الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُقارِنٌ لِصَوْمِ المُتْعَةِ؛ لأنَّ الثَّلَاثَةَ فى المُتْعَةِ يُسْتَحَبُّ أن يكونَ آخِرُها يومَ عَرَفَةَ، وهذا يكونُ بعدَ فَوَاتِ عَرَفَةَ. والخِرَقِىُّ إنما جَعَلَ الصَّوْمَ عن هَدْىِ الفَوَاتِ مثلَ الصَّوْمِ عن جَزَاءِ الصَّيْدِ عن كل مُدٍّ يَوْمًا. والمَرْوِىُّ عن عمر وابنِه مثلُ (26) ما ذَكَرْنا. ويُقَاسُ عليه أيْضًا كُلُّ دَمٍ وَجَبَ (26) لِتَرْكِ وَاجِبٍ، كدَمِ القِرَانِ، وتَرْكِ الإِحْرَامِ من المِيقَاتِ، والوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إلى غُرُوبِ الشَّمْسِ، والمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ، والرَّمْىِ، والمَبِيتِ لَيَالِىَ مِنًى بها، وطَوَافِ الوَدَاعِ، فالوَاجِبُ فيه ما اسْتَيْسَرَ من الهَدْىِ، فإن لم يَجِدْ فصِيامُ عشرةِ أيَّامٍ. وأمَّا مَن أفْسَدَ حَجَّهُ بِالجِمَاعِ فالوَاجِبُ فيه بَدَنَةٌ؛ بِقَوْلِ الصَّحابةِ المُنْتَشِرِ الذى لم يَظْهَرْ خِلافُه، فإن لم يَجِدْ فصِيامُ ثلاثةِ أيَّامٍ فى الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذا رَجَعَ، كصِيامِ المُتْعَةِ. كذلك قال عبدُ اللهِ بنُ عمرَ، وعبدُ اللهِ بن عَبّاسٍ، وعبدُ اللهِ بن عَمْرٍو. رَواهُ عنهم الأثْرَمُ. ولم يَظْهَرْ فى الصَّحابَةِ خِلافُهم، [فيكونُ إجْماعًا](27)، فيكونُ بَدَلُه مَقِيسًا على بَدَلِ دَمِ المُتْعَةِ. وقال أصْحابُنا: يُقَوِّمُ البَدَنَةَ بِدَرَاهِمَ، ثم يَشْتَرِى بها طَعَامًا فيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا، ويَصُومُ عن كُلِّ مُدٍّ يومًا، فتكونُ مُلْحَقَةً بِالبَدَنَةِ الوَاجِبَةِ فى جَزاءِ الصَّيْدِ. ويُقاسُ على فِدْيَةِ الأَذَى ما وَجَبَ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ يَتَرَفَّهُ به، كتَقْلِيمِ الأظَافِرِ، واللُّبْسِ، والطِّيبِ. وكلُّ اسْتِمْتَاعٍ من النِّسَاءِ يُوجِبُ شَاةً كالوَطْءِ فى العُمْرَةِ أو فى الحَجِّ بعدَ رَمْىِ الجَمْرَةِ، فإنَّه فى مَعْنَى فِدْيَةِ الأَذَى من الوَجْهِ الذى ذَكَرْنَاه، فيُقَاسُ عليه، ويُلْحَقُ به، فقد قال ابنُ عَبّاسٍ لِامْرأةٍ وَقَعَ عليها زَوْجُها قبلَ أن تُقَصِّرَ: عَليكِ فِدْيَةٌ من صِيَامٍ أو صَدَقَةٍ أو نُسُكٍ. رَوَاهُ الأثْرَمُ (28).
696 - مسألة؛ قال: (وَكُلُّ هَدْىٍ أوْ إطْعَامٍ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ، إنْ
(26) سقط من: الأصل.
(27)
سقط من: الأصل.
(28)
وأخرجه البيهقى، فى: باب المعتمر لا يقرب امرأته، من كتاب الحج. السنن الكبرى 5/ 172.
قَدَرَ عَلَى إيصَالِه إلَيْهِمْ، إلَّا مَنْ أصَابَهُ أذًى مِنْ رَأسِهِ، فيفَرِّقُهُ عَلَى المَسَاكِينِ فِى المَوْضِع الَّذِى حَلَقَ فِيهِ (1))
أمَّا فِدْيَةُ الأذَى، فتجوزُ فى المَوْضِعِ الذى حَلَقَ فيه. نَصَّ عليه أحمدُ. وقال الشَّافِعِىُّ: لا تجوزُ إلَّا فى الحَرَمِ؛ لِقَوْلِه تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (2). ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ كَعْبَ بن عُجْرَةَ بِالفِدْيَةِ بِالحُدَيْبيَةِ، ولم يَأْمُرْ ببَعْثِه إلى الحَرَمِ (3). ورَوَى الأثْرَمُ، [وأبو إسحاقَ الجُوزَجانِىُّ](4)، فى "كِتَابَيْهِما" عن أبى أسْماءَ مَوْلَى عبدِ اللهِ بن جعفرٍ، قال: كنتُ مع عُثمانَ، وعلىٍّ، وحسين بن علىٍّ، رَضِىَ اللَّه عنهم، حُجَّاجًا، فاشْتَكَى حسينُ بن علىٍّ بِالسُّقْيَا، فأوْمَأَ بِيَدِه إلى رَأْسِه، فحَلَقَه علىٌّ، وَنحَرَ عنه جَزُورًا بِالسُّقْيَا. هذا لَفْظُ رِوايَةِ الأَثْرَمِ. ولم يُعْرَفْ لهم مُخالِفٌ. والآيةُ وَرَدَتْ فى الهَدْىِ، وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ اخْتِصاصُ ذلك بِفِدْيَةِ الشَّعْرِ، وما عَداهُ من الدِّماءِ فبمَكَّةَ. وقال القاضى، فى الدِّمَاءِ الوَاجِبَةِ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ، كاللِّبَاسِ والطِّيبِ: هى كدَمِ الحَلْقِ. وفى الجَمِيعِ رِوَايَتانِ؛ إحْدَاهُما، يَفْدِى حَيْثُ وُجِدَ سَبَبُه. والثانيةُ، محلُّ الجَمِيعِ الحَرَمُ. وأمَّا جَزَاءُ الصَّيْدِ فهو لِمَسَاكِينِ الحَرَمِ. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: أمَّا ما كان بِمَكَّةَ، أو كان من الصَّيْدِ، فَكُلُّه (5) بمَكَّةَ؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال:{هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (6). وما كان من فِدْيَةِ الرَّأْسِ فَحيثُ حَلَقَه. وذَكَرَ القاضى فى قَتْلِ الصَّيْدِ رِوايَةً أُخْرَى، أنَّه يَفْدِى حيثُ قَتَلَه. وهذا يُخالِفُ نَصَّ الكِتابِ، ونَصَّ الإمامِ أحمدَ، فى التَّفْرِقَةِ بينَه وبينَ حَلْقِ الرَّأْسِ، فلا يُعَوَّلُ عليه. وما وَجَبَ
(1) سقط من: الأصل. هنا وفى الموضع التالى.
(2)
سورة الحج 33.
(3)
تقدم تخريجه فى صفحة 115.
(4)
فى أ، ب، م:"وإسحاق والجوزجانى". وتقدمت ترجمته فى: 1/ 37.
(5)
فى م: "فكل".
(6)
سورة المائدة 95.