الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القُفَّازَيْنِ والنِّقَابِ، وما مَسَّ الوَرْسَ والزَّعْفَرَانَ مِن الثِّيَابِ، ولْتَلْبَسْ بعدَ ذلك ما أحَبَّتْ من أَلْوَانِ الثِّيَابِ، مِن مُعَصْفَرٍ أو خَزٍّ أو حَلْي أو سَرَاوِيلَ أو قَمِيصٍ أو خُفٍّ (4). وهذا صَرِيحٌ، والمُرَادُ باللِّبَاسِ هاهُنا المَخِيطُ من القَمِيصِ والدُّرُوعِ والسَّرَاوِيلَاتِ والخِفَافِ، وما يَسْتُرُ الرَّأْسَ، ونَحْوَه.
فصل:
ويُسْتَحَبُّ لِلْمَرأةِ ما يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ؛ من الغُسْلِ عند الإِحْرَامِ، والتَّطَيُّبِ، والتَّنَظُّفِ؛ لما ذَكَرْنا من حديثِ عائشةَ، أنَّها قالتْ: "كُنَّا نَخْرُجُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فنُضَمِّدُ جِبَاهَنا بِالمِسْكِ المُطَيَّبِ عندَ الإِحرامِ، فإذا عَرِقَتْ إحْدَانَا، سَالَ على وَجْهِهَا، فيَرَاهَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فلا يُنْكِرُهُ عليها (5). والشَّابَّةُ والكَبِيرَةُ فى هذا سَوَاءٌ، فإنَّ عائشةَ كانت تَفْعَلُه فى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وهى شَابَّةٌ. فإن قيل: أليسَ قد كُرِهَ ذلك فى الجُمُعَةِ؟ قُلنا: لأنَّها فى الجمعةِ تَقرُبُ من الرِّجَالِ، فيُخَافُ الافْتِتَانُ بها، بِخِلافِ مَسْألَتِنَا. ولهذا يَلْزَمُ الحَجُّ النِّسَاءَ، ولا تَلْزَمُهُنَّ الجمعةُ. وكذلك يُسْتَحَبُّ لها قِلَّةُ الكَلَامِ فيما لا يَنْفَعُ، والإِكْثَارُ من التَّلْبِيَةِ، وذِكْرِ اللَّه تعالى.
593 - مسألة؛ قال: (وَلَا تَلْبَسُ القُفَّازَيْنِ، وَلَا الخلْخالَ، وَمَا أشْبَهَهُ)
القُفَّازَانِ: شىءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ، تُدْخِلُهُما فيهما من خَرْقٍ، تَسْتُرُهما من الحَرِّ، مثل ما يُعْمَلُ لِلْبَرْدِ، فيَحْرُمُ على المَرْأَةِ لُبْسُه فى يَدَيْها فى حال إحْرَامِها. وهذا قولُ ابنِ عمرَ. وبه قال عَطاءٌ، وطَاوُسٌ، ومُجاهِدٌ، والنَّخَعِىُّ، ومالكٌ، وإسحاقُ. وكان سعدُ (1) بن أبى وَقَّاص يُلْبِسُ بَنَاتَهُ القُفَّازَيْنِ وهُنَّ مُحْرِمَاتٌ. ورَخَّصَ فيه عليٌّ، وعائشةُ، وعَطاءٌ. وبه قال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ. ولِلشَّافِعِىِّ
(4) تقدَّم تخريجه فى صفحة 154.
(5)
تقدَّم تخريجه فى صفحة 80.
(1)
فى م: "سعيد". خطأ.
كالمَذْهَبَيْنِ. واحْتَجُّوا بما رُوِىَ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:"إحْرَامُ المَرْأَةِ فى وَجْهِهَا"(2). وأنَّه عُضْوٌ يجوزُ سَتْرُهُ بغيرِ الْمَخِيطِ، فجازَ سَتْرُه به كالرِّجْلَيْنِ. ولَنا، ما رَوى ابنُ عمرَ، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:"لا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الحَرَامُ، وَلَا تَلْبَسُ القُفَّازَيْنِ". رَوَاهُ البُخَارِىُّ (3). ورَوَى أيضًا أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى النِّسَاءَ فى إحْرَامِهِنَّ عن القُفَّازَيْنِ والخَلْخَالِ (4). ولأنَّ الرجلَ لمَّا وَجَبَ عليه كَشْفُ رَأْسِهِ، تَعَلَّقَ حُكْمُ إحْرَامِه بغيرِه، فَمُنِعَ مِن لُبْسِ المَخِيطِ فى سَائِرِ بَدَنِه، كذلك المَرْأَةُ لمَّا لَزِمَها كَشْفُ وَجْهِهَا، يَنْبَغِى أن يَتَعَلَّقَ حُكْمُ الإحْرَامِ بغيرِ ذلك البعضِ، وهو اليَدَانِ. وحَدِيثُهُم المُرَادُ به الكَشْفُ. فأمَّا السَّتْرُ بغيرِ المَخِيطِ، فيجوزُ لِلرَّجُلِ، ولا يجوزُ بِالمَخِيطِ. فأمَّا الخَلْخَالُ، وما أشْبَهَهُ من الحَلْىِ، مثل السِّوَارِ والدُّمْلُوجِ (5)، فظاهِرُ كَلَامِ الخِرَقِىِّ أنَّه لا يجوزُ لُبْسُه. وقد قال أحمدُ: المُحْرِمَةُ، والمُتَوَفَّى عنها زَوْجُها، يَتْرُكَانِ الطِّيبَ والزِّينَةَ، ولهما ما سِوَى ذلك. ورُوِىَ عن عَطاءٍ: أنَّه كان يَكْرَهُ لِلْمُحْرِمَةِ الحَرِيرَ والحَلْىَ. وكَرِهَهُ الثَّوْرِىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وَرُوِىَ عن قَتَادَةَ أنَّه كان لا يَرَى بَأْسًا، أن تَلْبَسَ المَرْأةُ الخاتِمَ والقُرْطَ وهى مُحْرِمَةٌ. وكَرِهَ السِّوَارَيْنِ والدُّمْلُجَيْنِ والخَلْخَالَيْنِ. وظَاهِرُ مذهبِ أحمدَ الرُّخْصَةُ فيه. وهو قولُ ابنِ عمرَ وعائشةَ وأصْحابِ الرَّأْىِ. قال أحمدُ، فى رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: تَلْبَسُ المُحْرِمَةُ الحَلْىَ والمُعَصْفَرَ. وقال عن نَافِعٍ: كُنَّ (6) نِسَاءُ ابنِ عمرَ وبَنَاتُه يَلْبَسْنَ الحَلْىَ والمُعَصْفَرَ، وهُنَّ مُحْرِمَاتٌ، لا يُنْكِرُ ذلك عبدُ اللهِ. ورَوَى أحمدُ فى
(2) تقدَّم تخريجه فى صفحة 151.
(3)
تقدَّم تخريجه فى صفحة 154.
(4)
أخرجه أبو داود، فى: باب ما يلبس المحرم، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 424. والإمام أحمد، فى: المسند 2/ 22، 32. والبيهقى، فى: باب المرأة لا تنتقب. . .، من كتاب الحجّ. السنن الكبرى 5/ 47. وليس فيه لفظ "الخلخال".
(5)
الدملوج: سوار يحيط بالعضد.
(6)
فى م: "كان". وما هنا على لغة أكلوني البراغيث.