والتقائه بعبد المؤمن:

- ‌احتلال النرمان لصفاقس والسّاحل:

- ‌انتفاض صفاقس وغيرها من المدن على النرمان:

- ‌عبد المؤمن يسير نحو افريقية ويخلصها من النرمان وتمتثل لطاعته:

- ‌الباب الثالثفي ذكر ثوار افريقية على الموحدين

- ‌ثورة بني غانية:

- ‌ثورة محمد بن عبد الكريم الرجراجي:

- ‌يحيى الميورقي يستولي على المهديّة وتونس وغيرهما:

- ‌يحيى الميورقي يستمر في ثورته ويصده عنها النّاصر الموحدي ويفتكّ منه افريقية:

- ‌نهاية قراقوش ويحيى الميورقي بن غانية:

- ‌المقالة التّاسعةفي ذكر دولة بني مرين وبني زيان وبني نصر

- ‌الباب الأولفي ذكر دولة بني مرين بالعدوة

- ‌عبد الحق بن محيو ومن ولي بعده:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو ثابت عامر:

- ‌أبو الربيع سليمان:

- ‌أبو سعيد عثمان:

- ‌أبو الحسن المريني ودخوله إلى تونس:

- ‌أبو عنان وأعماله بافريقية:

- ‌نهاية المرينيين:

- ‌السلطة بالمغرب الأقصى في عصر المؤلف:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بني زيّان ملوك تلمسان

- ‌يغمراسن:

- ‌عثمان ومن ولي بعده:

- ‌أبو تاشفين عبد الرحمان ودخوله تونس:

- ‌نهاية بني زيّان:

- ‌الباب الثالثفي ذكر دولة بني نصر بالأندلس

- ‌المقالة العاشرةفي ذكر دولة بني حفص بأفريقية

- ‌أبو محمد عبد الواحد

- ‌أبو العلا ادريس

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌المستنصر ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌الواثق:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم ابن أبي زكرياء:

- ‌الدّعي ابن أبي عمارة:

- ‌أبو حفص عمر ابن أبي زكرياء:

- ‌أبو عصيدة ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌أبو بكر الشهيد:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو يحيى زكرياء ابن اللحياني:

- ‌ محمّد أبو ضربة

- ‌أبو يحيى أبو بكر:

- ‌وفاة القاضي ابن قدّاح:

- ‌وفاة الفقيه محمد بن عبد الله بن راشد القفصي:

- ‌وفاة الفقيه عبد الله ابن البراء التنوخي:

- ‌وفاة الشّيخ علي بن منتصر الصدفي:

- ‌وفاة الشّيخ أبي حيان:

- ‌أبو حفص عمر بن أبي بكر والتنافس بين الحفصيين:

- ‌عود إلى ذكر تملك أبي الحسن المريني تونس وأعمالها وما وقع له بها:

- ‌الفضل بن أبي بكر:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم بن أبي بكر وابن تافراجين:

- ‌حركة أبي عنان المريني في اتجاه تونس:

- ‌عود إلى ذكر أبي اسحاق ابراهيم وابن تافراجين:

- ‌وفاة ابن تافراجين:

- ‌وفاة القاضي أبي القاسم بن سلمون البياسي:

- ‌وفاة أبي اسحاق ابراهيم:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو العباس أحمد ونزول النصارى بالمهدية:

- ‌أبو فارس عبد العزيز:

- ‌ترجمة الشّيخ ابن عرفة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز داخل افريقية والمغرب:

- ‌نزول النصارى بقرقنة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز بمالطة والمغرب الأوسط:

- ‌نزول النصارى بجربة ومواجهة أبي فارس لهم:

- ‌حركة أخرى بالمغرب الأوسط لأبي فارس ووفاته:

- ‌مزايا أبي فارس:

- ‌أبو عبد الله محمد المنتصر:

- ‌أبو عمرو عثمان ومن توفي في أيامه من المشايخ:

- ‌أبو زكرياء يحيى بن مسعود وعبد المؤمن بن ابراهيم:

- ‌محمد بن الحسن وتغلب النصارى على مواقع من افريقية:

- ‌الحسن بن محمد والتصارع العثماني الاسباني بافريقية:

- ‌درغوث باشا:

- ‌أحمد الحفصي واستمرار التصارع العثماني الإسباني:

- ‌محمد الحفصي: نهاية الدولة الحفصية والاستقرار العثماني بتونس:

- ‌تتمة من الناسخ:

الفصل: عشر ميلا هي عرض المجاز. وبين جزيرة طريف وقصر مصمودة

عشر ميلا هي عرض المجاز. وبين جزيرة طريف وقصر مصمودة اثنا عشر ميلا هذا ما ذكره في «النزهة» (22) و «خريدة العجائب» (23).

