المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حركة القيروانيين المضادة للفاطميين: - نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار - جـ ١

[محمود مقديش]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة الكتاب

- ‌تمهيد:

- ‌المقدمة:

- ‌المقالة الأولى[في تحديد المغرب برا وبحرا وأسماء البلدان]

- ‌الباب الأولفي تحديد المغرب برا وبحرا

- ‌البحر المظلم:

- ‌الحدود البرية للمغرب:

- ‌حفر الزقاق:

- ‌المدّ والجزر:

- ‌حدود البحر الشامي:

- ‌الباب الثانيفي الكلام على ضبط بر المغرب الأقصى وما يليه من الغرب الأوسط وذكر ما فيه من البلاد والعباد

- ‌البربر وأصولهم وافريقية وتسميتها:

- ‌نول لمطة:

- ‌آزكّي:

- ‌سجلماسة:

- ‌درعة:

- ‌السّوس:

- ‌جبل درن:

- ‌أغمات وريكة:

- ‌مراكش:

- ‌نهر تانسيفت:

- ‌ أغمات أيلان

- ‌عود إلى ذكر مرّاكش:

- ‌الطريق من مرّاكش إلى أم ربيع:

- ‌آنقال:

- ‌مكول:

- ‌ايكسيس:

- ‌سلا:

- ‌فضالة:

- ‌الطريق من فضالة إلى آسفي:

- ‌آسفي:

- ‌مرسى ماست:

- ‌داي وتادلة:

- ‌الطريق من تادلة إلى‌‌ فاس:

- ‌ فاس:

- ‌ صفروي

- ‌قلعة مهدي:

- ‌مغيلة:

- ‌ مكناسة

- ‌بني تاورة:

- ‌السوق القديمة:

- ‌قصر عبد الكريم:

- ‌عود إلى ذكر فاس:

- ‌الطريق من فاس إلى تلمسان:

- ‌ تلمسان

- ‌الطريق من تلمسان إلى تنس:

- ‌تنس:

- ‌وهران:

- ‌المسيلة:

- ‌الطريق من وازلفن إلى مليانة:

- ‌مليانة:

- ‌الطريق من كزناية إلى المسيلة:

- ‌قلعة بني حمّاد وما جاورها:

- ‌قسنطينة وما جاورها:

- ‌جبل سحاو:

- ‌سوق بني زندوي:

- ‌جيجل:

- ‌مدن أخرى:

- ‌الجزائر:

- ‌تامدفوس:

- ‌مرسى الدّجاج:

- ‌تدلس:

- ‌بجاية:

- ‌الطريق من بجاية إلى القلعة:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌بلزمة:

- ‌حصن بشر:

- ‌سبتة:

- ‌الجزر والمدن والمراسي والمواقع الساحلية من سبتة إلى بونة:

- ‌ باغاية

- ‌توزر:

- ‌قفصة:

- ‌الطرقات من قفصة إلى ما جاورها:

- ‌ جبل نفّوسة

- ‌قابس:

- ‌صفاقس:

- ‌ قصر الجم

- ‌جمال:

- ‌المهدية:

- ‌نفزاوة:

- ‌ القيروان

- ‌تونس:

- ‌قرطاجنة:

- ‌بنزرت:

- ‌طبرقة:

- ‌باجة:

- ‌مرسى الخرز:

- ‌ بونة

- ‌الأربس:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌جزيرة باشو:

- ‌جبل زغوان:

- ‌جبل وسلات:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌طرابلس:

- ‌الطرقات من طرابلس إلى ما جاورها:

- ‌جبل دمر:

- ‌برقة

- ‌الطريق من برقة إلى العين:

- ‌الطريق من برقة إلى الإسكندرية:

- ‌الطريق الساحلي من بونة إلى نابل:

- ‌نابل:

- ‌الطريق الساحلي من نابل إلى سوسة:

- ‌سوسة:

- ‌الطريق الساحلي من سوسة إلى صفاقس:

- ‌جزيرة قرقنة:

- ‌الطريق الساحلي من صفاقس إلى جربة:

- ‌جربة:

- ‌الطريق الساحلي من جربة إلى لبدة:

- ‌لبدة:

- ‌الطريق الساحلي من لبدة إلى الإسكندرية:

- ‌ الإسكندرية

- ‌جغرافية الأندلس:

- ‌اليونان ودورهم بالأندلس:

- ‌طليطلة وما جاورها:

- ‌قرطبة:

- ‌المرية:

- ‌أقاليم الأندلس:

- ‌مدن ساحلية:

- ‌جزر البحر الشامي:

- ‌صقلية:

- ‌المقالة الثّانيةفي ذكر الخلافة وخلفاء الصّحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من خلفاء بني أميّة بالمشرق وفتوحات المغرب في أيّامهم

- ‌الباب الأولفي الخلافة وخلافة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة - رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌مفهوم الخلافة:

- ‌آدم عليه السلام أول الخلفاء:

- ‌كيومرث:

- ‌مهلائيل:

- ‌شيث وذريته:

- ‌ ادريس

- ‌إبراهيم وإبنيه:

- ‌العرب: طرف من أصلهم وبعض من أخبارهم:

- ‌ولاية الكعبة:

- ‌الخليفة الأكبر محمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌خلافة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌خلافة عثمان رضي الله عنه

- ‌خلافة علي رضي الله عنه

- ‌خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌يزيد:

- ‌بقية خلفاء بني أمية:

- ‌غزوات عمرو بن العاص:

- ‌غزوة عبد الله بن سعد بن أبي سرح:

- ‌ولاية معاوية بن خديج:

- ‌ولاية أبي المهاجر:

- ‌ولاية عقبة بن نافع وغزواته:

- ‌غزوة عقبة بن عامر الجهنّي:

- ‌غزوة رويفع بن ثابت:

- ‌غزوة زهير بن قيس البلوي:

- ‌ولاية حسان بن النعمان وغزواته:

- ‌فتح الأندلس:

- ‌بيت الحكمة بالأندلس:

- ‌تتمة الحديث عن فتح الأندلس:

- ‌ولاية عبد الله بن موسى بن نصير:

- ‌ولاية علي بن رباح:

- ‌المقالة الثّالثةفي ذكر خلفاء بني العبّاس وبعض أمرائهم بالعراق وأمرائهم بالمغرب

- ‌الباب الأولفي ذكر خلفاء بني العباس

- ‌قيام الدولة وخلافة أبي العباس السفّاح:

- ‌أبو جعفر المنصور:

- ‌محمد المهدي:

- ‌محمد موسى الهادي:

- ‌ هارون الرّشيد

- ‌محمد الأمين:

- ‌المأمون وقضية خلق القرآن:

- ‌المعتصم:

- ‌الواثق بالله:

- ‌المتوكل على الله:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌المعتز بالله:

- ‌المهتدي بالله:

- ‌المعتمد وحركة الزنج:

- ‌ المعتضد بالله

- ‌المكتفي بالله وظهور القرامطة:

- ‌المقتدر بالله وقيام أبي طاهر القرمطي:

- ‌القاهر بالله والراضي بالله:

- ‌المتقي بالله:

- ‌المستكفي بالله:

- ‌المطيع لله:

- ‌الطائع لله:

- ‌القادر بالله:

- ‌القائم بأمر الله:

- ‌المستظهر بالله:

- ‌المسترشد بالله:

- ‌الراشد بالله:

- ‌المقتفي لأمر الله:

- ‌المستنجد بالله:

- ‌المستضيء بالله:

- ‌الناصر لدين الله:

- ‌المستنصر بالله:

- ‌المستعصم بالله:

- ‌التتار:

- ‌هولاكو وسقوط بغداد وانقراض الدولة العباسية:

- ‌العباسيون بمصر:

- ‌تيمورلنك:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بعض أمراء بني العباس بالمشرق

- ‌ الصفارية

- ‌السامانيون:

- ‌الغزنويون:

- ‌السلاجقة:

- ‌الديلمية:

- ‌السلقدية:

- ‌الخوارزمية:

- ‌الباب الثالثفي مشاهير أمراء بني العبّاس بالمغرب

- ‌يزيد بن حاتم:

- ‌هرثمة بن أعين:

- ‌بداية بني الأغلب:

- ‌أبو العباس عبد الله:

- ‌زيادة الله:

- ‌أبو العباس محمد:

- ‌زيادة الله الأصغر:

- ‌أبو الغرانيق:

- ‌ابراهيم:

- ‌عبد الله بن ابراهيم:

- ‌المقالة الرّابعةفي ذكر ملوك الشّيعة بالمغرب وكيفيّة انتقالهم لمصر وما يتبع ذلك

- ‌عبيد الله المهدي وقيام الدّولة الفاطمية:

- ‌حركة القيروانيين المضادة للفاطميين:

- ‌أقوال بعضهم في الفاطميين والمجادلة حول رميهم بالكفر والزندقة وتبرئتهم منهما:

- ‌تأسيس المهديّة:

- ‌القائم وثورة أبي يزيد:

- ‌المنصور وفشل ثورة أبي يزيد:

- ‌المعز لدين الله وانتقال الفاطميين إلى مصر

- ‌الفاطميون بمصر:

- ‌المقالة الخامسةفي ذكر ملوك ضهاجة بالمغرب وصلاح الدّين بمصر

- ‌الباب الأولفي ذكر ملوك صنهاجة

- ‌زيري بن مناد:

- ‌بلكين بن زيري:

- ‌باديس:

- ‌المعزّ بن باديس: قطعه الدعوة للفاطميين واجتياح العرب افريقية

- ‌تميم بن المعز:

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌علي بن يحيى وابنه الحسن:

- ‌الباب الثانيفي ذكر دولة‌‌ نور الدين

- ‌ نور الدين

- ‌عماد الدّين اسماعيل:

- ‌عود إلى ذكر نور الدين:

- ‌الحملات الصليبية الأولى واستقرار الافرنج بالشام:

- ‌صلاح الدين وحروبه مع الصليبيين:

- ‌الملك الكامل والحروب الصليبية الخامسة:

- ‌الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب والحروب الصليبية السادسة

- ‌نهاية الأيوبيين:

- ‌المماليك بمصر:

- ‌المقالة السّادسةفي ذكر خلفاء بني أميّة بالأندلس وذكر الطوائف بعدهم

- ‌بنو أميّة:

- ‌ملوك الطوائف:

- ‌المقالة السّابعةفي ذكر ملوك لمتونة وهم الملثمون بالعدوة والأندلس

- ‌بداية المرابطين:

- ‌يوسف ابن تاشفين وحروبه الموفّقة في الأندلس:

- ‌نهاية المرابطين:

- ‌المقالة الثّامنةفي ذكر دولة الموحّدين وأمرائهم بالعدوة والأندلس وافريقية

- ‌الباب الأولفي أول ملوكها ومن بعده من الملوك

- ‌المهدي بن تومرت:

- ‌ عبد المؤمن

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌العادل:

- ‌المعتصم:

- ‌المأمون ومن ولي بعده إلى نهاية الدولة الموحدية:

- ‌الباب الثانيفي فتح عبد المؤمن للمهدية والبلاد الساحلية بعد استيلاء الافرنج عليها حسبما ذكره ابن الأثير وغيره من أئمة التاريخ

- ‌أسباب احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌هروب الحسن الصنهاجي والتقائه بعبد المؤمن:

- ‌احتلال النرمان لصفاقس والسّاحل:

- ‌انتفاض صفاقس وغيرها من المدن على النرمان:

- ‌عبد المؤمن يسير نحو افريقية ويخلصها من النرمان وتمتثل لطاعته:

- ‌الباب الثالثفي ذكر ثوار افريقية على الموحدين

- ‌ثورة بني غانية:

- ‌ثورة محمد بن عبد الكريم الرجراجي:

- ‌يحيى الميورقي يستولي على المهديّة وتونس وغيرهما:

