المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدعي ابن أبي عمارة: - نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار - جـ ١

[محمود مقديش]

فهرس الكتاب

- ‌مقدّمة الكتاب

- ‌تمهيد:

- ‌المقدمة:

- ‌المقالة الأولى[في تحديد المغرب برا وبحرا وأسماء البلدان]

- ‌الباب الأولفي تحديد المغرب برا وبحرا

- ‌البحر المظلم:

- ‌الحدود البرية للمغرب:

- ‌حفر الزقاق:

- ‌المدّ والجزر:

- ‌حدود البحر الشامي:

- ‌الباب الثانيفي الكلام على ضبط بر المغرب الأقصى وما يليه من الغرب الأوسط وذكر ما فيه من البلاد والعباد

- ‌البربر وأصولهم وافريقية وتسميتها:

- ‌نول لمطة:

- ‌آزكّي:

- ‌سجلماسة:

- ‌درعة:

- ‌السّوس:

- ‌جبل درن:

- ‌أغمات وريكة:

- ‌مراكش:

- ‌نهر تانسيفت:

- ‌ أغمات أيلان

- ‌عود إلى ذكر مرّاكش:

- ‌الطريق من مرّاكش إلى أم ربيع:

- ‌آنقال:

- ‌مكول:

- ‌ايكسيس:

- ‌سلا:

- ‌فضالة:

- ‌الطريق من فضالة إلى آسفي:

- ‌آسفي:

- ‌مرسى ماست:

- ‌داي وتادلة:

- ‌الطريق من تادلة إلى‌‌ فاس:

- ‌ فاس:

- ‌ صفروي

- ‌قلعة مهدي:

- ‌مغيلة:

- ‌ مكناسة

- ‌بني تاورة:

- ‌السوق القديمة:

- ‌قصر عبد الكريم:

- ‌عود إلى ذكر فاس:

- ‌الطريق من فاس إلى تلمسان:

- ‌ تلمسان

- ‌الطريق من تلمسان إلى تنس:

- ‌تنس:

- ‌وهران:

- ‌المسيلة:

- ‌الطريق من وازلفن إلى مليانة:

- ‌مليانة:

- ‌الطريق من كزناية إلى المسيلة:

- ‌قلعة بني حمّاد وما جاورها:

- ‌قسنطينة وما جاورها:

- ‌جبل سحاو:

- ‌سوق بني زندوي:

- ‌جيجل:

- ‌مدن أخرى:

- ‌الجزائر:

- ‌تامدفوس:

- ‌مرسى الدّجاج:

- ‌تدلس:

- ‌بجاية:

- ‌الطريق من بجاية إلى القلعة:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌بلزمة:

- ‌حصن بشر:

- ‌سبتة:

- ‌الجزر والمدن والمراسي والمواقع الساحلية من سبتة إلى بونة:

- ‌ باغاية

- ‌توزر:

- ‌قفصة:

- ‌الطرقات من قفصة إلى ما جاورها:

- ‌ جبل نفّوسة

- ‌قابس:

- ‌صفاقس:

- ‌ قصر الجم

- ‌جمال:

- ‌المهدية:

- ‌نفزاوة:

- ‌ القيروان

- ‌تونس:

- ‌قرطاجنة:

- ‌بنزرت:

- ‌طبرقة:

- ‌باجة:

- ‌مرسى الخرز:

- ‌ بونة

- ‌الأربس:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌جزيرة باشو:

- ‌جبل زغوان:

- ‌جبل وسلات:

- ‌ومدن أخرى:

- ‌طرابلس:

- ‌الطرقات من طرابلس إلى ما جاورها:

- ‌جبل دمر:

- ‌برقة

- ‌الطريق من برقة إلى العين:

- ‌الطريق من برقة إلى الإسكندرية:

- ‌الطريق الساحلي من بونة إلى نابل:

- ‌نابل:

- ‌الطريق الساحلي من نابل إلى سوسة:

- ‌سوسة:

- ‌الطريق الساحلي من سوسة إلى صفاقس:

- ‌جزيرة قرقنة:

- ‌الطريق الساحلي من صفاقس إلى جربة:

