الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جائِزٌ، وتَأْخِيرَهُ عنه لا يجوزُ، فالاحْتِيَاطُ فِعْلُ ما لا شَكَّ فيه. ولا يَلْزَمُه الإِحْرامُ حتى يَعْلَمَ أنَّه قد حاذَاهُ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ وُجُوبِه، فلا يَجِبُ بالشَّكِّ. فإن أحْرَمَ، ثم عَلِمَ بعدُ أنَّه قد جاوَزَ ما يُحَاذِيه من المَواقِيتِ غيرَ مُحْرِمٍ، فعليه دَمٌ. وإن شَكَّ فى أقْرَبِ المِيقَاتَيْنِ إليه، فالحُكْمُ في ذلك على ما ذَكَرْنا في المَسْأَلَةِ قبلَها. وإن كانتا مُتَسَاوِيَتَيْنِ في القُرْبِ إليه، أحْرَمَ من حَذْوِ أَبْعَدِهما.
550 - مسألة؛ قال: (وَهذِهِ الْمَوَاقِيتُ لِأَهْلِهَا، ولِمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِها، مِمَّنْ أرَادَ حَجًّا أوْ عُمْرَةً)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ مَن سَلَكَ طَرِيقًا فيها مِيقَاتٌ فهو مِيقَاتُه، فإذا حَجَّ الشَّامِيُّ من المَدِينَةِ فمَرَّ بذِى الحُلَيْفَة فهى مِيقَاتُه، وإن حَجَّ من اليَمَنِ فمِيقَاتُه يَلَمْلَمُ، وإن حَجَّ من العِرَاقِ فمِيقَاتُه ذَاتُ عِرْقٍ. وهكذا كُلُّ من مَرَّ على مِيقَاتٍ غيرِ مِيقَاتِ بَلَدِه صارَ مِيقَاتًا له. سُئِلَ أحمدُ عن الشَّامِىِّ يَمُرُّ بالمَدِينَةِ يُرِيدُ الحَجَّ، مِن أَيْنَ يُهِلُّ؟ قال: من ذِى الحُلَيْفَة. قيل: فإنَّ بَعْضَ الناسِ يَقُولُ يُهِلُّ من مِيقَاتِه من الجُحْفَةِ. فقال: سُبْحَانَ اللهِ، أليس يَرْوِى ابنُ عَبّاسٍ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"هُنَّ لَهُنَّ، ولِمَنْ أتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ"(1). وهذا قولُ الشَّافِعِىِّ، وإسحاقَ. وقال أبو ثَوْرٍ في الشَّامِيِّ يَمُرُّ بالمَدِينَةِ: له أن يُحْرِمَ من الجُحْفَةِ. وهو قولُ أصْحابِ الرَّأْىِ. وكانت عائشةُ، رضي الله عنها، إذا أرَادَتِ الحَجَّ أحْرَمَتْ من ذِى الحُلَيْفَة، وإذا أرادَتِ العُمْرَةَ أحْرَمَتْ من الجُحْفَةِ. ولَعَلَّهم يَحْتَجُّونَ بأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأهْلِ الشَّامِ الجُحْفَةَ. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"فَهُنَّ لَهُنَّ، ولِمَنْ أتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ". ولأنَّه مِيقَاتٌ، فلم يَجُزْ تَجاوُزُه بغيرِ إحْرامٍ لمن يُرِيدُ النُّسُكَ، كسَائِرِ المَوَاقِيتِ. وخَبَرُهم أُرِيدَ به مَنْ لم يَمُرَّ على مِيقاتٍ آخَرَ،
(1) تقدم تخريجه في صفحة 56.