- ‌يحيى الميورقي يستمر في ثورته ويصده عنها النّاصر الموحدي ويفتكّ منه افريقية:

- ‌نهاية قراقوش ويحيى الميورقي بن غانية:

- ‌المقالة التّاسعةفي ذكر دولة بني مرين وبني زيان وبني نصر

- ‌الباب الأولفي ذكر دولة بني مرين بالعدوة

- ‌عبد الحق بن محيو ومن ولي بعده:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو ثابت عامر:

- ‌أبو الربيع سليمان:

- ‌أبو سعيد عثمان:

- ‌أبو الحسن المريني ودخوله إلى تونس:

- ‌أبو عنان وأعماله بافريقية:

- ‌نهاية المرينيين:

- ‌السلطة بالمغرب الأقصى في عصر المؤلف:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بني زيّان ملوك تلمسان

- ‌يغمراسن:

- ‌عثمان ومن ولي بعده:

- ‌أبو تاشفين عبد الرحمان ودخوله تونس:

- ‌نهاية بني زيّان:

- ‌الباب الثالثفي ذكر دولة بني نصر بالأندلس

- ‌المقالة العاشرةفي ذكر دولة بني حفص بأفريقية

- ‌أبو محمد عبد الواحد

- ‌أبو العلا ادريس

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌المستنصر ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌الواثق:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم ابن أبي زكرياء:

- ‌الدّعي ابن أبي عمارة:

- ‌أبو حفص عمر ابن أبي زكرياء:

- ‌أبو عصيدة ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌أبو بكر الشهيد:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو يحيى زكرياء ابن اللحياني:

- ‌ محمّد أبو ضربة

- ‌أبو يحيى أبو بكر:

- ‌وفاة القاضي ابن قدّاح:

- ‌وفاة الفقيه محمد بن عبد الله بن راشد القفصي:

- ‌وفاة الفقيه عبد الله ابن البراء التنوخي:

- ‌وفاة الشّيخ علي بن منتصر الصدفي:

- ‌وفاة الشّيخ أبي حيان:

- ‌أبو حفص عمر بن أبي بكر والتنافس بين الحفصيين:

- ‌عود إلى ذكر تملك أبي الحسن المريني تونس وأعمالها وما وقع له بها:

- ‌الفضل بن أبي بكر:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم بن أبي بكر وابن تافراجين:

- ‌حركة أبي عنان المريني في اتجاه تونس:

- ‌عود إلى ذكر أبي اسحاق ابراهيم وابن تافراجين:

- ‌وفاة ابن تافراجين:

- ‌وفاة القاضي أبي القاسم بن سلمون البياسي:

- ‌وفاة أبي اسحاق ابراهيم:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو العباس أحمد ونزول النصارى بالمهدية:

- ‌أبو فارس عبد العزيز:

- ‌ترجمة الشّيخ ابن عرفة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز داخل افريقية والمغرب:

- ‌نزول النصارى بقرقنة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز بمالطة والمغرب الأوسط:

- ‌نزول النصارى بجربة ومواجهة أبي فارس لهم:

- ‌حركة أخرى بالمغرب الأوسط لأبي فارس ووفاته:

- ‌مزايا أبي فارس:

- ‌أبو عبد الله محمد المنتصر:

- ‌أبو عمرو عثمان ومن توفي في أيامه من المشايخ:

- ‌أبو زكرياء يحيى بن مسعود وعبد المؤمن بن ابراهيم:

- ‌محمد بن الحسن وتغلب النصارى على مواقع من افريقية:

- ‌الحسن بن محمد والتصارع العثماني الاسباني بافريقية:

- ‌درغوث باشا:

- ‌أحمد الحفصي واستمرار التصارع العثماني الإسباني:

- ‌محمد الحفصي: نهاية الدولة الحفصية والاستقرار العثماني بتونس:

- ‌تتمة من الناسخ:

الفصل: ‌حركة القيروانيين المضادة للفاطميين:

الخلع والألوية من المقتدر إلى ابن قهرب فاستقل، وانقطعت طاعة المهدي من صقليّة (38) واختلف الأئمة في جواز مقاتلة العبيديين.