- ‌جربة:

- ‌الطريق الساحلي من جربة إلى لبدة:

- ‌لبدة:

- ‌الطريق الساحلي من لبدة إلى الإسكندرية:

- ‌ الإسكندرية

- ‌جغرافية الأندلس:

- ‌اليونان ودورهم بالأندلس:

- ‌طليطلة وما جاورها:

- ‌قرطبة:

- ‌المرية:

- ‌أقاليم الأندلس:

- ‌مدن ساحلية:

- ‌جزر البحر الشامي:

- ‌صقلية:

- ‌المقالة الثّانيةفي ذكر الخلافة وخلفاء الصّحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من خلفاء بني أميّة بالمشرق وفتوحات المغرب في أيّامهم

- ‌الباب الأولفي الخلافة وخلافة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة - رضي الله تعالى عنهم أجمعين

- ‌مفهوم الخلافة:

- ‌آدم عليه السلام أول الخلفاء:

- ‌كيومرث:

- ‌مهلائيل:

- ‌شيث وذريته:

- ‌ ادريس

- ‌إبراهيم وإبنيه:

- ‌العرب: طرف من أصلهم وبعض من أخبارهم:

- ‌ولاية الكعبة:

- ‌الخليفة الأكبر محمد صلى الله عليه وسلم:

- ‌خلافة أبي بكر رضي الله عنه

- ‌خلافة عمر رضي الله عنه

- ‌خلافة عثمان رضي الله عنه

- ‌خلافة علي رضي الله عنه

- ‌خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه

- ‌يزيد:

- ‌بقية خلفاء بني أمية:

- ‌غزوات عمرو بن العاص:

- ‌غزوة عبد الله بن سعد بن أبي سرح:

- ‌ولاية معاوية بن خديج:

- ‌ولاية أبي المهاجر:

- ‌ولاية عقبة بن نافع وغزواته:

- ‌غزوة عقبة بن عامر الجهنّي:

- ‌غزوة رويفع بن ثابت:

- ‌غزوة زهير بن قيس البلوي:

- ‌ولاية حسان بن النعمان وغزواته:

- ‌فتح الأندلس:

- ‌بيت الحكمة بالأندلس:

- ‌تتمة الحديث عن فتح الأندلس:

- ‌ولاية عبد الله بن موسى بن نصير:

- ‌ولاية علي بن رباح:

- ‌المقالة الثّالثةفي ذكر خلفاء بني العبّاس وبعض أمرائهم بالعراق وأمرائهم بالمغرب

- ‌الباب الأولفي ذكر خلفاء بني العباس

- ‌قيام الدولة وخلافة أبي العباس السفّاح:

- ‌أبو جعفر المنصور:

- ‌محمد المهدي:

- ‌محمد موسى الهادي:

- ‌ هارون الرّشيد

- ‌محمد الأمين:

- ‌المأمون وقضية خلق القرآن:

- ‌المعتصم:

- ‌الواثق بالله:

- ‌المتوكل على الله:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌المعتز بالله:

- ‌المهتدي بالله:

- ‌المعتمد وحركة الزنج:

- ‌ المعتضد بالله

- ‌المكتفي بالله وظهور القرامطة:

- ‌المقتدر بالله وقيام أبي طاهر القرمطي:

- ‌القاهر بالله والراضي بالله:

- ‌المتقي بالله:

- ‌المستكفي بالله:

- ‌المطيع لله:

- ‌الطائع لله:

- ‌القادر بالله:

- ‌القائم بأمر الله:

- ‌المستظهر بالله:

- ‌المسترشد بالله:

- ‌الراشد بالله:

- ‌المقتفي لأمر الله:

- ‌المستنجد بالله:

- ‌المستضيء بالله:

- ‌الناصر لدين الله:

- ‌المستنصر بالله:

- ‌المستعصم بالله:

- ‌التتار:

- ‌هولاكو وسقوط بغداد وانقراض الدولة العباسية:

- ‌العباسيون بمصر:

- ‌تيمورلنك:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بعض أمراء بني العباس بالمشرق

- ‌ الصفارية

- ‌السامانيون:

