الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القَضاءِ. وقال الشَّافِعِىُّ: عليه القَضاءُ وبَدَنَةٌ؛ لأنَّها عِبادَةٌ تَشْتَمِلُ على طَوافٍ وسَعْىٍ، فأشْبَهَتِ الحَجَّ. وقال أبو حنيفةَ إن وَطِئَ قبلَ أن يَطُوفَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ كقَوْلِنَا، وإن وَطِئَ بعد ذلك فعليه شَاةٌ، ولا تَفْسُدُ عُمْرَتُهُ. ولَنا على الشَّافِعِىِّ، أنَّها عِبادَةٌ لا وُقُوفَ فيها، فلم يَجبْ فيها بَدَنَةٌ، كما لو قَرَنَها بِالحَجِّ، ولأنَّ العُمْرَةَ دونَ الحَجِّ، فيَجِبُ أن يكونَ حُكمُها دونَ حُكْمِه، وبهذا يَخْرُجُ الحَجُّ. ولَنا على أبى حنيفةَ، أنَّ الجِماع من مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ، فاسْتَوَى فيه ما قبلَ الطَّوافِ وبعدَه، كسائِرِ المَحْظُوراتِ، ولأنَّه وَطْءٌ صادَفَ إحْرَامًا تَامًّا فأفْسَدَه، كما قبلَ الطَّوافِ.
فصل:
إذا أفْسَدَ القَارِنُ والمُتَمَتِّعُ نُسُكَهُما، لم يَسْقُطِ الدَّمُ عنهما. وبه قال مَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَسْقُطُ. وعن أحمدَ مثلُه؛ لأنَّه لم يَحْصُلْ له التَّرَفُّهُ بِسُقُوطِ أحَدِ السَّفَرَيْنِ. ولَنا، أنَّ ما وَجَبَ فى النُّسُكِ الصَّحِيحِ وَجَبَ فى الفَاسِدِ، كالأفْعالِ، ولأنَّه دَمٌ وَجَبَ عليه، فلا يَسْقُطُ بالإِفْسادِ، كالدَّمِ الوَاجِبِ لِتَرْكِ المِيقاتِ.
فصل: وإذا أَفْسَدَ القَارِنُ نُسُكَه، ثم قَضَى مُفْرِدًا، لم يَلْزَمْهُ فى القَضاءِ دَمٌ. وقال الشَّافِعِىُّ: يَلْزَمُه؛ لأنَّه يَجِبُ فى القَضاءِ ما يَجِبُ فى الأداءِ، وهذا كان وَاجِبًا فى الأداءِ. ولَنا، أنَّ الإِفْرَادَ أفْضَلُ من القِرَانِ مع الدَّمِ، فإذا أتَى [بهما (11) فقد أتَى](12) بما هو أوْلى، فلا يَلزَمُهُ شىءٌ، كمن لزِمَتْهُ الصلاةُ بِتَيَمُّمٍ، فقَضَى بِالوُضُوءِ.
674 - مسألة؛ قال: (وَإِنْ وَطِئَ بَعْد رَمْىِ جَمْرَةِ العَقَبَةِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ، ويَمْضِى إلَى التَّنْعِيمِ فَيُحْرِمُ؛ لِيطُوفَ وَهُوَ مُحْرِمٌ)
وفى هذه المسألةِ ثلاثةُ فُصولٍ: أحَدُها، أنَّ الوَطْءَ بعدَ رَمْىِ (1) الجَمْرَةِ لا يُفْسِدُ
(11) فى أ: "به".
(12)
سقط من: الأصل.
(1)
سقط من: ب، م.
الحَجَّ. وهو قولُ ابنِ عَبّاسٍ، وعِكْرِمَةَ، وعَطاءٍ، والشَّعْبِىِّ، ورَبِيعَةَ، ومالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وإسحاقَ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وقال النَّخَعِىُّ، والزُّهْرىُّ، وحَمَّادٌ: عليه حَجٌّ من قابِلٍ؛ لأنَّ الوَطْءَ صادَفَ إحْرَامًا من الحَجِّ، فأفْسَدَهُ، كَالوَطْءِ قبلَ الرَّمْىِ. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ شَهِدَ صَلَاتَنا هذِهِ، وَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ، [وقَدْ] (2) وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذلِكَ لَيْلًا أو نَهَارًا، فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وقَضَى تَفَثَهُ"(3). ولأنَّه قولُ ابنِ عَبّاسٍ، فإنَّه قال فى رَجُلٍ أصابَ أهْلَه قبلَ أن يُفِيضَ (4) يومَ النَّحْرِ: يَنْحَرانِ جَزُورًا بينهما، وليس عليه الحَجُّ من قَابِلٍ. ولا نَعْرِفُ له مُخَالِفًا فى الصَّحابةِ. ولأنَّ الحَجَّ عِبادَةٌ لها تَحَلُّلَانِ، فوُجُودُ المُفْسِدِ بعدَ تَحَلُّلِها الأوَّلِ لا يُفْسِدُها، كبعدِ التَّسْلِيمَةِ الأُولَى فى الصلاة، وبهذا فَارَقَ ما قبلَ التَّحَلُّلِ الأوَّلِ. الفصل الثانى، أنَّ الوَاجِبَ عليه بِالوَطْءِ شَاةٌ. هذا ظَاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. ونَصَّ عليه أحمدُ. [وهو قَوْلُ](5) عِكْرِمَةَ، وَرَبِيَعةَ، ومَالِكٍ، وإسحَاقَ. وقال القاضى: فيه رِوَايَةٌ أُخْرَى، أنَّ عليه بَدَنَةً. وهو قولُ ابنِ عَبّاسٍ، وعَطاءٍ، والشَّعْبِىِّ، والشَّافِعِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ؛ لأنَّه وَطِئَ فى الحَجِّ، فوَجَبَتْ عليه بَدَنَةٌ، كما قبلَ رَمْىِ جَمْرَةِ العَقَبَةِ. ولَنا، أنَّه وَطْءٌ لم يُفْسِدِ الحَجَّ (6)، فلم يُوجبِ البَدَنَةَ (6)، كَالوَطْءِ دونَ الفَرْجِ إذا لم يُنْزِلْ. ولأنَّ حُكْمَ الإِحْرامِ خَفَّ بالتَّحَلُّلِ الأوَّلِ، فيَنْبَغِى أن يكونَ مُوجِبُه دونَ مُوجِبِ الإِحْرامِ التّامِّ. الفصل الثالث، أنَّه يَفْسُدُ الإِحْرامُ بِالْوَطْءِ بعدَ رَمْىِ الجَمْرَةِ، ويَلْزَمُه أن يُحْرِمَ من الحِلِّ. وبذلك قال عِكْرِمَةُ، ورَبِيعَةُ، وإسحاقُ. وقال ابنُ عَبّاسٍ، وعَطاءٌ، والشَّعْبِىُّ، والشَّافِعِىُّ: حَجُّهُ
(2) فى الأصل: "وكان قد".
(3)
تقدم تخريجه فى صفحة 273.
(4)
سقط من: أ.
(5)
فى ب، م:"وقول".
(6)
سقط من: ب، م.