‌حركة القيروانيين المضادة للفاطميين:

قال في المعالم (39): «كان أبو الفضل عبّاس الممسي ممن خرج لقتال بني عبيد مع أهل القيروان لما كان يعتقد من كفرهم، قال أبو بكر المالكي: رأى أن الخروج مع أبي يزيد الخارجي - الآتي خبره - وقطع دولة بني عبيد فرضا لأن الخوارج من أهل القبلة لا يزول عنهم الاسلام ويرثون ويورثون وبنو عبيد ليسوا كذلك لأنهم مجوس زال عنهم اسم المسلمين فلا يتوارثون معهم ولا ينسبون إليهم» (40) وقال (41): «عوتب ربيع بن القطان في خروجه مع أبي يزيد إلى حرب بني عبيد فقال: وكيف لا أفعل وقد سمعت الكفر بأذني؟ فمن ذلك أني حضرت اشهادا وكان فيه جمع كثير - أهل سنّة ومشارقة - وكان بالقرب مني أبو قضاعة الدّاعي فأتى رجل مشرقي [من أهل الشرق ومن أعظم المشارقة فقام إليه رجل مشرقي](42) وقال: إلى هاهنا يا سيدي إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أبا قضاعة الدّاعي ويشير بيد، إليه، فما أنكر أحد شيئا من ذلك! فكيف ينبغي أن أترك القيام عليهم؟ ووجد بخطه قال: لمّا كان في رجب سنة احدى وثلاثين، قام الصّبي المكوكب يقذف الصّحابة / ويطعن على النّبي صلى الله عليه وسلم وعلقت عظام رؤوس أكباش وحمير وغيرها على أبواب الحوانيت والدّروب عليها قراطيس معلّقة فيها أسماء يعنون بها رؤوس الصّحابة - رضوان الله عليهم - فلمّا رأى ربيع ذلك لم يسعه التأخر عن الخروج عليهم - وكذلك كان جميع الشيوخ يتأوّلون أبا اسحاق السبائي وغيره ولما اجتمعوا للخروج عليهم قال ربيع القطّان: أنا أول من يشرع في هذا الأمر ويخرج فيه ويندب المسلمين ويحضهم عليه، وتسارع جميع الفقهاء والعباد لذلك، فلمّا كان بالغد خرج

(38) عن هذه الأخبار أنظر كتاب العبر 4/ 442 - 443.

(39)

معالم الايمان 3/ 29 (ط.2).

(40)

معالم الايمان: 3/ 29.

(41)

معالم الايمان: 3/ 31 - 32 (ط 2).

(42)

اضافة من المعالم ليستقيم المعنى.

ص: 334

الربيع وجماعة الفقهاء ووجوه التجّار إلى المصلّى بالسلاح الشاك (43) والعدّة العجيبة التي لم ير مثلها، وضاق بهم الفضاء وتواعد النّاس أن ينظروا في الزّاد وآلة السّفر إلى يوم السبت - وذلك يوم الاثنين - وركب بعض الشيوخ من الموضع إلى الجامع بالسّلاح، وشقّوا السّماط بالقيروان، وزادوا في استنهاض (44) الناس، فلمّا كان يوم الجمعة اجتمعوا في الجامع وركبوا بالسّلاح الكامل وعملوا البنود والطبول» (45).

«قال أبو الحسن علي بن سعيد الخرّاط الفقيه: لما بلغني أن الفقهاء قد تجمّعوا في الجامع في تدبير الخروج إلى المهديّة في أيام أبي يزيد بكّرت إلى الجامع فأصبت أبا العرب محمد بن أحمد بن تميم بن تمّام التّميمي، وأبا الفضل عبّاس الممسي، وربيع القطّان، وأبا اسحاق السّبائي، ومروان بن نصر وغيرهم جلوسا عند المنبر فتكلموا / في الخروج على بني عبيد فاختلفوا وتناظروا حتى قال أبو العرب: اسكتوا، فسكت النّاس فقال:

