الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِفِدْيَةٍ. وإن اسْتَدامَ اللِّبْسَ بعدَ إمْكانِ نَزْعِه، فعليه الفِدْيَةُ؛ لأنَّ اسْتِدامَةَ اللِّبْسِ مُحَرَّمٌ كابْتِدَائِه، بِدَلِيلِ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ الرَّجُلَ بِنَزْعِ جُبَّتِه، وإنَّما لم يَأمُرْهُ بِفِدْيَةٍ لما مَضَى فيما نَرَى (3)؛ لأنَّه كان جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ، فجَرَى مَجْرَى النَّاسِى.
567 - مسألة؛ قال: (وأشْهُرُ الْحَجِّ: شَوَّالٌ، وذُو القَعْدَةِ، وعَشْرٌ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ)
هذا قولُ ابنِ مسعودٍ، وابنِ عَبَّاسٍ، وابنِ عمرَ، وابنِ الزُّبَيْرِ، وعَطاءٍ، ومُجاهِدٍ، والحسنِ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، وقَتَادَةَ، والثَّوْرِىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. ورُوِىَ عن عمرَ، وابْنِه، وابنِ عَبَّاسٍ: أشْهُرُ الحجِّ شَوَّالٌ، وذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ (1). وهو قولُ مَالِكٍ؛ لأنَّ أقَلَّ الجَمْعِ ثلاثةٌ. وقال الشَّافِعِىُّ: آخِرُ أشْهُرِ الحَجِّ لَيْلَةُ النَّحْرِ، وليس يومُ النَّحْرِ منها؛ لِقَوْلِه تعالى:{فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} (2). ولا يُمْكِنُ فَرْضُه بعدَ لَيْلَةِ النَّحْرِ. ولَنا، قَوْلُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (3). فكيف يجوزُ أن يكونَ يَوْمُ الحَجِّ
(3) فى الأصل: "مضى".
(1)
أشار إلى خبر عمر، ابن كثير عند تفسير قوله تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} . انظر: تفسير ابن كثير 1/ 342.
أما خبر ابن عمر، فأخرجه البخارى تعليقا، فى: باب قول اللَّه تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 173. والدارقطنى، فى: أول كتاب الحج. سنن الدارقطنى 2/ 226. والإمام مالك، فى: باب ما جاء فى التمتع، من كتاب الحج. الموطأ 1/ 344. والحاكم، فى: باب تفسير سورة البقرة، من كتاب التفسير. المستدرك 2/ 276.
وأخرج خبر ابن عباس، الدارقطنى، فى: أول كتاب الحج. سنن الدارقطنى 2/ 226.
(2)
سورة البقرة 197.
(3)
فى: باب يوم الحج الأكبر، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 451.
كما أخرجه البخارى تعليقا، فى: باب الخطبة أيام منى، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 217. والترمذى، فى: باب سورة التوبة، من أبواب التفسير. عارضة الأحوذى 1/ 230. وابن ماجه، فى: باب الخطبة يوم النحر، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1016، 1017. والدارقطنى، فى: باب المواقيت، من كتاب الحج. سنن الدارقطنى 2/ 285.
الأكْبَرِ ليسَ من أشْهُرِه! وأيضا فإنَّه قَوْلُ مَن سَمَّيْنَا من الصَّحابَةِ، ولأنَّ يَوْمَ النَّحْرِ فيه رُكْنُ الحَجِّ، وهو طَوافُ الزِّيارَةِ، وفيه كَثِيرٌ من أفْعالِ الحَجِّ، منها: رَمْىُ جَمْرَةِ العَقَبَةِ، والنَّحْرُ، والحَلْقُ، والطَّوافُ، والسَّعْىُ، والرُّجُوعُ إلى مِنًى، وما بعدَه ليس من أشْهُرِه، لأنَّه ليس بِوَقْتٍ لِإحْرَامِه، ولا لأرْكانِه، فهو كالمُحَرَّمِ، ولا يَمْتَنِعُ التَّعْبِيرُ بِلَفْظِ الجَمْعِ عن شَيْئَيْنِ، وبَعضِ الثَّالِثِ (4)، فقد قال بَعضُ أهْلِ العَرَبِيَّةِ: عِشْرُونَ جَمْعُ عَشْرٍ. وإنَّما هى عَشْرانِ وبَعْضُ الثَّالِثِ، وقال اللهُ تعالى:{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (5). والقُرْءُ الطُّهْرُ عندَه، ولو طَلَّقَها فى طُهْرٍ احْتَسَبَتْ بِبَقِيَّتِه. وتَقُولُ العَربُ: ثَلَاثٌ خَلَوْنَ مِن ذِى الحِجَّةِ، وهم فى الثَّالِثَةِ. وقولُه:{فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} . أى فى أكْثَرِهِنَّ، واللهُ أعلمُ.
(4) أى: عشر وعشر وبعض العشر الثالث حتى يتم، فإذا تم قيل: ثلاثون.
(5)
سورة البقرة 228.