‌المدّ والجزر:

ونقل (24) الشيخ محمد بن محمود القزويني (25) في «عجائب المخلوقات» عن كتاب «أخبار مصر» أنه بعد هلاك الفراعنة، كان بمصر ملوك بني دلوكة، وكانوا أصحاب رأي وكيد، فطمع ملوك الرّوم في ملك مصر، فاحتال بنو دلوكة في شق البحر المحيط من المغرب وهو بحر الظلمات فغلب على كثير من البلدان العامرة والممالك (26) العظيمة، وامتدّ إلى الشّام وبلاد الروم، وصار حاجزا بين بلاد مصر والرّوم وهو الخليج الذي في زماننا هذا على أحد ساحليه المسلمون، وعلى الآخر النصارى من الإفرنج. وهناك مجمع البحرين وهما بحر الرّوم والمغرب عرضه (ستة فراسخ وطوله خمسة)(27) فراسخ، وفيه يظهر مد ماء البحر، وهو (زيادته وجزره وهو)(28) نقصانه في كل يوم وليلة كل واحد مرتين. وذلك أن البحر الأسود وهو بحر المغرب عند طلوع الشمس يعلو فينصبّ في مجمع البحرين حتى يدخل في بحر الرّوم وهو البحر الأخضر إلى وقت الزوال. فإذا زالت الشّمس غاض البحر الأسود وانصبّ فيه البحر الأخضر إلى غروب الشّمس ثم يعود المدّ إلى نصف الليل ثم الجزر إلى طلوع الشّمس (29) وهكذا، وقال قبل ذلك (30): تعرض للبحار أحوال عجيبة من ارتفاع مياهها ومدّها وهيجانها في أوقات مختلفة من الفصول الأربعة، وأوائل الشهور وأواخرها، وساعات الليل والنهار. وأما ارتفاعها فزعموا أن الشّمس إذا أثرت في

(22) نزهة المشتاق للادريسي.

(23)

خريدة العجائب لابن الوردي، ص: 16 - 17.

(24)

ما سيأتي نقل من عجائب المخلوقات للقزويني بتصرف، 1/ 218 - 219.

(25)

الصواب أنه زكرياء بن محمد بن محمود كما صرح به في ديباجة كتابه «عجائب المخلوقات» .

(26)

في ت وش: «المماليك» .

(27)

في عجائب المخلوقات: «وعرضه ثلاثة فراسخ وطوله خمسة وعشرون فرسخا» .

(28)

تفسير من المؤلف وهو غير موجود في عجائب المخلوقات.

(29)

في عجائب المخلوقات: «ثم يغيض البحر الأسود، وانصباب الماء من البحر الأخضر إلى طلوع الشّمس 1/ 218 - 219.

(30)

نقل من عجائب المخلوقات 1/ 185 - 186.

ص: 46

مياهها لطفت وتحلّلت وملأت مكانا أوسع ممّا كان فيه قبل فدافعت بعض أجزائها بعضا (31) إلى الجهات الخمس: المشرق والمغرب والشمال والجنوب والفوق، فيكون على سواحلها في وقت واحد رياح مختلفة. هذا ما ذكره (32) في سبب ارتفاع مياهها.

وأما مدّ بعض البحار في وقت طلوع القمر فزعموا أن في قعر تلك البحار صخورا صلدة وأحجارا صلبة فإذا أشرق (33) القمر على سطح ذلك البحر وصلت مطارح أشعّته إلى تلك الصّخور والأحجار التي في قرارها (34) ثم انعكست من هناك متراجعة فسخنت تلك المياه ولطفت فطلبت مكانا أوسع وتموّجت [إلى ساحلها](35)، ودفع بعضها بعضا وفاضت على شطوطها (36) ورجعت المياه التي كانت تنصبّ إليها إلى خلف، فلا تزال كذلك ما دام القمر مرتفعا إلى وسط سمائه، فإذا أخذ ينحطّ سكن غليان تلك المياه وبردت تلك الأجزاء وغلظت ورجعت إلى قرارها وجرت الأنهار على عادتها، فلا يزال كذلك إلى أن يبلغ القمر إلى الأفق الغربي ثم يبتدئ المدّ على مثال عادته في الأفق الشرقي، ولا يزال كذلك إلى أن يبلغ القمر إلى وتد الأرض فينتهي المدّ ثم إذا زال القمر عن وتد الأرض أخذ المدّ راجعا إلى أن يرجع القمر إلى الأفق الشّرقي. هذا قولهم في مدّ البحار وجزرها (37).