حدّثني عيسى بن مسكين عن محمّد بن عبد الله الجرجاني باسناده إلى النّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يكون في آخر الزمان قوم يقال لهم الرّافضة فاذا أدركتموهم فاقتلوهم فانهم كفّار» (46) فلمّا أتمّ الحديث كبّر النّاس وعلت أصواتهم في الجامع حتى ارتجّ، ثم خرجوا لقتال بني عبيد، وهذا يدلّك على كمال عدالته وصحّة نقله، ولولا ذلك لما اتفقوا بعد الاختلاف على الخروج على من ذكره» (47). ولم يتخلّف من العلماء والفقهاء أحد «وكانت عدة بنودهم سبعة ركّزوها قبالة مسجد الجامع المعروف بالحدّادين، بندا أصفر لربيع القطّان مكتوب عليه البسملة ومعها لا إلآه إلاّ الله محمد رسول الله، وفي الثاني - وهو لربيع أصفر أيضا - نصر من الله وفتح قريب على يد أبي يزيد اللهم انصره على من سبّ نبيك، وفي الثالث - وهو أصفر أيضا لأبي الربيع - بعد البسملة - {فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} (48) وفي الرّابع - وهو أحمر لأبي الفضل عبّاس الممسي - لا إلآه إلاّ الله محمد رسول الله، وفي الخامس - وهو

(43) في الأصول: «شائك» والمثبت من معالم الايمان 3/ 32.

(44)

في الأصول: «أشخاص» والمثبت من المعالم 3/ 32.

(45)

النقل من المعالم 3/ 32.

(46)

روى أحمد بن حنبل في سننه أن عليا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يظهر في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام» . مسند أحمد ج 1 ص: 103.

(47)

النقل من نفس المرجع ص: 35.

(48)

سورة التوبة: 12 وأولها وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ. . . .

ص: 335

أخضر لمروان العابد - بعد البسملة - {قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} (49) وفي السادس - وهو أبيض بعد البسملة - لا إلآه إلاّ الله محمد رسول الله أبو بكر الصدّيق / عمر الفاروق، وفي السابع - وهو لابراهيم ابن الحبشا (50) - وكان أكبر البنود لونه أبيض، لا إلآه إلاّ الله محمد رسول الله {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اِثْنَيْنِ} (51) الآية، فلمّا اجتمع النّاس وحضرت الجمعة، طلع الامام على المنبر - وهو أحمد بن محمد بن أبي الوليد، وكان أبو الفضل الممسي هو الذي أشار به - وخطب خطبة أبلغ فيها وحرّض النّاس على الجهاد، وأعلمهم بما لهم فيه من الثّواب وتلا {لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ} (52) الآية، وقال: يا أيها النّاس، جاهدوا من كفر بالله، وزعم أنه ربّ من دون الله، وغيّر أحكام الله، وسبّ نبيّه وأصحاب نبيّه وأزواج نبيّه، فبكى النّاس بكاء شديدا، وقال في خطبته: اللهم ان هذا القرمطي الكافر الصنعاني المعروف بأبي عبيد الله المدّعي الرّبوبية من دون الله جاحد لنعمك، كافر بربوبيتك، طاعن على أنبيائك ورسلك، مكذّب لمحمّد نبيّك وخيرتك من خلقك، سابّ لأصحاب نبيّك وأزواج أمّهات المؤمنين، سافك لدماء أمّته، هاتك لمحارم أهل ملّته افتراء عليك واغترارا بحلمك، اللهم فالعنه لعنا وبيلا، واخزه خزيا طويلا، واغضب عليه بكرة وأصيلا، واصله في جهنم وساءت مصيرا، بعد أن تجعله في الدّنيا عبرة للسائلين وأحاديث الغابرين، وأهلك اللهم متّبعه وشتّت كلمته وفرّق جماعته واكسر شوكته واشف صدور قوم مؤمنين منه، ونزل، فجمع الجمعة ركعتين وسلّم وقال: إن الخروج غدا يوم السبت / إن شاء الله تعالى، وركب ربيع القطان فرسه وعليه آلة الحرب وفي عنقه المصحف وحوله جماعة من النّاس من أهل القيروان متأهّبون مستعدّون لجهاد أعداء الله عليهم آلة الحرب، فنظر إليهم ربيع القطّان فسرّ بهم، وقال: الحمد لله الذي أحياني حتى أدركت عصابة من المؤمنين (53) اجتمعوا لجهاد أعدائك وأعداء نبيّك، يا ربّ بأي

(49) سورة التوبة 14.