- ‌الغزنويون:

- ‌السلاجقة:

- ‌الديلمية:

- ‌السلقدية:

- ‌الخوارزمية:

- ‌الباب الثالثفي مشاهير أمراء بني العبّاس بالمغرب

- ‌يزيد بن حاتم:

- ‌هرثمة بن أعين:

- ‌بداية بني الأغلب:

- ‌أبو العباس عبد الله:

- ‌زيادة الله:

- ‌أبو العباس محمد:

- ‌زيادة الله الأصغر:

- ‌أبو الغرانيق:

- ‌ابراهيم:

- ‌عبد الله بن ابراهيم:

- ‌المقالة الرّابعةفي ذكر ملوك الشّيعة بالمغرب وكيفيّة انتقالهم لمصر وما يتبع ذلك

- ‌عبيد الله المهدي وقيام الدّولة الفاطمية:

- ‌حركة القيروانيين المضادة للفاطميين:

- ‌أقوال بعضهم في الفاطميين والمجادلة حول رميهم بالكفر والزندقة وتبرئتهم منهما:

- ‌تأسيس المهديّة:

- ‌القائم وثورة أبي يزيد:

- ‌المنصور وفشل ثورة أبي يزيد:

- ‌المعز لدين الله وانتقال الفاطميين إلى مصر

- ‌الفاطميون بمصر:

- ‌المقالة الخامسةفي ذكر ملوك ضهاجة بالمغرب وصلاح الدّين بمصر

- ‌الباب الأولفي ذكر ملوك صنهاجة

- ‌زيري بن مناد:

- ‌بلكين بن زيري:

- ‌باديس:

- ‌المعزّ بن باديس: قطعه الدعوة للفاطميين واجتياح العرب افريقية

- ‌تميم بن المعز:

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌علي بن يحيى وابنه الحسن:

- ‌الباب الثانيفي ذكر دولة‌‌ نور الدين

- ‌ نور الدين

- ‌عماد الدّين اسماعيل:

- ‌عود إلى ذكر نور الدين:

- ‌الحملات الصليبية الأولى واستقرار الافرنج بالشام:

- ‌صلاح الدين وحروبه مع الصليبيين:

- ‌الملك الكامل والحروب الصليبية الخامسة:

- ‌الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب والحروب الصليبية السادسة

- ‌نهاية الأيوبيين:

- ‌المماليك بمصر:

- ‌المقالة السّادسةفي ذكر خلفاء بني أميّة بالأندلس وذكر الطوائف بعدهم

- ‌بنو أميّة:

- ‌ملوك الطوائف:

- ‌المقالة السّابعةفي ذكر ملوك لمتونة وهم الملثمون بالعدوة والأندلس

- ‌بداية المرابطين:

- ‌يوسف ابن تاشفين وحروبه الموفّقة في الأندلس:

- ‌نهاية المرابطين:

- ‌المقالة الثّامنةفي ذكر دولة الموحّدين وأمرائهم بالعدوة والأندلس وافريقية

- ‌الباب الأولفي أول ملوكها ومن بعده من الملوك

- ‌المهدي بن تومرت:

- ‌ عبد المؤمن

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌المنتصر بالله:

- ‌العادل:

- ‌المعتصم:

- ‌المأمون ومن ولي بعده إلى نهاية الدولة الموحدية:

- ‌الباب الثانيفي فتح عبد المؤمن للمهدية والبلاد الساحلية بعد استيلاء الافرنج عليها حسبما ذكره ابن الأثير وغيره من أئمة التاريخ

- ‌أسباب احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌احتلال النرمان للمهديّة:

- ‌هروب الحسن الصنهاجي والتقائه بعبد المؤمن:

- ‌احتلال النرمان لصفاقس والسّاحل:

- ‌انتفاض صفاقس وغيرها من المدن على النرمان:

- ‌عبد المؤمن يسير نحو افريقية ويخلصها من النرمان وتمتثل لطاعته:

- ‌الباب الثالثفي ذكر ثوار افريقية على الموحدين

- ‌ثورة بني غانية:

- ‌ثورة محمد بن عبد الكريم الرجراجي:

