الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحَبُّ إلىَّ مِن ذلك. قُلْنا: تَمامُ الحَدِيثِ، قال: فذكَرْتُ ذلك لعائِشةَ، فقالتْ: يَرْحَمُ (14) اللهُ أبا عبدِ الرحمنِ، قد كنتُ أُطَيِّبُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فيَطُوفُ في نِسَائِه، ثم يُصْبِحُ يَنْضَحُ طِيبًا (15). فإذًا صَارَ الخَبَرُ حُجَّةً على مَن احْتَجَّ به، فإنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حُجَّةٌ على ابنِ عمرَ وغيرِه، وقِيَاسُهم يَبْطُلُ بِالنِّكَاحِ، فإنَّه يَمْنَعُ ابْتِدَاءَهُ دُونَ اسْتِدَامَتِه.
فصل:
وإن طَيَّبَ ثَوْبَهُ، فله اسْتِدَامَةُ لُبْسِه، ما لم يَنْزِعْهُ، فإن نَزَعَهُ لم يكنْ له أن يَلْبَسَهُ، فإنْ لَبِسَهُ افْتَدَى؛ لأنَّ الإحْرامَ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الطِّيبِ، ولُبْسُ المُطَيَّبِ دُونَ الاسْتِدَامَةِ، وكذلك إن نَقَلَ الطِّيبَ من مَوْضِعٍ مِن بَدَنِهِ إلى مَوْضِعٍ آخَرَ، افْتَدَى؛ لأنَّه تَطَيَّبَ في إحْرَامِه، وكذا إن تَعَمَّدَ مَسَّهُ بِيَدِه، أو نَحَّاهُ من مَوْضِعِه، ثم رَدَّهُ إليه، فأمَّا إن عَرِقَ الطِّيبُ، أو ذَابَ بِالشَّمْسِ، فسَالَ من مَوْضِعِه إلى مَوْضِعٍ آخَرَ، فلا شىءَ عليه؛ لأنَّه ليس من فِعْلِه، فجَرَى مَجْرَى النَّاسِي. قالت عائشةُ: كُنَّا نَخْرُجُ مع النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلى مَكَّةَ فنُضَمِّدُ جِبَاهَنا بالمِسْكِ المُطَيَّبِ عندَ الإِحْرامِ، فإذا عَرِقَتْ إحْدَانَا سَالَ على وَجْهِها، فيرَاهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فلا يَنْهَاهَا. رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (16).
557 - مسألة؛ قال: (فَإنْ حَضَرَ وَقْتُ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ، وإلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ)
المُسْتَحَبُّ أنْ يُحْرِمَ عَقِيبَ الصلاةِ، فإن حَضَرَتْ صلاةٌ مَكْتُوَبةٌ، أحْرَمَ
(14) في الأصل: "رحم".
(15)
أخرجه البخاري، في: باب إذا جامع ثم عاد، من كتاب الطهارة. صحيح البخاري 1/ 75. ومسلم، في: باب الطيب للمحرم عند الإحرام، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 849، 850. والنسائى، في: باب الطواف على النساء في غسل واحد، من كتاب الغسل. وفي: باب موضع الطيب، من كتاب الحج. المجتبى 1/ 172، 5/ 109.
(16)
في: باب ما يلبس المحرم، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 425.
عَقِيبَها، وإلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا وأحْرَمَ عَقِيبَهما. اسْتَحَبَّ ذلك عَطاءٌ، وطاوُسٌ، ومالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، وأبو حنيفةَ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عمرَ، وابنِ عَبَّاسٍ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ أنَّ الإِحْرامَ عَقِيبَ الصلاةِ، وإذا اسْتَوَتْ به رَاحِلَتُه، وإذا بَدَا بِالسَّيْرِ، سَوَاءٌ؛ لأنَّ الجَمِيعَ مَرْوِيٌّ (1) عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِن طُرُقٍ صَحِيحَةٍ، قال الأثْرَمُ: سألتُ أبا عبدِ اللهِ، أيُّمَا أحَبُّ إليك: الإِحْرامُ في دُبُرِ الصلاةِ، أو إذا اسْتَوَتْ به ناقتُه (2)؟ فقال: كلٌّ (3) قد جاءَ، في دُبُرِ الصلاةِ، وإذا عَلَا البَيْدَاءَ، وإذا اسْتَوَتْ به نَاقَتُه، فوَسَّعَ في ذلك كُلِّه. قال ابنُ عَبَّاسٍ: رَكِبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَاحِلَتَه، حتى اسْتَوَى (4) على البَيْدَاءِ أهَلَّ هو وأصْحابُه، وقال أنَسٌ: لمَّا رَكِبَ رَاحِلَتَه، واسْتَوَتْ به، أَهَلَّ. وقال ابنُ عمرَ: أهَلَّ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم حين اسْتَوَتْ به رَاحِلَتُه قَائِمَةً. رَوَاهُنَّ البُخَارِيُّ (5)، والأوْلَى الإِحْرامُ عَقِيبَ الصلاةِ، لما رَوَى سَعِيدُ بن جُبَيْرٍ قال: ذَكَرْتُ لابنِ عَبَّاسٍ إهْلَالَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: أوْجَبَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الإِحْرامَ حين فَرَغَ من صَلَاتِه، ثم خَرَجَ، فلما رَكِبَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَاحِلَتَه، وَاسْتَوَتْ به قَائِمَةً،
(1) في م: "قد روى".
(2)
في م: "راحلته".
(3)
في م زيادة: "ذلك".
(4)
في أ، ب، م:"استوت".
(5)
حديث ابن عباس أخرجه البخاري، في: باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر، من كتاب الجهاد. صحيح البخاري 2/ 169. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 1/ 260.
وحديث أنس أخرجه البخاري، في: باب من بات بذى الحليفة حتى أصبح، وباب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال. . .، من كتاب الحج. صحيح البخاري 2/ 170، 171. كما أخرجه أبو داود، في: باب وقت الإحرام، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 411.
وحديث ابن عمر أخرجه البخاري، في: باب من أهل حين استوت به راحلته، من كتاب الحج. صحيح البخاري 2/ 171. كما أخرجه مسلم، في: باب الإهلال من حيث تنبعث الراحلة، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 845. وأبو داود، في: باب في وقت الإحرام، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 410، 411. والنسائي، في: باب العمل في الإهلال، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 127. وابن ماجه، في: باب الإحرام، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 973. والإمام مالك، في: باب العمل في الإهلال، من كتاب الحج. الموطأ 1/ 332، 333. والإمام أحمد 2/ 17، 18، 29، 36، 37.