الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
وإن أَمْكَنَ المُحْصَرَ الوُصُولُ من طَرِيقٍ أُخْرَى، لم يُبَحْ له التَّحَلُّلُ، ولَزِمَهُ سُلُوكُها، بَعُدَتْ أو قَرُبَتْ، خَشِىَ الفَوَاتَ أو لَمْ يَخْشَهُ، فإن كان مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ لم يَفُتْ، وإن كان بِحَجٍّ ففَاتَهُ، تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ. وكذا لو لم يَتَحَلَّلِ المُحْصَرُ حتَّى خُلِّىَ عنه، لَزِمَهُ السَّعْىُ، وإن كان بعدَ فَوَاتِ الحَجِّ، لِيَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ، ثمَّ هل يَلْزَمُه القَضَاءُ إن فَاتَهُ الحَجُّ؟ فيه رِوَايتانِ: إحداهُما، يَلْزَمُهُ، كمَن فَاتَه بِخَطَأِ الطَّرِيقِ. والثانية، لا يَجِبُ؛ لأنَّ سَبَبَ الفَوَاتِ الحَصْرُ، أشْبَهَ من لم يَجِدْ طَرِيقًا أُخْرَى (5)، بِخِلَافِ المُخْطِئ.
فصل: فأمَّا مَن لم يَجِدْ طَرِيقًا أُخْرَى، فتَحَلَّلَ، فلا قَضاءَ عليه، إلَّا أن يكونَ وَاجِبًا يَفْعَلُه بِالوُجُوبِ السَّابِقِ، فى الصَّحِيحِ من المذهبِ. وبه قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. وعن أحمدَ، أنَّ عليه القَضاءَ. رُوِىَ ذلك عن مُجاهِدٍ، وعِكْرِمَةَ، والشَّعْبِىِّ. وبه قال أبو حنيفةَ؛ لأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا تَحَلَّلَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ، قَضَى مِن قَابِلٍ، وسُمِّيَتْ عُمْرَةَ القَضِيَّةِ، ولأنَّه حَلَّ من إحْرَامِه قبلَ إتْمَامِه، فلَزِمَهُ القَضاءُ، كما لو فَاتَهُ الحَجُّ. ووَجْهُ الأُولَى أَنَّه تَطَوُّعٌ جازَ التَّحَلُّلُ منه، مع صَلَاحِ الوَقْتِ له، فلم يَجِبْ قَضاؤُهُ، كما لو دَخَلَ فى الصَّوْمِ يَعْتَقِدُ أنَّه وَاجِبٌ، فلم يَكُنْ، فأمَّا الخَبَرُ، فإنَّ الذينَ صُدُّوا كانوا ألْفًا وأرْبَعَمائةٍ، والذين اعْتَمَرُوا مع النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كانوا نَفَرًا يَسِيرًا، ولم يُنْقَلْ إلينا أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ أحَدًا بالقَضاءِ، وأمَّا تَسْمِيَتُها عُمْرَةَ القَضِيَّةِ، فإنَّما يعنى بها القَضِيَّةَ التى اصْطَلَحُوا عليها، واتَّفَقُوا عليها، ولو أرَادُوا غيرَ ذلك لَقَالُوا: عُمْرَةَ القَضاءِ. ويُفَارِقُ الفَوَاتَ، فإنَّه مُفَرِّطٌ، بِخِلافِ مَسْأَلَتِنَا.
فصل: وإذا قَدَرَ المُحْصَرُ على الهَدْىِ، فليس له الحِلُّ قبلَ ذَبْحِه. فإنْ كان معه هَدْىٌ قد سَاقَهُ أجْزَأَهُ، وإن لم يَكنْ معه لَزِمَهُ شِرَاؤُهُ إن أمْكَنَهُ، ويُجْزِئُهُ أَدْنَى
(5) سقط من: م.