الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَن نَحْفَظُ عنه من أهْلِ العِلْمِ، على (21) أنَّ الأصْلَعَ يُمِرُّ المُوسَى على رَأْسِه. وليسَ ذلك بواجبٍ (22). وقال أبو حنيفةَ: يَجِبُ؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذَا أمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"(23). وهذا لو كان ذا شَعْرٍ وَجَبَ عليه إزَالَتُهُ، وإمْرَارُ المُوسَى على رَأْسِه، فإذا سَقَطَ أحَدُهما لِتَعَذُّرِهِ، وَجَبَ الآخَرُ. ولَنا، أنَّ الحَلْقَ مَحِلُّهُ الشَّعْرُ، فسَقَطَ بِعَدَمِه، كما يَسْقُطُ وُجُوبُ غَسْلِ العُضْوِ في الوُضُوءِ بِفَقْدِه. ولأنَّه إمْرَارٌ لو فَعَلَهُ في الإِحْرَامِ لم يَجِبْ به دَمٌ، فلم يَجِبْ عند التَّحَلُّلِ، كإمْرَارِهِ على الشَّعْرِ مِن غيرِ حَلْقٍ.
فصل:
ويُسْتَحَبُّ لمن حَلَقَ أو قَصَّرَ تَقْلِيمُ أظَافِرِهِ، والأَخْذُ من شَارِبهِ؛ لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ. قال ابْنُ المُنْذِرِ: ثَبَتَ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ، قَلَّمَ أظْفَارَهُ (24)، وكان ابنُ عمرَ يَأْخُذُ مِن شَارِبِه وأظْفَارِه. وكان عَطاءٌ، وطاوُسٌ، والشَّافِعِيُّ، يُحِبُّونَ لو أخَذَ من لِحْيَتِه شيئا. ويُسْتَحَبُّ إذا حَلَقَ، أن يَبْلُغَ العَظْمَ الذى عندَ مُنْقَطَعِ الصُّدغِ من الوَجْهِ. كان ابنُ عمرَ يقولُ لِلْحَالِقِ: ابْلُغِ العَظْمَيْنِ، افْصِلِ الرَّأْسَ من اللِّحْيَةِ. وَكان عَطاءٌ يقولُ: مِن السُّنَّةِ، إذا حَلَقَ رَأْسَهُ، أن يَبْلُغَ العَظْمَيْنِ.
650 - مسألة؛ قال: (ثُمَّ قَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَىْءٍ إلَّا النِّسَاءَ)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّ المُحْرِمَ، إذا رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ، ثم حَلَقَ، حَلَّ له كُلُّ ما كان مَحْظُورًا بالإِحْرَامِ (1)، إلَّا النِّساءَ. هذا الصَّحِيحُ من مذهبِ أحمدَ، رحمه الله. نَصَّ عليه، في رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، فيَبْقَى ما كان مُحَرَّمًا عليه من النِّسَاءِ، من الوَطْءِ،
(21) سقط من: ب، م.
(22)
في ب، م:"واجبا".
(23)
تقدم تخريجه في: 1/ 315.
(24)
أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 4/ 42.
(1)
في الأصل زيادة: "عليه".
والقُبْلَةِ، واللَّمْسِ لِشَهْوَةٍ، وعَقْدِ النِّكَاحِ، ويَحِلُّ له ما سِوَاهُ. هذا قَوْلُ ابنِ الزُّبَيْرِ، وعائشةَ، وعَلْقَمَةَ، وسالِمٍ، وطاوُسٍ، والنَّخَعِيِّ، [وعُبيدِ اللَّه بن الحسنِ](2)، وخَارِجَةَ بن زيدٍ، والشَّافِعِيِّ، وأبي ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. ورُوِىَ أَيضا عن ابْنِ عَبّاسٍ. وعن أحمدَ، أنَّه يَحِلُّ له كُلُّ شىءٍ إلَّا الوَطْءَ في الفَرْجِ؛ لأنَّه أغْلَظُ المُحَرَّمَاتِ، ويُفْسِدُ النُّسُكَ، بِخِلافِ غيرِه. وقال عمرُ بنُ الخَطَّابِ، رَضِىَ اللهُ عنه: يَحِلُّ له كُلُّ شَىْءٍ، إلَّا النِّسَاءَ، والطِّيبَ. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عمرَ، وعُرْوَةَ ابن الزُّبَيْرِ، وعَبَّادِ بن عبدِ اللهِ بن الزُّبَيْرِ (3)؛ لأنَّه من دَوَاعِى الوَطْءِ، فأشْبَهَ القُبْلَةَ. وعن عُرْوَةَ، أنَّه لا يَلْبَسُ القَمِيصَ، ولا العِمَامَةَ، ولا يَتَطَيَّبُ. ورُوِىَ في ذلك عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حديثٌ (4). ولَنا، ما رَوَتْ عائشةُ، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال:"إذَا رَمَيْتُمْ، وحَلَقْتُمْ، فَقَدْ حَلَّ لَكُمُ الطِّيبُ، والثِّيَابُ، وكُلُّ شَىْءٍ، إلَّا النِّسَاءَ". رَوَاهُ سَعِيدٌ (5). وفى لَفْظٍ: "إذَا رَمَى أحَدُكُمْ جَمْرَةَ العَقَبَةِ، وحَلَقَ رَأْسَهُ، فَقَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَىْءٍ، إلَّا النِّسَاءَ". رَوَاهُ الأثْرَمُ، وأبو دَاوُدَ (6)، إلَّا أن أبا دَاوُدَ قال: هو ضَعِيفٌ، رَوَاهُ الحَجَّاجُ، عن الزُّهْرِيِّ، ولم يَلْقَهُ. والذى أخْرَجَهُ سَعِيدٌ رَوَاهُ الحَجَّاجُ، عن أبي بكرِ بن محمدٍ، عن عُرْوَةَ، عن عائشةَ، قالت: طَيَّبْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِحُرْمِهِ (7) حين أحْرَمَ، ولِحِلِّهِ، قَبْلَ أن يَطُوفَ بِالْبَيْتِ. مُتَّفَقٌ
(2) في ب، م:"وعبد اللَّه بن الحسين".
وهو عبيد اللَّه بن الحسن بن الحصين العنبرى، من فقهاء التابعين بالبصرة، توفى سنة ثمان وستين ومائة. طبقات الفقهاء، للشيرازى 91.
(3)
ابن العوام الأسدى، من التابعين، ثقة، وكان على قضاء أبيه بمكة، وكان يستخلفه إذا حج. تهذيب التهذيب 5/ 98.
(4)
في أ، ب، م:"حديثا". على أن الراوى عروة.
(5)
وأخرجه أبو داود كما في: باب في رمى الجمار، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 457. والإِمام أحمد، في: المسند 6/ 143.
(6)
في: باب في رمى الجمار، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 457. وليس فيه:"وحلق رأسه".
(7)
لحرمه: أى لإِحرامه.