الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقالة السّابعة
في ذكر ملوك لمتونة وهم الملثمون بالعدوة والأندلس
بداية المرابطين:
أصل هذه الطائفة أنهم قبيلة من حمير (1) بن سبأ، وهم أصحاب خيل وإبل وشاة، يسكنون الصّحارى الجنوبيّة، وينتقلون من ماء إلى ماء كالعرب، وبيوتهم من شعر ووبر، ويسمّون المرابطين لكثرة رباطهم، فكانوا بالصّحراء المجاورة للسودان، وكان الذي جمع أمرهم وقرّر قواعد الاسلام لديهم عبد الله بن ياسين (2) الفقيه، فهو الذي حرّضهم على القتال (3) وأطمعهم في البلاد، وقتل في حرب ابن حواط فقام مقامه (4) وعقد أمرهم يحيى بن عمر بن تلاككين (5) المدعو «بأمير الجّن» .
(1) الصحيح أنهم بربر من صنهاجة وأعقابهم موجودون إلى الآن، ويعرفون بالطوارق بالقاف المعقدة كالجيم المصرية، وفنّد ابن خلدون انتسابهم إلى حمير فقال:«وأما القول أيضا بأنهم من حمير من ولد النّعمان أو من مضر من ولد قيس بن عيلان فمنكر من القول وقد أبطله أمام النسّابين والعلماء أبو محمد بن حزم» كتاب العبر 6/ 190 - 191.
(2)
في الأصول: «عبد الله بن أنيس» وهو عبد الله بن ياسين بن مكو الجزولي، كتاب العبر 6/ 374.
(3)
أخذ ابن ياسين يعلم لمتونة أصول الدّين ويعلمهم القرآن: «واستصعبوا علمه وتركوا الأخذ عنه، فأعرض عنهم وترهّب، وتنسّك معه يحيى بن عمر من رؤساء لمتونة وأخوه أبو بكر» في رباط أقاموه في احدى جزر وادي النيجر أو السنغال، سماه ابن خلدون «بحر النيل» وانضم إليهم بعض الناس ولما كمل معهم ألف من الرجالات وجههم ابن ياسين نحو القيام «بالحق والدعاء إليه» ، أنظر كتاب العبر 6/ 374 - 375.
Ch. A. Julien : Histoire de l' Afrique du Nord،II، 78 - 79 .
(4)
ابن ياسين هو الذي جعل أمر العرب إلى الأمير يحيى بن عمر منذ قيام الدعوة المرابطية، العبر 6/ 375.
(5)
في كتاب العبر: «يحيى بن عمر بن تلاكاكين» 6/ 374.
ثم بعده صار الأمر إلى أخيه أبي بكر بن عمر، «وكان رجلا ساذجا خير الطّباع، مؤثرا لبلاده على بلاد المغرب، غير مائل إلى الرفاهية» (6).
وفي / بعض التّواريخ كان أول مسير لمتونة من اليمن في زمن أبي بكر الصدّيق - رضي الله تعالى عنه - سيّرهم إلى جهة الشّام، ثم انتقلوا إلى مصر، ثم إلى المغرب مع موسى بن نصير، وأحبّوا الانفراد فدخلوا إلى الصّحراء واستوطنوها إلى سنة أربعين وأربعمائة (7).
وكان من أمرهم أنهم ينتسبون إلى حمير، فلمّا كانت هذه السّنة توجه رجل منهم اسمه (يحيى بن ابراهيم)(8) من قبيلة جدالة إلى إفريقية طالبا الحجّ، فلمّا عاد استصحب معه فقيها من القيروان يقال له عبد الله بن ياسين (9) ليعلّم أهل تلك البلاد دين الاسلام، فانه لم يبق فيهم غير الشّهادتين والصّلاة في بعضهم، فتوجّه عبد الله مع يحيى (8) حتى أتيا قبيلة لمتونة وهي قبيلة يوسف بن تاشفين، فدعاهم إلى العمل بشرائع الاسلام فأجاب أكثرهم، وامتنع أقلّهم، فقال الفقيه للمجيبين: يجب عليكم قتال المخالفين فأقيموا لكم أميرا: فقالوا: أنت أميرنا، فامتنع الفقيه وقال ليحيى بن ابراهيم (10): أنت الأمير، فامتنع أيضا، ثم اتّفقا على يحيى (11) بن عمر رأس قبيلة لمتونة فعرضا عليه فقبل، وعقدت له البيعة وسمّاه الفقيه «أمير المسلمين» واجتمع إليه خلق كثير، وحرّضهم الفقيه على الجهاد وسمّاهم المرابطين (12)، فقتلوا المخالفين.
ثم جرى بين المرابطين وبين أهل السوس قتال شديد، قتل فيه الفقيه، وكان برّ العدوة لقبيلة زناتة وكان أمراؤهم ضعافا، فخرج أبو بكر بن عمر من الصّحراء على أهل العدوة / في ثلاثين ألف جمل مسرّج، وكانوا مشهورين بالرّمي والطّعن، فلم تقاومهم زناتة، فأخذوا البلاد من أيديهم من باب تلمسان إلى ساحل البحر المحيط. وكان يوسف
(6) الوفيات من ترجمة يوسف بن تاشفين 7/ 113.
(7)
في الأصول: «ثمان وأربعين وأربعمائة» والمثبت من المرجعين السابقين 1048 - 1049.
(8)
في الأصول: «جوهر» والمثبت من المرجعين السابقين.
(9)
أصله من سجلماسة، وقد انتدبه أبو عمران الفاسي شيخ المذهب المالكي بالقيروان بعد أن طلب منه يحيى بن ابراهيم أحدا يعلم قومه قضايا دينهم. العبر 6/ 373 - 374.
(10)
في الأصول: «جوهر» .
(11)
في الأصول: «اتفقا على أبي بكر» والمثبت من كتاب العبر وغيره، اذ أن يحيى سبق أخاه أبو بكر في ذلك وتم ليحيى الأمر بعد وفاة يحيى بن ابراهيم وبعد أن صار للمرابطين بعض من قوة.
(12)
سموا كذلك لالتزامهم بالرباط الذي أقاموه في أول أمرهم.