(50)

في الأصول: «ابن المثنى» والمثبت من المعالم 3/ 33.

(51)

سورة التّوبة: 40.

(52)

سورة النساء: 95.

(53)

كذا في ط ومعالم الايمان 3/ 33 وفي ت وش: «المسلمين» .

ص: 336

عمل وبأي شيء وصلت إلى هذا، ثم أخذ في البكاء حتى جرت دموعه على لحيته ثم قال: والله لو رآكم محمّد صلى الله عليه وسلم لسرّ بكم.

قال الشّيخ أبو الحسن القابسي: فلمّا تلاقوا للقتال، أقبل ربيع وهو يطعن فيهم ويضرب وهم يتوقفون عن طعنه طمعا أن يأخذوه حيّا، فلمّا أثخنهم بالضّرب والطّعن عمد إليه جماعة منهم فقتلوه، واستشهد معه أئمّة وعبّاد وصلحاء، عدّتهم خمسة وثمانون رجلا.

وقال أبو الحسن أيضا عن شيوخه الذين أدركهم: إن الذين ماتوا في دار البحر بالمهديّة من حين دخل عبيد الله إلى الآن أربعة آلاف رجل في العذاب ما بين عالم وعابد ورجل صالح» اهـ.

وكان القرويّون (54) غلبوا من كان بالمهديّة، وطمعوا في أخذها فمكر بهم أبو يزيد فقال لجيشه: القرويون اذا حكموا على بني عمّنا واستأصلوهم رجعوا علينا فلا نقدر عليهم، فاذا كان من الغد والتحم النّاس في القتال انهزموا (55) عنهم حتى تقع الكسرة (56) عليهم فترتاحوا من شوكتهم، أو نحو هذا الكلام، ففعلوا ذلك، فوقعت الهزيمة عليهم / لما سبق في سابق علم الله فاستشهد من استشهد كأبي الفضل الممسي (57)، وربيع القطان. قيل إن ربيع القطان قتل قرب المهديّة بالوادي المالح، وقطع رأسه وأتي به إلى أبي القاسم بن عبيد في طشت (58)، فلمّا كشفوا عنه فتح الرأس عينيه وفمه، فقال أبو القاسم: أبعدوه عني، وكانت وفاته في رجب سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة (59).

قال أبو محمد التبّان: رأيت ربيعا القطان في المنام بعد أن قتل، فسألته عن حاله،

(54) يستمر في النقل من المعالم 3/ 34.

(55)

في المعالم: «انعزلوا» .

(56)

في المعالم: «الكرّة» .

(57)

هو عباس بن عيسى الممسي نسبة إلى ممس وقيل بتشديد الميم الثانية وهي Mamma البيزنطية، وتقع غربي القيروان على بعد 50 كلم منها، و 33 كلم من سبيطلة، وهي التي تحصن بها كسيلة عند زحف زهير بن قيس البلوي نحو القيروان، توفي الممسي سنة 333 هـ وترجمته في الأعلام 3/ 363 - 4 (ط / 5) وترتيب المدارك 3/ 313 - 323 والديباج 317 وشجرة النور الزكية 33 وطبقات علماء افريقية للخشني 34 ومعالم الايمان 3/ 27 - 30 (ط / 2) وغير ذلك، وانظر تراجم المؤلفين التونسيين لمحمد محفوظ 4/ 381 - 383.

(58)

في المعالم: «طست» ، والطشت لغة في معنى الطست (فارسية).

(59)

فيفري 945 م.

ص: 337