- ‌يحيى الميورقي يستولي على المهديّة وتونس وغيرهما:

- ‌يحيى الميورقي يستمر في ثورته ويصده عنها النّاصر الموحدي ويفتكّ منه افريقية:

- ‌نهاية قراقوش ويحيى الميورقي بن غانية:

- ‌المقالة التّاسعةفي ذكر دولة بني مرين وبني زيان وبني نصر

- ‌الباب الأولفي ذكر دولة بني مرين بالعدوة

- ‌عبد الحق بن محيو ومن ولي بعده:

- ‌أبو يوسف يعقوب:

- ‌أبو يعقوب يوسف:

- ‌أبو ثابت عامر:

- ‌أبو الربيع سليمان:

- ‌أبو سعيد عثمان:

- ‌أبو الحسن المريني ودخوله إلى تونس:

- ‌أبو عنان وأعماله بافريقية:

- ‌نهاية المرينيين:

- ‌السلطة بالمغرب الأقصى في عصر المؤلف:

- ‌الباب الثانيفي ذكر بني زيّان ملوك تلمسان

- ‌يغمراسن:

- ‌عثمان ومن ولي بعده:

- ‌أبو تاشفين عبد الرحمان ودخوله تونس:

- ‌نهاية بني زيّان:

- ‌الباب الثالثفي ذكر دولة بني نصر بالأندلس

- ‌المقالة العاشرةفي ذكر دولة بني حفص بأفريقية

- ‌أبو محمد عبد الواحد

- ‌أبو العلا ادريس

- ‌أبو زكرياء يحيى:

- ‌المستنصر ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌الواثق:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم ابن أبي زكرياء:

- ‌الدّعي ابن أبي عمارة:

- ‌أبو حفص عمر ابن أبي زكرياء:

- ‌أبو عصيدة ومن توفي من العلماء في أيامه:

- ‌أبو بكر الشهيد:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو يحيى زكرياء ابن اللحياني:

- ‌ محمّد أبو ضربة

- ‌أبو يحيى أبو بكر:

- ‌وفاة القاضي ابن قدّاح:

- ‌وفاة الفقيه محمد بن عبد الله بن راشد القفصي:

- ‌وفاة الفقيه عبد الله ابن البراء التنوخي:

- ‌وفاة الشّيخ علي بن منتصر الصدفي:

- ‌وفاة الشّيخ أبي حيان:

- ‌أبو حفص عمر بن أبي بكر والتنافس بين الحفصيين:

- ‌عود إلى ذكر تملك أبي الحسن المريني تونس وأعمالها وما وقع له بها:

- ‌الفضل بن أبي بكر:

- ‌أبو اسحاق ابراهيم بن أبي بكر وابن تافراجين:

- ‌حركة أبي عنان المريني في اتجاه تونس:

- ‌عود إلى ذكر أبي اسحاق ابراهيم وابن تافراجين:

- ‌وفاة ابن تافراجين:

- ‌وفاة القاضي أبي القاسم بن سلمون البياسي:

- ‌وفاة أبي اسحاق ابراهيم:

- ‌أبو البقاء خالد:

- ‌أبو العباس أحمد ونزول النصارى بالمهدية:

- ‌أبو فارس عبد العزيز:

- ‌ترجمة الشّيخ ابن عرفة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز داخل افريقية والمغرب:

- ‌نزول النصارى بقرقنة:

- ‌حركة أبي فارس عبد العزيز بمالطة والمغرب الأوسط:

- ‌نزول النصارى بجربة ومواجهة أبي فارس لهم:

- ‌حركة أخرى بالمغرب الأوسط لأبي فارس ووفاته:

- ‌مزايا أبي فارس:

- ‌أبو عبد الله محمد المنتصر:

- ‌أبو عمرو عثمان ومن توفي في أيامه من المشايخ:

- ‌أبو زكرياء يحيى بن مسعود وعبد المؤمن بن ابراهيم:

- ‌محمد بن الحسن وتغلب النصارى على مواقع من افريقية:

- ‌الحسن بن محمد والتصارع العثماني الاسباني بافريقية:

- ‌درغوث باشا:

- ‌أحمد الحفصي واستمرار التصارع العثماني الإسباني:

- ‌محمد الحفصي: نهاية الدولة الحفصية والاستقرار العثماني بتونس:

- ‌تتمة من الناسخ:

الفصل: ‌الدعي ابن أبي عمارة:

‌أبو اسحاق ابراهيم ابن أبي زكرياء:

ولما خلع الواثق نفسه تولى بعده عمه المولى أبو اسحاق ابراهيم ابن المولى الأمير أبي زكرياء ابن الشيخ أبي محمد عبد الواحد ابن الشيخ أبي حفص، ولد سنة احدى وثلاثين وستمائة (91) وصلّى بالمصلى هناك صلاة العيد، ودخل بجاية من يومه، ودخل تونس يوم الثلاثاء الخامس لربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وستمائة (92)، وجدّدت له البيعة يوم الأربعاء، وانتقل الواثق المخلوع من القصبة إلى دار الغوري بالكتبيين وسكن بها أياما، ثم إن السّلطان سمع به أنه بعث إلى قائد النّصارى وتكلّم معه أن يثور على عمه بليل، فرفع (93) القصبة / هو وبنوه وكانوا ثلاثة: الفضل والطّاهر والطّيب، فثقفوا بها وذبحوا جميعا في صفر سنة تسع وسبعين وستمائة (94).

وفي ثالث يوم من دخول السّلطان أبي اسحاق لتونس أخذ ابن الحببّر (95) رئيس دولة الواثق وقتله تحت العذاب، وكان السّلطان أبو اسحاق فيه غلظة وشدة (96)، ولا ينظر في عواقب الأمور، فكان ولده الأمير أبو زكرياء يردّ عليه أكثر أوامره بالتّلطّف، واستولت العرب في أيامه على القرى، وهو أول من كتب البلاد الغربية بالظهارة للعرب.

‌الدّعي ابن أبي عمارة:

وفي الرابع من محرم مفتتح عام واحد وثمانين وستمائة (97) ظهر عند دبّاب رجل ادّعى أنه الفضل بن يحيى الواثق، وادّعى أنه انفلت من السّجن، وسبب وصوله لهذه الدّعوى أن الفضل كان له فتى خصي يربيه، فلما قتل الفضل فرّ الخصي للمغرب، فلقي فتى خياطا من أهل تونس يعرف بابن [أبي](98) عمارة أشدّ النّاس شبها بالفضل بن

(91) 1233 - 1234 م.

(92)

15 أوت 1279 م.

(93)

واعتقله بالقصبة.

(94)

جوان 1280 م.

(95)

في الأصول: «الحمير» .

(96)

في تاريخ الدولتين: «شجاعة» .

(97)

14 أفريل 1282 م.

(98)

اكمال من تاريخ الدولتين وتاريخ ابن خلدون.

