الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
645 - مسألة؛ قال: (والاسْتِحْبَابُ أنْ يَغْسِلَهُ)
اخْتَلَفَ (1) عن أحمدَ في ذلك، فَرُوِىَ عنه أنَّه مُسْتَحَبٌّ؛ لأنَّه رُوِىَ عن ابنِ عمرَ أنَّه غَسَلَهُ، وكان طَاوُسٌ يَفْعَلُه، وكان ابنُ عمرَ يَتَحَرَّى سُنَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وعن أحمدَ: أنَّه لا يُسْتَحَبُّ. وقال: لم يَبْلُغْنَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ. وهذا الصَّحِيحُ. وهو قَوْلُ عَطاءٍ، ومالِكٍ، وكَثِيرٍ من أهْلِ العِلْمِ، فإنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا لُقِطَتْ له الحَصَيَاتُ، وهو رَاكِبٌ على بَعِيرِه، يَقْبِضُهُنَّ (2) في يَدِهِ، لم يَغْسِلْهُنَّ، ولا أمَرَ بِغَسْلِهِنَّ، ولا فيه مَعْنًى يَقْتَضِيه. فإنْ رَمَى بِحَجَرٍ نَجِسٍ أجْزَأهُ؛ لأنَّه حَصَاةٌ. ويَحْتَمِلُ أن لا يُجْزِئَهُ؛ لأنه يُؤَدِّى به العِبَادَةَ، فاعْتُبِرَتْ طهارتُه، كحجرِ الاسْتِجْمارِ وتُرَابِ التَّيَمُّمِ. وإن غَسَلَهُ، ورَمَى به، أجْزَأَهُ، وَجْهًا وَاحِدًا. وعَدَدُ الحَصَى سَبْعُونَ حَصَاةً، يَرْمِى منها بِسَبْعٍ في (3) يَوْمِ النَّحْرِ، وسائِرها في أيَّامِ مِنًى، واللهُ أعلمُ.
646 -
مسألة؛ قال: (فَإذَا وَصَلَ إلَى (1) مِنًى، رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ في إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ولَا يَقِفُ عِنْدَهَا)
حَدُّ مِنًى ما بين جَمْرَةِ العَقَبَةِ وَوَادِى مُحَسِّرٍ، كذلك قال عَطاءٌ، والشَّافِعِىُّ. وليس مُحَسِّرٌ والعَقَبَةُ من مِنًى. ويُسْتَحَبُّ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الوُسْطَى التي تَخْرُجُ على الجَمْرَةِ الكُبْرَى، فإنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَلَكَها. كذا في حديثِ جابِرٍ (2). فإذا وَصَلَ مِنًى بَدَأ بجَمْرَةِ العَقَبَةِ، وهى آخِرُ الجَمَرَاتِ ممَّا يَلِى مِنًى، وأَوَّلُها ممَّا يَلِى مَكَّةَ،
(1) أي النقل.
(2)
في أ، ب، م:"يقبضن".
(3)
سقط من: أ، ب، م.
(1)
سقط من: أ، ب، م.
(2)
تقدم تخريجه في صفحة 156.
وهى عندَ العَقَبَةِ، ولذلك سُمِّيَتْ جَمْرَةَ العَقَبَةِ فَيْرمِيها بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مع كلِّ حَصاةٍ، ويَسْتَبْطِنُ الوَادِى، ويَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ، ثم يَنْصَرِفُ ولا يَقِفُ. وهذا بِجُمْلَتِه قَوْلُ مَن عَلِمْنَا قَوْلَه من أهْلِ العِلْمِ. وإن رَمَاهَا من فَوْقِها جَازَ؛ لأنَّ عمرَ، رضي الله عنه، جاءَ والزِّحَامُ عندَ الجَمْرَةِ، فصَعِدَ (3) فرَمَاها مِن فَوْقِها. والأوَّلُ أفْضَلُ؛ لما رَوَى عبدُ الرحمنِ بنُ يَزِيدَ، أنَّه مَشَى مع عبدِ اللهِ، وهو يَرْمِى الجَمْرَةَ، فلمَّا كان في بَطْنِ الوَادِى اعْتَرَضَها (4) فرَمَاها، فقِيلَ له: إنَّ نَاسًا يَرْمُونَها من فَوْقِها. فقال: مِن هاهُنا، [والذى لا إلهَ غيرُه](5)، رَأيْتُ الذي أُنْزِلَتْ عليه سُورَةُ البَقَرَةِ رَمَاهَا. مُتَّفَقٌ عليه (6). وفى لَفْظٍ: لمَّا أتَى عبدُ اللهِ جَمْرَةَ العَقَبَةِ، اسْتَبْطَنَ الوَادِى، واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وجعل يَرْمِى الجَمْرَةَ على حَاجِبِه الأيْمَنِ، ثم رَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثم قال: واللهِ الذي لا إلهَ غيرُه، مِن هاهُنا رَمَى الذي أُنْزِلَتْ عليه سُورَةُ البَقَرَةِ. قال التِّرْمِذِىُّ: وهذا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، والعَمَلُ عليه عندَ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. ولا يُسَنُّ الوُقُوفُ عِنْدَها؛ لأنَّ ابنَ عمرَ، وابنَ عَبَّاسٍ، رَوَيَا أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان إذا رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ، انْصَرَفَ ولم يَقِفْ. رَوَاهُ ابنُ
(3) سقط من: أ، ب، م.
(4)
في ب، م:"أعرضها". وفى صحيح مسلم: "استعرضها".
(5)
سقط من: الأصل. وفى ب، م:"والذي لا إله إلا هو".
(6)
اللفظ الأول، أخرجه البخاري، في: باب رمى الجمار من بطن الوادى، من كتاب الحج. صحيح البخاري 2/ 217. ومسلم، في: باب رمى جمرة العقبة، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 942، 943.
كما أخرجه النسائى، في: باب المكان الذي ترمى منه جمرة العقبة، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 222.
واللفظ الثانى، أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء كيف ترمى الجمار، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 135. وابن ماجه، في: باب من أين ترمى جمرة العقبة، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1008.