الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعُرْوَةُ، وأيُّوبُ، والثَّوْرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ. وقال مالِكٌ: يَضَعُ يَدَهُ على فِيهِ من غيرِ تَقْبِيلٍ. وَرُوِىَ أيضا عن القاسمِ بن محمدٍ. ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَلَمَهُ، وقَبَّلَ يَدَهُ. أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (9). وفَعَلَهُ أصْحابُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، وتَبِعَهم أهْلُ العِلْمِ على ذلك، فلا يُعْتَدُّ بمَن خَالَفَهم. وإن كان في يَدِهِ شىءٌ يُمْكِنُ أن يَسْتَلِمَ الحَجَرَ به، اسْتَلَمَهُ وقَبَّلَهُ؛ لما رُوِىَ عن ابنِ عَبَّاسٍ، قال: رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَطُوفُ بِالبَيْتِ، ويَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بمِحْجَنٍ معه، ويُقَبِّلُ المِحْجَنَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (10). فإن لم يُمْكِنْهُ اسْتِلَامُه، أشَارَ إليه وكَبَّرَ؛ لما رَوَى البُخَارِيُّ (11)، بإسْنَادِهِ عن ابنِ عَبّاسٍ، قال: طَافَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم على بَعِيرٍ، كلَّما أتَى الرُّكْنَ أشَارَ إليه، وكَبَّرَ.
فصل:
ويُكَبِّرُ كُلَّمَا أَتَى الحَجَرَ، أو حَاذَاهُ؛ لما رَوَيْنَاهُ، ويَقُولُ بين الرُّكْنَيْنِ:{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (12)؛ لما رَوَى الإِمامُ أحمدُ في المَنَاسِكِ، عن عبدِ اللهِ بن السَّائِبِ، أنَّه سَمِعَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ فيما (13) بين رُكْنِ بنى جُمَحَ والرُّكْنِ الأسْوَدِ:{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (14). وعن أبى هُرَيْرَةَ، أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم
(9) في: باب استحباب استلام الركنين. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 924.
كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 2/ 108.
(10)
في: باب جواز الطواف على بعير وغيره، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 927.
كما أخرجه أبو داود، في: باب الطواف الواجب، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 434. وابن ماجه، في: باب من استلم الركن بمحجنه، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 983. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 454.
(11)
تقدم تخريجه في صفحة 214.
(12)
سورة البقرة 201.
(13)
سقط من: ب، م.
(14)
أخرجه أبو داود، في: باب الدعاء في الطواف، من كتاب المناسك. سنن أبي داود 1/ 437.
قال: "وُكِّلَ بِهِ -يَعْنِى الرُّكْنَ اليَمَانِىَّ-[سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ] (15)، فَمَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّى أسْأَلُكَ الْعَفْوَ والعَافِيَةَ، فى الدُّنْيَا والآخِرَةِ، {رَبَّنَا آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} قَالُوا: آمِينَ"(16). وعن ابنِ عَبّاسٍ، أنَّه كان إذا جاءَ الرُّكْنَ اليَمَانِىَّ، قال: اللَّهُمَّ قَنِّعْنِى بمَا رَزَقْتَنِى، وأخْلِفْ لِى على (17) كُلِّ غَائِبَةٍ بِخَيْرٍ (18). ويُسْتَحَبُّ أن يَقُولَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وسَعْيًا مَشْكُورًا، وذَنْبًا مَغْفُورًا، رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَم، وأنْتَ الأعَزُّ الأَكْرَمُ. وكان عبدُ الرحمنِ بن عَوْفٍ، يقول: رَبِّ قِنِى شُحَّ نَفْسِى. وعن عُرْوَةَ، قال: كان أصْحابُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم يقولون: لَا إلهَ إلَّا أَنْتَا، وأنتَ تُحْيِى بَعْدَ مَا أَمَتَّا. ومهما أتَى به من الدُّعَاءِ والذِّكْرِ فحَسَنٌ. قالتْ عائشةُ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "إنَّما جُعِلَ الطَّوَافُ بِالبَيْتِ، وَبيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، وَرَمْىُ الجِمَارِ، لِإقَامَةِ ذِكْرِ اللهِ". رَوَاهُ الأثْرَمُ، وابنُ المُنْذِرِ (19).
