الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مالِكٍ، والشَّافِعِيِّ؛ لأنَّه مَخِيطٌ لَبِسَهُ المُحْرِمُ على العَادَةِ في لُبْسِه، فلَزِمَتْه الفِدْيَةُ إذا كان عَامِدًا، كالقَمِيصِ. ورَوَى ابنُ المُنْذِرِ، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن لُبْسِ الأقْبِيَةِ (3). وَوَجْهُ قَوْلِ الخِرَقِيِّ، ما تَقَدَّمَ من حديثِ عبدِ الرحمنِ بن عَوْفٍ، في مَسْأَلَة إذا (4) لم يَجِدْ إزَارًا لَبِسَ السَّرَاوِيلَ، وإن لم يَجِدْ نَعْلَيْنِ لَبِسَ الخُفَّيْنِ. ولأنَّ القَبَاءَ لا يُحِيطُ بِالبَدَنِ، فلم تَلْزَمْهُ الفِدْيَةُ بِوَضْعِه على كَتِفَيْهِ، إذا لم يُدْخِلْ يَدَيْهِ في كُمَّيْهِ، كالقَمِيصِ يَتَّشِحُ به، وقِياسُهم مَنْقُوضٌ بِالرِّدَاءِ المُوَصَّلِ، والخَبَرُ مَحْمُولٌ على لُبْسِه مع إدْخَالِ يَدَيْهِ في كُمَّيْهِ.
577 - مسألة؛ قال: (وَلَا يُظَلِّلُ عَلَى رَأْسِه فِى المَحْمِلِ، فَإنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ دَمٌ)
كَرِهَ أحمَدُ الاسْتِظْلالَ في المَحْمِلِ خَاصَّةً، وما كان في مَعْنَاهُ، كالهَوْدَجِ والعَمَّارِيَّة (1) والكنيسةِ (2) ونحو ذلك على البَعِيرِ. وكَرِهَ ذلك ابنُ عمرَ، ومالِكٌ (3) وعبدُ الرحمنِ ابن مَهْدِيٍّ، وأهْلُ المَدِينَةِ. وكان سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ يقول: لا يَسْتَظِلُّ البَتَّةَ. وَرَخَّصَ فيه رَبِيعَةُ، والثَّوْرِيُّ، والشَّافِعِيُّ. ورُوِىَ ذلك عن عُثمانَ، وعَطاءٍ؛ لما رَوَتْ أُمُّ الحُصَيْنِ، قالتْ: حَجَجْتُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِجَّةَ الوَدَاعِ، فرَأَيْتُ أُسامَةَ وبِلَالًا، وأحَدُهما آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، والآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَه يَسْتُرُه مِن الحَرِّ، حتى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ وغيرُه (4). ولأنَّه يُباحُ له
(3) أخرجه البيهقي، في: باب ما يلبس المحرم من الثياب، من كتاب الحج. السنن الكبري 5/ 50.
(4)
في أ، ب، م:"إن".
(1)
العمارية: هودج يحمل على الدابة. انظر ملحق دوزى على المعاجم العربية.
(2)
في أ، ب، م:"والكبيسة".
وتكنَّست المرأة: دخلت الهودج. فلعل "الكنيسة" تصغير الكناس.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
أخرجه مسلم في: باب استحباب رمي جمرة العقبة. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 944.=
التَّظَلُّلُ في البَيْتِ والخِبَاءِ، فجازَ في حَالِ الرُّكُوبِ، كالْحَلال، ولأنَّ ما حَلَّ للْحَلالِ حَلَّ لِلْمُحْرِمِ، إلَّا ما قَامَ على تَحْرِيمِه دَلِيلٌ. واحْتَجَّ أحمدُ بقولِ ابنِ عمرَ، رَوَى عَطاءٌ قال: رَأى ابنُ عمرَ على رَحْلِ عمرَ بن عبدِ اللَّه (5) بن أبى رَبِيعَةَ عُودًا يَسْتُرُه من الشَّمْسِ (6)، فنَهَاهُ. وعن نافِعٍ، عن ابنِ عمرَ، أنَّه رَأى رَجُلًا مُحْرِمًا على رَحْلٍ، قد رَفَعَ ثَوْبًا على عُودٍ يَسْتَتِرُ به من الشَّمْسِ، فقال: أضْحِ لِمن أحْرَمْتَ له. أى ابْرُزْ لِلشَّمْسِ. رَوَاهُما الأثْرَمُ (7). ولأنَّه سَتَرَ بما يَقْصِدُ به التَّرَفُّهَ، أشْبَهَ ما لو غَطَّاهُ. والحَدِيثُ ذَهَبَ إليه أحمدُ، فلم يَكْرَهْ أن يَسْتَتِرَ بِثَوْبٍ ونحوِه، فإنَّ ذلك لا يُقْصَدُ للاسْتِدَامَةِ، والهَوْدَجُ بِخِلَافِه، والخَيْمَةُ والبَيْتُ يُرَادَانِ لِجَمْعِ الرَّحْلِ وحِفْظِه، لا لِلتَّرَفُّهِ. وظَاهِرُ كَلَامِ أحمدَ، أنَّه إنَّما كَرِهَ ذلك كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، لِوُقوعِ الخِلَافِ فيه، وقولِ ابنِ عُمَرَ، ولم يَرَ ذلك حَرَامًا، ولا مُوجِبًا لِفِدْيَةٍ. قال الأثْرَمُ: سمِعتُ أبا عبدِ اللهِ يُسْأَلُ عن المُحْرِمِ يَسْتَظِلُّ على المَحْمِلِ؟ قال: لا. وذَكَرَ حديثَ ابنِ عمرَ: أَضْحِ لِمن أحْرَمْتَ له. قِيلَ له: فإنْ فَعَلَ أَيُهْرِيقُ دَمًا؟ قال: أمَّا الدَّمُ فلا. قيل: فإنَّ أهْلَ المَدِينَةِ يَقُولُونَ: عليه دَمٌ. قال: نعم، أهْلُ المَدِينَةِ يُغَلِّظُونَ (8) فيه. وقد رُوِىَ ذلك عن أحمدَ، وهو اخْتِيَارُ الخِرَقِيِّ؛ لأنَّه سَتَرَ رَأْسَهُ بما يُسْتَدَامُ ويُلَازِمُه غالِبًا، فأشْبَهَ ما لو سَتَرَهُ بشىءٍ يُلَاقِيه. ويُرْوَى عن
=كما أخرجه أبو داود، في: باب في المحرم يظلل، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 425، 426. والنسائي، في: باب الركوب إلى الجمار. . .، من كتاب المناسك. سنن النسائي 5/ 219. والبيهقي، في: باب رمى جمرة العقبة راكبا، من كتاب الحج. السنن الكبري 5/ 130.
(5)
في الأصل زيادة: "بن عبد اللَّه". تكرار.
(6)
من هنا إلى قوله: "من الشمس" الآتي ساقط من: أ. نقلة نظر.
(7)
وأخرجهما البيهقي، في: باب من استحب للمحرم أن يضحى. . .، من كتاب الحج. السنن الكبري 5/ 70.
(8)
في أ، ب، م:"يغلطون".