ص: 554

الواثق المقتول معه، فداخله وأطمعه في الأمر وعرفه بتأتي الحيلة، ولقّنه أمور الملك وأسماء القرابة، ثم قصد العرب فعرضه عليهم واغتنم منهم نفرة عن الأمير أبي اسحاق، فلبس عليهم، وجعل الفتى يبكي كلما رآى الدعيّ موهما أنه الفضل، ويقبّل أقدامه، واسم الخصي نصير، فأقبل على أمراء العرب مناديا بالسّرور بابن مولاه حتى خيّل عليهم بأن أخبرهم الدعي بن أبي عمّارة لمحاورات [وقعت] بين العرب وبين الواثق قصّها / عليهم كان عرّفه بها نصير، فلما سمعها الأعراب وقد كانت جرت بينهم وبين الواثق صدّقوه ولم يشكّوا فيه واطمأنوا له، وبايعوه، وألقيت محبته في قلب أبي علي بن مرغم (99) بن صابر شيخ دبّاب، فعضده وجمع عليه العرب ونزل معه طرابلس، وصاحبها حينئذ من قبل السّلطان أبي اسحاق محمد بن عيسى الهنتاتي المعروف بعنق (100) الفضة فأغلقها (101) ووقع القتال مدّة، ثم رحل عنها وجبى تلك النواحي، ثم رحل إلى قابس وقد ظهر أمره، ولم يشك أهل الأوطان أنه من البيت الحفصي، فخرج اليه عبد الملك بن عثمان بن مكي وفتح له قابسا فدخلها، وبايع له أهلها يوم الأربعاء السّابع عشر لرجب من سنة احدى وثمانين المذكورة (102)، وجاءته بها بيعة جربة والحامّة ونفزاوة وتوزر وسائر بلاد قسطيلية (103)، ثم فتحت له قفصة يوم الجمعة فدخلها سابع رمضان من العام المذكور، وأخرج له السّلطان أبو اسحاق من تونس جيشا عظيما أمر عليه ولده الأمير أبا زكرياء يحيى فنزل القيروان، وأغرم أهلها أموالا، ثم توجّه نحو الدعي، فنزل قمّودة، والنّاس يتسللون منه حتى كاد يبقى وحده، فرجع إلى تونس ورحل الدّعي من قفصة إلى القيروان فدخلها وبايعه أهلها وجاءته بيعة المهدية وصفاقس وسوسة، فخرج السّلطان أبو اسحاق من تونس في جيش عظيم، ونزل المحمدية في العشر / الأوسط من شوال من السنة المذكورة، وأخرج من العدد حمل تسعين بغلا، فنهب ذلك كله من منزل المحمديّة، وفرّ كثير من الناس عنه إلى المدّعي، ثم فرّ إلى الدّعي الشيخ أبو عمران موسى بن ياسين في جماعة عظيمة من الموحدين، فالتقى به على مقربة من شاذلة

(99) في الأصول «عمر» والتصويب من تاريخ الدولتين وهو شيخ الجواري من بني دباب، أسّره الصقليون بنواحي طرابلس وأطلقه صاحب برشلونة لغرض سياسي، راجع ابن خلدون 6/ 703.

(100)

كذا في تاريخ الدولتين ص: 45، وتاريخ ابن خلدون 6/ 698، وفي الأصول «بعين الفضة» .

(101)

في ش: «فغلقها» .

(102)

21 أكتوبر 1282 م.

(103)

في ط: «قسنطينة» وفي ش: «قسنصينة» والتصويب من تاريخ الدولتين ص: 45.

ص: 555

وبايعه، ورجع السّلطان أبو اسحاق إلى سبخة تونس حتى أخرج نساءه وأولاده، وارتحل من تونس مغربا فلقي شدائد وأهوالا من المطر والثّلج والجوع والخوف، فكان يبذل الأموال للقبائل مصانعة على نفسه وأولاده وأهله حتى وصل إلى قسنطينة فأغلقها صاحبها أبو محمد عبد الله بن توفيان (104) الهرغي (105) في وجهه فطلب منه ما يأكل، فأنزل له من أعلى السّور الخبز والتّمر، فأكلوا ورحلوا من يومهم إلى بجاية، فمنعه ولده أبو فارس عبد العزيز الدّخول اليها فأقام بقصر الرّبيع على شاطئ وادي بجاية، وسكن بقصر الكوكب، وكان فراره من تونس ليلة الثلاثاء الخامس والعشرين لشوال سنة إحدى وثمانين وستمائة (106)، وكانت خلافته بتونس من حين خلع الواثق نفسه إلى حين فراره ثلاثة أعوام ونصفا واثنين وعشرين يوما.