618 -
مسألة، قال:(ويَكُونُ الْحِجْرُ (1) دَاخِلًا فِى طَوَافِه (2)؛ لِأَنَّ الْحِجْرَ مِنَ البَيْتِ)
إنَّما كان كذلك لأنَّ اللهَ تعالى أمَرَ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ جَمِيعِه، بِقَوْلِه:
(15) فى سنن ابن ماجه: "سبعون ملكا".
(16)
أخرجه ابن ماجه، فى: باب فضل الطواف، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 985.
(17)
فى ب، م:"عن".
(18)
أخرجه ابن أبى شيبة من دعاء ابن عباس، فى: باب ما يدعو به الرجل. . .، من كتاب الحج. مصنف ابن أبى شيبة 4/ 109.
(19)
أخرجه أبو داود، فى: باب فى الرمل، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 436. والترمذى، فى: باب ما جاء كيف ترمى الجمار، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 135. والدارمى، فى: باب الذكر فى الطواف والسعى. . .، من كتاب المناسك. سنن الدارمى 2/ 50. والإمام أحمد، فى: المسند 6/ 64، 75، 139.
(1)
الحجر: الحطيم المدار بالكعبة، شرفها اللَّه تعالى، من جانب الشمال.
(2)
فى الأصل: "الطواف".
{وَلْيَطَّوَّفُوْا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (3). والحِجْرُ منه، فَمن لم يَطُفْ به، لم يُعْتَدَّ بِطَوَافِه. وبهذا قال عَطاءٌ، ومالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال أَصْحابُ الرَّأْىِ: إن كان بمَكَّةَ، قَضَى ما بَقِىَ، وإن رَجَعَ إلى الكُوفَة، فعليه دَمٌ. ونحوَه قال الحسنُ. ولَنا، أَنَّه من البَيْتِ، بِدَلِيلِ ما رَوَتْ عائشةُ، قالت: سألتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الحِجْرِ، فقال:"هُوَ مِنَ الْبَيْتِ". وعنها، قالتْ: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ قَوْمَكِ اسْتَقْصَرُوا مِنْ بُنْيَانِ البَيْتِ، وَلَوْلَا حَدَاثَةُ عَهْدِهِمْ بالشِّرْكِ، أعَدْتُ مَا تَرَكُوا مِنْهَا، فَإنْ بَدَا لِقَوْمِكِ مِنْ بَعْدِى أنْ يَبْنُوا، فَهَلُمِّى لأُرِيَكِ مَا تَرَكُوا مِنْهَا". فأرَاهَا قَرِيبًا من سَبْعَةِ أذْرُعٍ. رَواهُما مُسْلِمٌ (4). وعنها، رَضِىَ اللَّه عنها، قالتْ: قلتُ يا رسولَ اللهِ، إنِّى نَذَرْتُ أن أُصَلِّىَ فى البَيْتِ. قال:"صَلِّى فِى الْحِجْرِ، فَإنَّ الْحِجْرَ مِنَ البَيْتِ". وفى لَفْظٍ، قالتْ: كُنْتُ أُحِبُّ أن أدْخُلَ البَيْتَ، فأُصَلِّىَ فيه، فأخَذَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِى، فأدْخَلَنِى الحِجْرَ، وقال:"صَلِّى فِى الْحِجْرِ إِنْ أرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ، فَإنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ البَيْتِ"(5). قال التِّرْمِذِىُّ: هو حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. فَمن تَرَكَ الطَّوَافَ بالحِجرِ لم يَطُفْ بِجَمِيعِ البَيْتِ، فلم يَصِحَّ، كما لو تَرَكَ الطَّوَافَ ببعضِ البِنَاءِ، ولأنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم طَافَ منَ وَرَاءِ الحِجْرِ، وقد قال عليه السلام:"لِتَأْخُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ"(6).
(3) سورة الحج 29.
(4)
فى: باب نقض الكعبة وبنائها، وباب جدر الكعبة وبابها، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 971 - 973.
وأخرج الأول البخارى، فى: باب فضل مكة وبنيانها. . .، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 180. وابن ماجه، فى: باب الطواف بالحجر، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 985.
(5)
أخرجه أبو داود، فى: باب الصلاة فى الحجر، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 467. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الصلاة. . .، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 105. والنسائى، فى: باب الصلاة فى الحجر، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 173.
(6)
أخرجه مسلم، فى: باب استحباب رمى جمرة العقبة. . .، من كتاب الحج. صحيح مسلم 2/ 943. وأبو داود، فى: باب فى رمى الجمار، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 456.=