الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَطَبَنَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:"يَا أيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُم الْحَجَّ، فَحُجُّوا". فقال رجلٌ: أكُلَّ عَامٍ يا رسولَ اللهِ؟ فسَكَتَ حتى قالَها ثلاثًا، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، ولَمَا اسْتَطَعْتُمْ". ثم قال: "ذَرُونِى مَا تَرَكْتُكُم، فَإنَّما هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، واخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإذَا أمَرْتُكُمْ بِشَىْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وإذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَدَعُوهُ". فى أخْبارٍ كَثِيرَةٍ سِوَى هذَيْنِ، وأجْمَعَتِ الأُمَّةُ على وُجُوبِ الحَجِّ على المُسْتَطِيعِ فى العُمْرِ مَرَّةً واحِدَةً.
538 - مسألة؛ قال أبو القاسمِ: (وَمَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً، وهُوَ بالِغٌ عَاقِلٌ، لَزِمَهُ الحَجُّ والعُمْرَةُ)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ الحَجَّ إنَّما يَجِبُ بِخَمْسِ شَرائِطَ: الإِسْلام، والعَقْل، والبُلُوغ، والحُرِّيَّة، والاسْتِطَاعَة. لا نَعْلَمُ فى هذا كلِّه اخْتِلافًا. فأمَّا الصَّبِىُّ والمَجْنُونُ فليسا بِمُكَلَّفَيْنِ، وقد رَوَى علىُّ بنُ أبى طالِبٍ، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:"رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ؛ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وعَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يَشِبَّ، وعَنِ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَعْقِلَ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ، وابنُ ماجَه، والتِّرْمِذِىُّ (1)، وقَال: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وأمَّا العَبْدُ فلا يَجِبُ عليه؛ لأنَّه عِبادَةٌ تَطُولُ مُدَّتُها، وَتَتَعَلَّقُ بِقَطْعِ مَسافَةٍ، وتُشْتَرَطُ لها الاسْتِطاعةُ بالزَّادِ والرَّاحِلَةِ، ويُضَيِّعُ حُقُوقَ سَيِّدِه المُتَعَلِّقَةَ به، فلم يَجِبْ عليه كالجِهادِ. وأمَّا الكَافِرُ فغَيْرُ مُخاطَبٍ بِفُرُوعِ الدِّينِ خِطَابًا يُلْزِمُه أدَاءً، ولا يُوجِبُ قَضاءً. وغيرُ المُسْتَطِيعِ لا يَجِبُ عليه؛ لأنَّ اللَّه تعالى خَصَّ المُسْتَطِيعَ بالإِيجابِ عليه، فيَخْتَصُّ. بالوُجُوبِ، وقال
= كما أخرجه النسائى، فى: باب وجوب الحج، من كتاب مناسك الحج. المجتبى 5/ 83. والإِمام أحمد، فى: المسند 2/ 508.
(1)
تقدم تخريجه فى 2/ 50.