وفي يوم الخميس السابع والعشرين لشوال من سنة إحدى وثمانين (107) بويع الدّعي بتونس على أنه الفضل بن أبي زكرياء يحيى الواثق، وانما هو أحمد بن مرزوق ابن أبي عمارة المسيلي / أمه فرحة من فران من بلاد الزّاب، مولده بالمسيلة سنة اثنتين وأربعين وستمائة (108)، وتربيته ببجاية، وخطب له بهذا الإفتراء على جميع منابر افريقية. وكان هذا الدّعي سفّاكا للدماء ظالما يظهر قطع المنكر ويأتيه، ويوم دخوله لتونس عاث العرب في النّاس، فأخذ منهم ثلاثة وضرب أعناقهم وصلبهم، ثم أخرج جيشا وأمر عليه شيخ الموحدين أبا محمد عبد الحق بن تافراجين، وأمره بقتل من ظفر به من العرب، ومات يوم دخوله تونس في زحام باب المنارة ثلاثة عشر رجلا منهم الفقيه القاضي أبو علي حسن بن معمّر الهواري الطرابلسي، وفي الخامس والعشرين من يوم دخوله أخذ أمراء العرب الملاقين له وكانوا نحوا من ثمانين، وفي يوم السبت بعده أخذ الزّناتيين وأخرجهم من القصبة عراة إلى السّجن، وكانوا نحوا من ثلاثمائة (109)، وفي الثالث والعشرين من ذي الحجة أخرج (110) قرابة السّلطان أبي اسحاق كلّهم وسجنهم، واستأصل أموالهم، وهمّ بقتلهم، فمنعهم الله منه.

(104) في ش: «بوفيان» وفي ط: «توفيال» وتاريخ ابن خلدون 6/ 692: «يوقيان» والتصويب من تاريخ الدولتين التي ينقل عنها المؤلف.

(105)

في الأصول: «المزغني» والتصويب من المرجعين السالفين.

(106)

26 جانفي 1283.

(107)

28 جانفي 1283 م.

(108)

1244 - 1245 م.

(109)

ثلاثمائة وخمسين: تاريخ الدولتين ص: 47.

(110)

كذا في ط وتاريخ الدولتين، وفي ش:«أخرج» .

ص: 556

وفي يوم السبت الثاني عشر من صفر سنة اثنين وثمانين (111) خرج الدعي من تونس يريد بجاية لما أحس بخروج الأمير أبي فارس صاحبها إليه، وقد كان أبو فارس جيّش الجيوش، وجمع الجموع، وخرج قاصدا للقائه، وخرج عمّه الأمير أبو حفص خلفه بتاج على رأسه تعظيما له لأنه جرت عادة ملوك هذه الدّولة الحفصية باستعماله، وإنما ترك من دولة ابن اللّحياني الآتي إلى هلم جرا /، فخرج الدّعي من تونس في عسكر عظيم، والتقى الجمعان بفج الأبيار قريبا من قلعة سنان، وذلك يوم الإثنين الثالث لربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وستمائة (112)، فكان يوما هائلا فظيعا خانت (113) فيه أبا فارس أنصاره عقوبة من الله حين أغلق الباب في وجه أبيه ومنعه من الدخول لبجاية، فأخذ رجال الدّعي أبا فارس وقتلوه وقطعوا رأسه ونهبوا محلته وأخذوا مضاربه وخزائنه وسيق رأسه إلى الدّعي، ثم سيق أخوه عبد الواحد حيا فقتله الدّعي بحربة كانت بيده، ثم سيق أخواه لأبيه عمر وخالد فأمر بهما فقتلا صبرا، ثم سيق محمد بن أخيه عبد الواحد فقتل.

وكانت ولاية أبي فارس ببجاية وأحوازها ثلاثة اشهر وثلاثة عشر يوما، وسيقت رؤوس أولاد السلطان وأقاربه إلى تونس فطيف بها على أطراف الرّماح في الأسواق يوم الخميس السادس لشهر ربيع الأول من سنة اثنتين وثمانين وستمائة (114)، وعلّقت على باب المنارة، ولم ينج منهم أحد إلاّ الأمير أبو حفص ابن الأمير أبي زكرياء فانه فرّ إلى قلعة سنان وهو على رجليه، ولاذ به في ذهابه ثلاثة من صنائعهم: أبو الحسن بن أبي بكر بن سيّد النّاس، والوزير ابن الفزاري، ومحمد بن أبي بكر بن خلدون، وربما كانوا يتناوبونه على ظهورهم اذا أصابه الكلل إلى أن بلغ القلعة فتحصّن بها، وأما الأمير / أبو زكرياء ابن الأمير أبي اسحاق فإنه بقي خائفا ببجاية ومعه الشيخ أبو زيد الفزاري (115)، ولما بلغ خبر الوقعة إلى بجاية اضطرب اضطرابا شديدا، واجتمع الناس في الجامع الأعظم وفيهم القاضي أبو محمد عبد المنعم بن عتيق، ومعه ابنه فتكلم بكلام أغضب به العامّة، فوثبوا على الولد وقتلوه في المحراب، وحملوا القاضي من مجلس حكمه إلى السجن (ثم إلى البحر)(116) وصرفوه إلى بلد الجزائر، وخاف الأمير أبو اسحاق على نفسه فخرج هاربا من

(111) 12 ماي 1283.