قلت: المناسب لكلامه الأول أن يسند المدّ والجزر للشّمس لا للقمر وخصوصا لما أخذ في تعليل المدّ بقوله: سخنت تلك المياه ولطفت الخ. فإن السّخانة واللّطافة تناسب الشمس لا القمر. كيف وقد قال في خواص القمر: زعموا أن تأثيراته بواسطة الرّطوبة كما أن تأثيرات الشّمس بواسطة الحرارة. لكن قال بعده: من خواصّ القمر أنه إذا صار في أفق من آفاق البحر أخذ ماؤه في المدّ مقبلا مع القمر، ولا يزال كذلك إلى أن يصير القمر في وسط سماء ذلك الموضع، فإذا صار هنالك انتهى المدّ منتهاه. فإذا انحطّ القمر من وسط سمائه جزر الماء ولا يزال كذلك راجعا إلى أن يبلغ القمر مغربه فعند ذلك ينتهي الجزر منتهاه. فإذا زال القمر من مغرب ذلك الموضع ابتدأ المدّ مرّة ثانية إلا أنه أضعف

(31) في عجائب المخلوقات: «فدافعت أجزاؤها بعضها بعضا» ، 1/ 185.

(32)

أي القزويني وفي عجائب المخلوقات «ذكروه» .

(33)

في الأصول: «أشرقت» .

(34)

في الأصول: «قراره» .

(35)

زيادة من عجائب المخلوقات للتوضيح.

(36)

في الأصول: «سطوحها» ، والمثبت من عجائب المخلوقات.

(37)

أنظر فيما سبق عجائب المخلوقات، 1/ 185 - 186.

ص: 47

من الأولى ثم لا يزال كذلك إلى أن يصير القمر في وتد الأرض فحينئذ ينتهي المدّ منتهاه في المرة الثانية في ذلك الموضع ثم يبتدئ بالجزر والرّجوع ولا يزال كذلك حتى يبلغ القمر أفق مشرق ذلك الموضع فيعود المدّ إلى مثل ما كان عليه أولا فيكون في كل يوم وليلة بمقدار سير القمر فيهما في ذلك البحر مدّان وجزران (38) انتهى، والله أعلم.

ثم قال: وأمّا هيجانها فكهيجان الأخلاط في الأبدان فإنك ترى صاحب الدم (والصفراء وغيرها)(39)(عند نزول حمى أو غيرها)(40) يهتاج به الخلط ثم يسكن قليلا قليلا، (فللبحر موادّ تمدّه حالا فحالا فإذا قويت هاجت ثم تسكن قليلا قليلا) (41) وقد عبّر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بعبارة لطيفة فقال: إن الملك الموكل بالبحر يضع رجله في البحر (42) فيكون منه المدّ ثم يرفع فيكون منه الجزر. انتهى (43). قلت: ولا مانع من إرادة الحقيقة إذ العقل يجيزه، وما أخبر به الصادق ولم يكن لحمله على حقيقته وظاهره مانع فالحمل عليه أولى، أما مع وجود المانع الصارف فالعمل على مقتضاه واجب، ثم أن في الخمس الأول (44) من الشهر والعشر الوسطى والخمس الأخيرة يقوى المدّ والجزر، وتسمّى تلك الأيّام أيّام حياة البحر وفيما عدا (45) ذلك يقلّ ذلك فتسمّى تلك الأيّام أيام موته، وهذا الجزر والمدّ لا يظهر غاية الظّهور إلا في أقاصير البحار، ولصيّادي السّمك خبرة زائدة بذلك، لأن اصطيادهم يتيسّر في مدّة الحياة، لأن السّمك يدخل مع قوّة دخول الماء فيحصل فيما نصبوا (46) له من الأعمال المعدّة لاصطياده، فإذا جزر الماء نزلوا فأخذوا ما حصل (47) في مصائدهم (48)، والظّاهر أن

(38) أنظر عجائب المخلوقات، 1/ 31 - 32.

(39)

في الأصول: «صاحب الدّم الأصفر أو غيره» والمثبت من عجائب المخلوقات.

(40)

اضافة من المؤلف بالنسبة لعجائب المخلوقات.

(41)

اضافة من المؤلف بالنسبة لعجائب المخلوقات.

(42)

هكذا في ت وش، وفي ط وعجائب المخلوقات:«بالبحر» .

(43)

النقل من عجائب المخلوقات 1/ 186.

(44)

هكذا في ش وط، وفي ت:«الأولى» .

(45)

هكذا في ط، وفي ت وش:«وفي عدى» .

(46)

في ت وط: «نصبوه» .

(47)

في ت: «ما حصل لهم» .

(48)

تلك هي أهم طريقة لصيد السّمك على سواحل صفاقس في الماضي، وكذلك في جزر قرقنة وجربة والسواحل القصيرة الأخرى من خليج قابس حيث المدّ والجزر قويّان، وهي طرق يعلمها المؤلف ونرى أنه عممها على كل المناطق الساحلية كما نفهم من نصّه.

ص: 48