الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرُّخَصَ. فإن لم يُمْكِنْهَا الإِقامَةُ، فمَضَتْ، أو مَضَتْ لغير عُذْرٍ، فعليها دَمٌ. وإن فَارَقَتِ البُنْيَانَ، لم يَجِبِ الرُّجُوعُ، [لأنَّها قد خرَجتْ عن حُكمِ الحاضِرِ. فإن قيل: فلم لا يجبُ الرُّجوعُ] (7) إذا كانت قَرِيبَةً، كالخَارِجِ من غير عُذْرٍ؛ قُلْنَا: هُناكَ تَرَكَ وَاجِبًا، فلم يَسْقُطْ بخُرُوجِه، حتَّى يَصِيرَ (8) إلى مَسَافَة القَصْرِ، لأنَّه يكونُ إنْشَاءَ سَفَرٍ طَوِيلٍ غيرِ الأَوَّلِ، وهاهنا لم يَكُنْ وَاجِبًا، ولا يَثْبُتُ وُجُوبُه ابْتِدَاءً إلَّا فى حَقِّ مَن كان مُقِيمًا.
فصل:
ويُسْتَحَبُّ أن يَقِفَ المُوَدِّعُ فى المُلْتَزَمِ، وهو ما بين الرُّكْنِ والبَابِ، فَيَلْتَزِمَهُ، ويُلْصِقَ به صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ، ويَدْعُوَ اللهَ عز وجل؛ لما رَوَى أبو دَاوُدَ (9)، عن عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبِيهِ، [عن جَدِّهِ](10)، قال: طُفْتُ مع عَبْدِ اللهِ، فلمَّا جاءَ دُبُرَ الكَعْبَةِ، قلتُ: ألَا تَتَعَوَّذُ؟ قال: نَعُوذُ بِاللهِ من النَّارِ. ثمَّ مَضَى حتَّى اسْتَلَمَ الحَجَرَ، فقامَ بين الرُّكْنِ والبَابِ، فوَضَعَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وذِرَاعَيْهِ وكَفَّيْهِ هكذا -وبَسَطَهَا بَسْطًا (11) - وقال: هكذا رأيتُ رسولَ اللهِ [صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُه. وعن عبدِ الرحمنِ بن صَفْوَانَ، قال: لمَّا فَتَحَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ، انْطَلَقْتُ فرأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قد خَرَجَ من الكَعْبَةِ، هو وأَصْحَابُه، قد اسْتَلَمُوا الرُّكْنَ من البَابِ إلى الحَطِيمِ، ووَضَعُوا خُدُودَهم على البَيْتِ، ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم](12) وَسَطهم. رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (13). وقال منصورٌ: سألتُ مُجاهِدًا: إذا أرَدْتُ الوَدَاعَ، كيف أصْنَعُ؟ قال: تَطُوفُ بِالبَيْتِ سَبْعًا، وتُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ
(7) سقط من: ب، م. نقلة نظر.
(8)
فى ب، م:"يسير".
(9)
فى: باب الملتزم، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 438.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب الملتزم، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 987.
(10)
سقط من: الأصل، أ.
(11)
سقط من: الأصل.
(12)
سقط من: الأصل. نقلة نظر.
(13)
فى: باب الملتزم، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 438.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية، فى "مجموع الفتاوى" 26/ 142 - 143: وإن أحب أن يأتى الملتزم، وهو ما بين الحجر الأسود والباب، فيفع عليه صدره ووجهه وذراعيه وكفيه، ويدعو، ويسأل اللَّه تعالى حاجته، =
المَقَامِ، ثمَّ تَأْتِى زَمْزَمَ فتَشْرَبُ [من مَائِها](14)، ثمَّ تَأْتِى المُلْتَزَمَ ما بين الحَجَرِ والبَابِ، فتَسْتَلِمُه، ثمَّ تَدْعُو، ثمَّ تَسْأَلُ (15) حَاجَتَكَ، [ثم تَسْتَلِمُ الحَجَرَ، وتَنْصَرِفُ](16). وقال بعضُ أصْحَابِنا: ويقولُ فى دُعَائِه: اللَّهُمَّ هذا بَيْتُكَ، وأنا عَبْدُكَ، وابنُ عَبْدِكَ، حَمَلْتَنِى على ما سَخَّرْتَ لى من خَلْقِكَ، وسَيَّرْتَنِى فى بِلَادِكَ حتَّى بَلَّغْتَنِى بِنِعْمَتِكَ إلى بَيْتِكَ، وأعَنْتَنِى على أدَاءِ نُسُكِى، فإنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّى، فازْدَدْ عَنِّى رضًا، وإلَّا فمِنَ الآن قبلَ أن تَنْأَى عن بَيْتِكَ دَارِى، فهذا (17) أوَانُ انْصِرَافِى إن أَذِنْتَ لى، غيرَ مُسْتَبْدِلٍ بك ولا ببَيْتِكَ، ولا رَاغِبٍ عنك ولا عن بَيْتِكَ، اللَّهُمَّ فَأَصْحِبْنِى العَافِيَةَ فى بَدَنِى، والصِّحَّةَ فى جِسْمى، والعِصْمَةَ فى دِينى، وأَحْسِنْ مُنْقَلَبِى، وارْزُقْنِى طَاعَتَكَ أبَدًا (18) ما أبْقَيْتَنِى، واجْمَعْ لى بين خَيْرَىِ (19) الدُّنْيَا والآخِرَةِ، إنَّكَ على كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. وعن طَاوُسٍ قال: رأيتُ أعْرَابِيًّا أَتَى المُلْتَزَمَ، فتَعَلَّقَ بأَسْتارِ الكَعْبَةِ، فقال: بك أعُوذُ، وبِكَ أَلُوذُ، اللَّهُمَّ فاجْعَل لى فى اللَّهَفِ إلى جُودِكَ، والرِّضَا بِضَمَانِكَ، مَنْدُوحًا عن مَنْعِ البَاخِلِينَ، وغِنًى عَمَّا فى أَيْدى المُسْتَأْثِرِينَ، اللَّهُمَّ بِفَرَجِكَ القَرِيبِ، ومَعْرُوفِكَ القَدِيمِ، وعَادَتِكَ الحَسَنَةِ. ثمَّ أضَلَّنِى فى النّاسِ، فألْفَيْتُه (20) بِعَرَفَاتٍ قَائِمًا (18)، وهو
= فعل ذلك، وله أن يفعل ذلك قبل طواف الوداع؛ فإن هذا الالتزام لا فرق بين أن يكون حال الوداع أو غيره، والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين يدخلون مكة. إلى أن قال: ولو وقف عند الباب، ودعا هناك من غير التزام للبيت، لكان حسنا.
وقال ابن القيِّم، فى "زاد المعاد" 5/ 298: وأمَّا المسألة الثانية، وهى وقوفه فى الملتزم، فالذى روى عنه أنَّه فعله يوم الفتح. وذكر حديث عبد الرحمن بن صفوان، ثمَّ ذكر فعل ابن عمر، وقال: فهذا يحتمل أن يكون فى وقت الوداع، وأن يكون فى غيره، ولكن قال مجاهد والشافعى بعده وغيرهما: إنَّه يستحب أن يقف فى الملتزم بعد طواف الوداع، ويدعو. انتهى.
(14)
فى الأصل، أ:"منها".
(15)
فى الأصل: "تسله".
(16)
سقط من: الأصل.
(17)
فى الأصل: "هذا".
(18)
سقط من: الأصل.
(19)
فى الأصل، أ:"خير".
(20)
فى أ، ب، م:"فلفيته".