(112)

1 جوان 1283 م.

(113)

في الأصول: «خان» والتصويب من تاريخ الدولتين ص: 48.

(114)

جوان 1283 م.

(115)

وكذا في تاريخ الدولتين وفي تاريخ ابن خلدون الفزاري ولعله هو الصواب.

(116)

ساقطة من ش.

ص: 557

القصبة يريد تلمسان ومعه ابنه الأمير أبو زكرياء وعامة أهل بجاية يتّبعونه، فخرج أهل بجاية في طلبه فأدركوه في جبل بني غبرين وقد سقط عن فرسه ودقت فخذه، ونجا ابنه الأمير أبو زكرياء إلى تلمسان، وكان له بها أخت في عصمة والي تلمسان عثمان بن يغمراسن بن زيّان، فأكرمه ورحّب به، وأخذ الأمير أبو اسحاق وردّ إلى بجاية فدخلها راكبا على بغل عليه برذعة وألقوه بدار بحومة ساباط الأموي (117) ببجاية إلى أن أرسل الدّعي في قتله محمد بن عيسى بن داود الهنتاتي، فقتله يوم الخميس السابع والعشرين (118) ربيع الأول عام اثنين وثمانين وستمائة (119). ثم رفع رأسه إلى تونس وطيف به (120) على عصا في الأسواق، والسفهاء يضحكون والنساء تولول، وفي ذلك عبرة لأولي الأبصار.

ويوم الخميس ثاني صفر من السنة المذكورة خرج الدّعي مسافرا يريد قتل الأمير أبي حفص لأنه ظهر عند العرب وعظم سلطانه / في البلاد، واجتمع عليه خلق كثير لكون الدّعي أساء في العرب وقتل منهم، فسمعوا بالأمير أبي حفص في قلعة سنان، فرحلوا اليه وأتوه بيعتهم في ربيع الأول من السنة المذكورة، وجمعوا له شيئا من الآلات والأخبية، وقام بأمره أبو اللّيل بن أحمد شيخهم، وبلغ الخبر الدّعي فخرج من تونس يريد القتال، فأرجف أهل عسكره ومالت نفوسهم إلى الأمير أبي حفص، فلما تبيّن الدّعي ذلك رجع إلى تونس رجوع منهزم، وذلك يوم الخميس الخامس والعشرين من ربيع الأول من سنة ثلاث وثمانين وستمائة (121) وطوى الأمير أبو حفص البلاد إلى أن نزل قريبا من تونس بسبخة سيجوم، فخرج اليه الموحّدون والجند وقاتلوه أياما كثيرة ولم يظفروا منه بشيء، ونهب العرب البلاد إلى أن خرج الدّعي يوم الأحد الثاني والعشرين لربيع الآخر من السنة المذكورة، فأقام برهة بذيل السّبخة، فلما علم بهلاكه فرّ بنفسه رغبة في الحياة، واختفى في دار بمقربة من الصفّارين بتونس عند رجل فرّان أندلسي ليلة الإثنين الثالث والعشرين لربيع الآخر من السنة المذكورة، فكانت دولة الدّعي بتونس سنة وخمسة أشهر وسبعة وعشرين يوما، وأقام الدّعي بتلك الدّار سبعة أيام إلى أن دخلت

(117) في الأصول: «الأصولي» والتصويب من تاريخ الدولتين ص: 49.

(118)

في الأصول: «تاسع عشر» والتصويب من تاريخ الدولتين ص: 49.

(119)

25 جوان 1283 م.

(120)

في الأصول: «بها» .

(121)

11 جوان 1284 م.

ص: 558